اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

"ما أوذي نبي مثلما أوذيت "

المشرفون: الفردوس المحمدي،تسبيحة الزهراء

صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49612
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)
ان ما قامت به السيدة زينب(ع) من دور رسالي كبير وما نهضت به من دور إنما كان نتيجة لتفاعلها مع المدرسة القرآنية. أقصد بالأدب القرآني هنا تأثير القرآن لفظاً ومعنى في الخطاب الزينبي، وذلك من خلال خطبها وحقيقة تفاعل هذا البيت الكريم بالقرآن وتربيتهم القرآنية وتوهّج الروح القرآنية في نفوسهم، وانطلاقهم في دعوتهم على أساس كتاب الله العزيز.
أذكر حقيقة أحسبها هامة في واقعنا الراهن، وهي ضرورة حضور القرآن في قلوبنا ونفوسنا وسلوكنا ونهج حياتنا، وهذا لا يتحقق إلاّ إذا تفاعلنا مع الأدب القرآني وعشنا جمال ألفاظه وعباراته وتمتعنا بموسيقاه وأساليبه، كما أنه لا يتحقق إلا إذا شعرنا بكل وجودنا بأننا نحن المخاطبين بآيات الكتاب العزيز.


نقف أولاً عند بعض مقاطع خطبتها في الكوفة:
تقول لأهل الكوفة: يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رَقأت الدمعةُ، ولا قطعت الرنّة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم.
مثّلت السيدة قتلة الحسين وخاذليه بما مثّل به القرآن تلك الجماعة المهزومة المتردّدة التي تردّدت في عهودها وأيمانها فقال لهم الله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ، وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (النحل:91- 92).

عجيب تشابه المترددين والمتخاذلين.. هذه الجماعة التي يخاطبها القرآن تنقض العهد والأيمان لأنها ترى أمة كفار قريش أربى من أمة المسلمين. وهؤلاء القوم الذين تخاطبهم زينب يرون يزيد بهيله وهيلمانه وعظمته وسلطانه أربى من الحسين وأهل بيته، فابتلاهم الله بين المصلحة الآنية الضيقة وبين المصلحة الحقيقية التي توفر لهم عز الدنيا والآخرة، فاختاروا عرض هذا الأدنى وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله.

وتقول في مقطع آخر من تلك الخطبة: أتبكون وتنتحبون؟!! أي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلا.
وفي هذا العبارة إشارة رائعة إلى قوله تعالى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ، فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (التوبة:81-82).

وفي مقطع آخر من نفس الخطبة تقول: «لقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا، وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شاب أهل الجنة وملاذ حيرتكم، ومفزع نازلتكم ومنار حجّتكم، ومدره ألسنتكم، ألا ساء ما تزرون، وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضرُبت عليكم الذّلة والمسكنة».

عبارتها: ألا ساء ماتزرون، مستلهمة من قوله سبحانه:
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) (الأنعام:31).

ومستلهمة من مقطع قرآني عظيم في دلالته على الموقف يقول سبحانه: (فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ، لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ، لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ، قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ) (النحل: 22- 26).

عقيلة بني هاشم كانت تخاطب جماعة مسلمة تبكي على مقتل الحسين، ولكنها كانت ترى أن هذا الإسلام لم يبلغ في نفسها درجة الإيمان، ولو كان قد بلغ درجة الإيمان لتحوّل إلى طاقة روحية تأبى الضيم وتدافع عن الحق وتنصر الحسين وتقارع دولة الظالمين. ولكن الإيمان لم يدخل في قلوبهم، فكانوا للظالمين عوناً، لم يشاركوا مسيرة الحسين إلاّ بدموعهم، ولا قيمة للدموع التي لم تصحبها حركة إيمانية نحو تحقيق أهداف الحسين. هؤلاء استكانوا للدنيا وانشدّوا بالمال والمتاع ظانين أنهم سيأمنون وسيرغدون، دون شعور منهم بأنّ كل شيء بيد الله لا بتدبيرهم وتقديرهم.

ثم قولها: «بُعداً» و«سحقاً» من أدب القرآن في مقارعة المنحرفين عن طريق رسالة الأنبياء:
( بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) هود: 44) (بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ) (هود: 60) (أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ) (هود: 68) (أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ) (هود: 68).
(فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (المؤمنون: 44) (فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ) (الملك: 11).

وقولها(ع): «فلقد خاب السعي». تعبير يتكرر نظيره في القرآن الكريم عن خيبة كلِّ الجبارين المفترين والظالمين والفاجرين:
(وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ); (ابراهيم:15). ( وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) (طـه:61). ( وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) (طـه:111). (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:10) .

وقولها: «وتبت الأيدي». إشارة إلى ما نزل في ذمّ أبي لهب: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)(المسد:1). وهو ذمّ للمكذبين الذين يقفون في صفّ أعداء الله.
وقولها: «وخسرت الصفقة». تعبير قرآني يتكرر لدى الحديث عن خسران الذين يركّزون على ذاتهم، ويتعاملون مع كل شيء، من خلال تحقيق مصالحهم الذاتية: مصالحهم ومصالح ذويهم وأهليهم، يقول القرآن عنهم بأنهم لم يحققوا حتى لأنفسهم وأهليهم ربحاً، بل إن كل تعاملهم الذاتي خاسر: (وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الحج:11).
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)(المؤمنون:103)
( إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (الزمر:15).
ومفهوم الربح والخسارة له أهميته الكبرى في التصوّر القرآني. ومن هذا المفهوم تخاطب السيدة زينب أهل الكوفة بأنهم تعاملوا مع الحسين ومع يزيد بما تمليه عليهم مصالحهم الذاتية الآنية الضيقة وهي صفقة خاسرة.

وقولها عليها السلام: «وبؤتم بغضب من الله وضُربت عليكم الذّلة والمسكنة».
مستلهم من آية تتحدث عن بني إسرائيل الذين أبوا إلاّ أن يهبطوا إلى أدنى مستوى من الطموح، وأحطّ درجة من الأماني والآمال، فكانت طموحهم وأمانيّهم لا تتعدى شهوات البطن ومتطلبات إفراز المعدة، فذلّوا وحاق بهم عذاب ربّ العالمين بعد أن أبعدتهم هذه الطموحات الهابطة عن السير نحو الأهداف السخية التي وضعتها أمامهم الرسالة الإلهية:
(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (البقرة:61).

ومن خطبة الشام حيث بدأت بقولها: الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله كذلك حيث يقول: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ) (الروم:10).
هذه الخطبة تتجه فيها العقيلة إلى يزيد وتبدأها بهذه الآية التي جاءت في سياق الحديث القرآني عن المتجبرين الذين يتمادون في غيهم دون الاتعاظ بمن سبقهم من الظالمين. يقول سبحانه: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا، أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، ثم كانَ عاقبة)(الروم:9 - 10).

وفي الآية الكريمة التي تلتها السيدة زينب (ع) سنة إلهية تنطبق على كل المتمادين في غيهم والغارقين في طغيانهم، هؤلاء يعمدون إلى تكذيب الرسالات الإلهية كي يتخلصوا من عذاب الضمير ووخز الوجدان، وهي سنة تنطبق على كل الغارقين في أوحال الرذيلة. والاتجاه المادي في النظرة إلى الكون والحياة كان غالبا ينطلق من رفض نفسي لمدرسة الأنبياء قبل أن يكون رفضاً عقلياً وفكرياً. ينطلق من رغبة في إزالة الموانع التي تقف بوجه جموح الشهوات واستفحال الغرائز. وما أكثر انطباقه على يزيد في سلوكه وفي عدائه للرسالة الإلهية.

وتخاطبه في مقطع آخر بقولها: «فوالله ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله(ص) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من رحمه في عترته لحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلمّ شعثهم، ويأخذ لهم بحقهم ».

(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران:169).
وهذه الآية الكريمة جاءت في سياق حديث القرآن عن موقف المنافقين بعد معركة أُحد، هؤلاء الذين يتظاهرون بالارتفاع إلى مستوى الرسالة ومستوى التضحية بألسنتهم، ولكنهم في واقعهم حريصون على الحياة الدنيا مهما كلّف الثمن. الآية والآيات السابقة تتحدث عنهم كيف كانوا يخاطبون المؤمنين وكيف كانوا يخاطبون أصحابهم من المنافقين، ثم تبيّن لهم معنى الموت في سبيل الله، والسعادة التي ينالها الشهداء:
(وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ، الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)( آل عمران: 167-170).

وما أجمل هذا الدرس القرآني الذي تقدمه زينب ليزيد كما قدّمه جدّها من قبل لمنافقي زمانه.

وفي جزء آخر من هذه الخطبة تقول ليزيد: «وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلا وأيكم شرّ مكاناً وأضعف جنداً».
وفي العبارة تضمين مقطع قرآني يتحدث عن اغترار المنحرفين عن طريق الله بظواهر الحياة الدنيا وزينتها وبهرجتها، معتبرين هذه المظاهر الدنيوية معياراً للتفاضل. وهؤلاء الذين مكّنوا ليزيد من رقاب المسلمين ما أرادوا إلا هذا المتاع الرخيص، وإلاّ هذه المغانم الزائلة وهذا العَرَض التافه.

يقول سبحانه متحدثاً عن منطق التفاضل عند هؤلاء المنحرفين ويردّ عليه بأنه منطق تافه سرعان ما ستتبيّن تفاهته إما في الدنيا وإما في الآخرة، وسرعان ما سيعلمون أن معيار تفاضلهم كان يقوم على أوهام: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا، وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا، قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) (مريم: 73-75).

وتقول عليها السلام في مقطع آخر من خطبة الشام: «ولئن اتّخذتنا مغنماً لتجدنَّنا وشيكاً مغرماً حيث لا تجد إلا ما قدّمت يداك وما ربّك بظلاّم للعبيد».
وهذا مستلهم من سياق قرآني يركز على النفر الذي يركبه الغرور فلا يهتدي بعلم ولا يستنير بكتاب، بل يدفعه استكباره إلى إضلال الآخرين فيقول عنه القرآن الكريم: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ، ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ، ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِّلْعَبِيد) (هود: 8-10).

وكم هي قريبة مناسبة الخطاب القرآني ومناسبة الخطاب الزينبي!! وما أجمل التضمين والسياق!!

وتقول في نهايات الخطبة: «وهل رأيك إلا فَنَد وأيامك إلا عدد وجمعك إلاّ بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين».
تضمين قرآني مستلهم من سياق قرآني يتحدث أيضاً عن المكذبين والمفترين على الله. يقول سبحانه: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) (هود:18).

بقلم : أ.د محمد آذرشب
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
صورة العضو الرمزية
دعاء الكاظم (ع)
فـاطـمـيـة
مشاركات: 3748
اشترك في: الجمعة يناير 23, 2009 7:55 pm
مكان: دولة الامام المنتظر

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة دعاء الكاظم (ع) »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين
و على أصحاب الحسين ورحمة الله و بركاته ..

عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين عليه السلام

مشكورة اختي العزيزة
جزاكِ الله كل خير على هذا الطرح
الله يعطيكِ العافيه
انا لست افضل عضو باالمنتدى و لكنني اسعى جاهدا كي اكون كذلك
صورة العضو الرمزية
أسيرة كربلاء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5064
اشترك في: السبت إبريل 03, 2010 1:43 am

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة أسيرة كربلاء »

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
موفقين لكل خير
دمتم بحفظ الله ورعايته
صورة
صورة العضو الرمزية
يالثارات الزهراء
مـشـرفـة
مشاركات: 12961
اشترك في: السبت يناير 31, 2009 12:36 am

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة يالثارات الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليهم السلام ورحمة الله وبركاته

اختي الكريمة
احسنت وسلمت يمناك على الطرح القيم جزاكم الله خيرا
عظم الله أجوركم
قال النبي صلى الله عليه وآله:
من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار
صورة العضو الرمزية
ناصرة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26879
اشترك في: الجمعة أكتوبر 24, 2008 1:16 am
مكان: بين الرياحين

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة ناصرة الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام على أم المصائب زينب ورحمة الله وبركاته
عظم الله لكم الأجر بذكرى شهادة الإمام الحسن الزكي (عليه السلام)
ربي يجزاكِ خير الجزاء أنوار الزهراء على الطرح المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة
فـاطـمـيـة
مشاركات: 15700
اشترك في: الخميس مارس 25, 2010 3:57 am

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أشكرك أختي الغالية على الطرح الرائع
جزاك الله ألف خير
ووفقك لما يحب ويرضى
بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صورة العضو الرمزية
الحجة المنتظر
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26457
اشترك في: الخميس إبريل 15, 2010 2:14 am
مكان: صاحب العصر والزمان

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة الحجة المنتظر »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على أولاد الحسين
و على أصحاب الحسين ورحمة الله و بركاته ..


مشكورة اختي العزيزة
جزاكِ الله كل خير على هذا الطرح الرائع
الله يعطيكِ العافيه


(فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين)
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49612
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ

عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب سيد الشهداء الامام الحسين (ع)
اشكر لكم مروركم المبارك لا عدمناكم ...
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
صورة العضو الرمزية
المهدي كلمة حق
مشاركات: 3897
اشترك في: الأحد سبتمبر 07, 2008 5:46 am

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة المهدي كلمة حق »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ سَيِّدِ الأَنْبِياءِ اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ صاحِبِ الْحَوْضِ وَاللِّواءِ

بارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء
حفظكم الله وسدد خطاكم
عظم الله اجوركم مصاب الكرار
خل تنزع عمايمها وتفرع روسها السادة تصوب حيدر الكرار جدهم على السجادة
صورة العضو الرمزية
ملاذ الطالبين
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5834
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 7:18 pm

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة ملاذ الطالبين »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى ال محمد
اللهم عجل فرج الحجه واجعلنا من انصاره والمستشهدين بين يديه

سلام الله عليكم
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
صورة العضو الرمزية
صرخة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 23718
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 10, 2008 4:13 am
مكان: في مملكة الزهراء

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة صرخة الزهراء »

بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب اباعبد الله الحـسـين عليه السلام
حبيبتي نوارة وفقكم الباري لكل مايحب ويرضى
دمتم بحب ورعاية الزهراء
صورة
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
صورة العضو الرمزية
شجـون الزهـراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 27275
اشترك في: الاثنين يناير 26, 2009 6:25 pm

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة شجـون الزهـراء »

اللهم صل على محمد وآل محمد ..
الســـلام عليكم و رحمة الله وبركاته ,,
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيدنا ومولانا أبا عبد الله الحسين عليه السلام
شكرا لكِ أختي على هذا الطرح ,
بارك الله فيكِ و سدد خطاكِ .
اللهم صل على محمد وآل محمد
صورة
صورة العضو الرمزية
فاطمة مشكاة قبري
فـاطـمـيـة
مشاركات: 6385
اشترك في: الخميس ديسمبر 17, 2009 7:59 pm

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة فاطمة مشكاة قبري »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

الله يعطيكـ العافية أختـي العزيزة أنوآر فاطمة الزهـرآء
طرح جميل جــداً ..
وفقكـ الله لكل خير
صورة
شكراً كثيراً صورة
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49612
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ

عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب سيد الشهداء الامام الحسين (ع)
اشكر لكم مروركم المبارك لا عدمناكم ...
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
صورة العضو الرمزية
النُور الحُسينيَّ
فـاطـمـيـة
مشاركات: 6859
اشترك في: الجمعة مايو 28, 2010 2:17 pm
مكان: ❀ نُوري مِنَ النُور الحُسينيَّ ❀

Re: الأدب القرآني في خطب السيدة زينب(ع)

مشاركة بواسطة النُور الحُسينيَّ »

بسِم الله نُور على نُور
اللهم صلِ على محمد و آلِ محمد و عجلَ فرجهم و أهلك أعدائهم و إرحمنا بهم يا الله
السلام عليكم ورحمة الله و نوره و بركاته

أختي الكريمة / باركَ الله فيكِ على هذا الطرحَ النُورانيَّ الجميِلَ !
أسأل الله أن يرزقكُم نظرَة منَ سيدي وَ مولايَّ أبا عبدالله "ع" يقضيَّ بها جميع حوائجكُم

ربي يبارك فيكُم و يجزآكم الله ألفَ خيرَ و رحمَ الله والديكُم
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد و نصركم نصراً عظيماً
نسألكم الدعاء
هاك إخذ روحي يارايح النجف هاك إخذ قلبي وإخذ وياه كفن أنا أريد المُوت غيرَه ماأريد أهوىْ المُوت يم قبرَ أبا الحسَن أنا عاشق شلون أفارق ياعلي أنا عاشق محبُوب ميتَ من زمان

العودة إلى ”روضة النبي المختار "ص" وال بيته الاطهار "ع"“