اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

العــــــــــــــدل

"وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"

المشرف: أنوار فاطمة الزهراء

صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

العــــــــــــــدل

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


العــــــــدل

وهو من صفات الله عزوجل، وقد أفرد العلماء بحثاً خاصاً به لأهميته حيث ترتبط به بعض العقائد، كالمعاد والحساب يوم القيامة.

ما هو العدل؟


المقصود من العدل: مراعاة الحقوق وإعطاء كل ذي حقٍ حقه. ويقابله الظلم، وهو الاستئثار بحقوق الاخرين دون وجه حق، كما لو استوليت على مالٍ لشخصٍ ما عدواناً، وكذلك لو عاقبت المحسن لإحسانه، وأثبت المسي‏ء لإساءته، فهذا الاستيلاء على مال الغير دون وجه حق أو عقاب المحسن وإثابة المسي‏ء هو قبيح وظلم يتنزه عنه كل عاقل فضلاً عن خالق العقل والعقلاء.

ويستعمل العدل في معنى اخر هو وضع الأمور في مواضعها، بمعنى وضع كل موجود في هذا الكون وكل أمر في موضعه الذي يتناسب وصفاته ويكون مثمراً فيه، ولعل الرواية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله تشير إلى ذلك: "بالعدل قامت السماوات والأرض".

كما أنه لو سقيت نبتة الورد ماءً فقد سكبت الماء في موضعه، أما لو سكبته هدراً، فقد أهرقته في غير موضعه وهذا ينافي العدل.

الله عز وجل عادل منزه عن الظلم‏


فلا يضع الله سبحانه وتعالى الامور في غير مواضعها، كما لا يسلب العباد حقوقهم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وكلا المعنيين محال على الله سبحانه وتعالى، فهو عز وجل يثيب المطيعين، وله أن يعاقب المجرمين، ولا يكلف العباد بما لا يطيقون، ولا يعاقبهم زيادة على ما يستحقّون، وخلق الخلق بعدل وضمن النظام الافضل والامثل، ولا يفعل القبيح، ولا يصدر منه إلا الحسن، كل ذلك وفقاً للحكمة ومطابقاً للنظام الأكمل.

الفرق بين العدل والمساواة


من المهم التفريق بين معنى "العدل" ومعنى "المساواة"، فلا يصح الخلط بينهما، فالعدل هو وضع الأمور في مواضعها أو إعطاء كل ذي حقّ‏ٍ حقه، أما المساواة فهي التوزيع لشي‏ء ما أو لحقّ‏ٍ ما بالتساوي، فلو منح معلّم كل طلابه درجة واحدة دون أن يأخذ بنظر الاعتبار المستوى الدراسي والجهد المبذول من الطلاب، يكون قد ساوى بين طلابه ولكنه لم يعدل بل ارتكب ظلماً.

كذلك لو وصف الطبيب دواءً واحداً لجميع مرضاه، وأعطى نفس نوعية الدواء وبمقدار متساوٍ لكلّ‏ِ المرضى، فهذه المساواة بين المرضى هي ظلم قطعاً بالنسبة لبعض المرضى.

كما أن في خلق المخلوقات على نسق واحد وبشكل متساوٍ في بعض الصور ظلم، فلو تساوى قلب الحوت الذي يزن طناً مع قلب عصفور، فهل هو عدل؟، أو تساوت جذور نبتة صغيرة مع جذور شجرة ضخمة، فهل هذا عدل؟. فخلق هذه الأمور بشكل متساوٍ هو عين الظلم، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. والأمثلة على ذلك كثيرة.

والنتيجة أن المساواة في بعض صورها قد تكون ظلماً، فهناك فرق واضح بين المساواة والعدل.

الدليل على عدل الله عز وجل‏


يمكن حصر الدواعي والأسباب للظلم بثلاثة أسباب، فإذا انتفت هذه الاسباب فلا امكانية للظلم عند من انتفت عنه، وهذه الاسباب هي:

1- الجهل بقبح الظلم.

2- أن يعلم بقبح الظلم لكنه محتاج ومضطر الى ارتكاب الظلم.

3- أن يعلم بقبح الظلم ولا يحتاج أو يضطر لارتكابه، لكن يفعله لغواً وعبثاً.

وكلها محال على الله سبحانه وتعالى، لأنه عالم، غني وحكيم، وذلك يوجب أن يكون عادلاً منزهاً عن كل ظلم وقبح.

أما بطلان السبب الأول في حقه تعالى: لأنه عز وجل منزه عن الجهل، فهذا الكون المخلوق له عز وجل بما يحوي من نظام في غاية الدقة والتناسق، والذي لا نستطيع الاحاطة الا باليسير من جوانب العظمة فيه، هو أصدق شاهد على وجود خالق عليم يملك أعلى مراتب العلم التي لا يرقى اليها جهل.

ويؤيّد هذا المعنى ايات مباركات يزخر بها القران الكريم تبين أنه عليم بكل شي‏ء، تبرز نعمه المعنوية والمادية، وهي عديدة، نذكر منها:

ــ قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمّ‏َ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنّ‏َ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ عَلِيم﴾ 21 .

ــ قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمّ‏َ وَجْهُ اللّهِ إِنّ‏َ اللّهَ وَاسِع عَلِيم ﴾ 22 .

ــ قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ‏َ اللّهَ بِكُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ عَلِيم﴾ 23 .

ــ قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ عَلِيم﴾ 24 .

ــ قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنّ‏َ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنّ‏َ اللّهَ بِكُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ عَلِيم ﴾ 25 .

أما بطلان السبب الثاني في شأنه سبحانه: فلأنه غني عن أي شي‏ء، فهو غير محتاج لأحد، إذ لو اضطر أو احتاج لأحد غيره، فهذا الغير إما أن يكون خالقاً أو مخلوقاً، وكلاهما باطل:

ــ لأن وجود خالق اخر أثبتنا بطلانه في درس سابق.

ــ وأما بطلان أن الله بحاجة الى مخلوق، فهو أوضح في البطلان، فلا يعقل أن يحتاج خالق إلى مخلوقه.

وقد وردت ايات قرانية في محكم كتابه عز وجل، تدل على غِنَاه، فلا يضطره شي‏ء، ولا يحتاج لأحد، ولا ينفعه مخلوق أو يضره، فلا ينتفع بطاعة المخلوقين ولا تضره معاصيهم، إنما النفع للمطيعين، والضرر للعاصين، وهذه الايات عدّة، منها:

ــ قوله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ امَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِاخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنّ‏َ اللّهَ غَنِيّ حَمِيد﴾ 26 .

ــ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ اتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنّ‏َ اللَّهَ غَنِيّ حَمِيد﴾ 27 .

ــ قوله سبحانه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَر يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيّ حَمِيد﴾28 .

أما بطلان الاحتمال الثالث في حقه عز وجل: فلأنه منزه عن العبث واللغو، فهو حكيم، لأننا لو تصفحنا هذا الكون المتناهي في الدقة والانسجام،

وما فيه من مخلوقات، من صغيرها الى كبيرها التي تنعم بتدبير تام من قبل خالقها، هل خُلقت عبثاً؟، أو أن هذا الانسان الذي أُودعت فيه لطائف الاسرار التي أودعها اللطيف الخبير، هل خُلق لغواً؟. لا يوجد عاقل متنبّه يَنسب الى الله الخالق المتعال العبث واللغو، فأفعاله تبارك وتعالى لا تنفك عن وجود غاية وحكمة لها.

وعليه فاللغو والعبث بحقه غير ممكن، فيبطل الاحتمال الثالث.

والقران الكريم زاخر بالايات القرانية التي ترشدنا الى حكمته عز وجل في خلقه وتشريعاته وتدبيره وبيان عظمته وقدرته، وهي عديدة، منها:

ــ قوله سبحانه تعالى: ﴿يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيم حَكِيم﴾ 29 .

ــ قوله عز وجل: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا اتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنّ‏َ رَبَّكَ حَكِيم عَلِيم﴾30 .

ــ قوله سبحانه: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنّ‏َ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيز حَكِيم ﴾ 31.

ــ قوله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيل مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ 32 .

ــ قوله جل وعلا: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَام وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنّ‏َ اللَّهَ عَزِيز حَكِيم﴾ 33 .

وبعد إبطالنا كل ما يمكن أن يكون سبباً للظلم، تعيّن أن الله عادل فتبارك الله أحسن الخالقين.


21- سورة البقرة، الاية:29.
22- سورة البقرة، الاية: 115.
23- سورة البقرة، الاية: 231.
24- سورة البقرة، الاية: 282.
25- سورة المائدة، الاية: 97.
26- سورة البقرة، الاية: 267.
27- سورة لقمان، الاية: 12.
28- سورة التغابن، الاية: 6.
29- سورة النساء، الاية: 26.
30- سورة الأنعام، الاية: 83.
31- سورة الأنفال، الاية: 63.
32- سورة فصلت، الاية: 42.
33- سورة لقمان، الاية: 27.


سلسلة المعارف والعلوم الإسلامية



اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
ملاذ الطالبين
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5834
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 7:18 pm

Re: العــــــــــــــدل

مشاركة بواسطة ملاذ الطالبين »


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

صورة

سلمت يمناكم العلويه على طرحكم القيم
وبوركت جهودكم النيره
نسأل الباري ان يجعلكم ويشملنا من انصار الحجه المنتظر ارواحنا له الفدا

نسألكم الدعاء كلما رفعتم لله كفا
صورة
صورة العضو الرمزية
شجرة النبوة
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5492
اشترك في: الاثنين يناير 04, 2010 12:04 am

Re: العــــــــــــــدل

مشاركة بواسطة شجرة النبوة »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا جزيلا على هذا الطرح بارك الله فيكم وقضى حوائجكم في الدينا والأخرة
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49565
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

Re: العــــــــــــــدل

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
يا غياث المستغيثين أغثني بالآية العظمى الإمام محمد الجواد أدركني
بارك الله فيك أختي
طرح موفق
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
صورة العضو الرمزية
عشقِي الأبدي هو الله
عضو موقوف
مشاركات: 49213
اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
مكان: في قلب منتداي الحبيب

Re: العــــــــــــــدل

مشاركة بواسطة عشقِي الأبدي هو الله »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم وظالميهم أجمعين

مشكورة اختي الكريمة على الطرح
ووفقكم الله ورعاكم, وسدد الرحمن خطاكم وقضى حوائجكم
وصلّي‌ الله‌ على محمّد وآله‌ الطاهرين‌
( حسبي الله ونعم الوكيل )
صورة العضو الرمزية
الحجة المنتظر
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26457
اشترك في: الخميس إبريل 15, 2010 2:14 am
مكان: صاحب العصر والزمان

Re: العــــــــــــــدل

مشاركة بواسطة الحجة المنتظر »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين
و على أصحاب الحسين ورحمة الله و بركاته ..


مشكورة عزيزتي على الطرح الرائع
الله يعطيكم العافية


(فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين)
صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

Re: العــــــــــــــدل

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم

الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه


مُشَكَوْرَيْن عَلَى الْطَلَّة الْبَهِيَّة
جَزَاكُم الْلَّه خَيْرَا

دَعَوَاتِي لَكُم بِالتَّوْفِيْق وَقَضَاء الْحَوَائِج عَاجِلَا كَلَمْح البَصرِبِحق مُصِيَبَة ابِي عَبْدِاللّه الْحُسَيْن عَلَيْه الْسَّلام


نَسْالُكُم خَالِص الْدُّعَاء

الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"

العودة إلى ”روضـة الإبتهال والتضرع الى الله تعالى“