لبيك يا رسول الله
الاحبة جميعا
حياكم الله
قبل الخوض في غمار البحث عليكم أيها القارئ والقارئة الكريمين ان تنزعوا عن عقولكم غشاوة الاعتراض والتشكيك وتقراوا ما اكتبه بتمعن وليس مجدر المرور على البحث مرور الكرام ! فإننا سنجول في تلك اللحظات – او بالدقة تلك الساعات - التي جرت فيها اكبر جريمة في تاريخ الأمة تلك الجريمة التي بقت مخفية عبر الأجيال نتيجة للتحريف والتزوير وطمس الحقيقة .
ان القاتل كان ذكيا وغبيا في نفس الوقت !
ذكيا لأنه استطاع ان يخدع المسلمين ببراءته من اغتيال النبي ومن هنا توظفت ألاف الأقلام والخطب في الدفاع عنه ونشر فضائله.
غبي لأنه ترك اثأرا لا يمكن ان تزول قبل الاغتيال وبعده تدلان عليه .
أنا أدعو جميع المسلمين – السنة والشيعة – الى ان يطالعوا التاريخ بنباهة ويمعنوا النظر في ما نقله التاريخ عن أخر ساعات حياة رسول الله ( ص ) ويفرزا المواقف ويشخصوا البؤر الغامضة التي تحتاج إلى إعادة نظر أكثر من مرة ومرة ؟
لن أخوض في تفاصل تاريخية – كغيري – واتخذ الأسلوب السردي الجاف بل سأركز النظر على بعض النصوص والروايات التي نقلها المؤرخون عن أخر ساعات حياة النبي ( ص ) التي تضمنت فعلا قصديا واضحا جدا باغتيال النبي او قل باستكمال مخطط الاغتيال .
إن التحليل الصحيح للأحداث يرسم لنا صورة مأساوية لما جرى فعندما كان النبي نائما بسبب مرض الم به قام المتآمرون بوضع جرعة من السم في فم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت ذريعة أنه دواء للتطعيم من المرض بالرغم من أن النبي كان قد نهاهم قبل نومه عن فعل مثل ذلك .
عندما أفاق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل عمّن فعل به ذلك، فألقوا بالجريمة على عمه العباس في محاولة مكشوفة للتخلص من اكتشاف أمرهم ولكن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يعلم بالأمور فبرأ ساحة عمه العباس واستنكر عملهم .
هذه المعطيات تكشف أن ثمة جريمة قد وقعت، فلو كان الأمر مجرد دواء سقي للنبي لماّ صوّره صلوات الله عليه وآله على أنه فعل من أفعال الشيطان .
ولو كان في مصلحة النبي أن يتناول هذا الدواء المزعوم ويجري - لده - فلماذا لم يبادر أهل بيته الى ذلك وهم الأكثر شفقة به والأكثر معرفة باحتياجه الصحي ؟
إننا نجد كل هذه القرائن تؤشر وبقوة الى أن ثمة عصابة تسير وفق مخطط مدروس للانقلاب على السلطة الإلهية ؟
وإلا كيف لهم أن يقولوا في محضر الحبيب ( ص ) في تلك اللحظات ( إن النبي ليهجر ) الا بعد ان تأكدوا من وصول السم الى جوف الرسول .
كيف قالوها بكل جرأة ووقاحة لولا أنهم يعلمون أن رسول الله سيموت وان السم القاتل اخذ طريقه الى بدنه وهم على قناعة من أنهم سيؤمنون من العقوبة لقولهم انه يهجر أي يهذي ؟؟
ورد في المصادر :
( روي انه استدعى رسول الله ص أبا بكر وعمر وجماعة من حضر المسجد من المسلمين ثم قال ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة فقالوا بلى يا رسول الله قال فلم تأخرتم عن أمري قال أبو بكر إني كنت قد خرجت ثم رجعت لأجدد بك عهدا وقال عمر يا رسول الله إني لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب ( إصرار واضح على البقاء فان هناك مخطط يستدعي وجودهما )
فقال النبي ( ص ) نفذوا جيش أسامة نفذوا جيش أسامة يكررها ثلاث مرات
ثم أغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسف فمكث هنيهة مغمى عليه وبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده ونساء المسلمين وجميع من حضر من المسلمين
فأفاق رسول الله ص فنظر إليهم ثم قال ايتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا
ثم أغمي عليه فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا فقال له عمر: ارجع فإنه يهجر! فرجع وندم من حضر على ما كان منهم من التضييع في إحضار الدواة والكتف وتلاوموا بينهم وقالوا إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ لقد أشفقنا من خلاف رسول الله ( ص )
فلما أفاق ( ص ) قال بعضهم ألا نأتيك بدواة وكتف يا رسول الله فقال أبعد الذي قلتم لا ولكني أوصيكم بأهل بيتي خيرا وأعرض بوجهه عن القوم
فلما كان من الغد حجب الناس عنه وثقل في مرضه وكان أمير المؤمنين ( ع ) لا يفارقه إلا لضرورة فقام في بعض شئونه فأفاق رسول الله ص إفاقة فافتقد عليا ( ع ) فقال وأزواجه حوله ادعوا لي أخي وصاحبي وعاوده الضعف فأصمت فقالت عائشة ادعوا له أبا بكر فدعي ودخل عليه وقعد عند رأسه فلما فتح عينه نظر إليه فأعرض عنه بوجهه فقام أبو بكر فقال لو كان له إلي حاجة لأفضى بها إلي فلما خرج أعاد رسول الله ( ص ) القول ثانية وقال ادعوا لي أخي وصاحبي فقالت حفصة ادعوا له عمر فدعي فلما حضر ورآه رسول الله ص أعرض عنه فانصرف ثم قال ادعوا لي أخي وصاحبي فقالت أم سلمة رضي الله عنها ادعوا له عليا ( ع ) فإنه لا يريد غيره فدعي أمير المؤمنين( ع )
فلما دنا منه أومأ إليه فأكب عليه فناجاه رسول الله ( ص ) طويلا ثم قام فجلس ناحية حتى أغفي رسول الله ( ص ) فلما أغفي خرج فقال له الناس ما الذي أوعز إليك يا أبا الحسن فقال علمني ألف باب من العلم فتح لي كل باب ألف باب وأوصاني بما أنا قائم به إن شاء الله تعالى ثم ثقل وحضره الموت وأمير المؤمنين ( ع ) حاضر عنده فلما قرب خروج نفسه قال له ضع يا علي رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله تعالى فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل على أول الناس ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي واستعن بالله تعالى فأخذ علي ( ع ) رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه ثم قبض ص ويد أمير المؤمنين اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه ص فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها ثم وجهه وغمضه ومد عليه إزاره واشتغل بالنظر في أمره )
لم يكن مرض النبي الذي تسبب في وفاته عارضا ولا اعتياديا والملفت للانتباه أن أعراض السم ظهرت على جسد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل وبعد وفاته حيث تذكر كتب التاريخ أن درجة حرارة رسول الله ارتفعت بصورة خطيرة و غير طبيعية في مرضه الذي توفي فيه و ان صداعا شديدا أصابه في رأسه الشريف قد رافق هذا الارتفاع في الحرارة ومن المعروف طبياً أن ارتفاع حرارة الجسم والصداع القوي هو من علامات تجرع السم أحيانا .
حتى التفت الى غرابة تلك الأعراض المرضية أم البشر بن البراء و قالت للرسول:
( ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد )
(الطبقات الكبرى ج 2 ص 236)
وهذا النص يثبت أن الحمى التي كانت في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن بحرارة طبيعية وأشارت المرأة الى لأنها لم ترى مثل هذه الحمى من قبل بين الناس .
هذا كله في جانب وفي جانب أخر هناك رواية تكشف لنا الحقيقة بصورة صارخة جدا ولنا ان نسال لماذا أصرت تلك الأيادي المجرمة على لد – سقي – النبي شرابا رغم انه نهى عنه ورفضه قبل ان يغمى عليه وانتهزوا فرصه الإغماء لسقيه ذلك الشراب المجهول ؟؟؟
و لنقرا رواية التي نقلتها كثير من المصادر وذكرها عبد الله الأندلسي في كتابه اذ يقول :ـ
( بعدما لدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رغما ً عنه
قال صلى الله عليه و آله وسلم : من فعل هذا ؟؟
فقالوا : عمك العباس !!! )
يتضح من قبل القائمين بالعمل إنكار فعلتهم هذه واتهامهم العباس عم النبي صلى الله عليه وآله و سلم إلا إن ذلك لم يخف عن رسول الله الذي برأ عمه العباس من اتهامهم و من ثم طردهم من داره و ابقى العباس .
إذ قال صلى الله عليه و آله : لا يبقى أحد منكم إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم .
راجع أيها القارئ العزيز هذه المصادر :
(تاريخ الطبري ج 2 ص 438). (صحيح البخاري ج 7 ص 17 وصحيح مسلم ج 7 ص 24 و ص 198). (شرح السندي لصحيح البخاري ج 3 ص 95). (الطب النبوي لابن القيم الجوزي ج 1 ص 66). (الطبقات لابن سعد ج 2 ص 203).
وفي نصوص أخرى اعتراف واضح من الفاعل ...
( قالت عائشة: لددنا رسول الله في مرضه.
فقال: لا تلدوني
فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال لا يبقى منكم أحد إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم )
وجاء في ( كتاب الطبقات ج 2/235 ) :
( فأُغمِيَ عليه صلى الله عليه وآله حين أفاق والنساء يلددنه, وهو صائم )
ان معنى كلمة ( لد ) لغوياً : ( لدننا ) جرعنا و سقينا
ما هو الشراب الذي جرعته عائشة للنبي صلى الله عليه و آله مما جعله ينهى عنه بشدة فغضب و أمر بخروجها من الدار ؟
لماذا يرفض النبي الدواء في تلك الحالة المرضية وهو من وصى المسلمين سابقا بأخذ الدواء حتى ورد بما مضمونه :
(( تداوا فان الله ما جعل داء الا وجعل معه دواء ))
ومن ثم يروى أنه قال لهم بعد سقيه إياهم ذلك الدواء المزعوم : ( ألم أنهكم أن لا تلدوني ).
تلك الروايات التي ينقلها علماء من السنة والشيعة تكشف لنا وجود تخطيط للسيطرة على دفة الحكم وقلب النظام الإسلامي باغتيال الرسول الأكرم (ص) وتجريعة سما على انه دواء للشرب .
ونحن حينما نراجع الرواية السابقة بصورة دقيقة نفهم من كلام عائشة ان الفاعل الذي لد ( سقي ) رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه وغيبوبته إنما كانوا أكثر من شخص إذ قالت عائشة
( لددنا رسول الله في مرضه ، فقال : لا تلدوني )
فعل ( لددنا ) دل على انهم جماعة و لو كانت هي الوحيدة التي قامت بذلك لقالت ( لددت رسول الله في مرضه ) .
فمن أولئك الذين كانوا يتعاضدون معها على استكمال المخطط ؟
نعم فحينما أحس الرسول و شعر بالسم استيقظ من منامه وقال مخاطبا إياهم : لا تلدوني .
وأيضا قول صلى الله عليه و آله لم بصيغة الجمع: " ألم أنهكم " يشير ً على كونهم جماعة .
الشواهد والقرائن تشير ان من نفذ هذه العملية هي عائشة و يحتمل ان معها حفصة بتخطيط من عمر و أبي بكر وهما المستفيد الأكبر فهما اللذان تحققت مصالحهما بقتل النبي صلى الله عليه و آله .
لم يكتف عمر باغتيال النبي صلى الله عليه وآله جسديا بل قام باغتياله معنوياً في اللحظات الأخيرة من حياته عندما قال قولته المشهورة : ان الرجل ليهجر ..
راجع هذه المصادر السنية :
1. السيرة النبوية لابن كثير الدمشقي ج 4ص 449 .
2. الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 249 و عيون الأثر لابن سيد الناس ج 2 ص 281
3. مستدرك الحاكم ج 3 ص 60
4. الطبقات الكبرى ج 2 ص 236
5. صحيح البخاري ج 7 ص 17 وصحيح مسلم ج 7 ص 24 و ص 198 .
6. الطب النبوي لابن القيم الجوزي ج 1 ص 66 .
7. تاريخ الطبري ج 2 ص 438 + صحيح البخاري و كذلك في صحيح مسلم
8. الطبقات لابن سعد ج 2 ص 203
9. تاريخ الطبري ج 2 ص 438
*****************
منبهات ....
ورد انه قد أمرت عائشة أباها بالصلاة في مكان النبي صبيحة يوم الاثنين فغضب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وجاء إلى الصلاة متكئا على علي ( عليه السلام ) وقثم بن العباس فصلى بالناس جماعة .
فلماذا تصر على تقديم أباها رغم رفض النبي للأمر ؟؟
أليس ذلك حلقة من حلقات المخطط في الاستيلاء على الحكم من بعد محمد ( ص ) .
وبعد كل ذلك منعت تلك العصابة الناس من دفن النبي ( صلى الله عليه وآله ) يومي الاثنين والثلاثاء بانتظار مجيء أبي بكر من السنح . فقيل ان العباس بن عبد المطلب قال عن جثمان النبي إنه ( صلى الله عليه وآله ) يأسن.
برز حقد تلك العصابة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في امتناعها عن حضور غسله وتكفينه ودفنه ، وذهابها إلى السقيفة لتحقيق البيعة لأبي بكر.
ومن هنا نجد مثلا ان أبو عبيدة بن الجراح - حفار القبور - رفض أن يحفر قبر الرسول (ص) بل ومنع الناس من دفنه بانتظار حضور أبا بكر من السنح وبالتالي ذهب لإجراء مراسم السقيفة حتى أحضر أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري حفار قبور الأنصار ليحفر القبر الشريف .
( الطبري في تاريخه ج 2 / 452 وأسد الغابة ج2 / 289 وغيره )
وارتكبوا أبشع جريمة في التاريخ فبعدما دفن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ليلة الأربعاء ، هجمت العصابة على بيت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد مراسم بيعة أبي بكر وتسببوا في مقتل فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) مع ابنها المحسن.
هناك نص تارخي أخر يحتاج الالتفات ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقبل وفاته كما قالت عائشة : ذهب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى البقيع ثم التفت إلي فقال :
( ويحها لو تستطيع ما فعلت )
النص واضح في إقدام عائشة على ارتكاب جرم خطير .
ويوجد نص خطير حين كان النبي مريضا بالسم أفاق ( صلى الله عليه وآله ) قال :
( من فعل بي هذا ، هذا من عمل نساء جئن من ها هنا ، وأشار بيده إلى أرض الحبشة )
وهذا اعتراف من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأنه سقي سما بالطريقة التي تسقي بها نساء الحبشة رجالها .
فقد جاء في التاريخ ففي كتاب (الطب النبوي, ابن الجوزي 1/66 ) :
(( فلدوه وهو مغمور فلما أفاق صلى الله عليه وآله قال : من فعل بي هذا, هذا من عمل نساء جئن من ها هنا, وأشار بيده الى أرض الحبشة )) .
و في رواية أخرى عن عائشة تشير إلى منعه ( صلى الله عليه وآله ) إياهم من سقيه ذلك الشراب المزعوم من خلال الإشارة .
فشدة رفض النبي لذلك العمل وصلت الى حد الإشارة برفضه !!
أي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منعهم من سقيه شرابا بالقول ( صلى الله عليه وآله ) ولما سقوه جبرا أعاد عليهم تكرار نهيه بالإشارة ( بيده ) لعدم تمكنه من النطق ؟ !
و لم ينفع معهم ذلك !
انه إصرار من المتآمرين على لدهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رغم نهيه عن ذلك بالإشارة الا أنهم لدوه أثناء نومه ولما استيقظ في أثناء ذلك - وكانوا قد سقوه الدواء - لم يتمكن من دفعهم فاضطر الى نهيهم بالإشارة إلى ذلك.
ان أخر لحظات الحبيب ( ص ) رغم غموض بعضها إلا ان فيها كثير من المؤشرات الى ان مخطط الاغتيال سار ضمن ما رسمت له تلك العصابة .
للكلام تتمه تاتي باذن الله.
هبة الله