اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم
السلام على الحسين و على علي ابن الحسين و على أولاد الحسين و على أصحاب الحسين
كتب الإمام الحسين ( عليه السلام ) كتاباً إلى حبيب بن مظاهر ( رضوان الله عليه ) جاء فيه : (( فإن كنت يا حبيب تروم أن تحضى بالسّعادة الأبدية فبادر إلى نصرتنا ))
أحبتي
من المسلم لدينا ان نداء الإمام الحسين عليه السلام لم يكن حصراً على من عاصر واقعة الطف وشهد أحداثها
و إنما هو نداء للبشرية جمعاء
و عليه فإن تلبية هذا النداء واجب على كل السائرين على منهج الحسين سلام الله عليه
و بما أن كل زمان يختلف عن غيره و نحن لم ندرك زمان إمامنا الحسين صلوات الله و سلامه عليه ،إذن فنصرته في زماننا لها أبعاد مختلفة عن ذلك الزمان
و لكن بأي كيفيه نلبي نداء الحسين في زماننا؟
إن قضية الإمام الحسين عليه السلام ليس لها مثيل في تاريخ الانسانية فشموخ الحسين وتضحية الحسين وبطولة الحسين، أروع أمثلة شهدها تاريخ الشموخ والتضحيات والبطولات و لهذا فان نصرته تتطلب إيماناً قوياً بالمبادئ التي ضحى من أجلها. و لعل أعظم قدوة لنا في الإيمان هم أصحاب الإمام الحسين عليه السلام الذين شهدوا معه واقعة الطف حيث أنهم لم يكونوا أناسا عاديين بل كانوا صفوة البشرية في ذلك الزمان ، فكانوا يتميزن عن غيرهم باليقين و البصيرة الكامله التي تضح من خلال توجههم المطلق لله تعالى و الإنقطاع عن كل شيء سوى الله ،حتى إنهم كانوا يستأنسون بالموت كما يستانس الطفل بمحالب أمه و يتنافسون للفوز بالشهادة . إضافة إنهم كانوا أكثر الناس إلتزاماً و وفاءً بالعهد حتى قال فيهم الإمام عليه السلام ( فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي ) .
قد يتميز زماننا عن غيره بتعدد خيرات نصرة سيد الشهداء عليه السلام و لكن يتوجب علينا حسن الإستفادة منها
فوسائل حياتنا المعاصرة من فضائيات و انترنت و غيرها ساهمت في نشر رساله الحسين بشكل كبير جدا
و لكنها لا تغني عن الحضور للمجالس الحسينيه ، فالحضور الجسدي و المشاركة في إحياء الشعائر الحسينية يشعل قيم الثورة والحق والحرية والعدالة والتلاحم والتواصل بين المؤمنين . كما انه من علامات النصرة و المواساة لسيد الشهداء عليه السلام هذا فضلا عن الثواب العظيم الذي أعده الله لمن يواسي اهل البيت في مصائبهم.
عن الحسن بن علي ابن فضال ، قال : قال الرضا عليه السلام : ( من جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)
وعن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للفضيل : ( تجلسون وتتحدثون ؟ فقال : نعم، فقال : إن تلك المجالس أحبها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيى أمرنا، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ).
يجدر بنا أن نجدد الحزن على الامام الحسين عليه السلام ، و أن لا يقتصر حضورنا لمجالس العزاء على أيام محرم الحرام فقط لأن في ذلك إسعاداً لأمه الزهراء عليها السلام فهي تبكيه كل يوم ، و اقتادءاً بالإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ( فلأندبنك صباحاً و مساءاً و لأبكين عليك بدل الدموع دماً ).
كما أن البكاء على الحسين في كل حين هو دأب اهل البيت عليهم السلام اجمعين..
حدّث مملوك للإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) وقال : برز مولاي الإمام زين العابدين (ع) يوماً إلى الصحراء فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكاءه وأحصيت له الف مرة يقول :
(لا إله الا الله حقاً حقاً ،لا إله الا الله تعبداً ورقاً ،لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاً ثم رفع رأسه من سجوده ، وأن لحيته ووجه قد غمرا بدموع عينيه فقلت ياسيدي أما آن لحزنك أن ينقضي ،ولبكائك أن يقل
فقال الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) : (( ويحك إن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم كان نبياً له اثنا عشرابنا ، فغيب الله واحداً فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغم وذهب بصره من البكاء وابنه حي في دار الدنيا، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي ))
ينبغي علينا المواظبة على زيارة الإمام في السراء و الضراء و أن يكون وصاله هو هدفنا و ليس لغرض قضاء الحوائج فقط.
فالتعلق به من علامات النصرة و المولاة و المودة لاهل البيت ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)
و أن الذي يلتزم بزيارة الحسين سلام الله عليه سواء بزيارة قبره الشريف أو بالمواظبة على زيارة عاشوراء له منزلة عظيمة عند الله عز و جل
عن الإمام الرضا عليه السلام قال : يا بن شبيب إن سرك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام .
وعن موسى بن علي الرضا بن جعفر ، قال : ( سُئل جعفر بن محمد ، عن زيارة قبر الحسين فقال : أخبرني أبى : إن من زار قبر الحسين (ع) عارفاً بحقه كتب الله له في عليين ، وقال : إن حول قبر الحسين سبعين الف ملك شعثاً غبراً يبكون عليه إلى يوم القيامة )
الفقيه العادل و الزاهد الشيخ جواد مشكور كان من أجلة العلماء و الفقهاء في النجف الأشرف، و مرجع تقليد لجمع من المسلمين الشيعة في العراق، و من أئمة الجماعة في الصحن المطهر نقل أنه قال كنت في احدى الليالي في النجف الأشرف فرأيت في منامي ملك الموت عزرائيل فسلمت عليه و سألته : من أين أتيت؟ قال ملك الموت : أتيت من شيراز بعد أن قبضت روح الميرزا إبراهيم المحلاتي . فسألته : كيف حال روحه في البرزخ؟ فقال ملك الموت : هي في أفضل الحالات و في أفضل حدائق عالم البرزخ، وقد وكل الله بها ألف ملك يطيعون أمرها. فقلت له: بأي عمل بلغ هذة المنزلة ؟ أبمقامه العلمي و تدريسه و تربيته التلاميذ؟ قال: كلا . قلت : فهل بصلاة الجماعة و تبليغ الأحكام الإسلامية للناس ؟ قال : كلا. قلت : إذن فبم ؟ قال : بقراءة زيارة عاشوراء، فقد كان المرحوم الميرزا إبراهيم المحلاتي مواضباً على قراءة زيارة عاشوراء في كل يوم من الثلاثين سنة الأخيرة من عمره ، و كان إذا منعه المرض أو أي سبب آخر عن قراءتها كان ينيب عنه احدا.
كما نقل بعض الثقات من أهل العلم في النجف الأشرف عن العالم الزاهد الشيخ حسين مشكور: في عالم الرؤيا رأيت إني في الحرم المطهر لسيد الشهداء عليه السلام فدخل شاب عربي من البدو إلى الحرم و تبسم و هو يسلم على سيد الشهداء عليه السلام و أجابه الإمام و هو يتبسم ايضا.
و في الليلة التالية و كانت ليلة الجمعه ذهبت للحرم المطهر و توقفت في زاوية منه فرأيت نفس الشاب العربي البدوي الذي كنت رأيته في المنام و قد دخل الحرم فلما وصل أمام الضريح المقدس رأيته يتبسم و يسلم على سيد الشهداء عليه السلام ، لكني لم أرى سيد الشهداء عليه السلام فراقبت ذلك البدوي حتى خرج من الحرم فتبعته و سألته عن سبب تبسمه للإمام عليه السلام وقصصت عليه رؤياي وقلت : ماذا فعلت ليجيبك الامام عليه السلام و يبتسم؟
فقال : كان لي أب و أم عجوزان و نسكن على بعد عدة فراسخ من كربلاء و كنت آتي في كل ليلة جمعة للزيارة و أحضر معي في أسبوع والدي و في الاسبوع الآخر والدتي و أنقلهما على الحمار ، و في ليلة من ليالي الجمعه كان دور والدي ، فلما وضعته على ظهر الحمار بكت والدتي وقالت خذني معك كذلك فقد لا أعيش للأسبوع القادم.
فقلت لها : الجو بارد و المطر يهطل و يصعب علي أخذك معي.
و بعد إصرار اضررت لنقل والدي على الحمار و نقل والدتي على ظهري و استطعت ايصالها الى الحرم بمشقة بالغة ، ولما دخلت الى الحرم بتلك الحال معهم رأيت سيد الشهداء عليه السلام فسلمت عليه فتبسم في وجهي و أجابني، ومنذ ذلك وأنا اتشرف كل ليلة جمعة بزيارته و أراه و يجيبني متبسماً.
العمل على اصلاح النفس و التحلي بأخلاق الحسين سلام الله عليه و أن نبتغي بذلك رضا الله و رضاه و إدخال السرور على قلبه فمن منا لا يحب ان يرضى عنه إمامه
و لنعلم أن إمامنا يحزن عندما يرى خدامه و محبيه لا يلتفتون للأهداف التربويه لثورته ( كونوا زيناً لنا و لا تكونوا شيناً علينا ) فالإمام ضحى بنفسه و بأهل بيته لنعمل بمبادئه و نطبقها
كان المرحوم السيد عبد الحسين مدير مقام حضرة سيد الشهداء عليه السلام قد رأى أعرابياً حافياً مدمى القدمين داخل الحرم المطهر و قد وضع قدميه الوسختين المدميتين على الضريح و هو يدعو. فزجره السيد و أمر الخدم لإخراجه من الحرم و عندما أخرجوه قال : يا حسين كنت أظن أن هذا بيتك لكنه يبدو لي بيت غيرك.
و في نفس الليلة رأى السيد في منامه أن حضرة سيد الشهداء عليه السلام اعتلى المنبر في ساحة المقام و أرواح المؤمنين في خدمته ، و الإمام يشكو من خدامه.
فنهض السيد و قال له : يا جداه و ماذا صدر منا خلافا للأدب ؟
قال عليه السلام : زجرت اليوم و أخرجت من حرمي أعز ضيوفي لذا فإني غير راضٍ عنك و الله غير راضٍ عنك حتى ترضي ذلك الرجل.
فقال السيد : ياجداه إني لا أعرفه و لا أعلم أين هو .
فقال عليه السلام : هو الآن في خان حسن باشا قرب الخيام نائم و سيأتي الى حرمي، وقد كان له عندي حاجة و قد قضيتها له و هي شفاء إبنه المشلول و سيأتي غداً مع قبيلته فاستقبلهم.
فلما استيقظ السيد ذهب مع بعض الخدم فوجدوا ذلك الغريب في نفس المكان فأخذ يده و قبلها و أخذه الى منزله باحترام و استضافه.
و في اليوم التالي خرج السيد و معه ثلاثون خادما لإستقبالهم و ما ان ساروا قليلاً في الطريق حتى رأوا جمعاً من الناس جاءوا و معهم ذلك الطفل الذي شفي من الشلل و دخلوا الحرم سوياً.
و يذكر السيد محمود العاطاران : كنت في احد الاعوام بين مجموعة الندب و اللطم في محلة سردزك و كان بين مجموعة الضرب بالزناجير شاب جميل ينظر إلى النساء ، فلم أستطع تحمل ذلك فصفعته و أخرجته من المجموعه . و بعد عدة دقائق بدأ الآلم يسري في يدي و يزداد شيئاً فشيئاً إلى أن اضطررت لمراجعة الطبيب فقال لي : لم أستطع اكتشاف سبب الوجع ووجهته، لكني سأعطيك مرهما ليسكنه.
و استعملت المرهم فلم ينفع بل كان الألم يزداد و يشتد الورم في يدي. فعدت الى المنزل و أنا أتلوى من الألم و لم أستطع النوم في الليل ، حتى إذا غفوت آخر الليل رأيت في منامي شاجراغ ( أحد أولاد الإمام الكاظم عليه السلام ) فقال لي : عليك أن ترضي ذلك الشاب و عندما أصبحت علمت سبب ألمي فخرجت و بحثت عن ذلك الشاب و اعتذرت إليه حتى أرضيته فسكن الألم في نفس اللحظة و ذهب الورم و علمت إني أخطأت و أسأت الظن فيه و أهنت مشاركا بعزاء سيد الشهداء.
الهي بغربة الحسين و بعطش الحسين و بوحدة الحسين أرزقنا زيارة الحسين في الدنيا و شفاعته في الآخرة و اجعلنا له أنصاراً أوفياء و تتم علينا نعمتك بتعجيل فرج إمامنا الآخذ بثأره و المطالب بدمه المهدي المنتظر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وصل الله على خير خلقه محمد و آله أجمعين
مع تحيات / الكادر الإشرافي لروضة الإستفتاءات الفقهيه