بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجمع المؤرخون وأهل السير والآثار وأهل الحديث أن الإمام علي بن الحسين عليه السلام المعروف بزين العابدين وسيد الساجدين قد كان في كربلاء مع أبيه الإمام الحسين عليه السلام ، وقد أبلى بلاء حسناً والمؤشرات تؤكد أن الإمام السجاد قد شارك في المعركة بشكل مباشر وذلك للنصوص التاريخية التالية :
النص الأول : ( ما جاء في أقدم نص مأثور عن أهل البيت عليهم السلام في ذكر أسماء مَنْ حضر مع الحسين عليه السلام ، وذلك في كتاب (( تسمية مَنْ قُتِلَ مع الحسين عليه السلام من أهل بيته وإخوته وشيعته )) الذي جمعه المحدث الزيدي :
الفُضَيل بن الزبير الأسدي الرسّان ، الكوفي من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام
قال الفُضَيل بن الزبير الأسدي الرسّان ، الكوفي المتوفى بعد ( 145 هـ ) مشيراً إلى قتال الإمام زين العابدين عليه السلام في كربلاء في كتابه المذكور ما نصه :
( وكان علي بن الحسين عليلاً ، وارتُثَّ ، يومئذٍ ، وقد حَضَرَ بعض القتال ، فدفع اللهُ عنه ، وأُخِذَ مع النساء )
قال السيد الجلالي : ومع وضوح النص في قتال الإمام السجاد عليه السلام في كربلاء فإن كلمة (( ارتُثَّ )) تدل على ذلك ، لأنها تقال لمن حُمِلَ من المعركة ، بعد أن قاتل ، وأثخن بالجراح فأُخرج من أرض القتال وبه رَمَقٌ كما صرح به اللغويون .
معنى ( ارتُثَّ ) في اللغة :
قال أبو عبيد يقال ( ارتث ) الرجل فهو مرتث إذا حمل من المعركة وبه رمق
وقال الزبيدي : يُقَال للرَّجُلِ إِذا ضُرِبَ في الحَرْبِ فأُثْخِنَ وحُمِلَ وبِهِ رَمَقٌ ثم ماتَ قد ( ارْتُثَّ ) فُلانٌ وهو افْتُعِل على المَجْهُولِ أَي حُمِل من المَعْرَكَةِ رَثِيثاً أَي جَرِيحاً وبِهِ رَمَقٌ .
والحاصل أن المرتث : هو الذي يسقط في المعركة جريحا أو مثخن بالجراح وبه رمق من الحياة ، وقد ذكر التاريخ عدة أشخاص قد ( ارتثوا ) في المعركة منهم زيد بن صوحان وغيره .
فهذا النص يفيد أن الإمام زين العابدين قد شارك في معركة كربلاء وجرح بها ، وإذا صح النقل من أن الإمام الحسين عليه السلام منع السجاد من الحرب ولم يسمح له بالمشاركة إنما هو بعد جرحه ومشاركته الأولى .
سبب المرض الذي حل به قل من يشير إليه ومن هؤلاء القلة الذين أشاروا إليه :
1-ابن شهر آشوب في المناقب نقلا عن الإمام أحمد بن حنبل في المقتل ، قال أحمد بن حنبل في سبب مرضه : كان سبب مرض زين العابدين عليه السلام في كربلاء أنه كان أُلبس درعاً ففضل عنه فأخذ الفُضلة بيده ومزقه )
فهذا النص يدل على أن الإمام زين العابدين عليه السلام قد حمل السلاح ولبس الدرع للقتال ولما كان الدرع طويلا عليه كسر الزائد منه فتأثر حتى مرض . ولبس الدرع يشير إلى مشاركته في الحرب في ذلك اليوم .
ويلاحظ على هذا النص أن هذا العمل هل هو في يوم كربلاء أم في غيره فإن كان في يوم كربلاء فالوقت لا يتسع حيث تحول في نفس اليوم إلى المرض بعد مشاركته .
2-أما الشيخ المفيد في الإرشاد فذكر أن سبب مرضه طارئ وهو فساد المعدة فقال ( وهو مريض بالذِّرب وقد أَشْفَى )
معنى الذرب :
جاء في هامش النسخة المحققة : في معنى الذرب : ( ذربت معدته إذا فسد عليه الطعام فلم ينهضم وخرج رقيقاً ) .
الذرب هو بالتحريك الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ويفسد فيها ولا تمسكه .
الذَّرَبُ فَسَادُ المَعِدَةِ وذَرِبَتْ مَعِدَتُهُ تَذْرَبُ ذَرَباً كالذَّرَابَةِ والذُّرُوبَةِ بالضم فهي ذَرِبَةٌ وصَلاَحُهَا وهو ضِدٌّ وذَرَبُ المَعِدَةِ حِدَّتُهَا عن الجُوعِ .
والحاصل : أن الإمام كان مريضاً مرضاً طارئاً بمرض المعدة وقد أشرف على الموت من شدة ذلك المرض ولكنه قام بواجبه في القتال قبل المرض كما قام بأهم الواجبات في حالة الأسر وما بعدها . فهذا يدل على خلاف ما اشتهر في أذهان الناس من عدم مشاركته في يوم كربلاء نهائياً .
منقول