بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أخلاق النبي الأكرم (ص)
لقد اجتمعت فيه كافة صفات الإنسان الكامل، ولسوف أتحدث عن جانب من مميزاته الأخلاقية باختصار إلاّ أن المرء يحتاج إلى ساعات وساعات ليدخل إلى العالم الأخلاقي الذي تفرد به الرسول (ص). ولهذا فإنني سوف أقتصر الدقائق التالية على الحديث في هذا الموضوع بغية التعبير عن إخلاصي، وحتى أكون قد عرضت على الخطباء والكتّاب بشكل عملي ضرورة بذل المزيد من الجهود لمحاولة الإحاطة بأبعاد شخصية النبي (ص) والتي تمثل بحراً عميقاً. إن العديد من الكتب والمؤلفات تزخر بالقدر الوافر من الحديث حول أخلاق النبي الأكرمپپپپ(ص)؛ والذي سأورده هنا اقتباس من مقالة لأحد العلماء المعاصرين ـ وهو المرحوم آية الله الحاج السيد أبو الفضل الموسوي الزنجاني ـ بصورة مختصرة ومفيدة.
دعونا نقسّم أخلاق النبي باختصار إلى “أخلاق شخصية” و”أخلاق حكومية”، أي أخلاقه كإنسان وأخلاقه ومميزاته وسلوكه كحاكم. وهذا بالطبع غيض من فيض، لأن شخصيته تشتمل على الكثير من المميزات البارزة والجميلة والتي ليس بوسعي الآن إلاّ الاقتصار على بعضها.
الأخلاق الحكومية
وأما خُلُقه كحاكم، فقد كان عادلاً ومدبّراً؛ فالذي يقرأ تاريخ هجرته إلى المدينة، وتلك الحروب الشعواء بين القبائل، وتلك الغزوات الوحشية القبلية، وإخراج العدو من مكة إلى الفيافي، وتلك الضربات المتوالية، وذلك الصراع مع العدو المعاند، فإنه سيلاحظ مدى ما كان يتّصف به من تدبير شديد وحكيم وشامل بما يبعث على الدهشة، ممّا لا مجال لديّ الآن للاسهاب فيه.
كان (ص) شديد الرعاية والحفاظ على القانون، ولم يكن يدع أحداً ينقض أحكام الشريعة أو يفرّط بالقانون، فضلاً عن نفسه، وكان يعتبر نفسه خاضعاً للقانون كما ينصّ القرآن على ذلك، فكان يطبق القانون على نفسه كما يطبقه على من هم سواه بلا أدنى تجاوز. وعندما غزا المسلمون بني قريظة فأسروا رجالهم وقتلوا خائنيهم وغنموا أموالهم ومتاعهم، فإن بعض أمّهات المؤمنين ومنهن زينب بنت جحش، وعائشة، وحفصة، قلن للنبي (ص): يا رسول الله، لقد غنمنا كل هذه الأموال من اليهود فاجعل لنا نصيباً فيها، إلاّ أنه لم يذعن لقولهن مع حبه واحترامه لهن، ومع أن أحداً من المسلمين لم يكن ليعترض عليه. فلمّا زاد إلحاحهنّ فإنه (ص) اعتزلهنّ شهراً كاملاً على غير ما يُتوقع منه. ثم لم يلبث أن نزلت آيات سورة الأحزاب الشريفة {يا نساء النبي لستنّ كأحد من النساء}. {يا أيّها النبيّ قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكنّ وأسرحكنّ سراحاً جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدّ للمحسنات منكن أجراً عظيماً}. فدعاهنّ الرسول (ص) إلى الزهد واحترام القانون. ومن خلقه أيضاً كحاكم (ص)، انه كان يرعى العهود، ولم ينقض عهداً له أبداً. وعندما نقضت قريش عهده فإنه ظل راعياً له، وكذلك كان الحال مع اليهود الذين نقضوا عهده غير مرة.
كما كان (ص) حافظاً للسر؛ فعندما خرج لفتح مكة فإنه لم يُعلِم أحداً بوجهته، فعبّأ الجيش بأجمعه ثم أمرهم بالخروج. وعندما سألوه: إلى أين؟ فإنه أجابهم: سيتضح ذلك فيما بعد. فلم يُخبر أحداً بأنه قاصد مكة، لدرجة أن أهل مكة لم يعلموا بقدومه حتى اقترابه منها!
ومن أهم مميزات سيرة النبي (ص) أنه لم يكن ينظر إلى أعدائه نظرة واحدة؛ فالبعض كانوا له أعداءً ألدّاء، لكنه كان لا يمسّهم بسوء إذا لم يجد منهم خطراً. وأمّا الذين كان يلمس خطراً فيهم فإنه كان يراقبهم ويقف منهم على حذر كعبد الله بن أُبيّ. فلقد كان عبد الله بن أبيّ منافقاً من الطراز الأول، وكان يتآمر على الرسول (ص)، لكنّ الرسول (ص) اكتفى بوضعه تحت الرقابة حتى آخر حياته. وقد مات ابن أبيّ قبل وفاة النبي (ص) بفترة وجيزة، لكنه (ص) تحمله حتى النهاية. لقد كان أولئك من الذين لا يشكلون خطراً شديداً على النظام والحكومة والمجتمع الإسلامي، ولكنه (ص) كان شديداً على من يشكلون خطراً جسيماً. إن ذلك الرجل الرحيم المتسامح هو الذي أمر بقتل الخائنين من بني قريظة ـ وكانوا عدة مئات ـ في يوم واحد، وهو الذي أخرج بني النضير وبني قينقاع وفتح خيبر، وذلك لما كانوا يمثلونه من خطر. لقد عاملهم الرسولپپپ(ص) برفق لدى قدومه إلى المدينة، لكنهم خانوه وطعنوه من الخلف وتآمروا عليه وهدّدوه. إن الرسول (ص) تحمل عبد الله بن أبيّ، وتحمل يهود المدينة، وفتح صدره لمن استجار به ومن لم يؤذِه من قريش، كما عفا عن أهل مكة عند الفتح وفيهم أبو سفيان وأمثاله من كبار رجال مكة، حتى إنه أعطى بعضهم شيئاً من الامتيازات لأنهم لم يعودوا يشكلون خطراً. ولكنه مع ذلك تعقّب فلول الأعداء الألدّاء الذين لمح فيهم الغدر والخطر والخيانة وقمعهم بشدّة. وقد كان هذا خلقه (ص) كحاكم وقائد؛ فكان شديداً على الكفار رحيماً بالمؤمنين، وخاضعاً ومطيعاً لأمر الله وعبداً له بمعنى الكلمة، وكان حريصاً على مصالح المسلمين.. ولم يكن ما تقدّم سوى خلاصة من أخلاقه (ص).
اللهم إنّا نسألك وندعوك أن تجعلنا من أمّة محمد (ص). اللهم وأحينا وأمتنا على محبته، وأرنا وجهه الشريف والمنير يوم القيامة، وارزقنا العمل بوصاياه والتشبّه بخُلقه، واجعلنا من أتباعه المخلصين والعارفين الحقيقيين لقدره ومنزلته.
خطبة الجمعة لسماحه السيد علي الخامنئي في طهران، 7 صفر 1241هـ
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
حبيبتي عاشقة الله وفقكِ الله لكل خير وسدد رميتك
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد