اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كان من معالي اخلاق العقيلة زينب(ع) الصبر الجميل، وفي الحالات المعنوية والروحانية والعرفانية يمكن الحديث عن ثلاثة مقامات تعد من المقامات العالية في الايمان ومن الأسس القوية في تكامل الانسان ومعراجه الى الملكوت الاعلى الا وهي مقام الصبر والرضا والشكر فالانسان بعد مرحلة كمال الصبر يصل الى مرحلة الرضا برضا الله عز وجل وبعد هذه المرحلة الرفيعة يصل الى مقام الشكر.
ان المصائب الاليمة والمفجعة التي انهالت على زينب الكبرى(ع) كانت كل واحدة منها تكفي لشل قواها وتفقدها صبرها، فواجهت ألم فراق جدها الرسول الاكرم(ص) ثم شهادة امها الصديقة الزهراء(ع) على صغر سنها وشهادة ابيها سيد الوصيين علي(ع) ثم شهادة اخيها الحسن(ع) بسمِّ الغدر والخيانة، ثم الاحداث الدامية على ارض كربلاء والتي فقدت فيها اعزة اهلها وعلى رأسهم حبيب قلبها الامام الحسين(ع) ثم المصائب التي لاقتها فيما بعد من الهجوم على الخيام والنهب والسلب وثم الاسر والسبي والسير من بلد الى بلد تتقدم محملها رؤوس الشهداء ويتبعه صرخات اليتامى والثكالى، ولكنها(ع) صبرت وصبرت حتى نقل عنها انها قالت: "ساصبر حتى يعجز الصبر عن صبري"، وما كانت غايتها في صبرها الا رضا الباري تبارك وتعالى فما كان بكاؤها في مصيبة اخيها الحسين(ع) بكاء مذلة او عدم الرضا بقضاء الله تعالى، بل كان بكاؤها قدسياً يحمل في طياته رسالة الى العالم اجمع فاهتزت له المشاعر وابكت به العيون واحرقت فيه القلوب، وكان بكاؤها(ع) كالصاعقة على قلوب اعداء الله واعداء رسوله فاحرق بلهيبه قرير عينهم وقرار عيشهم. وحينما جاءت زينب(ع) الى مصرع اخيها الحسين(ع) فرأته مقطعاً ارباً ارباً، هنالك تجلت حقيقة العبودية لله تعالى والتسليم لامره عز وجل والرضا بقضائه حينما بسطت يداها تحت جثمانه المقدس ورفعته الى السماء وقالت: (اللهم تقبل منا هذا القربان) وارتفعت زينب(ع) بمقام الرضا بقضاء الله والتسليم لامره الى مقام الشكر، وفي كل موقف شهدته لم تنس شكر الله عز وجل، فلما ادخل اسارى أهل الطهر(ع) في مجلس المجرم ابن زياد اقبل على زينب(ع) وقال لها شامتاً ومعبراً عن دناءته: "الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم واكذب احدوثتكم". فقالت زينب(ع) (الحمد لله الذي اكرمنا بنبيه(ص) وطهرنا من الرجس تطهيراً انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا) ، فقال ابن زياد: كيف رأيت صنع الله باخيك وأهل بيتك؟ فقالت(ع): (ما رأيت الا جميلاً) .
برامج الإذاعة