من هو فاعل الحسنة والسيئة ؟
مرسل: الجمعة نوفمبر 18, 2016 12:10 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نص الشبهة
قال تعالى : ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ .
أليس في ظاهر الآيتين تناقضاً إذ تقول الآية الأولى بأن السيئة والحسنة من عند الله وليست الحسنة من الله والسيئة من الرسول صلى الله عليه وآله ، بينما تقول الآية التالية لها بأن الحسنة من الله والسيئة من الذي عملها ؟
الجواب
إننا نسجل ما يلي :
1 ـ إن الآية التي سبقت الآيتين قد تحدثت عن عدم رضاهم عن القتال الذي كتب عليهم فاعترضوا على ذلك .
2 ـ إن الآية الأولى قد ذكرت : أن الموت سوف يدركهم ، ولو كانوا في بروج مشيدة ، ثم عقب ذلك ببيان أنه إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله ، وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك .
وهذا معناه : أنهم يتهمون النبي صلى الله عليه وآله في أمر يتعلق بالموت الذي يصيبهم بسبب القتال الذي كتب عليهم .
ولكنهم يفرحون بالنعم التي يحصلون عليها من دون قتال ، مثل الغنائم ، والسلطة ، والفتح ، وما إلى ذلك . .
فرد الله عليهم هذا المنطق الأعوج ، وقال لهم : لا تتوهموا : أن رفع القتال عنكم ينجيكم من الموت الذي تفرون منه ، بل الموت أمر مقضي من الله سبحانه على من مات ويموت ، فلا معنى لنسبته للنبي صلى الله عليه وآله ، كما أنه لا معنى لنسبة ذلك إليه صلى الله عليه وآله ، على سبيل الاتهام له بسوء الرأي ، وفساد التدبير .
ولا معنى للتفريق بين ما تهواه نفوسهم ، فينسبونه إلى الله ، ربما لأجل إظهار كرامتهم عليه تعالى ، والافتخار بذلك . . وبين ما يسوؤهم فينسبونه للنبي صلى الله عليه وآله تضعيفاً لأمره ، واعتراضاً على صحة تدبيره . .
ثم إنه يلاحظ : أن الله تعالى قد جعل نبيه صلى الله عليه وآله هو المخاطب ، والحقيقة هي : أنه تعالى قد أراد أن يجعله عنواناً يخاطب من خلاله جميع البشر ، ليقول لهم : إن كل النعم هي منه سبحانه مثل الأمن ، والصحة ، وغير ذلك . بل حتى القتل في سبيل الله تعالى ، فإنه حسنة سعيد من تصيبه ، لأنه شهادة فيها الكرامة الإلهية . .
وأما السيئات ، فلها شأن آخر لأنها تنشأ من سوء اختيار الإنسان نفسه ، فيصاب بالذلة ، والمسكنة ، والفتنة ، والمرض ، وغير ذلك ، ويكون الإنسان هو الذي يوقع نفسه فيها . .
والخلاصة : أنه تعالى قد خطَّأهم في أمور .
أحدها : أنهم يعتبرون القتل في سبيل الله سيئة .
الثاني : أنهم يعتبرون ما يصيبهم منه قد نشأ عن سوء تدبير رسول الله صلى الله عليه وآله .
الثالث : أنهم قد اعتبروا النعم التي يحصلون عليها إنما هي من الله لهم « ربما لأنهم يستحقونها » . .
فجاء الرد الإلهي عليهم ليعلمهم : أن هذا من سوء فهمهم وقلة تدبرهم ، وأن عليهم أن يعيدوا النظر في ذلك كله . . حسبما أوضحناه . . وليس بين الآيتين أي تناقض . .
سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نص الشبهة
قال تعالى : ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ .
أليس في ظاهر الآيتين تناقضاً إذ تقول الآية الأولى بأن السيئة والحسنة من عند الله وليست الحسنة من الله والسيئة من الرسول صلى الله عليه وآله ، بينما تقول الآية التالية لها بأن الحسنة من الله والسيئة من الذي عملها ؟
الجواب
إننا نسجل ما يلي :
1 ـ إن الآية التي سبقت الآيتين قد تحدثت عن عدم رضاهم عن القتال الذي كتب عليهم فاعترضوا على ذلك .
2 ـ إن الآية الأولى قد ذكرت : أن الموت سوف يدركهم ، ولو كانوا في بروج مشيدة ، ثم عقب ذلك ببيان أنه إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله ، وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك .
وهذا معناه : أنهم يتهمون النبي صلى الله عليه وآله في أمر يتعلق بالموت الذي يصيبهم بسبب القتال الذي كتب عليهم .
ولكنهم يفرحون بالنعم التي يحصلون عليها من دون قتال ، مثل الغنائم ، والسلطة ، والفتح ، وما إلى ذلك . .
فرد الله عليهم هذا المنطق الأعوج ، وقال لهم : لا تتوهموا : أن رفع القتال عنكم ينجيكم من الموت الذي تفرون منه ، بل الموت أمر مقضي من الله سبحانه على من مات ويموت ، فلا معنى لنسبته للنبي صلى الله عليه وآله ، كما أنه لا معنى لنسبة ذلك إليه صلى الله عليه وآله ، على سبيل الاتهام له بسوء الرأي ، وفساد التدبير .
ولا معنى للتفريق بين ما تهواه نفوسهم ، فينسبونه إلى الله ، ربما لأجل إظهار كرامتهم عليه تعالى ، والافتخار بذلك . . وبين ما يسوؤهم فينسبونه للنبي صلى الله عليه وآله تضعيفاً لأمره ، واعتراضاً على صحة تدبيره . .
ثم إنه يلاحظ : أن الله تعالى قد جعل نبيه صلى الله عليه وآله هو المخاطب ، والحقيقة هي : أنه تعالى قد أراد أن يجعله عنواناً يخاطب من خلاله جميع البشر ، ليقول لهم : إن كل النعم هي منه سبحانه مثل الأمن ، والصحة ، وغير ذلك . بل حتى القتل في سبيل الله تعالى ، فإنه حسنة سعيد من تصيبه ، لأنه شهادة فيها الكرامة الإلهية . .
وأما السيئات ، فلها شأن آخر لأنها تنشأ من سوء اختيار الإنسان نفسه ، فيصاب بالذلة ، والمسكنة ، والفتنة ، والمرض ، وغير ذلك ، ويكون الإنسان هو الذي يوقع نفسه فيها . .
والخلاصة : أنه تعالى قد خطَّأهم في أمور .
أحدها : أنهم يعتبرون القتل في سبيل الله سيئة .
الثاني : أنهم يعتبرون ما يصيبهم منه قد نشأ عن سوء تدبير رسول الله صلى الله عليه وآله .
الثالث : أنهم قد اعتبروا النعم التي يحصلون عليها إنما هي من الله لهم « ربما لأنهم يستحقونها » . .
فجاء الرد الإلهي عليهم ليعلمهم : أن هذا من سوء فهمهم وقلة تدبرهم ، وأن عليهم أن يعيدوا النظر في ذلك كله . . حسبما أوضحناه . . وليس بين الآيتين أي تناقض . .
سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين