
ضريحه في شيراز

( 1331 هـ - 1401 هـ )
ولادته :
ولد السيد دستغيب في مدينة شيراز ، مركز محافظة فارس ، في عام ( 1331 هـ ) .
وكان والده السيد محمد تقي بن هداية الله مرجعاً كبيراً في شيراز ، أما أسرته فهي من الأُسَر الأصيلة الشريفة ، المعروفة في محافظة فارس ، وقد برز منها كثير من العلماء الكبار ، والأدباء ، والخطباء .
ويرجع نسب هذه الأسرة بثلاث وثلاثين واسطة إلى الإمام السجاد ( عليه السلام ) .
دراسته وأساتذته :
أنهى مرحلة المقدمات من الدراسة في سِنِّ الطفولة ، لما كان يتمتع به من الذكاء والفِطْنة التي وهَبَهَا اللهُ إياه .
فأنهى مرحلة السطوح ، وأصبح إماماً لمسجد باقر خان في مدينة شيراز ، وأخذ يمارس الهداية والإرشاد .
وبعد سنين من الفقر وشَظَف العيش سافر إلى مدينة النجف الأشرف ، في سنة ( 1353 هـ ) ، ليواصل دراسته الحوزوية .
فدرس في حوزة مدينة النجف عند مجموعة من كبار الأساتذة ، كآية الله كاظم الشيرازي ، وآية الله العظمى السيد أبي الحسن الأصفهاني ، وآية الله الميرزا الإصطهباناتي ، وآية الله القاضي الطباطبائي .
وعندما بلغ سن الرابعة والعشرين حاز على درجة الاجتهاد ، وأيَّد اجتهاده ثمانية من العلماء الأعلام آنذاك .
سيرته وأخلاقه :
كان السيد دستغيب يعيش في دار بسيطة ، لا تختلف عما كان يعيش فيه أجداده الطاهرون ، وكان معرضاً عن كل الكماليات والزخارف .
ولم يكن طعامه يتجاوز ربع قرص من خبز الشعير ، مع شيء من البصل والملح ، وأحياناً شيء من الجبن ، مُعرضاً عن اللحوم .
وكان دائم الوضوء ، مداوماً على الرياضات الروحية ، تاركاً للمَلَذَّات .
ومن صفاته الأخرى أنه كان شديد الموالاة لآل البيت ( عليهم السلام ) ، ويعشق المجالس الحسينية ، وكان يرتدي السواد في ليلة عاشوراء ، وكان تقيّاً ، زاهداً ، صابراً ، حَسَن الأخلاق والبَيان ، ولديه قوة على التعبير والكتابة .
أما عن عبادته ، فقد كان يقضي ليله في العبادة والتهجد حتى الصباح ، وكان يصوم كثيراً ، ويقف لأداء الصلاة في أول وقتها ، وإذا كبَّر ودخل في صلاته يكون وكأنه ليس في هذه الدنيا .
وفي أوقات فراغه لا تجده مشغولاً إلاَّ بذكر الله ، أو تلاوة القرآن الكريم ، أو في الكتابة ، أو في مواساة المحتاجين .
ومن سجاياه الأخرى أنه كان كثير الحب للناس ، ويخالط أفراد الطبقة الثالثة من المجتمع ، حيث كان يسارع باستمرار إلى إعانتهم ، وحَلِّ مشاكلهم .
وكان له أسلوب متميِّز مع مخالفيه ، فلم يكن يسمح لأحد أن يتناولهم بكلام بذيء ، بل كان أحياناً يثنى عليهم مثيراً استغرابهم .
أما سلوكه في داخل أسرته ، فقد كان مثل جدِّه النبي ( صلى الله عليه وآله ) رؤوفاً ، يشارك أهله أعمال المنزل .
نشاطاته :
يمكن إيجازها بما يأتي :
أولاً : بعد عودته من مدينة النجف الأشرف أخذ يقيم صلاة الجماعة في مدينة شيراز ، بالمسجد الجامع ، ويؤدي دوره في المسجد في إرشاد الناس وتوعيتهم .
ثانياً : كان يقيم مراسم دعاء كميل الأسبوعية ، وكان يتحدث للناس من خلال تلك المراسم ، وكان لأحاديثه أثر كبير في هداية كثير من الضالِّين ، على الرغم من تفشِّي الفساد ، وضغط النظام الحاكم في إيران آنذاك .
ثالثاً : بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام ( 1398هـ ) ، أصبح ممثلاً للإمام الخميني في محافظة فارس ، وإماماً للجمعة في مدينة شيراز .
فأصبح يؤدي مهامَّه الرسميَّة جَنباً إلى جنبٍ مع رسالته التربوية والأخلاقية ، والتي كان يسمِّيها : رسالة الأنبياء ( عليهم السلام ) .
رابعاً : بعد أن أصبح نائباً عن محافظة فارس في مجلس الخبراء ، أخذ يهتم كثيراً بوحدات الجيش ، وحرس الثورة الإسلامية ، وقوَّات الأمن الداخلي ، ويقوم بزيارات منظَّمة لهم ، مما أدَّى إلى سرعة الانسجام بين هذه الوحدات .
خامساً : إعادة بناء المسجد الجامع في مدينة شيراز ، والذي يعتبر من الأبنية الأثرية ، التي يرجع تاريخها إلى أكثر من ألف عام .
وبِهِمَّة المؤمنين من أصحابه تمَّ تعميره ، ليؤدِّي هذا المسجد الشريف رسالته بين الناس .
سادساً : أمر ببناء عشرات المساجد والمدارس الدينية من قبيل :
1 - مدرسة حكيم .
2 - مسجد روح الله .
3 - مسجد الرضا ( عليه السلام ) .
4- مسجد المهدي ( عليه السلام ) .
5 - مسجد فرج آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) .
6 - مسجد الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
سابعاً : أمر بتوزيع آلاف الأمتار المربعة لسكن المحرومين والمستضعفين ، على شِكل مجمَّعات سكنيَّة ، منها :
1 - مجمع علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
2 - مدينة الشهيد دستغيب .
3 - مجمع خاتم الأنبياء ( صلى الله عليه وآله ) .
ثامناً : كان يعمل كثيراً على تشجيع الشباب في المشاركة بالحرب المفروضة من قبل النظام العراقي ضد إيران ، ويعمل على تعبئتهم بالإمكانات كافَّة .
مواقفه من نظام الشاه :
نذكر أبرزها :
أولها : اعتراضه الشديد على قانون نزع الحجاب الإسلامي الإجباري ، الذي سنَّه رضا خان ، من خلال المحاضرات التي كان يلقيها آنذاك من على منبر الحسين ( عليه السلام ) .
ثانيها : ضمَّ صوته إلى صوت الإمام الخميني ، في معارضة قانون الانتخابات العامة والمحلِّيَّة ، الذي سَنَّه الشاه عام ( 1962 م ) .
ثالثها : على أثر تضامنِهِ مع نهضة الإمام الخميني في ( 15 ) خُرداد ، عام ( 1963 م ) تَمَّ اعتقاله من قبل قوات أمن الشاه ( الساواك ) مرَّتين ، ثم أُطلِق سراحه .
رابعها : اعتراضه الشديد على ( مهرجان الفن ) ، الذي عقده الشاه قبل انتصار الثورة الإسلامية بِسَنة واحدة في مدينة شيراز ، وكان ينفق عليه الأموال الطائلة ، ويدعو فيه الأجانب للممارسة أنواع المنكرات على حساب معاناة الشعب الإيراني المحروم .
خامسها : قبل سقوط نظام الشاه بشهرين ، أي : أواخر عام ( 1978 م ) ، أعلن في شيراز عن تشكيل حكومة عسكرية إسلامية ، ودعا الناس إلى عدم مراجعة دوائر النظام ، وقال : من كان لديه مشكلة فليراجعني شخصياً لأحلَّ مشكلته .
وعند تصاعد أحداث الثورة ، واقتراب النصر النهائي في 11 / 2 / 1979 م ) سلَّم كثير من قادة الجيش والشرطة أنفسهم للسيد دستغيب ، وبهذا أصبح داره مقراً من مقرات الحكومة الإسلامية الفتيَّة .
مؤلفاته :
للشهيد دستغيب أكثر من ثلاثة وثلاثين مؤلَّفاً ، في مختلف العلوم ، كما تُرجِمت بعضها إلى اللغات الأخرى ، كالعربية ، والإنجليزية ، والفرنسية ، والألمانية ، والأوردية .
نذكر منها ما يلي :
1 - صلاة الخاشعين .
2 - القصص العجيبة .
3 - الذنوب الكبيرة ، مجلدان .
4 - القلب السليم .
5 - الثورة الحسينية .
6 - المعاد .
7 - التوحيد .
8 - النفس المطمئنة .
9 - المظالم .
10 - العبودية سِرِّ الخلق .
11 - الإيمان .
12 - العدل .
13 - الأخلاق الإسلامية .
14 - النبوَّة .
شهادته :
استشهد السيد دستغيب ( قدس سره ) عام ( 1401 هـ ـ 1981 م ) ، وهو في طريقه إلى أداء صلاة الجمعة .
حيث أسرعت إليه فتاة في التاسعة عشرة من عمرها ، تنتسب إلى زمرة المنافقين أعداء الثورة الإسلامية في إيران ، بحُجَّة أنها تريد إيصال رسالة إليه ، ثم دوى انفجار مهيب لقنبلة فيها عِدَّة كيلو غرامات من مادة الـ( TNT ) .
فتقطَّع على أثره جسد السيد ( قدس سره ) إرباً إرباً ، وسقط شهيداً مظلوماً كما سقط جدَّه الحسين ( عليه السلام ) ، ثم جُمعت أجزاء جسده المقطع ، وَوُرِي جثمانَه الثرى .
وفي اليوم السابع لاستشهاده ( قدس سره ) جاءت إحدى السيدات العلويات الطاهرات ، وقالت : رأيت في الليلة الماضية الشهيد دستغيب في منامي ، وأبلغني بأنه غير مرتاح ، لأن قطعاً من جسمه لا تزال باقية على أرض الزقاق الذي استشهد فيه ، وطلب مني أن أخبركم عن ذلك .
وبعد البحث والسعي الحثيث في ذلك الزقاق ، تم العثور على قطع من الجلد واللحم ، وأعلنوا عن ذلك ، وفتحوا القبر الشريف ، وألحقوا تلك القطع بجثمانه الطاهر
******************
منقول
[/align]