
اللهم صل على محمد و ال محمد و عجل فرجهم و اهلك اعدائهم يا كريم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عظم الله أجوركم بمصاب فاطمة الزهراء عليها السلام

『أخوتي الفاطميين أخواتي الفاطميات』
في هذه الأيام نعيش ذكرى شهادة سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام و نحن نذهب لمجالس العزاء و نبكي على مصابها و هي كما نعلم جميعا تحيط شيعتها و محبيها بألطافها و عنايتها .. و لكن هذه الذكرى ليست فقط مناسبة للحديث عن معصوم نعترف بعصمته أمام الله تعالى و إنما هي مناسبة للحديث عن استمرارية مظلومية الزهراء عليها السلام و المطالبة بأخذ ثأرها ممن ظلموها

نحن نعلم أن مولاتنا فاطمة عليها السلام لازالت و لا تزال مظلومة و لكن مقدار الظلم التي حل بها يصعب علينا إدراكه و لعل من أعظم الأدلة الثابتة على مظلوميتها هو خفاء قبرها الشريف

إن المشهور لدى المتشرعة عن سبب خفاء قبر الزهراء سلام الله عليها إلى الآن أن الزهراء عليها السلام كانت تريد منع أعدائها الذين غضبت عليهم من حضور تشيعها وزيارة قبرها بعد دفنها ،فكانت أفضل طريقة لذلك هو هذا التعتيم المطلق الذي حصل بمنع المجتمع عن ذلك لكي يمتنع الأعداء وخصوصا ( الثالثوث المشؤوم في وقته ) لأنه لا سبيل إلى منعهم بالخصوص إلا بمنع المجتمع كله ، وهذا الوجه جيد جدا لو لا إشكال واحد لعلنا التفنا إليه : وهو أنها سلام الله عليها تقصد نفس أعدائها الموجودين في ذلك الجيل ، إذن فقد زالوا من الوجود بعد مئة عام تقريبا أو أقل أو أكثر ، فلماذا لم يكشف المعصومين من ذريتها عن موضع قبرها بعد ذلك ؟

إذن فالأمر اكبر من ذلك من جهتين
الأولى : عدم اختصاص هذا الغضب الفاطمي بالجيل المعاصر لها بل هو شامل لكل الأجيال مادام هناك اتباع ومناصرون ومحبون لهم
الثانية : عدم اختصاص هذا الغضب الفاطمي بطبقة معينة متطرفة في الضلال بل يشمل كل المجتمع بدليل انه لا يوجد احد منهم أو من يعرف ذلك عبر الأجيال ، ولو كنا مستحقين لعرفناه بالتأكيد لان رحمة الله قريب من المحسنين ، وإذ أننا لا نعرفه إذا فلسنا مستحقين لهذه الرحمة الخاصة جيلا بعد جيل
و أوضح شيئا يشبه هذا المعنى وهو غيبة الإمام المهدي روحي فداه ، فإنها تمثل غضب الله سبحانه وتعالى على أعداء الله ، فغيب عنهم وليهم مع العلم المؤكد والذي خرج به العلماء انه لا يمكن أن يكون غائبا عن المستحقين لرؤيته وانه سلام الله عليه إنما تحجبه الذنوب والعيوب والمظالم الموجودة لدى الفرد والجماعات ، فأي فرد تصورنا انه ليس له ذنوب وعيوب وهو مبرأ منها أمام الله تعالى فانه سيرى الإمام المهدي عج ويتعرف عليه .

إذن فالذي ظلم أمنا فاطمة عليها السلام ليس فقط من قام بإحراق بابها و عصرها و لطم خدها و إن كان هذا ما نفهمه من ظاهر الأحاديث القدسية الشريفة ( وأمّا ابنتك فتُظلم وتُحرم ويُؤخذ حقّها غصباً الذي تجعله لها ، وتُضرَب وهي حامل ، ويُدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ، ثمّ يمَسُّها هوانٌ وذُلّ ، ثمّ لا تجد مانعاً ، وتَطرح ما في بطنها من الضرب ، وتموت من ذلك الضرب)
و إنما كل من حذا حذوهم و ناصرهم في كل زمان فهو مشترك في الظلم و لو حاولنا أن ننصر الزهراء عليها السلام فهذا يتطلب منا أن نقف على بابها ونستشعر مقدار عظمة الزهراء عليها السلام و مقدار الظلم الذي حل بها ... ولكن سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام سر من أسرار الله تعالى ولا نستطيع أن نصل إلى معرفتها حق المعرفة ، فقد ورد في الروايات أنها سميت فاطمة لان الخلق فطموا عن معرفتها و قد ورد أن سر المنزلة العظيمة للسيدة فاطمة المعصومة المدفونة في قم المقدسة هو علمها بعظمة مأساة جدتها الزهراء عليها السلام

و مع هذا كله فهذا لا يعني أننا لا نستطيع أن نقدم شيء لسيدة نساء العالمين فالواجب هو نشر ما ندركه من حجم الظلم التي وقع على الزهراء عليها السلام في حياتها و بعد استشهادها و نرد على من ينكر هذه المظلومية و من الجدير بالذكر أن الحديث عن ظلامة فاطمة صلوات الله عليها لا يتنافى مع الحفاظ على الوحدة الإسلامية كما يظن الكثير فيتجنبون التحدث عن من غصبها حقها و ظلمها في حياتها بل إن واجبنا هو عدم التستر و إظهار تلك الحقائق لا إخفاءها لأن الوحدة لا تعني التنازل عن هوية المذهب و هنا نذكر قول رسول الله صلى الله عليه و اله : أنا شافع يوم القيامه إلى أربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا : رجل نصر ذريتي ، و رجل بذل ماله لذريتي عند الضيق ، و رجل أحب ذريتي باللسان و القلب ، و رجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا و شردوا . فكيف إذا كانت هذه النصرة لمن يقول فيها رسول الله صل الله عليه و اله فاطمة بضعة مني هي نور عيني وثمره فؤادي، يسوءني ما ساءها، ويسرني ما سرها

إن الزهراء عليها السلام و مع كل الحوادث الأليمة التي مرت عليها فإن أكثر ما كان يؤلمها هو علمها بما يقع على أمير المؤمنين و على أبناءها من الظلم خصوصا ما سيقع على ولدها الحسين عليه السلام و هي بأبي و أمي على هذا الحال من الحزن و الألم إلى هذا اليوم فروحها الطاهرة تحضر مجالس العزاء و هي تنتظر ظهور ابنها المهدي عجل الله تعالى فرجه لكي يأخذ بثأرها و ثار أبناءها و شيعتها أجمعين
أحبتي الكرام نحن مسؤولون عن هذه الغيبة بسبب ذنوبنا ومعاصينا وستطول غيبة إمامنا إن كنا مستمرين في غفلتنا واطاعتنا لشهوات انفسنا و لكن أليس اقل ما نقدمه لمن فطمنا الله تعالى بحبها و حب ذريتها من النار ان نجاهد أنفسنا لكسب رضا الله و رضاها و الأخذ بثأرها مع ابنها المنتظر عليه السلام

نسأل الله أن يمن علينا برضاه و رضا من يرضى لرضاها و يجعلنا من المطالبين بثأرها تحت لواء صاحب العصر و الزمان عجل الله فرجه الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وَ صَلىْ الله عَلىْ مُحَمِدَ وَ آلِ مُحَمِدَ آلطَيبيِنَ آلطآهرِينَ
مع تحيات الكادر الاشرافي للروضة الفقهيه