صفحة 1 من 1

خطبة فاطمة الصغرى وام كلثوم في الكوفة

مرسل: الجمعة نوفمبر 02, 2018 11:32 am
بواسطة فاطمة جنة علي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَ رَوَى زَيْدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي ع قَالَ: خَطَبَتْ فَاطِمَةُ الصُّغْرَى بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ الرَّمْلِ وَ الْحَصَى وَ زِنَةَ الْعَرْشِ إِلَى الثَّرَى أَحْمَدُهُ وَ أُؤْمِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ص وَ أَنَّ وُلْدَهُ ذُبِحُوا بِشَطِّ الْفُرَاتِ بِغَيْرِ ذَحْلٍ وَ لَا تِرَاتٍ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَفْتَرِيَ عَلَيْكَ الْكَذِبَ وَ أَنْ أَقُولَ عَلَيْكَ خِلَافَ مَا أَنْزَلْتَ مِنْ أَخْذِ الْعُهُودِ لِوَصِيِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَسْلُوبِ حَقُّهُ الْمَقْتُولِ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ كَمَا قُتِلَ وُلْدُهُ بِالْأَمْسِ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ مَعْشَرٌ مُسْلِمَةٌ بِأَلْسِنَتِهِمْ تَعْساً لِرُءُوسِهِمْ مَا دَفَعَتْ عَنْهُ ضَيْماً فِي حَيَاتِهِ وَ لَا عِنْدَ مَمَاتِهِ حَتَّى قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ مَحْمُودَ النَّقِيبَةِ طَيِّبَ الْعَرِيكَةِ مَعْرُوفَ الْمَنَاقِبِ مَشْهُورَ الْمَذَاهِبِ لَمْ يَأْخُذْهُ اللَّهُمَّ فِيكَ لَوْمَةُ لَائِمٍ وَ لَا عَذْلُ عَاذِلٍ هَدَيْتَهُ يَا رَبِّ لِلْإِسْلَامِ صَغِيراً وَ حَمِدْتَ مَنَاقِبَهُ كَبِيراً وَ لَمْ يَزَلْ نَاصِحاً لَكَ وَ لِرَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ زَاهِداً فِي الدُّنْيَا غَيْرَ حَرِيصٍ عَلَيْهَا رَاغِباً فِي الْآخِرَةِ مُجَاهِداً لَكَ فِي سَبِيلِكَ رَضَيْتَهُ فَاخْتَرْتَهُ وَ هَدَيْتَهُ‏ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْمَكْرِ وَ الْغَدْرِ وَ الْخُيَلَاءِ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ ابْتَلَانَا اللَّهُ بِكُمْ وَ ابْتَلَاكُمْ بِنَا فَجَعَلَ بَلَاءَنَا حَسَناً وَ جَعَلَ عِلْمَهُ عِنْدَنَا وَ فَهْمَهُ لَدَيْنَا فَنَحْنُ عَيْبَةُ عِلْمِهِ وَ وِعَاءُ فَهْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ حُجَّتُهُ فِي الْأَرْضِ لِبِلَادِهِ وَ لِعِبَادِهِ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ وَ فَضَّلَنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا بَيِّناً فَكَذَّبْتُمُونَا وَ كَفَّرْتُمُونَا وَ رَأَيْتُمْ قِتَالَنَا حَلَالًا وَ أَمْوَالَنَا نَهْباً كَأَنَّا أَوْلَادُ تُرْكٍ أَوْ كَابُلَ كَمَا قَتَلْتُمْ جَدَّنَا بِالْأَمْسِ وَ سُيُوفُكُمْ تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لِحِقْدٍ مُتَقَدِّمٍ قَرَّتْ بِذَلِكَ عُيُونُكُمْ وَ فَرِحَتْ قُلُوبُكُمْ افْتِرَاءً مِنْكُمْ عَلَى اللَّهِ وَ مَكْراً مَكَرْتُمْ‏ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ‏ فَلَا



تَدْعُوَنَّكُمْ أَنْفُسُكُمْ إِلَى الْجَذَلِ بِمَا أَصَبْتُمْ مِنْ دِمَائِنَا وَ نَالَتْ أَيْدِيكُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا فَإِنَّ مَا أَصَابَنَا مِنَ الْمَصَائِبِ الْجَلِيلَةِ وَ الرَّزَايَا الْعَظِيمَةِ- فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ تَبّاً لَكُمْ فَانْتَظِرُوا اللَّعْنَةَ وَ الْعَذَابَ وَ كَأَنْ قَدْ حَلَّ بِكُمْ وَ تَوَاتَرَتْ مِنَ السَّمَاءِ نَقِمَاتٌ‏ فَيُسْحِتَكُمْ‏ بِمَا كَسَبْتُمْ- وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ‏ ثُمَّ تَخْلُدُونَ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا ظَلَمْتُمُونَا- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏ وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّةُ يَدٍ طَاعَنَتْنَا مِنْكُمْ وَ أَيَّةُ نَفْسٍ نَزَعَتْ إِلَى قِتَالِنَا أَمْ بِأَيَّةِ رِجْلٍ مَشَيْتُمْ إِلَيْنَا تَبْغُونَ مُحَارَبَتَنَا قَسَتْ قُلُوبُكُمْ وَ غَلُظَتْ أَكْبَادُكُمْ وَ طُبِعَ عَلَى أَفْئِدَتِكُمْ وَ خُتِمَ عَلَى سَمْعِكُمْ وَ بَصَرِكُمْ وَ سَوَّلَ لَكُمُ الشَّيْطَانُ وَ أَمْلَى لَكُمْ وَ جَعَلَ عَلَى بَصَرِكُمْ غِشَاوَةً فَأَنْتُمْ لَا تَهْتَدُونَ تَبّاً لَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَيُّ تِرَاتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ قِبَلَكُمْ وَ ذُحُولٍ لَهُ لَدَيْكُمْ بِمَا عَنِدْتُمْ بِأَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع جَدِّي وَ بَنِيهِ عِتْرَةِ النَّبِيِّ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ وَ افْتَخَرَ بِذَلِكَ مُفْتَخِرُ [كُمْ‏] فَقَالَ-

نَحْنُ قَتَلْنَا عَلِيّاً وَ بَنِي عَلِيٍ‏

بِسُيُوفٍ هِنْدِيَّةٍ وَ رِمَاحٍ‏

وَ سَبَيْنَا نِسَاءَهُمْ سَبْيَ تُرْكٍ-

وَ نَطَحْنَاهُمْ فَأَيَّ نِطَاحٍ-

بِفِيكَ أَيُّهَا الْقَائِلُ الْكَثْكَثُ وَ لَكَ الْأَثْلَبُ افْتَخَرْتَ بِقَتْلِ قَوْمٍ زَكَّاهُمُ اللَّهُ وَ طَهَّرَهُمْ وَ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ فَاكْظِمْ وَ أَقْعِ كَمَا أَقْعَى أَبُوكَ وَ إِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ حَسَدْتُمُونَا وَيْلًا لَكُمْ عَلَى مَا فَضَّلَنَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ-

فَمَا ذَنْبُنَا أَنْ جَاشَ دَهْراً بُحُورُنَا-

وَ بَحْرُكَ سَاجٍ لَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا

ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏- وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُور

قَالَ فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ وَ قَالُوا حَسْبُكِ يَا ابْنَةَ الطَّيِّبِينَ فَقَدْ أَحْرَقْتِ قُلُوبَنَا وَ أَنْضَجْتِ نُحُورَنَا وَ أَضْرَمْتِ أَجْوَافَنَا فَسَكَتَتْ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ جَدَّتِهَا السَّلَامُ

قَالَ: وَ خَطَبَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ ع فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَرَاءِ كِلَّتِهَا رَافِعَةً صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ فَقَالَتْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ سَوْأَةً لَكُمْ مَا لَكُمْ خَذَلْتُمْ حُسَيْناً وَ قَتَلْتُمُوهُ وَ انْتَهَبْتُمْ أَمْوَالَهُ وَ وَرِثْتُمُوهُ وَ سَبَيْتُمْ نِسَاءَهُ وَ نَكَبْتُمُوهُ فَتَبّاً لَكُمْ وَ سُحْقاً وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّ دَوَاهٍ دَهَتْكُمْ وَ أَيَّ وِزْرٍ عَلَى ظُهُورِكُمْ حَمَلْتُمْ وَ أَيَّ دِمَاءٍ سَفَكْتُمُوهَا وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ أَصَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ صِبْيَةٍ سَلَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ أَمْوَالٍ انْتَهَبْتُمُوهَا قَتَلْتُمْ خَيْرَ رِجَالاتٍ بَعْدَ النَّبِيِّ وَ نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ قُلُوبِكُمْ أَلَا حِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ‏ هُمُ الْخاسِرُونَ* ثُمَّ قَالَتْ-

قَتَلْتُمْ أَخِي صَبْراً فَوَيْلٌ لِأُمِّكُمْ-

سَتُجْزَوْنَ نَاراً حَرُّهَا يَتَوَقَّدُ

سَفَكْتُمْ دِمَاءً حَرَّمَ اللَّهُ سَفْكَهَا-

وَ حَرَّمَهَا الْقُرْآنُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ-

أَلَا فَابْشِرُوا بِالنَّارِ إِنَّكُمُ غَداً-

لَفِي سَقَرٍ حَقّاً يَقِيناً تُخَلَّدُوا-

وَ إِنِّي لَأَبْكِي فِي حَيَاتِي عَلَى أَخِي-

عَلَى خَيْرِ مَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ سَيُولَدُ-

بِدَمْعٍ غَزِيرٍ مُسْتَهَلٍّ مُكَفْكَفٍ-

عَلَى الْخَدِّ مِنِّي ذَائِباً لَيْسَ يَجْمُدُ-

قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ الْحَنِينِ وَ النَّوْحِ وَ نَشَرَ النِّسَاءُ شُعُورَهُنَّ وَ وَضَعْنَ التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِنَّ وَ خَمَشْنَ وُجُوهَهُنَّ وَ ضَرَبْنَ خُدُودَهُنَّ وَ دَعَوْنَ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ وَ بَكَى الرِّجَالُ فَلَمْ يُرَ بَاكِيَةٌ وَ بَاكٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ

Re: خطبة فاطمة الصغرى وام كلثوم في الكوفة

مرسل: الجمعة نوفمبر 02, 2018 6:02 pm
بواسطة أنوار فاطمة الزهراء