اللهم عجل لوليك الفرج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابا صالح التماس دعا
وَأَعِنّا عَلى تَأدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ وَالاجْتِهادِ فِي طاعَتِهِ وَاجتِنابِ مَعْصِيَتِهِ، وَامنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ وَهَبْ لَنا رَأفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَدَعائَهُ وَخَيْرَهُ مانَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَفَوْزاً عِنْدَكَ
لبيك يا رسول الله
السابع: المواظبة على إنفاق الحقّ المعلوم من المال، أعني ما هو مقرّرٌ إعطاؤه للسائل أو المحروم، في كلّ يوم أو في كلّ أسبوع أو في كلّ شهر بالقدر المناسب، وبالشكل الّذي لا يؤدّي إلى الإخلال به. وإذا لم يطّلع أحد على ذلك أيضاً فهو أفضل.
﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾.
وفي الحديث أنّه غير الزكاة.
الثامن: المحافظة على حجّة الإسلام، وكذلك المبادرة إليها في سنة وجوبها، ولا يجوز تأخيرها من غير عذر.
التاسع: زيارة القبور المقدّسة للنبيّ والأئمّة المعصومين عليهم السلام وخصوصاً الإمام الحسين عليه السلام فقد جاء في الحديث: "لو أنّ أحدكم حجّ دهره ثمّ لم يزر الحسين بن علي عليه السلام لكان تاركاً حقّاً من حقوق الله وحقوق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّ حقّ الحسين عليه السلام فريضة من الله واجبة على كلّ مسلم".
وجاء في حديث آخر:
"إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم".
العاشر: المحافظة على حقوق الإخوان وقضاء حوائجهم، وقد أُكّد عليه بشدّة، بل لقد قُدّم على أكثر الفرائض
الحادي عشر: تدارك ما فات من الأمور المذكورة مهما أمكن حينما ينتبه إلى ذلك.
الثاني عشر: تهذيب نفسه عن الأخلاق الذميمة مثل الكبر والبخل والحسد وأمثال ذلك من خلال الرياضة والمضادّة، وتقييدها بالأخلاق الحميدة كحسن الخلق والسخاء والصبر وغير ذلك حتّى تصير ملكة.
الثالث عشر: ترك المنهيّات جملةً، وإذا وقعت منه معصية على سبيل الندرة فليتداركها سريعاً بالاستغفار والتوبة والإنابة ليصير محبوب الحقّ تعالى. ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾. و"إنّ الله يحبّ كلّ مفتن توّاب".
الرابع عشر: ترك الشبهات الموجبة للوقوع في المحرّمات وقد قالوا: "من ترك أدباً حُرِمَ من سنّة، ومن ترك سنّة حُرِمَ من فريضة".
الخامس عشر: عدم الخوض في "ما لا يعني" الموجب للقسوة والخسران. وفي الحديث: "من طلب ما لا يعنيه فاته ما يعنيه".
وإذا صدر منه ذلك غفلة فليتداركه بعد التنبّه بالاستغفار والإنابة.
﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُون﴾.
وما لم ينته عن مجالسة البطّالين والمغتابين والّذين لا يبالون بما يقولون فإنّه لا يتخلّص ممّا لا يعنيه. وهو لا شيء مثله في إحداث القسوة والغفلة وتضييع الوقت.
السادس عشر: ليكن شعار بناء الذات هو: قلّة الأكل وقلّة النوم وقلّة الكلام، والّتي لها دخل تامّ في تنوير القلب.
السابع عشر: تلاوة مقدار من القرآن في كلّ يوم، وأقلّه خمسين آية بتدبّر وتأمّل وخضوع، وإذا وقع بعض ذلك في الصلاة كان أفضل.
الثامن عشر: أن يكون له مجموعة من الأذكار والدعوات بحيث يجعلها ورداً له في أوقات معيّنة، خصوصاً بعد صلوات الفريضة. وإن استطاع أن يجعل لسانه في أكثر الأوقات مشغولاً بذكر الحقّ تعالى- وإن كانت جوارحه مشغولة في أعمال أخرى- فتلك هي السعادة.
ونُقل (في حال) الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّ لسانه في أكثر الأوقات كان مشغولاً بذكر الكلمة الطيّبة (لا إله إلا الله) إن أكل شيئاً أو تكلّم بشيء أو كان يسير في الطريق إلى غير ذلك، فهذا عون وإمداد قويّ للسالك. وإذا كان الذكر القلبيّ مقارناً للذكر اللسانيّ فإنّه سينال فتوحات كثيرة في زمن قصير، ليتمكّن من السعي بأن يكون متذكّراً للحقّ لحظة بعد لحظة لئلّا يغفل. وليس هناك من أمر يبلغ هذا في السلوك. وهو مددٌ قويّ في ترك مخالفة الحقّ سبحانه وتعالى بالمعاصي.
التاسع عشر: صحبة العالم وسؤاله والاستفادة من العلوم الدينيّة بقدر طاقته؛ ليتمكّن من السعي في زيادة بعض من العلم إلى علمه. "أكيس الناس من جمع علم الناس إلى علمه".
وأن يعدّ صحبة الأعلم منه فوزاً عظيماً له، وإذا وجد عالماً عاملاً بعلمه فليحسب اتّباعه له أمراً لازماً عليه وأن لا يخرج عن حكمه. وما يقوله الصوفيّة عن "الشيخ" هو عبارة عن مثل هذا الشخص.
والمراد من العلم علم الآخرة لا علم الدنيا. وإذا لم يجد مثل هذا الشخص ولم يحصل على من هو أعلم منه، فليصحب الكتاب والناس ذوي السيرة الصالحة؛ ليكتسب منهم الأخلاق الحميدة. وكلّ صحبة تذكّر بالحقّ والنشأة الآخرة فلا يضيعنّها من يده.
العشرون: معاشرة الناس بحسن الخلق والانشراح؛ لكي لا يكون ثقيلاً على أحد، ويحملون أفعاله على حسن الظنّ، وأن لا يُسيء الظنّ بأحد.
الحادي والعشرون: أن يكون شعاره في بناء ذاته: الصدق في الأقوال والأفعال.
الثاني والعشرون: التوكّل على الحقّ سبحانه وتعالى في جميع الأمور، وعدم النظر إلى الأسباب، والإجمال في طلب الرزق وعدم الجدّ كثيراً في ذلك، وأن لا يذهب بأفكاره بعيداً فيه، وأن يقنع بالقليل ويترك الفضول إلى حدّ الإمكان.
الثالث والعشرون: الصبر على جفاء الأهل والأقارب، وأن لا يكون متسرّعاً منفعلاً شرس الطبع، ومهما ازداد الجفاء وتلقّاه بعدم المبالاة فإنّ ذلك يبلغ به إلى الغاية بشكل أسرع.
الرابع والعشرون: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر الوسع والطاقة، ومشاركة الآخرين في أفراحهم وأحزانهم وإشراكهم مع نفسه في السلوك إذا كان لديه قوّة نفسيّة، وإلا فليجتنب صحبتهم، مع المداراة والتقيّة، لئلّا يؤدّي ذلك إلى حصول الوحشة.
الخامس والعشرون: تنظيم أوقاته، وأن يكون له ورد في كلّ وقت من الليل والنهار حتّى لا تضيع أوقاته "فإنّ كلّ وقت تابع للموقوت له" وهذا أمر أساس في السلوك. وهو الّذي وصلنا عن المعصومين عليهم السلام أنّهم كانوا يفعلونه بأنفسهم ويدعون غيرهم إليه. وأمّا الالتزام بالأربعين يوماً وعدم أكل ما هو حيواني و"ذكر الضروب الأربعة" وغير ذلك ممّا هو منقول عن الصوفيّة، فهو لم يرد عنهم عليهم السلام.
والظاهر أنّ بعض المشايخ أمثال هؤلاء كانوا يأمرون به بسبب ما يرونه مناسباً لنفوس بعضهم في سهولة السلوك. ومن المحتمل أن يكون مستند الالتزام بالأربعين يوماً هو حديث:
"من أخلص لله أربعين صباحاً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه".
ومستند ترك الحيواني: "لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوانات" ونحوها. ولا شكّ في أنّ قلّة أكل اللحوم والجلوس في الخلوة وفراغ البال والتوجّه التامّ أثناء الذكر له دخل تامّ في تنوير القلب، ولكن بشرط أن لا يكون مانعاً عن الجمعة والجماعة.
ومن جملة الأمور الّتي تعتبر عمدة في السلوك: الحريّة، أي التحرّر من "شوائب الطبيعة" و"وساوس العادة" و"نواميس العامّة"، فإنّ السالك لا يجد سدّاً أعظم من هذه الأمور الثلاثة. وقد أطلق عليها بعض الحكماء اسم رؤساء الشياطين، ولو تأمّلت جيّداً في كلّ قبيح يصدر من أيّ أحدٍ لوجدته منتهياً إلى واحدٍ من هذه الثلاثة.
أمّا "شوائب الطبيعة": فمثل الشهوة والغضب وتوابع ذلك من حبّ المال والجاه وغير ذلك:﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا﴾.
وأمّا "وساوس العادة": فمثل تسويلات النفس الأمّارة وتزييناتها والأعمال غير الصالحة بسبب الخيالات الفاسدة والأوهام الكاذبة ولوازم ذلك من الأخلاق الرذيلة والملكات الذميمة:﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾.
وأمّا "نواميس العامّة": فمثل اتّباع الغيلان الّذين هم في بدنٍ آدمي، وتقليد الجهلاء أشباه العلماء والاستجابة لإغواء شياطين الجنّ والإنس والانخداع بحيلهم وتلبيساتهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾.
وأمّا بعض العادات والرسوم المقرّرة في عُرف الزمان، في مثل الملابس ومعاشرة الناس فيجب على الظاهر اتّباع الجمهور.
فالامتياز باعث على الوحشة والغيبة، إلا أن يكون في متابعته لهم مخالفة لأمر دينيّ مهمّ، والّذي يؤدّي تركه إلى ضرر في السلوك، فعندها لا تكون المتابعة لازمة إلا من باب التقيّة. ومثل هذه الأمور ينبغي أن ترجع إلى نظر البصير بزمانه.
نسألكم براءة الذمة والدعاء
فى هذه الايام الفضيلة
منقولالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابا صالح التماس دعا
وَأَعِنّا عَلى تَأدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ وَالاجْتِهادِ فِي طاعَتِهِ وَاجتِنابِ مَعْصِيَتِهِ، وَامنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ وَهَبْ لَنا رَأفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَدَعائَهُ وَخَيْرَهُ مانَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَفَوْزاً عِنْدَكَ
لبيك يا رسول الله
السابع: المواظبة على إنفاق الحقّ المعلوم من المال، أعني ما هو مقرّرٌ إعطاؤه للسائل أو المحروم، في كلّ يوم أو في كلّ أسبوع أو في كلّ شهر بالقدر المناسب، وبالشكل الّذي لا يؤدّي إلى الإخلال به. وإذا لم يطّلع أحد على ذلك أيضاً فهو أفضل.
﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾.
وفي الحديث أنّه غير الزكاة.
الثامن: المحافظة على حجّة الإسلام، وكذلك المبادرة إليها في سنة وجوبها، ولا يجوز تأخيرها من غير عذر.
التاسع: زيارة القبور المقدّسة للنبيّ والأئمّة المعصومين عليهم السلام وخصوصاً الإمام الحسين عليه السلام فقد جاء في الحديث: "لو أنّ أحدكم حجّ دهره ثمّ لم يزر الحسين بن علي عليه السلام لكان تاركاً حقّاً من حقوق الله وحقوق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّ حقّ الحسين عليه السلام فريضة من الله واجبة على كلّ مسلم".
وجاء في حديث آخر:
"إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم".
العاشر: المحافظة على حقوق الإخوان وقضاء حوائجهم، وقد أُكّد عليه بشدّة، بل لقد قُدّم على أكثر الفرائض
الحادي عشر: تدارك ما فات من الأمور المذكورة مهما أمكن حينما ينتبه إلى ذلك.
الثاني عشر: تهذيب نفسه عن الأخلاق الذميمة مثل الكبر والبخل والحسد وأمثال ذلك من خلال الرياضة والمضادّة، وتقييدها بالأخلاق الحميدة كحسن الخلق والسخاء والصبر وغير ذلك حتّى تصير ملكة.
الثالث عشر: ترك المنهيّات جملةً، وإذا وقعت منه معصية على سبيل الندرة فليتداركها سريعاً بالاستغفار والتوبة والإنابة ليصير محبوب الحقّ تعالى. ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾. و"إنّ الله يحبّ كلّ مفتن توّاب".
الرابع عشر: ترك الشبهات الموجبة للوقوع في المحرّمات وقد قالوا: "من ترك أدباً حُرِمَ من سنّة، ومن ترك سنّة حُرِمَ من فريضة".
الخامس عشر: عدم الخوض في "ما لا يعني" الموجب للقسوة والخسران. وفي الحديث: "من طلب ما لا يعنيه فاته ما يعنيه".
وإذا صدر منه ذلك غفلة فليتداركه بعد التنبّه بالاستغفار والإنابة.
﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُون﴾.
وما لم ينته عن مجالسة البطّالين والمغتابين والّذين لا يبالون بما يقولون فإنّه لا يتخلّص ممّا لا يعنيه. وهو لا شيء مثله في إحداث القسوة والغفلة وتضييع الوقت.
السادس عشر: ليكن شعار بناء الذات هو: قلّة الأكل وقلّة النوم وقلّة الكلام، والّتي لها دخل تامّ في تنوير القلب.
السابع عشر: تلاوة مقدار من القرآن في كلّ يوم، وأقلّه خمسين آية بتدبّر وتأمّل وخضوع، وإذا وقع بعض ذلك في الصلاة كان أفضل.
الثامن عشر: أن يكون له مجموعة من الأذكار والدعوات بحيث يجعلها ورداً له في أوقات معيّنة، خصوصاً بعد صلوات الفريضة. وإن استطاع أن يجعل لسانه في أكثر الأوقات مشغولاً بذكر الحقّ تعالى- وإن كانت جوارحه مشغولة في أعمال أخرى- فتلك هي السعادة.
ونُقل (في حال) الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّ لسانه في أكثر الأوقات كان مشغولاً بذكر الكلمة الطيّبة (لا إله إلا الله) إن أكل شيئاً أو تكلّم بشيء أو كان يسير في الطريق إلى غير ذلك، فهذا عون وإمداد قويّ للسالك. وإذا كان الذكر القلبيّ مقارناً للذكر اللسانيّ فإنّه سينال فتوحات كثيرة في زمن قصير، ليتمكّن من السعي بأن يكون متذكّراً للحقّ لحظة بعد لحظة لئلّا يغفل. وليس هناك من أمر يبلغ هذا في السلوك. وهو مددٌ قويّ في ترك مخالفة الحقّ سبحانه وتعالى بالمعاصي.
التاسع عشر: صحبة العالم وسؤاله والاستفادة من العلوم الدينيّة بقدر طاقته؛ ليتمكّن من السعي في زيادة بعض من العلم إلى علمه. "أكيس الناس من جمع علم الناس إلى علمه".
وأن يعدّ صحبة الأعلم منه فوزاً عظيماً له، وإذا وجد عالماً عاملاً بعلمه فليحسب اتّباعه له أمراً لازماً عليه وأن لا يخرج عن حكمه. وما يقوله الصوفيّة عن "الشيخ" هو عبارة عن مثل هذا الشخص.
والمراد من العلم علم الآخرة لا علم الدنيا. وإذا لم يجد مثل هذا الشخص ولم يحصل على من هو أعلم منه، فليصحب الكتاب والناس ذوي السيرة الصالحة؛ ليكتسب منهم الأخلاق الحميدة. وكلّ صحبة تذكّر بالحقّ والنشأة الآخرة فلا يضيعنّها من يده.
العشرون: معاشرة الناس بحسن الخلق والانشراح؛ لكي لا يكون ثقيلاً على أحد، ويحملون أفعاله على حسن الظنّ، وأن لا يُسيء الظنّ بأحد.
الحادي والعشرون: أن يكون شعاره في بناء ذاته: الصدق في الأقوال والأفعال.
الثاني والعشرون: التوكّل على الحقّ سبحانه وتعالى في جميع الأمور، وعدم النظر إلى الأسباب، والإجمال في طلب الرزق وعدم الجدّ كثيراً في ذلك، وأن لا يذهب بأفكاره بعيداً فيه، وأن يقنع بالقليل ويترك الفضول إلى حدّ الإمكان.
الثالث والعشرون: الصبر على جفاء الأهل والأقارب، وأن لا يكون متسرّعاً منفعلاً شرس الطبع، ومهما ازداد الجفاء وتلقّاه بعدم المبالاة فإنّ ذلك يبلغ به إلى الغاية بشكل أسرع.
الرابع والعشرون: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر الوسع والطاقة، ومشاركة الآخرين في أفراحهم وأحزانهم وإشراكهم مع نفسه في السلوك إذا كان لديه قوّة نفسيّة، وإلا فليجتنب صحبتهم، مع المداراة والتقيّة، لئلّا يؤدّي ذلك إلى حصول الوحشة.
الخامس والعشرون: تنظيم أوقاته، وأن يكون له ورد في كلّ وقت من الليل والنهار حتّى لا تضيع أوقاته "فإنّ كلّ وقت تابع للموقوت له" وهذا أمر أساس في السلوك. وهو الّذي وصلنا عن المعصومين عليهم السلام أنّهم كانوا يفعلونه بأنفسهم ويدعون غيرهم إليه. وأمّا الالتزام بالأربعين يوماً وعدم أكل ما هو حيواني و"ذكر الضروب الأربعة" وغير ذلك ممّا هو منقول عن الصوفيّة، فهو لم يرد عنهم عليهم السلام.
والظاهر أنّ بعض المشايخ أمثال هؤلاء كانوا يأمرون به بسبب ما يرونه مناسباً لنفوس بعضهم في سهولة السلوك. ومن المحتمل أن يكون مستند الالتزام بالأربعين يوماً هو حديث:
"من أخلص لله أربعين صباحاً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه".
ومستند ترك الحيواني: "لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوانات" ونحوها. ولا شكّ في أنّ قلّة أكل اللحوم والجلوس في الخلوة وفراغ البال والتوجّه التامّ أثناء الذكر له دخل تامّ في تنوير القلب، ولكن بشرط أن لا يكون مانعاً عن الجمعة والجماعة.
ومن جملة الأمور الّتي تعتبر عمدة في السلوك: الحريّة، أي التحرّر من "شوائب الطبيعة" و"وساوس العادة" و"نواميس العامّة"، فإنّ السالك لا يجد سدّاً أعظم من هذه الأمور الثلاثة. وقد أطلق عليها بعض الحكماء اسم رؤساء الشياطين، ولو تأمّلت جيّداً في كلّ قبيح يصدر من أيّ أحدٍ لوجدته منتهياً إلى واحدٍ من هذه الثلاثة.
أمّا "شوائب الطبيعة": فمثل الشهوة والغضب وتوابع ذلك من حبّ المال والجاه وغير ذلك:﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا﴾.
وأمّا "وساوس العادة": فمثل تسويلات النفس الأمّارة وتزييناتها والأعمال غير الصالحة بسبب الخيالات الفاسدة والأوهام الكاذبة ولوازم ذلك من الأخلاق الرذيلة والملكات الذميمة:﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾.
وأمّا "نواميس العامّة": فمثل اتّباع الغيلان الّذين هم في بدنٍ آدمي، وتقليد الجهلاء أشباه العلماء والاستجابة لإغواء شياطين الجنّ والإنس والانخداع بحيلهم وتلبيساتهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾.
وأمّا بعض العادات والرسوم المقرّرة في عُرف الزمان، في مثل الملابس ومعاشرة الناس فيجب على الظاهر اتّباع الجمهور.
فالامتياز باعث على الوحشة والغيبة، إلا أن يكون في متابعته لهم مخالفة لأمر دينيّ مهمّ، والّذي يؤدّي تركه إلى ضرر في السلوك، فعندها لا تكون المتابعة لازمة إلا من باب التقيّة. ومثل هذه الأمور ينبغي أن ترجع إلى نظر البصير بزمانه.
نسألكم براءة الذمة والدعاء
فى هذه الايام الفضيلة