عن أمير المؤمنين (ع): «هلك امرؤ لم يعرف قدره» (1). الإنسان موجود يطلب الكمال والسعادة بواسطة عقله وإرادته، ويسعى نحوهما بعزمه ومعرفته. وهو يعمل لمعرفة الدين الحق من خلال إرشادات أولياء الله. لا يوجد أي طريق يؤدِّي إلى سيرورة الإنسان في اتجاه الكمال المطلق سوى أن يريد بذاته معرفة الطريق والمسير عليه. ثم إنِّ مدد وهداية الله تعالى هما اللذان يأخذان بيد هذا الإنسان نحو الهدف الصحيح. وتصبح هداية أنبياء الله مفيدة لمن قَبِلَ بها وارتضى العمل بالأوامر الإلهيَّة. ولهذا فإنَّ الدين لا يقبل الإكراه والإجبار حيث ينحصر طريق النجاة والكمال في هذا المسير.
* معرفة الذات طريق الوصول
من المتعذِّر على الموجود الذي كان يتوجَّب عليه أن يختار طريق حياته الأبدية وسعادته الخالدة من خلال المعرفة والإرادة والسعي، أن يحصل على هذا الأمر من دون معرفة ذاته، ومعرفة إمكانياته وقدراته، وإدراك قيمة ومكانة نفسه والتعرّف إلى ما يحيط بها من نواقص ومحدوديات. وإذا كان الإنسان يسعى بطبعه نحو طريق الكمال فإنَّ هذا السلوك متعذِّر إلا من خلال التعرّف إلى الشروط أي موقع وقدرة وحدود ذاته. وبمقدار ما يكون الهدف هاماً لا يمكن الوصول إليه من دون معرفة صحيحة وعميقة بالمقصود والغاية، ومعرفة الذات هامة أيضاً إذ بدونها يفقد المعرفة باتِّجاه الحركة وكيفية قطع المسير.
يحتاج الإنسان إلى نوعين من المعرفة حول ذاته: النوع الأول معرفة النفس، التي هي مقدمة التعرف إلى الخالق وإلى المبدأ والغاية، والنوع الثاني معرفة قدر ذاته التي هي من الشروط الضرورية للموفقيَّة في الحركة.
* معرفة النفس وقدرها
أمَّا معرفة النفس فهي معرفة بنوع الإنسان ومقامه العالي في نظام الوجود. وهذه المعرفة من أكثر أنواعها فائدة وضرورة، على أساس أنَّ من لا علم عنده بنوع الإنسان وغايته وهدفه النهائي وقيمته وكرامته والخصوصيَّات التي تميِّزه عن باقي الموجودات فإنَّه سيصبح موجوداً محدوداً في الطبيعة، وستتدنى أهدافه الحياتية في اللذائذ المادية والحيوانية أو في تأمين سعادته الفانية. وسيكون عاجزاً عن المسير في طريق السلوك الإنساني والإلهي، وسيُحرم الأشخاص الذين يبذلون كلَّ وجودهم في هذه الدنيا، وأولئك الذين يحصرون غاياتهم وأهدافهم في الفوائد المادية، من معرفة النفس، فيصبح هذا الإنسان كباقي الموجودات الأخرى. هؤلاء سيُحرمون من معرفة الله وبالتالي لن يمتلكوا أي سعي أو جهد في سبيل الوصول إلى الكمال.
وأمَّا معرفة قدرات الذات أو النفس فهي كلُّ معرفة يجب أن يمتلكها الإنسان حول نفسه. وإذا كان البشر يشتركون في النوع والخصائص والصفات فإنَّ لكلِّ شخصية صفات خاصة بها تميِّزها عن غيرها. فالأشخاص يختلفون من ناحية الاستعدادات العلميَّة والمهارات والقدرات الإدارية والأوضاع العائلية والوضع الاجتماعي ويختلفون أيضاً من ناحية الأخلاق والتربية والسلائق والميول وغيرها من الأمور التي تميِّز الشخص عن الآخر. ثمَّ إنَّ هذه الأمور بحدِّ ذاتها هي التي تحدِّد المسؤوليَّات والوظائف والواجبات. وبعبارة أخرى فإنَّ البشر يتَّفقون في العناوين الكلية للتكليف إلا أنَّهم يختلفون في المصاديق والكميات والكيفيات والسبب في ذلك اختلاف ظروف وقدرات كلّ فرد. تحصيل العلم والمعرفة واجب على كلِّ إنسان إلا أنهم ليسوا متساوين في الاستعداد لتحصيل علم معين.
وهكذا، إذا كان الإنفاق ومساعدة الآخرين وغيرهما أموراً واجبة إلا أنَّ إمكانيات الأفراد ليست متساوية في الإنفاق. هذه الاختلافات في الإمكانات والظرفيات والكميات والكيفيات هي التي تؤدِّي إلى الاختلاف في الوظائف والتكاليف، فيصبح الشخص مكلَّفاً بمقدار استطاعته. إذاً معرفة قدر ذواتنا يعني التعرف إلى كافة القدرات والمحدوديات التي تحيط بنا من أجل تعيين مقدار استطاعتنا على الاهتمام بالتكاليف والواجبات. فما لم يعرف الشخص ذاته لن يتمكَّن من تحديد مسؤولياته وتكاليفه وبالتالي سيقع في محظورات الجهل والضياع... وعلى هذا الأساس فما لم يعرف الشخص قدر ذاته سيؤول أمره إلى الهلاك.
وهذا هو الهلاك المعنويِّ الذي يقصَد به تجاوز الحد والمقدار من دون التعرف إلى قدر الذات، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على كيفية سلوك الفرد ومقدار موفقيته في الوصول إلى السعادة.
إذاً معرفة الذات ومعرفة قدرها نوعان، يتمحور الأول حول نوع الإنسان والآخر حول خصائصه الشخصية، وكلاهما شرطان ضروريان للحركة في الطريق الصحيح والمستقيم الذي يوصل الإنسان إلى السعادة الأبدية وينجيه من الهلاك.
*****
الهوامش:
(1) نهج البلاغة، ج 4، ص 38.
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
عظم الله أجورنا وأجوركم بوفاة الرسول الاعظم محمد صل الله عليه وآله وسلم
حبيبتي الفاطمية العلوية وفقكم الباري لكل مايحب ويرضى
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
غاليتي العزيزه اشكرك من اعماق قلبي على الطرح المميز والقيم
واسال من الله العلي القدير ان يقضي حاجتك بحق محمد وال محمد
سلمــــــــــــــــــــت يــــــــــــــــــداك وجعله الله في ميزان حسناتك
كلمـــــــــــــــــــــــــات في قمة الــــــــــــــــــــــــــــروعه
اشكرك من أعــــــــــــــــــــــــماق قلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبي
يســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلمووووه يالغــــــــــــــــــــــــــــــــاليه