
[align=center]«أَلْحمدُ للهِ رَبِّ العالمين، وَ الصَلوةُ وَ السلامُ على الرَّسولِ الْمبينِ وَ وَزيرهِ الْوصيِّ الأَمين وَ أبْنآئهما الْخلفاءِ الرَّاشدين وَ الذُّريَّة الطاهرين وَ الخَلَفَ الصالح وَ الماءِ الْمعين صَلّى اللهُ وَ سلّمَ عليهمْ أجْمَعينَ».
تَنبهْ فَقدْ وافَتكمُ الْأشهُرُ الْحرُمْ تَيقظْ لكي تَزدادَ في الزَّادِ وَ اغْتنمْ
فقُمْ في لياليها وَ صُمْ منْ نهارها لِشكْر إلهٍ تَم فِي لُطْفه وَ عَمّْ
وَ لا تَهجَعَنْ في اللَيل إلاَّ أقَلَّهُ تَهَجّدْ وَ كمْ صَبٍّ من اللَيْل لَمْ يَنَمْ
وَ رتِّلْ كتابَ الْحَقِّ وَ اقرأَهُ ماكثاً بِأَحْسن صوتٍ نورُهُ يشرقُ الظلمْ
فَلمْ تحــظَ بَلْ لَمْ يُحـــظَ بِــمِـثْله وَ أخْطأَ مَنْ غيرَ الذي قُلْتُهُ زَعمْ
وَ سلِّمْ علي أَصْل القُرانِ وَ فصلِهِ بَقِيَّة آل الله كُنْ عبــْــدَهُ الـسَّــلمْ
فَمنْ دانَ للرَّحْمن في غيرِ حُبِّهمْ فَقَدْ ضَلَّ في إنكارهِ أعظمَ النِّعمْ
فَــحُبهمْ حُــبُّ الالهِ اسْــتــعـذْ به هُمُ الْعروَةُ الوُثقي فَبالعرْوَة اعْتصمْ
فلاتَكُ باللاهي عن الْقول وَ اعْتَبرْ معانيه كيْ تَرْقي إلي أرْفَع الْقمَمْ
عَليكَ بِذكر الله في كُلِّ حـــالةٍ وَ لا تَن فيهِ لا تقُلْ كيْفَ ذا و كم!
فهَذا حِمي الرَّحمن فادْخلْ مُراعيا لِحرماته فيها عَظِّمْهُ وَ التزمْ
فَمَنْ يعتصم بالله يُهْدَ صراطُهُ فإنْ قُلْتَ رَبِّي اللهُ يا صاحِ فاسْتقمْ
قالَ عَزَّ منْ قائلٍ: «وَ مَنْ يعتصِم بِالله فقَدْ هُدي إلَي صِراطٍ مستقيمٍ»
وَ قالَ: «وَ اسْتقمْ كَما أمرْتَ..... »
وَ قالَ جلَّ جلالُهُ العَظيمُ: «إنَّ الذين قالوا رَبُّنا اللهُ ثمَّ استَقَموا تتَنَزَّلُ عليْهمُ الملئكَة... »
انتبهوا إخواني الأعزَّة وَفقَكمُ اللهُ لطاعتِهِ، فَقَدْ دَخلنا في حِمي الأشَهرِ الْحرُمِ، فَما أعظم نِعَم الْباري علينا وَ أتَمَّ؟!
فالْواجِبُ علينا قَبْلَ كُلِّ شيْءٍ التوبَةُ بشُروطها اللازمَةِ وَ صَلَواتُها الْمعْلُومَةِ ثُمَّ الاحتمآء مِنَ الكبائِرَ وَ الصَّغائِرِ بِقدْر القُوَّة.
فَلَيْلَةُ الجمعة أوْ يوْمُ الأحدِ تُصَلوُّنَ صَلوةَ التوبة ليلةَ الْجمعَةِ أوْ نهارِها؛ ثُمَّ تعيدُونها يوْمَ الأحَدِ في الْيومِ الثانِي مِنَ الشَّهْرِ.
ثُمَّ تلتزمونَ المراقَبَة الصَّغْرى وَ الكُبْرى وَ المُحاسَبَةَ وَ المُعاتَبَة بِما هُوَ أحْري. فَإنَّ فيها تَذْكرةً لِمَنْ أرادَ أن يَتَذَكَّرَ أوْ يَخْشى.
ثُمَّ اقْبَلوا بقلوبكُمْ وَ داوُوا أمراضَ ذُنوبكُمْ وَ هَوَّنُوا بالاستغفار خُطُوبَ عُيوبِكُمْ.
وَ إياكُمْ وَ هَتْكَ الْحرماتِ فَإنَّ مَنْ هَتَكَ وَ إنْ لَمْ يهتكِ الكريمُ عليِهِ فهُوَ مَهْتوكٌ.
وَ أنّي يرْجى النجاةُ لِقلبٍ ارتبكَتْ فيهِ الشُّكوكُ حتى يسلِكَ سَبيلَ المتقينَ وَ يَشْربَ منَ الماءِ الْمَعينِ مَعَ الْمُحسنين؟! وَ اللهُ الْمستعانُ علي نَفْسي وَ أنْفسِكُمْ وَ هُوَ خيْرُ مُعينٍ
الأوامر العملية لهذه الأشهر الثلاثة:
1 عَليْكُمْ بالْفرائض في أَحْسن أوقاتها وَ هي مَعَ نوافلها الإحدى وَ الخمْسين . فانْ لَمْ تتَمَكَّنُوا فبأرْبَعٍ وَ أرْبعينَ . وَ إنْ مَنعتكُمْ شواغِلُ الدُّنْيا، فَلا أقَلَّ مِنْ صلوة الْأوَّابين .
2 وَ أما نَوافلُ الليْلِ فلا محيصَ منها عنْدَ المؤْمنين. وَ العجبُ ممَّنْ يَرومُ مرْتبةً مِنَ الكَمالِ وَ هُوَ لا يَقُومُ الليال! وَ ما سَمعنا أحَداً نالَ مرْتبةً مِنهُ إلا بِقيامِها.
3 وَ عَليكُمْ بِقرائةِ الْقرآنِ الْكريم في اللَيل بِالصوتِ الْحَسَنِ الْحزين، فهُوَ شرابُ الْمُؤمنين.
4 وَ عليكُمْ بالتزام الْأوْراد الْمعْتادَة التي هي بيد كُلِّ واحدٍ منْكُمْ. وَ السّجْدَةِ الْمَعهُودَةِ[12] مِنْ 500 إلي 1000.
5 وَ زيارَة المشْهد الْمعظَّم الْأعظم كُل يومٍ. و إتيانُ الْمساجدِ الْمعظَّمَة ما أمْكنَ. وَ كذا سائِرَ الْمساجدِ. فَإنَّ الْمُؤْمن في الْمسجد كالسَّمَكة في المآءِ.
6 وَ لا تترُكوا بَعدَ الصلواتِ الْمفروضاتِ تسبيحةَ الصِّديقة صلواتُ اللهِ عليها، فإنَّها مِنَ الذِّكْر الكبير. وَ لا أقَلَّ في كلِّ مَجْلِسٍ دوْرَةٌ.
7 وَ مِنَ اللازمِ الْمُهمَّ الدُّعآءُ لفرجِ الْحجَّة صَلواتُ اللهِ عَليهِ في قُنوتِ الْوتر. بَل في كُلِّ يومٍ و في جميع الدَّعوات.
8 وَ قراءةُ الْجامعة في يومِ الجُمُعة أعْني الجامعةَ الْمعروفَةَ الْمشروحَة.
9 وَ لا تَكونُ التلاؤَة أقلَّ مِنْ جزْءٍ.
10 وَ أكْثروا منْ زيارة الإخوان الأبرار؛ فإنهمْ الاخْوانُ في الطريق وَ الرَّفيقُ في المضيق.
11 وَ زيارة القبور في النَّهار غبّاً وَ لا تزورُوا ليْلاً.
مَا لنا..... وَ للدُّنْيا؟! قَدْ غرَّتْنا! وَ شَغلتْنا وَ اسْتهوَتنا وَ ليْسَتْ لَنا!!.
فَطوبي لرجالٍ أبْدانُهمْ في الناسوت وَ قلوبُهُمْ في اللاهوتِ.... اولئك الأقلونَ عدَداً...... وَ الأكْثرونَ مَدَداً..... أقولُ ما تسْمعونَ. وَ أَسْتغفرُالله)) [13]
هذه هي الأوامر التي أعطاها المرحوم القاضي إلى طلابه، و يجب على الرفقاء أن يؤدوها في هذه الأشهر الثلاثة، و لكن على كل شخص أن يؤدي منها بمقدار طاقته، فكل واحد عليه أن يصوم بحسب قدرته خمسة أيام من رجب و عشرة أيام من شعبان، و بشكل عام يجب أن يراعي كل واحد مزاجه و قدرته و استعداده.
و قراءة القرآن في الليل بمقدار الاستطاعة.
إذا استطعت ألا تنام فلا تنم أصلاً، و و إذا لم يستطع الإنسان ألا ينام، فلا بأس و لكن ليكن عنده لهفة، و حرقة قلب، و لينم نوما خفيفا، فعليه أن ينام مبكرا و يسعى أن ينام نوما خفيفا يسهل عليه الاستيقاظ منه و لينم بالمقدار الذي ينال الجسد حقه من الراحة.
المرحوم القاضي كان ينام أول الليل ثم يستيقظ و يصلي ثم ينام مرة أخرى ثم يستيقظ ثانية و يصلي، و هكذا إلى ساعتين قبل الفجر و بعدها لا ينام، و المرحوم الآخوند كان يستيقظ قبل الفجر بثلاث ساعات.
إذا لم تصلوا صلاة الليل فلا فائدة و عندها فلا معنى للعرفان.
العرفان بالعمل لا بالكلام!
اللهم صل على محمد و آل محمد.[/align]
المصدر/نقلاً عن آية الحق المرحوم الحاج الميرزا علي القاضي الطباطبائي من الرسالة الخطية المسماة (صفحات من تاريخ الأعلام)