بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأموات الحقيقيون:
وقد عبر القرآن أيضاً عن الذين لا إيمان لهم بالأموات: " إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ". النمل 80.
ويجب أن نعلم أن الإيمان بالنسبة للنفس بمنزلة الغذاء المناسب للبدن فكما أنه ذا لم يتناول الإنسان الغذاء المناسب تضعف جميع قواه النباتية والحيوانية وتتعطل ويؤدي ذلك في النتيجة إلى الموت, كذلك النفس التي لا إيمان فيها تبتلى بالأمراض النفسية ونتيجة لذلك تضعف إنسانيتها وتصبح محرومة من الحياة الطاهرة والروحانية, وهكذا حتى تخرج من عالم الإنسانية وتبتلى بالهلاك الدائم والموت الأبدي.
====================================
موت النفس بداية العذاب:
هناك فرق كبير بين موت الجسد وموت النفس: موت الجسد نهاية الإبتلاءات والآلام الجسدية التي تصيب الإنسان كالطائر الذي يطير من قفصه ولكن موت النفس بداية المعاناة من الآلام الموجودة فيها, وبداية الإبتلاء بالطبائع القبيحة التي كسبتها كما يقول تعالى: " ثم لا يموت فيها ولا يحيى ". الأعلى 13, أي لا يموت هناك ويفنى حتى يتخلص من الآلام, ولا يحيى الحياة الإنسانية ليتمتع بخصائصها.
ويقول أيضاً: " أومن كان ميتاً - بسبب عدم الإيمان - فأحييناه وجعلنا له نوراً - أي العلم المتولد من الإيمان - يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات - الجهل وعدم الإيمان - ليس بخارج منها ". الأنعام 122.
ويقول سبحانه: " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة ". النحل 97.
يعلم جيداً من هذه الآيات الشريفة ونظائرها أن هناك غير الحياة الحيوانية حياة أخرى طاهرة على الإنسان أن يسعى للحصول عليها وقد عبر عن ذلك في الروايات ﺒ ( روح الإيمان ) وصاحبها يكون في أمن وسلامة دائمين غير مشوبين بالخوف والإضطراب, ويكون أيضاً في سعادة وسرور دائمين لا حد لهما.
نعم, ولماذا لا يكون غارقاً في بحر من السرور والفرح بفضل قناعاته المشرقة مع أنه يرى ويسمع أشياء يعجز عن رؤيتها وسماعها الآخرون, صاحب الحياة الإنسانية يكون في الدنيا والآخرة في بحر محبة الله راضياً بالقرب منه سبحانه.
====================================
أقبح من القرد والخنزير:
كما مرّ معنا يطبع الباطن يوم القيامة على الظاهر ويحشر كل شخص على صورته الملكوتية الخاصة به فالأشخاص الذين كانوا في الدنيا مملوئين بالصفات الحيوانية فاقدين لروح الإيمان والحياة الطاهرة, يحرمون يوم القيامة من الجمال الحقيقي ويقلبون على أقبح الصور كما ورد في الرواية: " يحشر الناس على صور تحسن عندها القردة والخنازير ".
عذاب الكافر في الدارين:قد يطرح هذا السؤال: أنتم تقولون إن لأهل الإيمان حياة طيبة في الدارين والمؤمن يظل دائماً في النعمة والهناء والسعادة والسرور وما عداه يكون دائماً في الألم والبلاء أسير هوى نفسه وحبيس التعاسة والغم, في حين أنّا نرى كثيراً من أهل الإيمان في الدنيا يبتلون بأنواع الآلام والصعوبات, وعلى العكس نرى الكثير من الذين لا إيمان لهم يتنعمون سعداء مرحين.
الجواب: غم عالم الطبيعة وألمه لا يجد طريقه أبداً إلى حديقة قلب المؤمن وكل ما يراه المؤمن من الصعوبات والآلام فلا يصيب إلا جسده, وروحه في مأمن من كل آفة كما يقول في القرآن الكريم: " أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ". الأنعام 82.
المؤمن في الدنيا ليس له " أمن " غير رضا خالقه, ولذا فهو لا يبتلى بخيبة الأمل وعدم تحقق مراده, ولأن المؤمن يعلم أن الله معبوده ومعبود الآخرين ويعرف فيه القدرة والحكمة والعطف, ويعتبر نفسه عبداً له وهو مولاه فلذلك لا يمكن أن يضطرب قلب المؤمن في الحوادث المؤلمة والله سبحانه يفيض عليه السكون بسبب إيمانه ".
=====================================
المؤمن ثابت عند الإبتلاء:
المؤمن يثبت دائماً في مقابل الإبتلاءات ولا ينهار لأنه علم أن هذا البلاء حكمة هي بالتالي لمصلحته, وله بربّه أمل أن يرفعها عنه أو يجعلها مقابل شيء من عذاب الآخرة, ذلك العذاب الذي يعتبر هذا البلاء بالنسبة إليه صفراً.
يقول تعالى في سورة النساء: " إن تكونوا تألمون فإنهم – من لا إيمان لهم – يألمون كما تألمون – مع فارق – وترجون من الله ما لا يرجون ". النساء 104.
أنتم ترجون من الله النجاة من البلاء والمغفرة والجزاء وأولئك لا أمل لهم يبقون في ظلمة اليأس والحيرة معذبين.
==========================
قلب الكافر خربة مرعبة:
كما أن الإبتلاءات والصعوبات لا تجد طريقها إلى قلب المؤمن ويقتصر تأثيرها على جسده وظاهره فقط فكذلك المفرحات التي نراها في من لا إيمان لهم, إنها تجمّل ظاهرهم ولكن قلبهم مكان موحش وخربة لا تعمر بهذه الأشياء ومكان مظلم سوف لن تنيره الشهوات ويظل في خفقان واضطراب ولا يمكن أبداً أن يطمئن بهذه المفرحات.
في الحقيقة إن هذه الشهوات غطاء على القلب المملوء من وحشتها وصاحب هذه الشهوات يحاول أن يتسلى لينسى آلامه الداخلية, والعجيب أن هذه الشهوات تزيد في ظلمة قلوب – أصحاب الشهوات – ووحشتها وخرابها ولكنهم لا يفهمون.
والطامّة الكبرى حينما تزول هذه المسليات ويقفون على حقيقة قلبهم الخرب الموحش.
==========================
يقول تعالى في القرآن المجيد:
" لقد كنت في غفلة عن هذا – في الدنيا – فكشفنا عنك غطاءك – حتى يبدو لك ما كان خافياً عليك – فبصرك اليوم حديد – في رؤية ما لم تكن تراه - ". ق 22.
===========================
ألم الكافر لا نهاية له:
عندما يعجز من لا إيمان له في هذه الدنيا عن الوصول إلى المسلّيات ويصبح هدفاً لسهام البلاء وتضيق في وجهه الدنيا من الفاقة والمرض وملاحقة الأعداء, ومن شدة ظلام اليأس وعدم الإيمان وعدم الإعتماد على الله يملّ نفسه والحياة المرّة, حتى يصبح يتمنى الموت وينتحر ظناً أن هذا يخلصه من الألم, مع أنه مخطيء فبالموت لا يفنى, بل سيظل يواجه مصير قلبه الموحش هذا باستمرار ولا نجاة له, ذلك أنه " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ". طه 124.
=============================
لذائذ الدنيا مشوبة بالمنغصات:
الشخص الذي لا إيمان له مهما كان سعيداً بحسب الظاهر فإن باطنه في ضغط واضطراب لأنه:
أولاً: لا يحقق جميع أمنياته, وأمنيات البشر لا حد لها ولا حصر, بل أنه لا يحقق واحداً بالمائة من رغباته وأمنياته بسبب المنغصات ولذا فهو دائماً يحترق في نار محاربة المنغصات ومحاولات التخلص منها.
وثانياً: أنه يخاف من زوال ما تحقق له من أمنيات ولأن ممتلكاته المادية معرضة للفناء فبموت الشخص أو فناء الأمور المادية يفترق الشخص وممتلكاته عن بعضهما. إن الإيمان بالله ويوم الجزاء فقط هو الذي يسعد القلب بما يمتلك, ويجعله لا يشعر بالخوف من فناء دنياه لأنه يعلم أن ما بعد الدنيا أفضل من الدنيا, وإيمانه يبقى له لذا يظل فرحاً في الآخرة بفضل الله وكرمه .
===========================
فلنضيء قلوبنا بنور الإيمان:
يعلم مما تقدم جيداً أن كمال سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة في سلامة نفسه من مرض عدم الإيمان, تماماً كما أن كمال شقاء الإنسان في الدارين
نفسه والحياة المرّة, حتى يصبح يتمنى الموت وينتحر ظناً أن هذا يخلصه من الألم, مع أنه مخطيء فبالموت لا يفنى, بل سيظل يواجه مصير قلبه الموحش هذا باستمرار ولا نجاة له, ذلك أنه " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ". طه 124.
=================================
لذائذ الدنيا مشوبة بالمنغصات:
الشخص الذي لا إيمان له مهما كان سعيداً بحسب الظاهر فإن باطنه في ضغط واضطراب لأنه:
أولاً: لا يحقق جميع أمنياته, وأمنيات البشر لا حد لها ولا حصر, بل أنه لا يحقق واحداً بالمائة من رغباته وأمنياته بسبب المنغصات ولذا فهو دائماً يحترق في نار محاربة المنغصات ومحاولات التخلص منها.
وثانياً: أنه يخاف من زوال ما تحقق له من أمنيات ولأن ممتلكاته المادية معرضة للفناء فبموت الشخص أو فناء الأمور المادية يفترق الشخص وممتلكاته عن بعضهما. إن الإيمان بالله ويوم الجزاء فقط هو الذي يسعد القلب بما يمتلك, ويجعله لا يشعر بالخوف من فناء دنياه لأنه يعلم أن ما بعد الدنيا أفضل من الدنيا, وإيمانه يبقى له لذا يظل فرحاً في الآخرة بفضل الله وكرمه .
==================================
فلنضيء قلوبنا بنور الإيمان:
يعلم مما تقدم جيداً أن كمال سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة في سلامة نفسه من مرض عدم الإيمان, تماماً كما أن كمال شقاء الإنسان في الدارين يكمن في مرض عدم الإيمان, وعليه فيجب علينا أن نبذل أكبر الجهد في مجال كسب الإيمان وزيادته فبإشراقة القلب بنور الإيمان نشفى من كثير من الأمراض, فلنشف قلبنا من مرض اللا إيمان المهلك الذي هو بدوره سبب وجود كثير من الأمراض النفسية الأخرى أو زيادتها.
ورد في تفسير الصافي عن الإمام الصادق عليه السلام ضمن تفسير آية الكرسي, وهذه الفقرة منها بالخصوص: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ", قال الإمام عليه السلام: " أي من ظلمة الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة ".
إذن أساس كل شيء هو الإيمان, وببركته تزول الأدران.
====================================
المقصود من الإيمان مرتبة اليقين:
علينا أن نسجل هنا أن المراد بالإيمان الذي هو سبب التطهير من أمراض القلب إنما هو اليقين بمراتب التوحيد والمعاد, فمن رأى بنور اليقين أنه مخلوق لله تعالى وعبد له وأدرك أن كل ما في يده مهما كان إنما هو مستعار وعلم أن رجوع الجميع ومصيرهم إلى عالم الجزاء, شخص من هذا القبيل لا يبقى عنده مجال للبخل والحسد والحرص والعداوة, ذلك أنه بإشراق نور اليقين يتبدد ظلام هذه الأمراض وإذا كان منها أثر في أحد فلأن اليقين غير موجود, أو أنه ضعيف.
نتيجة البحث والمقدمة:
إذن يجب على طالب القلب السليم ومريد سعادة الدنيا والآخرة أن يحصل على اليقين الذي هو أساس الإعتقادات وعلاج كثير من الأمراض, ويجب أن يكون هذا المراد مقدماً على كل مراد آخر.
م،ن
تحيتي
مسك النبي الهادي