ثمّة حقيقة لابدّ لنا أن ندركها، ونحن نتحدث عن جمالية الصورة الثابتة في القرآن الكريم، وهي أنّ البحث في آيات الجمال، ليس معناه أنّ هناك آياتٍ تحمل بُعداً جمالياً، فهي بذلك جميلة، وأخرى بعكسها، كلا، بل من الواضح أنّ الذي بين الدفتين، يشكل بمجموعه لوحةً جماليةً متكاملةً متناسقة الأبعاد، تعكس بدورها جلال وجمال خالقها، الذي يُعدّ المصدر الأوّل للجمال في هذا الكون، مهما تعدّدت مصاديقه وأشكاله، وهنا لابدّ من أن نقرّر حقيقة أخرى، وهي أنّ البحث في الأبعاد الجمالية لآيات القرآن، ليس أمراً ترفياً، لا يحمل بين طياته بُعداً فكرياً، ومضموناً خلُقياً، بل إن مفهوم الجمال الذي أكّد عليه الرسول الأعظم (ص): "إنّاللهجميلويحبّالجمال"، وحثّ على ممارسته القرآن الكريم من قبل: (يَابَنِيآدَمَخُذُوازِينَتَكُمْعِنْدَكُلِّمَسْجِدٍوَكُلُواوَاشْرَبُواوَلاتُسْرِفُواإِنَّهُلايُحِبُّالْمُسْرِفِينَ*قُلْمَنْحَرَّمَزِينَةَاللَّهِالَّتِيأَخْرَجَلِعِبَادِهِوَالطَّيِّبَاتِمِنَالرِّزْقِقُلْهِيَلِلَّذِينَآمَنُوافِيالْحَيَاةِالدُّنْيَاخَالِصَةًيَوْمَالْقِيَامَةِكَذَلِكَنُفَصِّلُالآيَاتِلِقَوْمٍيَعْلَمُونَ)(الأعراف/ 31-32)، إضافة إلى بعده الفكري والخُلُقي، وإهتمام الإسلام به، فهو يعطي لهذا الدين الحنيف، عمقاً حضارياً جديداً، ويرسّخ هذا الإعتقاد قول رسول الله (ص): "النظافةمنالإيمان"، والنظافة هذه، مرآة نشاهد فيها آيات الجمال في كل شيء، لذا فإنّ الجاذبية الجمالية في الإسلام، أضحت سبباً في اعتناق الكثيرين للرسالة الخاتمة. يقول المفكر المسلم روجيه غارودي : (إنّ الإنجذاب للإسلام يتمحور حول قدرة التفتح في الإسلام، وقدرة الممارسة على نطاقٍ فطري مقبول، وما في الإسلام من دعوةٍ إلى "الجمال" والتفتح والممارسة)، وبعد أن يشاهد عدداً من المساجد في العالم الإسلامي يضيف: (تلتقي كل هذه المساجد في تعبيرها الجمالي، عن قدرة الإسلام وجماله وجلاله).
فدعوة الإسلام إلى الجمال، وممارسته إياه من الأمور التي جعلت غارودي يعتنق الإسلام، وعودٌ على بدء، ولكي نبرهن على آيات الجمال الساكن نقول: قد أينعت في القرآن الكريم ثلاث واحاتٍ خضراء من الجمال هي (الثابت) و(المتحرك) و(الثابت المتحرك)، ونترك البحث لدراسات مقبلة حول القسمين الأخيرين، لنسلّط الضوء – من خلال دراستنا هذه – على ما هو ثابت من الجمال، وذلك من خلال عشرات الآيات القرآنية الكريمة، التي نكتفي بالنماذج التالية منها:
- الصورةالأولى: (والنخلباسقاتٍلهاطلعٌنضيد)(ق/ 10)، فالصورة لا تحمل شيئاً من الحركة هاهنا، وإنما ركّزت العدسة القرآنية على أمرين: (الطول) الذي تتمتع به النخيل، وثمارها المصفوفة بشكل جميل، أي الذي "قد رَكِبَ بعضه بعضاً"، وهذا هو المعنى اللغوي للنضيد، وبذلك تكون الصورة للنخيل الباسقات في أطوالها، والتي يعتليها الطلع النضيد، الذي اعتلى بعضهُ بعضاً، لا بفعل فاعل من البشر، وهذه آية الجمال المستقرة في الصورة، وقد ورد هذا المعنى في الأدب العربي، يقول "رؤية" مثلاً واصفاً أحد الجيوش:
إذا تدانى لم يُفرّجْ أجَمُه **** يرجفُ أنضادَ الجبال هزَمُه
و"أنضاد الجبال: ما تراصف من حجارتها بعضها فوق بعض". هكذا الطلع، الذي يكون تمراً بمرور الزمن، فهو متراصف بعضه فوق بعض، يسرّ الناظر. منظره، والنخلة كما أنّ لها جمالاً ظاهرياً تمثّل في الصورة آنفة الذكر، فهي تحمل بين طياتها جمالاً معنوياً، إذ تحسن لمن أساء إليها: "أرأيت إلى النخلة تقذفها بالحجر، فتسقط عليك التمر"!.
- الصورةالثانية: (مُتّكئينَعلىفُرشٍبطائنهامناستبرق...) (الرحمن/ 54)، لا يمكن لغير العدسة القرآنية أن تلتقط هذه الصورة، لأن مبدأ الإثارة فيها، ليس لأولئك الذين يتكئون على الفرش، إنما الصورة التي هي غاية في الجمال والروعة والإثارة لبطائن الفرش، وبتعبير أوضح، لما هو داخل هذه المتكآت، والذي عبّرت عنه الآية الكريمة بالإستبرق، الذي هو: "ما غلُظَ من الحرير والإبريسم"، فالجمال هامد جامد، ولكنّه أخّاذ وجذّاب، خصوصاً مع سكوت الصورة الملتقطة عن ظاهر تلك الفرش التي (بطائنها من إستبرق)، وهذا فنٌ قرآني خاص، حيث تريده هذه الصورة الجميلة، أن تخلع من أفئدة أهل الذوق تساؤلاً: إذا كان جمال الباطن هكذا "فكيف بظهائر هذه الفرش، إذا كانت تلك بطائنها...؟".
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
حبيبتي هدية فاطمة وفقكم الباري لكل مايحب ويرضى
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل اللهم على سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي العزيزة أحسنتم بارك الله تعالى بكم طرح جميل
نسأل الله تعالى الرحمن الرحيم يسدد خطاكم لكل خير في الدنيا والآخرة وشيعة محمد وآل محمد
وصلى الله تعالى على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
والحمد لله رب العالمين أحـيـوا أمـر مكســورة الضـلـع فـاطـمـة الزهــراء عليها السلام