بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العين تلك الأداة الرائعة في وجه العين.. بها يبصر وبها تتراءى له الأشياء.. وبها ينقاد إلى عوالم علمية وحقيقية أو عوالم خيالية.
بها يجول الإنسان ببصره في شتى الاتجاهات باحثاً عن هدف معين أو عن لذة دفينة في داخله.
هي كما يريد الإنسان، فهو بنفسه بصير خبير.. فإما تعينه على فعل الخيرات أو تشجعه على ارتكاب المحرمات الصغيرة منها أو الكبيرة.
والعين بريد القلب، والعيون طلائع القلوب، على حدّ قول أمير المؤمنين عليه السلام. وقد كان غضّ البصر من المروءة، ولم يكن سهلاً هذا الأمر إن صادف المرء صنوه الآخر.. فكما كانت عيون الرجال تلاحق النساء بحثاً عن الجمال أو لتأجيج الشهوة، كذلك كان دأب كثير من النساء في ملاحقة الرجال لجمالهم.. ولذلك عندما نزلت الآية القرآنية تأمر بغض البصر لم تتوجّه إلى الرجل دون المرأة، بل توجّهت إلى الاثنين معاً، في قوله تعالى في سورة النور:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}.
فعن سبب نزول هذه الآية يقول الإمام الباقر عليه السلام: استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة - وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن - فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه، فقال: والله لآتين رسول الله صلّى الله عليه وآله ولأخبرنه، قال: فأتاه، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له:ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الآية:(قل للمؤمنين).
فقد لاحقت عيون الرجال النساء أنى تواجدن، وفي المقابل كانت عيون النساء تلاحق الرجال ذوي الجمال والحسن، وتحفظ لنا كتب التراث أسماء عدد من الرجال الذين كانوا يعتمّون بعمائمهم لجمالهم خوفاً من النساء، ومنهم من قال إنّ أهل مكّة فرضوا ذلك على أولئك الرجال، خوفاً أن يفتتن بهم نساؤهم.. وحول ذلك ورد في مختصر تاريخ دمشق: "كان يدخل مكّة رجال متعمّمون من جمالهم، مخافة أن يفتتن بهم، منهم: "عمرو الطهوي، وأعيفر اليربوعي، وسبيع الطهوي، وحنظلة بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن حممة، وأبو خيثمة بن رافع، وزيد الخيل بن مهلهل الطائي، وقيس بن سلمة بن شراحيل الجعفي، وذو الكلاع الحميري، وامرؤ القيس بن حجر الكندي، وجرير بن عبد الله البجلي". ومنهم أيضاً عثمان بن حنظلة بن فاتك الأسدي.
فالزبرقان بن بدر، مثلاً، هو حصين بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة. والزبرقان لقبه، وإنما سمّي الزبرقان لحسنه ولجماله شبّه بالقمر، وكان يقال له قمر نجد. وهو ممن أدرك الإسلام وأسلم على يدي النبيّ صلى الله عليه وآله. زوجته ابنة صعصعة وهي عمّة الفرزدق. ولدت للزبرقان:عيّاش والعبّاس، وكانت تقول: حماري رهن بخمسين بعيراً لمن جاء بأب كصعصعة، وأخ كغالب وخال كخالي الأقرع بن حابس، وزوج كزوجي الزبرقان بن بدر.
أما دحية الكلبي، فكان إذا مشى في الطرقات لم تبق فتاة إِلّا خرجت تنظر إليه من حسنه. ودحية صحابيّ مشهور. شهد المشاهد بعد بدر. ضرب به المثل في حسن الصورة، حتى شبّه بجبرائيل. كان رسول النّبيّ صلّى الله عليه وآله إلى قيصر الروم، لدعوته إلى الإسلام سنة سبع من الهجرة. نزل دمشق وسكن المزة، وعاش إلى خلافة معاوية.
إنّ غض البصر لا بدّ له من إرادة ومن دربة، فالإنسان نفسه يستطيع تدريب نفسه على ذلك، وقد أطلق رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم الكثير من الأحاديث حول غض الطرف، علّها تساعد على نشر هذا المفهوم بين الناس.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
- إيّاكم وفضول النظر، فإنّه يبذر الهوى، ويولد الغفلة.
- غضّوا أبصاركم ترون العجائب.
- إياك والنظرة بعد النظرة، فإنّ الأولى لك والثانية عليك.
- النظرة الاولى خطأ، والثانية عمد، والثالثة تدمّر.
- من ملأ عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار، إلاّ أن يتوب ويرجع.
- ما من مسلم ينظر امرأة أوّل رمقة ثم يغضّ بصره إلا أحدث الله تعالى له عبادة يجد حلاوتها في قلبه.
- النظر سهم مسموم من سهام إبليس، فمن تركها خوفاً من الله أعطاه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه.
- وصف رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمن فقال: لطيف الحركات، حلو المشاهدة.. يطلب من الأمور أعلاها، ومن الأخلاق أسناها.. لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب.. قليل المؤونة، كثير المعونة.. يحسن في عمله كأنه ناظر إليه، غض الطرف، سخي الكفّ لا يرد سائلاً.. يزن كلامه، ويخرس لسانه.. لا يقبل الباطل من صديقه، ولا يرد الحق على عدوه، ولا يتعلم إلا ليعلم، ولا يعلم إلا ليعمل.. إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم.
::::: موقع سماحة اية الله الفقيه السيد حسين الصدر ::::::
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العين تلك الأداة الرائعة في وجه العين.. بها يبصر وبها تتراءى له الأشياء.. وبها ينقاد إلى عوالم علمية وحقيقية أو عوالم خيالية.
بها يجول الإنسان ببصره في شتى الاتجاهات باحثاً عن هدف معين أو عن لذة دفينة في داخله.
هي كما يريد الإنسان، فهو بنفسه بصير خبير.. فإما تعينه على فعل الخيرات أو تشجعه على ارتكاب المحرمات الصغيرة منها أو الكبيرة.
والعين بريد القلب، والعيون طلائع القلوب، على حدّ قول أمير المؤمنين عليه السلام. وقد كان غضّ البصر من المروءة، ولم يكن سهلاً هذا الأمر إن صادف المرء صنوه الآخر.. فكما كانت عيون الرجال تلاحق النساء بحثاً عن الجمال أو لتأجيج الشهوة، كذلك كان دأب كثير من النساء في ملاحقة الرجال لجمالهم.. ولذلك عندما نزلت الآية القرآنية تأمر بغض البصر لم تتوجّه إلى الرجل دون المرأة، بل توجّهت إلى الاثنين معاً، في قوله تعالى في سورة النور:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}.
فعن سبب نزول هذه الآية يقول الإمام الباقر عليه السلام: استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة - وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن - فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه، فقال: والله لآتين رسول الله صلّى الله عليه وآله ولأخبرنه، قال: فأتاه، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له:ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الآية:(قل للمؤمنين).
فقد لاحقت عيون الرجال النساء أنى تواجدن، وفي المقابل كانت عيون النساء تلاحق الرجال ذوي الجمال والحسن، وتحفظ لنا كتب التراث أسماء عدد من الرجال الذين كانوا يعتمّون بعمائمهم لجمالهم خوفاً من النساء، ومنهم من قال إنّ أهل مكّة فرضوا ذلك على أولئك الرجال، خوفاً أن يفتتن بهم نساؤهم.. وحول ذلك ورد في مختصر تاريخ دمشق: "كان يدخل مكّة رجال متعمّمون من جمالهم، مخافة أن يفتتن بهم، منهم: "عمرو الطهوي، وأعيفر اليربوعي، وسبيع الطهوي، وحنظلة بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن حممة، وأبو خيثمة بن رافع، وزيد الخيل بن مهلهل الطائي، وقيس بن سلمة بن شراحيل الجعفي، وذو الكلاع الحميري، وامرؤ القيس بن حجر الكندي، وجرير بن عبد الله البجلي". ومنهم أيضاً عثمان بن حنظلة بن فاتك الأسدي.
فالزبرقان بن بدر، مثلاً، هو حصين بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة. والزبرقان لقبه، وإنما سمّي الزبرقان لحسنه ولجماله شبّه بالقمر، وكان يقال له قمر نجد. وهو ممن أدرك الإسلام وأسلم على يدي النبيّ صلى الله عليه وآله. زوجته ابنة صعصعة وهي عمّة الفرزدق. ولدت للزبرقان:عيّاش والعبّاس، وكانت تقول: حماري رهن بخمسين بعيراً لمن جاء بأب كصعصعة، وأخ كغالب وخال كخالي الأقرع بن حابس، وزوج كزوجي الزبرقان بن بدر.
أما دحية الكلبي، فكان إذا مشى في الطرقات لم تبق فتاة إِلّا خرجت تنظر إليه من حسنه. ودحية صحابيّ مشهور. شهد المشاهد بعد بدر. ضرب به المثل في حسن الصورة، حتى شبّه بجبرائيل. كان رسول النّبيّ صلّى الله عليه وآله إلى قيصر الروم، لدعوته إلى الإسلام سنة سبع من الهجرة. نزل دمشق وسكن المزة، وعاش إلى خلافة معاوية.
إنّ غض البصر لا بدّ له من إرادة ومن دربة، فالإنسان نفسه يستطيع تدريب نفسه على ذلك، وقد أطلق رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم الكثير من الأحاديث حول غض الطرف، علّها تساعد على نشر هذا المفهوم بين الناس.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
- إيّاكم وفضول النظر، فإنّه يبذر الهوى، ويولد الغفلة.
- غضّوا أبصاركم ترون العجائب.
- إياك والنظرة بعد النظرة، فإنّ الأولى لك والثانية عليك.
- النظرة الاولى خطأ، والثانية عمد، والثالثة تدمّر.
- من ملأ عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار، إلاّ أن يتوب ويرجع.
- ما من مسلم ينظر امرأة أوّل رمقة ثم يغضّ بصره إلا أحدث الله تعالى له عبادة يجد حلاوتها في قلبه.
- النظر سهم مسموم من سهام إبليس، فمن تركها خوفاً من الله أعطاه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه.
- وصف رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمن فقال: لطيف الحركات، حلو المشاهدة.. يطلب من الأمور أعلاها، ومن الأخلاق أسناها.. لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب.. قليل المؤونة، كثير المعونة.. يحسن في عمله كأنه ناظر إليه، غض الطرف، سخي الكفّ لا يرد سائلاً.. يزن كلامه، ويخرس لسانه.. لا يقبل الباطل من صديقه، ولا يرد الحق على عدوه، ولا يتعلم إلا ليعلم، ولا يعلم إلا ليعمل.. إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم.
::::: موقع سماحة اية الله الفقيه السيد حسين الصدر ::::::
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
