صَلَّى الْلَّه عَلَى خَيْر خَلْق لِلَّه مُحَمَّد بْن عَبْد لِلَّه وَالّه مَصَابِيْح الْدُّجَى وَخَلِّص اصْحَابِه الْنُّجَباء
وَاللَّعْن الدَّائِم عَلَى اعْدَائِهِم اجْمَعِيْن مِن بَدْء الْزَّمَان الَى مَا بَعْد قِيَام يَوْم الْدِّيْن .
(¯`·._.·( الاهـــــــــــــــــداء )·._.·°¯)
الَى الضِّلَع الْكَسِيْر ~ الَى الْدَّمْع الْغَزِيِر ~ الَى رَيْحَانَة الْرَّسُوْل ~ الَى الْرَّاضِيَة الْمَرْضِيَّة ~ الَى الْحَوْرَاء الْانْسِيَّة ~ الَى ام الْهُدَاة ~الَى طَوْق الْنَّجَاة ~
·^v¯ ( الى الزهراء البتول ) ¯v^·
اهْدِي عَمَلِي هَذَا عَسَى ان يَكُوْن ذُخْرَا لِي فِي يَوْم لَايَنْفَع فِيْه مَال وَلَابَنُوْن الَا مَن اتَى الْلَّه بِقَلْب سَلِيْم

! ளஓ▇▃ ஊ»المـــــــقدمــــــــــــــــــة«ஊ ▃▂ளஓ
بِفَضْل الْلَّه وَمِنْه عَلَى هَذَا الْعَبْد الْحَقِير تَمَّت كِتَابَة هَذَا الْبَحْث وَالَّذِي يَتَطَرَّق الَى الْعَلَاقَة بَيْن سَيِّد الْشُّهَدَاء وَالْسَّيِّدَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة الْزَّهْرَاء عَلَيْهِمَا الْسَّلام ،مُسْتَخْدِمَا فِي ذَلِك اسْلُوب الِاسْتِدْلَال الْمِنْطَقِي مِن خِلَال طُرِح الاشْكَالَات وِرْدِهَا.
~ اسْال الْلَّه تَعَالَى ان يَتَقَبَّل مِنِّي وَمِنْكُم جَمِيْعا وَنَسْالِكُم الْدُّعَاء ~
ﬗ▁▂▃▅▆▇★☀二【«آَم آَبُيـــــهَآ وَرِيْحـــانْتــه»】二☀★▇▆▅▃▂▁ﬗ
ابْتِدَاء بَحْثِي هَذَا بِنِقَاط تَرْبِط الْزَّهْرَاء عَلَيْهَا الْسَّلام مَع الْامَام الْحُسَيْن عَلَيْه الْسَّلَام .
الْنُّقْطَة الاوْلَى : حَدِيْث الْإِطْعَام وَنُزُوْل الْقُرْآَن فِي ذَلِك
[وَيُطْعِمُوْن الْطَّعَام عَلَى حُبِّه مِسْكِيْنا وَيَتِيْما وَأَسِيْرا.إِنَّمَا نُطْعِمُكُم لِوَجْه الْلَّه لَا نُرِيْد مِنْكُم جَزَاء وَلَا شُكُوْرا]
وَلَا يَخْطُر فِي الْذِّهْن : إِنَّهُم قَالُوْا ذَلِك بِلِسَان الْمَقَال، وَلَو قَالُوْا ذَلِك لَكَانَت نُقْطَة ضَعْف فِيْهِم، حَيْث أَنَّهُم يَمُنُّوْن عَلَى الْطَّرَف الْمُقَابِل.
وَلَكِن الْلَّه تَعَالَى نَطَق عَنْهُم، وَعَن اتِّجَاهِهِم. وَلَو قَالُوْه بِلِسَانِهِم لفْشَلُوا، بِحَسَب فَهْمِي.
الْنُّقْطَة الْثَّانِيَة: حَدِيْث الْكِسَاء وَهُو مَشَار إِلَيْه حَتَّى فِي كُتُب الْعَامَّة: وَلَه أَهَمِّيَّة عَالِيَة، وَلَو كَان هُنَاك وَاحِد مِن الْخَلْق لَا مِن الْبَشَر فَقَط يَسْتَحِق الْدُّخُوْل تَحْت الْكِسَاء لُقَدَّر الْلَّه ذَلِك.
وَمَن جُمْلَة الْقَرَائِن عَلَى ذَلِك : إِن رَسُوْل الْلَّه (ص) مَنَع أُم سَلَمَة مَن الْدُّخُوْل وَقَال لَهَا:
~[أَنْت عَلَى خَيْر فِي حِيْن أَنَّهَا عَظِيْمَة وَمُهِمَّة
وَالْحُسَيْن قَد أَعْطَاهَا تُرَابَا مِن تُرَاب كَرْبَلَاء وَمَع ذَلِك فَقَد مَنَعْت]~
إِن قُلْت: إِن الْقَضِيَّة لَيْسَت بِهَذِه الْأَهَمِّيَّة، فَإِن جِبْرَائِيْل (ع) أَذِن لَه بِالْدُّخُوْل تَحْت الْكِسَاء.قُلْنَا: إِن جِبْرَائِيْل دَخَل لِأَجْل تَكَامَل نَفْسِه وَبِطَلَب
مِنْه بَعْد أَن افْتَخَر الْلَّه سُبْحَانَه بِهَؤُلَاء الْخَمْسَة، لَا لِأَنَّه مُسْتَحَق فِي الْمَرْتَبَة الْسَّابِقَة. فَهَؤُلَاء دَخَلُوْا لِأَن الْمَكَان مَكَانَهُم، وَلَكِن جِبْرَائِيْل دَخَل كَشَيْء اسْتِثْنَائِي. مِضَافَا إِلَى أَنَّه دَخَل مُفْتَخِرَا وَلَيْس غَيْرُه كَذَلِك، وَيَتَّضِح مِن ذَلِك أَنَّه أَدْنَى مِن أَي وَاحِد مِنْهُم.
وَقَد يُخْطِر فِي الْذِّهْن : إِنَّهُم سَلَام الْلَّه عَلَيْهِم قَد دَخَلُوْا تَحْت الْكِسَاء مُتَرَتِّبَيْن حَسَب الافْضَلّيّة.


▼▬█░▇▆▅ وَلَكِن هَذَا مَنْقُوض بِأَمْرَيْن ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْأَوَّل : إِن الْحَسَن (ع) قَد دَخَل تَحْت الْكِسَاء قَبْل الْحُسَيْن(ع) وَلَس الْحَسَن (ع) أَفْضَل مِن الْحُسَيْن (ع) وَإِن كَان هُو ظَاهِرَا إِمَامُه فِي فَتْرَة حَيَاتِه.
الْثَّانِي : تَأَخَّر الْزَّهْرَاء (ع) فِي الْدُّخُوْل، مَع أَنَّهَا أَفْضَل مِن وَلَدَيْهَا أَكِيَدّا. وَإِنَّمَا حَصَل ذَلِك لِأَنَّهَا الْمَضْيَفَة، وَالْوَاقِعَة حُدِّثْت فِي دَارِهَا، فَكَان مِن الْطَّبِيْعِي لَهَا أَن تَتَوَاضَع وَتَتَأَخَر.
●۩۩●آَيَة الْقُرْبَى●۩۩●
ثُم إِنَّه مَن الْآَيَات الَّتِي تَشْمَل الْزَّهْرَاء (ع) وَالْحُسَيْن مَعَا، آَيَة الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى، وَهِي قَوْلُه تَعَالَى: [قُل لْا أَسْأَلُكُم عَلَيْه أَجْرا إِلَا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى]
وَنَحْن نَعْلَم أَن الْقُرْبَى لَا يَقْصِد مِنْهُم إِلَّا أَرْبَعَة: وَهُم عَلَي وَفَاطِمَة وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن (ع)، وَأَمَّا بَاقِي الْمَعْصُومِين فَهُم فِي الْدَّرَجَة الْثَّانِيَة.
فَالْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى هِي أَجْر رَسُوْل الْلَّه (ص)، مُقَابِل مَا ضُحَى فِي سَبِيِل الْلَّه وَفِي سَبِيِل كُل مُؤْمِن وَمُؤْمِنَة.فَإِن كَانَت فِي قَلْب الْفَرْد الْوَلَايَة لَهُم، إِذَن فَقَد أَدَّى أَجْر رَسُوْل الْلَّه (ص) وَإِن لَم تَكُن الْوَلَايَة فِي قَلْبِه، إِذَن فَقَد خَان رَسُوْل الْلَّه (ص).
فَإِن قُلْت: إِن الْمَوَدَّة هِي الْحُب وَالْعَاطِفَة، وَأَمَّا الْوَلَايَة فَهِي شَيْء آَخَر، وَمَا هُو الْمَذْكُوْر فِي الْآَيَة هُو الْمَوَدَّة وَلَيْسَت الْوِلَايَة. فَكَيْف نُحَمِّل الْآَيَة عَلَى خِلَاف ظَاهِرِهَا ؟


▼▬█░▇▆▅ قُلْنَا: إِن جَوَابَه مِن عِدَّة وُجُوْه ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْوَجْه الْأَوَّل : إِن الِعِاطِفِة الْنَّفْسِيَّة لَا فَائِدَة مِن وَرَائِهَا، وَهِي سَاقِطَة تَمَامَا. فَإِذَا كَان مُجَرَّد الْحُب لَهُم هُو الَّذِي يُنْجِي، فَإِن كَثِيْرا مِن الْنَّاس مِمَّن هُو خَارِج الْتَشَيُّع، وَخَارِج الْإِسْلَام، يُحِبُّوْنَهُم وَيَحْتَرِّمُونَهُم بِدَرَجَة مُعْتَد بِهَا. فَهَل نَعْتَرِف بِانَّهُم نَاجُوَن؟
فَالْوِلَايَة تُشِيْر إِلَى شَيْء يَكُوْن سَبَبَا لِلْنَّجَاة. وَالْحُب وَحْدَه لَا يُكَوِّن كَذَلِك، إِذَن فَلَابُد لَنَا أَن نَصْرِف الْآَيَة عَن ظَاهِرِهَا إِلَى مَا يَكُوْن سَبَبَا لِلْنَّجَاة، وَهُو الْوِلَايَة.
الْوَجْه الْثَّانِي : إِنَّنَا لَو تَعَمَّقْنَا بِمِقْدَار مُعْتَد بِه، نَرَى كَثِيْرا مِمَّن يَدَّعُوْن أَنَّهُم مُحِبُّون لِأَهْل الْبَيْت عَلَيْهِم الْسَّلَام كَاذِبِين،
لِأَن [الْمُحِب لِمَن يُحِب مُطِيْع فِي حِيْن أَنَّنَا نَرَى أَن حَيَاتِهِم لَيْسَت مَبْنِيَّة عَلَى الْطَّاعَة.] إِذَن، فَالَحُب الْحَقِيقِي مُسَاو لِلْوِلَايَة الْحَقِيقِيَّة تُسَاوِي الْمِثْلَيْن،
فَيَبْدَآن مِن نُقْطَة وَاحِدَة وَيَنْتَهِيَان إِلَى نِهَايَة وَاحِدَة.
وَكَذَلِك مَن الْآَيَات الَّتِي تَشْمَل الْزَّهْرَاء (ع) وَالْحُسَيْن (ع) آَيَة الْتَّطْهِيْر.
●۩۩●آَيَة الْتَّطْهِيْر●۩۩●
وَهِي قَوْلُه تَعَالَى: [إِنَّمَا يُرِيْد الْلَّه لِيُذْهِب عَنْكُم الْرِّجْس أَهْل الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْرا]
أُرِيْد أَن أُبَيِّن هُنَا بِمِقْدَار مَا يُنَاسِب شَيْئا مِن تَفْسِيْر هَذِه الْآَيَة.
وَأَوَّل شَيْء أَبْدَأ بِه هُو مَعْنَى الْبَيْت، فِي قَوْلِه تَعَالَى: [أَهْل الْبَيْت] فَهُو مَعْنَى إِضَافِي حُذِف طَرْفُه فِي الْآَيَة الْكَرِيْمَة، فَهُو لَم يَقُل أَهْل بَيْت مِن؟


▼▬█░▇▆▅ فَإِن فِيْهَا أُطْرَوَحتــــيَن ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْأُطْرُوْحَة الْأُوْلَى: إِنَّهُم أَهْل بَيْت الْنَّبِي (ص) وَهِي الْأُطْرُوْحَة الْمَشْهُوْرَة.
الْأُطْرُوْحَة الْثَّانِيَة: إِنَّهُم أَهْل بَيْت الْلَّه سُبْحَانَه. وَأَنَا أُرِيْد الْآَن أَن أُقِيْم الْقَرَائِن عَلَى نَفْي الْأُطْرُوْحَة الْأُوْلَى وَتَعْيِيِن الْثَّانِيَة.


▼▬█░▇▆▅ وَذَلِك ضِمْن خُطُوَات ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْخُطْوَة الْأُوْلَى: أَن نُعْطِي الْمَعْنَى الْلُّغَوِي لِلْبَيْت. فَالَبَيْت هُو مَا نُسَمِّيْه بِالْلُغَة الْحَدِيثَة الْغُرْفَة أَو الْحُجْرَة. وَيُسَمُّوْن الْخَيْمَة بَيْتَا، وَأَمَّا الْمَجْمُوْع مِن الْبُيُوْت فَتُسَمَّى دَارا، لِأَن الْحَائِط يَدُوْر عَلَى سَائِر الْبُيُوْت.وَيَظْهَر أَن لِلْنَّبِي (ص) فِي دَارِه عِدَّة بُيُوْت [غُرَف] بِعَدَد أَزْوَاجَه، وَكَان يَأْوِي فِي كُل لَيْلَة إِلَى وَاحِدَة مِّنْهُن.
الْخُطْوَة الْثَّانِيَة: إِنَّه لَم يُثْبِت إِطْلاقَا أَن لِلْنَّبِي (ص) بَيْتَا خَاصَّا بِه.إِذَن، فَمَا هُو الَّذِي يَصْدُق عَلَيْه أَنَّه بَيْت رَسُوْل الْلَّه (ص) ؟ فَإِن مَا يُسَمَّى بَيْت رَسُوْل الْلَّه (ص)


▼▬█░▇▆▅ فِيْه عِدَّة احْتِمَالَات. وَكُلُّهَا غَيْر صَحِيْحَة ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْإِحْتِمال الْأَوَّل: الْدَار مَجْمُوْعَا. وَهِي لَا تُسَمَّى بَيْتَا بِالْضَّرُوْرَة.
الْإِحْتِمال الْثَّانِي: غُرْفَة خَاصَّة بِه، وَلَم يَثْبُت أَن لَه غَرْفَة خَاصَّة بِه، وَلَو ثَبَت ذَلِك لَمَّا شَارَكَه فِيْهَا أَحَد.
الْإِحْتِمال الْثَّالِث: بُيُوْت زَوْجَاتِه. وَهِي إِنَّمَا بُيُوْتِهِن، وَلَيْسَت خَاصَّة بِه.فَإِن قُلْت: فَإِن لَفْظ [أَهْل الْبَيْت] يُرَاد بِه تَمْثِيْل وُجُوْد رَسُوْل الْلَّه (ص) كَالْخَيْمَة عَلَى أَهْلِه، وَهُو تَمْثِيْل عُرْفِي، فَمَن يَكُوْن تَحْت هَذِه الْخَيْمَة فَهُو مِن أَهْل الْبَيْت.


▼▬█░▇▆▅ قُلْنَا: إِن هَذَا قَابِل لِّلْمُنَاقَشَة مِن وَجْهَيْن ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْوَجْه الْأَوَّل: إِن هَذَا مَعْنَى مَجَازِي، وَالْحَمَل عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِي أَوْلَى، وَلَا يُوْجَد عِنْدَنَا مَعْنَى حَقِيْقِي لَبَيْت رَسُوْل الْلَّه (ص).
الْوَجْه الْثَّانِي: إِن خَيْمَتِه الْمَعْنَوِيَّة غَيْر خَاصَّة بِالْمَعْصُوْمَيْن (ع)، بَل شَامِلَة لِسَائِر الْمُسْلِمِيْن وَالْمُؤْمِنِيْن.فَإِن قُلْت: فَإِن نِسْبَة الْبَيْت لِلَّه سُبْحَانَه أَيْضا مَجَازِيَّة وَلَيْسَت حَقِيْقِيَة.
قُلْنَا: نَعَم، لِاسْتِحَالَة وُجُوْد الْبَيْت بِالْمَعْنَى الْمَادِّي لِلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى، فَيَتَعَيَّن أَن يَكُوْن بَيْتِه مَعْنَوِيَّا.
فَإِن قُلْت: إِن بَيْت رَسُوْل الْلَّه (ص) الْمَعْنَوِي إِذَا كَان شَامِلا لِجَمِيْع الْمُسْلِمِيْن، فَإِن بَيْت الْلَّه الْمَعْنَوِي شَامِلا لِكُل الْخَلْق، وَلَيْس خَاصَّا بِأَحَد.
قُلْنَا: نَعَم، إِلَا أَنَّه يَخْتَلِف بِإِخْتِلَاف الْمُسْتَوَيَات وَالْدَّرَجَات. وَنَسْتَطِيْع أَن نَجْعَل لِكُل مَجْمُوْعَة بَيْتَا خَاصَّا بِهِم. فَأَخَص الْخَلْق أَجْمَعِيْن هُم الْأَحَق بِالْبَيْت الْخَاص بِهِم، وَهُم الْخَمْسَة أَهْل الْكِسَاء.
قَد يُقَال: إِنَّنَا إِن تَحَدّثْنَا عَن الْنَّبِي (ص) خِلَال فَتْرَة حَيَاتِه الْمُتَأَخِّرَة عَن وَفَاة خَدِيْجَة سَلَام الْلَّه عَلَيْهَا، فَهَذَا الَّذِي قُلْنَاه صَحِيْح حَيْث كَان فِي دَارِه عِدَّة بُيُوْت، وَيَسْكُن فِي كُل بَيْت وَاحِدَة مِن أَزْوَاجِه. أَمَّا إِذَا تُحَدِّثُنَا عَنْه فِي عَصْر وُجُوْد خَدِيْجَة مَعَه فَالْحَال يَخْتَلِف، حَيْث أَنَّه مِن الْأَكِيد، وَمَن ضَرَورِيَّات الْتَّأْرِيْخ، أَنَّه لَم يَتَزَوَّج غَيْرَهَا إِلَى أَن تُوُفِّيَت. وَمَعَه فَقَد يَكُوْن لَه بَيْت مُسْتَقِل، فَيُصَدَّق عَلَيْه أَنَّه بَيْت رَسُوْل الْلَّه (ص).
جَوَابِه: إِنَّنَا نَسْأَل أَن الْآَيَة الْكَرِيْمَة، هَل أَنَّهَا نَزَلَت فِي حَيَاة خَدِيْجَة (ع) أَم بَعْد وَفَاتِهَا؟
وَحَسْب فَهْمِي أَن خَدِيْجَة (ع) مَاتَت، ثُم تَزَوَّج الْنَّبِي (ص) الْمُتَعَدِّدَات، ثُم وَلَد الْحَسَن وَالْحُسَيْن (ع) ثُم نَزَلَت الْآَيَة الْكَرِيْمَة وَهَذَا يَنْبَغِي أَن يَكُوْن وَاضِحَا.
كَمَا أَنَّه يَنْبَغِي الْإِلْتِفَات إِلَى أَن دَار رَسُوْل الْلَّه (ص) كَانَت فِي حَرَكَة دَائِمَة، مُنْذ وَفَاة خَدِيْجَة، إِلَى حِيْن وَفَاتِه (ص) مِن حَيْث الْزَّوَاج، فَلَرُبَّمَا كَانَت تَضَيُّق عَلَى عَدَد زَوْجَاتِه، وَيَكْفِي أَن نَلْتَفِت أَنَّه (ص) تُوُفِّي عَن تِسْع حَرَائِر بِالْعَقْد الْدَّائِم، أَي عَن تِسْع زَوْجَات. فَهَل كَان فِي دَارِه تِسْع غُرَف؟ كَلَّا طَبْعَا. وَرُبَّمَا يُسَكَّن عِدَّة زَوْجَات فِي غُرْفَة وَاحِدَة. وَالْمُهِم أَنَّه _مَع هَذَا الْحَال_ لَا يُمْكِن أَن تَكُوْن لَه غَرْفَة مُسْتَقِلَّة.
كَمَا يَنْبَغِي الْإِلْتِفَات إِلَى أَنَّه عَلَى فَرْض وُجُوْد بَيْت مُسْتَقِل لَه، فَهُو خَاص بِه لَا يَسْكُنُه أَحْد غَيْرِه. وَلَا أَقَل أَن تَكُوْن نِّسْبَة غَيْرِه إِلَيْه مَجَازِيَّة جَزْمَا كَائِنَّا مَن كَان حَتَّى عَلَي وَفَاطِمَة (ع). فَنَحْن أَمَام مَجَاز بِكُل تَأْكِيْد، أَي بِكُل مُحْتَمَلَات الْفَهْم فِي الْآَيَة. وَلَا أَقَل أَن يَدُوْر الْأَمْر بَيْن اعْتِبَارِهِم أَهْل بَيْت الْنَّبِي(ص) لِحُبِّه لَهُم، أَو أَهْل بَيْت الَلّه تَعَالَى لِحُبِّه لَهُم، وَدَرَجَاتُهُم الْعَالِيَة عِنْدَه. وَالْثَّانِي أَوْلَى، لِأَن الْنِّسْبَة إِلَى الْلَّه تَعَالَى دَائِمَا هِي الْأُوْلَى.
فَإِن قُلْت: إِنَّه قَد تَسَمَّى الْدَار بَيْتَا مَجَازَا.
قُلْنَا: إِن الْمَجَاز يَحْتَاج إِلَى قَرِيْنَة وَهِي غَيْر مَوْجُوْدَة. وَأَعْتَقِد أَن هَذَا الْمَعْنَى كَان مُسْتَنْكِرَا لُغَة.
فَإِن قُلْت: إِنَّنَا نَسْتَصْحِب ذَلِك اسْتِصْحَابّا قَهْقريَّا إِلَى زَمَان رَسُوْل الْلَّه(ص)، أَي أَنَّنَا الْآَن نُسَمِّي الْدَار بَيْتَا، وَنَشْك أَنَّه كَان كَذَلِك فِيْمَا مَضَى، فَنَسْتَصْحِبُه اسْتِصْحَابّا قَهْقريَّا، وَنَقُوُل إِنَّه كَذَلِك فِي صَدْر الْإِسْلَام، أَو فِي زَمَن نُزُوْل الْآَيَة الْكَرِيْمَة.
قُلْنَا: إِنَّنَا لَا نُرِيّد أَن نَدْخُل فِي مُنَاقَشَة الِاسْتِصْحَاب الْقَهْقَرِي. وَإِنَّمَا كُل مَا فِي الْأَمْر أَن هَذَا الِاسْتِصْحَاب مُعَارِض بِاسْتِصْحَاب أُصَلِّي مُعَاكِس، لِأَن الْنَّاس قَبْل الْإِسْلَام كَانُوْا يُطْلِقُون لَفْظ الْدَّار عَلَى مَجْمُوْع الْغُرَف، وَلَفْظ الْبَيْت عَلَى الْغُرْفَة الْوَاحِدَة، فَهَل انْتَفَى ذَلِك فِي عَصْر الْنَّبِي (ص) أَم لَا؟
فَنَقُوْل إِنَّه بَقِي عَلَى هَذَا الْإِسْتِعْمَال، إِلَا أَن نُحْرِز خِلَافِه فِي الْعُصُور الْمُتَأَخِّرَة عَن الْنَّبِي (ص)، حَيْث أَخَذ الْنَّاس يَخْطَأُون وَيُسَمُّوْن الْدَار بَيْتَا.


▼▬█░▇▆▅ حِيْنَئِذ يُنْتِج مِن ذَلِك نَتِيَجَتَان ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْنَتِيجَه الاوْلَى : إِن أَزْوَاج الْنَّبِي (ص) لَيْس فِيْهِن وَاحِدَة دَاخِلَة فِي مَفْهُوْم أَهْل الْبَيْت، وَإِن كُن سَاكِنَات مَعَه فِي دَارِه، وَذَلِك لِعِدَّة تَّقَرِيِّبَات ظَهَرَت مِمَّا سَبَق.مِنْهَا: إِنَّنَا لَو قَبْلِنَا أَن لَه بَيْتَا خَاصَّا بِه، فَلَيْس إِحْدَاهُن تُسْكِنَه.
وَمِنْهَا: إِن كُل وَاحِدَة مِن زَوْجَاتِه هِي أَهْل بَيْتِهَا، وَلَيْس بَيْتِهَا بَيْت الْنَّبِي(ص).
وَمِنْهَا: إِنَّنَا بَعْد أَن قَرَّبْنَا أَن الْمُرَاد بِالْبَيْت بَيْت الَّلَه تَعَالَى، فَهَل هُن أَهْل لِهَذِه الْنِّسْبَة ؟ فَمَن كَانَت أَهْلَا لِذَلِك نَسَبْنَاهَا
، وَمَن كَانَت لَيْسَت أَهْلَا رَفَضْنَاهَا كَائِنَة مَن كَانَت.
فَإِنَّه لَم يَدْع أَحَد عِصْمَتَهُن، وَلَم يَدَع أَحَد عَدَم صُدُوْر ذُنُوْب كَبِيْرَة مِن بَعْضِهِن، فَهَل تَكُوْن مِن قَد حَارَبْت إِمَام زَمَانُهَا أَهْلَا لَأَن تُنْسَب إِلَى الْمَقَام الْأَعْلَى الْقَرِيْب مِن الْلَّه تَعَالَى حَتَّى لَو تَابَت؟ فَلِذَا قَال تَعَالَى: [لَا يَنَال عَهْدِي الْظَّالِمِيْن] أَي مَن أَذْنَب فِي حَيَاتِه وَلَو بِذَنْب وَاحِد فَإِنَّه لَا يَصْلُح أَن يَكُوْن أَهْلَا لِلْإِمَامَة، لَأَن ذَلِك الْذَّنْب يُؤْثَر فِيْه أَثَرَا يَبْقَى مَعَه طِيَلَة حَيَاتِه حَتَّى لَو تَاب. فَإِن عِبَادَة الْأَصْنَام أَو شَرِب الْخَمْر أَو الْزِّنَا، تَجْعَل إِمَامَة مَن قَام بِهَا مُتَعَذِّرَة
الْنَّتِيجَة الْثَّانِيَة : إِن [أَهْل الْبَيْت] مَعْنَى خَاص بِأَصْحَاب الْكِسَاء الْخَمْسَة، لِأَنَّهُم خَيْر الْخُلُق عَلَى الْإِطْلَاق، وَلَا يَشْمَل غَيْرُهُم بِمَا فِيْهِم الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمُوْن مِن أَوْلَاد الْحُسَيْن (ع)، وَبِمَا فِيْهِم الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء الْسَّابِقُوْن.
مِضَافَا إِلَى أَنَّه تُوْجَد الْكَثِيْر مِن الرِّوَايَات الْوَارِدَة عَن الْنَّبِي (ص) أَنَّه يَقُوْل: [إِنَّهَا نَزَلَت فِي وَفِي عَلَي وَفَاطِمَة وَالَحَسَن وَالْحُسَيْن]
وَإِنَّمَا قَال ذَلِك لِكَي لَا يَخْطُر فِي ذِهْن أَحَد كَائِنَّا مَن كَان أَنَّه مِنْهُم.
إِن قُلْت: إِنَّه لَا يُوْجَد فِيْهَا مَفْهُوْم مُخَالَفَة، فَإِنَّه حِيْنَمَا قَال: [إِنَّهَا نَزَلَت فِي وَفِي عَلَي وَفَاطِمَة وَالَحَسَن وَالْحُسَيْن]. لَم يَنْف الْزَّائِد.
قُلْنَا: إِن لِسَان الْحَال يُؤَكِّد عَلَى أَنَّهَا نَزَلَت فِي هَؤُلَاء فَقَط.



▼▬█░▇▆▅ وَيُقَرِّب ذَلِك أَمْرَان ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْأَمْر الْأَوَّل: إِن غَيْرِهِم أُوَضِّح فِي عَدَم الِانْطِبَاق، وَذَلِك لِعَدَم مُعاصْرَتِهُم لِرَسُوْل الْلَّه (ص).
الْأَمْر الْثَّانِي: إِن ظَاهَر الْآَيَة هُو انْطْبَاقَهَا عَلَى مَصَادِيْق مُتَحَقِّقَة فِعْلَا، وَلَيْس عَلَى مَصَادِيْق سَوْف تَأْتِي.
فَإِن قُلْت: إِذَا كَان الْمُرَاد بِالْبَيْت بَيْت الَّلَه تَعَالَى وَلَيْس بَيْت رَسُوْل الْلَّه(ص)، فَإِن بَيْت الْلَّه شَامِل لِلْأَزْمِنَة الْثَّلاث أَي الْمَاضِي وَالْحَاضِر وَالْمُسْتَقْبَل، وَلَا دَخَل لْوِلادَة الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمِيْن (ع). فَإِن لَم يَكُوْنُوْا أَهْل بَيْت رَسُوْل الْلَّه(ص)، فَهُم أَهْل بَيْت الْلَّه.
قُلْنَا: إِنَّنَا لَا بُد وَأَن نَلَتَفت إِلَى الْفَرْق بِالْقُرْب الْإِلَهِي، بَيْن هَؤُلَاء الْخَمْسَة، وَهَؤُلَاء الْتِّسْعَة. فَإِن الْفَرْق مَوْجُوْد، وَدَلَّت عَلَيْه الْأَدِلَّة مِن الْكِتَاب وَالْسُّنَّة.
إِذَن فَإِذَا كَان أَهْل الْكِسَاء (ع) أَعْلَى مُرَتَّبَة مِن الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمِيْن (ع)، فَإِن بَيْتِهِم خَاص بِهِم وَلَا يَتَعَدَّى إِلَيْه غَيْرِهِم.
فَإِن قُلْت: إِن الْمَعْصُومِين الْتِّسْعَة (ع) إِذَا خَرَجُوْا عَن مَوْضُوْع الْآَيَة، فَقَد خَرَجُوْا عَن مَحْمُوْلَهَا أَيْضا.
لِأَنَّهَا تَقُوْل: [إِنَّمَا يُرِيْد الْلَّه لِيُذْهِب عَنْكُم الْرِّجْس أَهْل الْبَيْت وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْرا]،
فَالمَوْضُوْع هُو أَهْل الْبَيْت، وَالْمَحْمُوْل هُو الْتَّطْهِيْر. فَأَي وَاحِد قَد دَخَل فِي الْمَوْضُوْع، فَهُو دَاخِل فِي الْمَحْمُوْل، أَي إِذَا كَان مِن أَهْل الْبَيْت
فَهُو مُطَهَّر وَإِذَا لَم يَكُن مِنْهُم فَهُو لَيْس بِمُطَهَّر.
فَإِذَا زَعَمْنَا أَن الْمَعْصُومِين (ع) لَيْسُوْا مِن أَهْل الْبَيْت، إِذَن، فَهُم لَا يَدْخُلُوْن فِي الْوَعْد بِالْتَّطْهِيْر، فَحَيْث أَنَّهُم خَارِجُوْن مَوْضُوعَا،
فَسَوْف يَكُوْنُوْن خَارَجَيْن مَحْمُوْلا.
وَهَذِه الْنَّتِيجَة بَاطِلَة أَكِيَدّا لِأَنَّهُم مُطَهَّرُوْن أَيْضا، وَشُمْوَلَهُم مَحْمُوْلا مِن دُوْن أَن يَكُوْنُوْا مَشْمُوْلِيْن مَوْضُوعَا غَيْر مَعْقُوْل، فَمَا دَامُوَا مَشْمُوْلِيْن مَحْمُوْلا فَهُم مَشْمُوْلُون مَوْضُوعَا. إِذَن، نَعْرِف أَنَّهُم مُنْدَرِجُون فِي ضِمْن أَهْل الْبَيْت.
جَوَابِه: إِنَّنَا لَو اقْتَصَرْنَا عَلَى ظُهُوْر الْآَيَة فَقَط، إِذَن فَأَهْل الْبَيْت هُم أَهْل الْكِسَاء (ع)، وَهُم الْمُطَهَّرُوْن فَقَط. وَلَكِنَّنَا يُمْكِن أَن نُقَيِّم أَدِلَّة خَارِجِيَّة عَلَى عِصْمَة الْتِّسْعَة (ع)، وَعَلَى إِمَامَتُهُم، وَعَلَى وَلَايَتِهِم الْعَامَّة وَعَلَى وُجُوْب طَاعَتِهِم.
وَمِن هُنَا يَتَعَذَّر الْإِسْتِدْلَال بِالْآَيَة عَلَى عِصْمَتِهِم، بَل نَسْتَدِل بِعِصْمَتِهِم عَلَى كَوْنِهِم مَشْمُوْلِيْن بِالْآَيَة، وَبَعْد شُمْوَلَهُم بِالْآَيَة وَالْتَّطْهِيْر
يُمْكِن أَن نَقُوْل إِنَّهُم مِن أَهْل الْبَيْت عَلَى مِقْدَار مُسْتَوَاهُم مِن الْوُجُوْد.
إِن قُلْت: إِنَّنَا بَعْد أَن قَرِّبْنَا أَن الْمُرَاد [بَيْت الْلَّه]، فَبَيْت الْلَّه مَعْنَى عُرْفِي ومُتَشَّرِعي وَمَفْهُوْم يُطْلَق عَلَى الْمَسْجِد الْحَرَام عَامَّة وَعَلَى الْكَعْبَة الْشَّرِيِفَة خَاصَّة. وَالْأَلِف وَاللَّام أَظْهَر بِالعَهُدّيّة، فَهِي عَهْد إِلَيْه. وَخَاصَّة بَعْد أَن نَلْتَفِت إِلَى أَن الْبَيْت الْمَعْنَوِي مَجَازِي، وَهَذَا الْمَعْنَى حَقِيْقِي ومُتُسَالِم عَلَى فَهْمِه.


▼▬█░▇▆▅ جَوَابِه مَن أَكْثَر مِن وَجْه وَاحِد ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْوَجْه الْأَوَّل: إِن الْأَهْلِيَّة لَهَا سَبَبَان، إِمَّا أَن لِلْإِنْسَان يَدَا عَلَيْه، وَإِمَّا أَن يَكُوْن سَاكِنَا فِيْه، وَالْكَعْبَة لَم يَسْكُنْهَا أَحَد أَكِيَدّا، وَلَم تَكُن لِأَحَد يَد عَلَيْهَا، فَهُم لَيْسُوْا أَهْل الْكَعْبَة بِهَذَا الْمَعْنَى.
الْوَجْه الْثَّانِي : إنَنَا إِذَا تَنَزَّلْنَا عَن ذَلِك، وَقُلْنَا : بِأَن مَعْنَى الْأَهْلِيَّة هُنَا هُو الْوِلَايَة الْعَامَّة، فَأَوْلِيَاؤُهَا هُم الْمُشْرِفُوْن عَلَيْهَا شُرَّعَا. وَلَكِن هَذَا الْمَعْنَى مَجَازِي فَلِمَاذَا لَم يَقُل [أَوْلِيَاءَه]؟ فَالْأَوْلِيَاء يُرَاد بِهِم مَعْنَى، وَالْأَهْل يُرَاد بِهِم مَعْنَى آَخَر. فَإِذَا قَارَنَّا بَيْن الْمَعْنَيَيْن، فَلَا بُد أَن نَخْتَار أَهْل بَيْت الْلَّه الْمَعْنَوِي وَلَيْس الْبَيْت الْمَادِّي، لِأَنَّهُم سَاكِنُوْن سُكْنَى مَعْنَوِيَّة بِأَنْوَارِهِم الْعُلْيَا، وَأَرْوَاحِهِم الْمُقَدَّسَة، فِي ذَلِك الْمَكَان الْعَالِي وَلَيْسُوْا سَاكِنِيْن بِالْكَعْبَة، لَا بِأَجْسَادِهِم وَلَا بِأَرْوَاحِهِم. وَيُمْكِن الْجَمْع بَيْن الِفِكَرَّتَين بَعْد الْإِلْتِفَات إِلَى فِكْرَة أُخْرَى ، وَحَاصِلُهَا بِأَن الْكَعْبَة وُجُوْد تَجْرِيْدِي رَمْزِي عَن الْتَّوْحِيْد، فَإِن الْمَعْنَى الْمَعْنَوِي وَالِتَّجْرِيْدي يَحْتَاج إِلَى رَمْز مَادِّي لِيَكُوْن قَرِيْب الْمَنَال مِن الْعُقُوْل الْقَاصِرَة وَالْمِقْصَرَة، وَالْمَادِّيَّة الْدُّنْيَوِيَّة، فَالْكَعْبَة مِثَال لِلْتَّوْحِيْد.

حِيْنَئِذ نَقُوْل إِن الْمَفْهُوْمَيْن قَد أقْتَرْنا، أَي الْبَيْت الْمَعْنَوِي لِلَّه وَالْبَيْت الْمَادِّي لَه، فَهَذَا رَمْز وَذَاك مَرْمُوز إِلَيْه. وَكَمَا أَن هَذَا الْبَيْت رَمْز لِذَاك، هُو رَمْز عَن سَاكِنِي ذَلِك الْبَيْت، وَبِتَعْبِيْر آَخَر كَمَا أَن الْكَعْبَة رَمْز عَن الْتَّوْحِيْد، هِي رَمْز عَن الْمُوَحِّدِيْن أَيْضا.
فَإِن قُلْت: إِنَّه قَد وَرَد مُتَوَاتِرَا قَوْل الْنَّبِي (ص) : [سَلْمَان مِنَّا أَهْل الْبَيْت]. ثُم نْضَم إِلَى ذَلِك مُقَدِّمَة أُخْرَى، وَهِي أَن الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمِيْن (ع) أَفْضَل مِن سَلْمَان، ثُم نْضَم إِلَى ذَلِك مُقَدِّمَة ثَالِثَة، وَهِي أّن مَا عِنْد الْأَدْنَى عِنْد الْأَعْلَى مَع زِيَادَة. فَإِن كَان سَلْمَان (رَض) مِن أَهْل الْبَيْت، فَإِن الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمِيْن(ع) مِنْهُم مِن بَاب الْأَوْلَوِيَّة. مَع الْعِلْم أَن ظَاهِر الْكَلَام الْسَّابِق أَنَّهُم لَيْسُوْا مِن أَهْل الْبَيْت،
وَأَن هَذَا الْعُنْوَان خَاص بِأَصْحَاب الْكِسَاء الْخَمْسَة (ع).



▼▬█░▇▆▅ قُلْنَا: إِن هَذَا يُمْكِن الْإِجَابَة عَلَيْه مِن عِدَّة وُجُوْه ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْوَجْه الْأَوَّل : إِنَّنَا نَفْهَم أَن سَلْمَان مِن أَهْل الْبَيْت (ع) مِن الْسُّنَّة، لَا أَنَّنَا نَفْهَمُه مِن الْكِتَاب، إِلَا فِي صُوْرَة وَاحِدَة وَهِي أَنَّنَا نَجْد أَن الْرِّوَايَة شَارِحَة وَمُفَسَّرَة لِلْآَيَة الْكَرِيْمَة. وَإِذَا لَم تَكُن مُفَسَّرَة لِلْآَيَة، فَإِنَّنَا نَفْهَم أَن سَلْمَان مِن أَهْل الْبَيْت بِإِخْبَار الْرِّوَايَة بِذَلِك كَمَا قُلْنَا.فَإِن أَصْحَاب الْكِسَاء قَد دَل عَلَيْهِم الْكِتَاب أَنَّهُم مِن أَهْل الْبَيْت، وَأَمَّا الْبَاقُوْن بِمَا فِيْهِم الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمُوْن وَسَلْمَان، وَلَرُبَّمَا آَخَرُون. فَقَد دَلَّت عَلَيْهِم الْسُنَّة أَنَّهُم كَذَلِك.
الْوَجْه الْثَّانِي : إِنّه يُمْكِن أَن نَقُوْل كَمَا قُلْنَا: إِن نَفْس هَذَا الْعُنْوَان إِذَا فَهِمْنَاه بِمَعْنَى أَوْسَع، فَسَوْف تَكُوْن لَه حِصَص وَدَرَجَات عَدِيْدَة، أَو أَنَّنَا نَقُوُل فِيْه بِالتَّشْكِيْك بِاصْطِلَاح الْمَنْطِق وَعِلْم الْأُصُول. حِيْنَئِذ مَإِذَا نَفْهَم مِن [أَهْل الْبَيْت] فِي الْآَيَة ؟ هَل نَفْهَم مُطْلَق الْأَهْل أَو الْأَهْل الْمُطْلَق؟ فَمُطْلَق الْأَهْل أَي جَمِيْع حِصَص وَدَرَجَات [أَهْل الْبَيْت]،
و الْأَهْل الْمُطْلَق أَي الْحِصَّة الْأَرْقَى، وَالْدَّرَجَة الْعَالِية مِن هَذَا الْعِنْوَان.
فَإِذَا فَهْمِنَا مِن ذَلِك مُطْلَق الْأَهْل، فَإِنَّه يَشْمَل الْجَمِيْع، بِمَا فِيْهِم أَصْحَاب الْعِصْمَة الْثَّانَوِيَّة مِن الْأَوْلِيَاء، وَيَكُوْن مُقْتَضَى الْإِطْلَاق ذَلِك. لَكِنَّهُم قَالُوْا فِي عِلْم الْأُصُول: بِأَن الْإِطْلَاق يَنْصَرِف إِلَى أَكْمَل الْأَفْرَاد. وَمَن جُمْلَة تَطْبِيْقَات ذَلِك، أَن أَكْمَل الْأَفْرَاد لِظُهُوْر صِيْغَة الْأَمْر هُو الْوُجُوْب، فَمُقْتَضَى إِطْلَاق صِيْغَة الْأَمْر الْوُجُوْب.
حِيْنَئِذ نَقُوْل: إِن أَكْمَل الْأَفْرَاد فِي [أَهْل الْبَيْت] هُم أَعْلَى تَطْبِيْقَات وَحِصَص و أَشْكَال أَهْل الْبَيْت (ع)، وَأَعْلَى الْحِصَص لَيْس أَكْثَر مِن خَمْسَة، لِأَنَّهُم خَيْر الْخُلُق عَلَى الْإِطْلَاق، ثُم الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمُوْن (ع) بِدَرَجَة أَدْنَى مِن أَهْل الْكِسَاء، ثُم سَلْمَان (رَض) بِدَرَجَة أَدْنَى مِن الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمِيْن (ع)، وَهَكَذَا.
مُضَافا إِلَى أَن دَلِيْل أَهْل الْكِسَاء هُو الْقُرْآَن، وَهُو أَعْلَى دَرَجَة مِن دَلِيْل الْبَاقِيْن الَّذِي هُو الْسُّنَّة.
فَإِن قُلْت: إِن عَدَدَا مِن الرِّوَايَات قَد وَرَدَت، تَنُص عَلَى اقْتِرَان نُزُوْل الْآَيَة بِحَادِثَة الْكِسَاء، وَهِي كَثِيْرَة وَمُسْتَفِيْضَة وَمُتَوَاتِرة.
وَفِيْهَا يَقُوْل الْنَّبِي (ص) : [الْلَّهُم هَؤُلَاء أَهْل بَيْتِي وَخَاصَّتِي، فَأَذْهِب عَنْهُم الْرِّجْس وَطَهِّرْهُم تَطْهِيْرَا]
وَكَذَلِك وَرَد فِي بَعْض الزِّيَارَات: [يَا أَهْل بَيْت الّنُبُوَة]، إِذَن فَكَيْف نَقُوُل: إِن الْمُرَاد هُو بَيْت الْلَّه؟


▼▬█░▇▆▅ وَجَوَابُه مِن أَكْثَر مِن وَجْه: ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْوَجْه الْأَوَّل: إِنَّه لَا مُنَافَاة بَيْن الْأَمْرَيْن، فَهُم أَهْل بَيْت الْلَّه وَأَهْل بَيْت الْنِّبِي (ص)، لِأَنَّه لَّا مُنَافَاة بَيْن الْلَّه وَبَيْن نَبِيِّه (ص).
الْوَجْه الْثَّانِي: إِنَّه مِن بَاب [كَلَّم الْنَّاس عَلَى قَدْر عُقُوْلِهِم] فَلَو قَال: أَهْل بَيْت الْلَّه فَهَل يُفْهَم أَحَد كَلَامَه؟
الْوَجْه الْثَّالِث: إِنَّه حِيْنَمَا يَقُوْل أَهْل بَيْتِي فَلَيْس لِكَلَامِه مَفْهُوْم مُخَالَفَة، أَي أَنَّه لَا يَنْفِي غَيْرِه الَّذِي هُو أَهْل بَيْت الْلَّه.
وَفِي بَعْض تِلْك الرِّوَايَات عَن أَبِى سَعِيْد الْخُدْرِي، قَال: قَال رَسُوْل الْلَّه(ص) :
[نَزَلَت هَذِه الْآَيَة فِي خَمْسَة: فَي وَفِي عَلَي وَفِي حَسَن وَحُسَيْن وَفَاطِمَة، إِنَّمَا يُرِيْد الْلَّه] الْحَدِيْث.
وَهَذَا يُخَرَّج أَي وَاحِد مِن الْآَخِرِين، بِمَا فِيْهِم زَوْجَات الْنَّبِي (ص) وَبِمَا فِيْهِم الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمُوْن (ع) الْمُتَأَخِّرُوْن مِن أَوْلَاد الْحُسَيْن (ع). وَانَّمَا نَعْتَبِرُهُم مِن أَهْل الْبَيْت (ع) بِاعْتِبَار الْدَّلِيل عَلَى إِمَامَتِهِم كَمَا سَبَق، وَلَن يَكُوْنُوْا فِي نَفْس الْمَنْزِلَة، لِأَن الْبَيْت الْإِلَهِي ذُو دَرَجَات،
كَمَا قَال الْلَّه تَعَالَى: [رَفِيْع الْدَّرَجَات ذُو الْعَرْش].
وَلَو كَانَت الْآَيَة شَامِلَة لِلْزَّوْجَات، أَو خَاصَّة بِهِن لَكِن مَشُمَولَات لِقَوْلِه(ص) وَهُو خَبَر مُتَوَاتِر مِّن الْفَرِيْقَيْن:
[أَلَا إِنِّي تَرَكْت فِيْكُم الثَّقَلَيْن، أَحَدُهُمَا: كِتَاب الْلَّه، مِن اتِبْعُه كَان عَلَى هُدى، وَمَن تَرَكَه كَان عَلَى ضَلَالَة، ثُم أَهَل بَيْتِي،
أَذْكُرْكُم الَلّه فِي أَهْل بَيْتِي ثَلَاث مَرَّات].
وَلَم يَقُل بِشُمُوْلِهَا لِلْزَّوْجَات أَحَد، فَيَلْزَم مِن بُطْلَان الْتَّالِي بُطْلَان الْمُقَدِّم. وَإِنَّمَا يَذْكُر الْمُجْتَمَع بِأَهْل بَيْتِه بِاعْتِبَار عِلْمِه بِظُلْمِهِم بَعْدِه،
وَلَم تَظْلِم بَعْدِه إِحْدَى زَوْجَاتِه إِطْلاقَا.
الْخُطْوَة الآُخْرَى بِهَذَا الْصَّدَد: إِن الْآَيَة الْكَرِيْمَة لَو كَان مُرَادِهَا أَهْل بَيْت الْنَّبِي (ص) لَلَزِم خُرُوْج الْنَّبِي (ص) نَفْسَه عَنْهُم. فَلَو قُلْت: أَوْلَاد آَدَم لَم يَشْمَل آَدَم، وَلَو قُلْت: آَل الْنَبِي لَم يَشْمَل الْنَّبِي، وَلَو قُلْت: بَنِي تَمِيْم لَم يَشْمَل جَدِّهِم تَمِيْم نَفْسِه. فَأَهْل بَيْت الْنَّبِي (ص) غَيْرِه وَلَيْس هُو مِنْهُم. وَهَذَا غَيْر مُحْتَمَل إِطْلاقَا، فَهُو مِن الْمُقَدَّسِيْن بِهَذِه الْدَّرَجَة، فَنَفْهَم مِن بُطْلَان الْتَّالِي بُطْلَان الْمُقَدِّم. إِذَن، فَلَا يُرَاد مِن أَهْل الْبَيْت
فِي الْآَيَة أَهْل بَيْت الْنَّبِي (ص)، وَإِنَّمَا يُرَاد أَهْل بَيْت الْلَّه.
فَإِن قُلْت: إِن أَهْل بَيْت الْنَّبِي (ص) غَيْرِه، وَلَكِنَّه قَد دَخَل مَعَهُم بِالْأَوْلَوِيَّة.
قُلْنَا: كَلَّا، بَل هُو خَارِج تَّكْوَيْنا وَلُغَة، وَمَعْنَى ذَلِك أَن قَدَاسَتِه وَرِفْعَة شَأْنِه لَيْسَت نَاشِئَة مِن كَوْنِه مِن أَهْل الْبَيْت (ع)،
مَع الْعِلْم أَنَّه مُنْدَرِج فِي الْآَيَة بِضَرُوْرَة الْدِّيْن، وَهُو أَوْلَى مِن يَنْدَرِج فِي الْآَيَة.
الْفِكْرَة الْأُخْرَى الَّتِي أَوَد أَن أَتَعَرَّض لَهَا: إِن لَفْظ [أَهْل الْبَيْت] وَرَد فِي الْقُرْآَن مَرَّتَيْن: فِي هَذِه الْآَيَة
وَفِي قَوِلِه تَعَالَى: [أَتَعْجَبِيْن مِن أَمْر الْلَّه رَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه عَلَيْكُم أَهْل الْبَيْت]، وَذَلِك حِيْنَمَا بَشَّرَت زَوْجَة إِبْرَاهِيْم (ع) بِوَلَد،
فَقَالَت: [أَأَلِد وَأَنَا عَجُوَز وَهَذَا بَعْلِي شَيْخا] فَأَجَابُوْهَا بِذَلِك الْجَوَاب.
فَإِنَّنَا نَقُوُل هُنَا بِأَن الْمُرَاد مِن أَهْل الْبَيْت، هُم أَهْل الْكِسَاء، وَلَيْس هَذِه الْمَرْأَة.
فَإِن قُلْت: إِن الْقَرْيَنَة الْمُتَّصِلَة تَقْتَضِي أَن يَكُوْن الْمُرَاد مِن أَهْل الْبَيْت هُم أَهْل بَيْت إِبْرَاهِيْم (ع)، لِأَن الْمُخَاطَبَة هِي زَوْجَتُه، وَلَا يُحْتَمَل صَرَف الْخَطَّاب مِن الْمُخَاطَب إِلَى أَشْخَاص سَوْف يُوْلَدُوْن بَعْد آَلِاف الْسِّنِيْن، وَالَّذِين هُم أَهْل الْكِسَاء.



▼▬█░▇▆▅ جَوَابَه مِن عِدَّة مُسْتَوَيَات ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْمُسْتَوَى الْأَوَّل: إِن الْقَرْيَنَة الْمُتَّصِلَة فِي الْآَيَة عَلَى نَفْيِه وَعَلَى خِلَافِه، فَإِن مَن يَعْتَرِض عَلَى بِشَارَة الْمَلَائِكَة، وَيَتَعَجَّب مِن أَمْر الْلَّه، وَهُو بِوَحْي مِن الْلَّه قِطْعَا، هَل يَصْلُح لَأَن يَكُوْن مِن أَهْل الْبَيْت؟ وَأَن تَكُوْن تِلْك الْمَرْأَة هِي الْمُخَاطَبَة بِذَلِك الْخِطَاب؟ حَاشَا لْعَدْل الْلَّه أَن يَكُوْن ذَلِك.
الْمُسْتَوَى الْثَّانِي: أَن نَّقُوْل وَلَو احْتِمَالَا، إِن عَمَلَا تَخُرِيبيّا قَد أُنْجِز خِلَال الْتَّأْرِيْخ، وَهُو وَضَع الْآَيَات الْخَاصَّة بِأَهْل الْحَق بَيْن قَرَائِن مَغْلُوْطَة، لِكَي تُنْسَب إِلَى غَيْر أَهْلِهَا، كَمَا نَسَبُوْا هَذِه الْآَيَة إِلَى أَهْل إِبْرَاهِيْم، وَنَسَبُوْا تِلْك الْآَيَة إِلَى نِسَاء الْنَّبِي (ص) . وَإِنَّمَا هُو قَوْل بِتَغْيِيْر بَعْض الْآَيَات.
فَمَن الْمُحْتَمَل أَن هَذِه الْقَرِيْنَة الْمُتَّصِلَة لَيْسَت بِقَرِيْنَة أَصْلَا، وَلَم تَنْزِل وَحْيَا هَكَذَا. فَتَتَوَقَّف دَعْوَاهُم عَلَى يَقِيْنِيَّة الْقَرِيْنَة. فَلَا يُمْكِن الْقَوْل بِذَلِك. لِاحْتِمَال الْفَصْل بِالْوَحْي بَيْن الْآَيَتَيْن. وَالْإِحْتِمال مُبْطِل للإسْتِدْلَال.
الْمُسْتَوَى الْثَّالِث : قَال الْسَّيِّد الَاسْتَاذ مُحَمَّد الْصَّدْر ( قُدْس) فِي بَحْث الْتَّفْسِيْر بِأَن هُنَاك اتِّجَاهَا هُو أَقْرَب إِلَى الْإِتِّجَاه الْبَاطِنِي فِي تَفْسِيْر الْقُرْآَن الْكَرِيْم، وَهُو الْتَّفْسِيْر التَجُزَيئِي لِلْقُرْآن. أَي أَن نَأْخُذ كُل لَفْظ وَكَأَنَّه نَزَل وَحْدَه فَنَفْهَمُه مِن دُوْن اسْتِعْمَال الْقَرَائِن الْمُتَّصِلَة.
إِذَن، فَإِنْتَفت الْقَرِيْنَة الْمُتَّصِلَة لِأَنَّنَا نَفْهَم أَهْل الْبَيْت كَأَنَّهَا نَزَلَت وَحْدَهَا.
وَلَكِن الْإِشْكَال فِي حُجِّيَّة الْفَهْم التَجُزَيئِي لِلْقُرْآن، فَإِنَّنَا ظَاهِرَا وَفِقهيّا لَا نَعْتَبِرُه حُجَّة، فِحيَئذ إِمَّا أَن نَشْهَد بِصِحَّة الْبَاطِن الَّذِي يَبْتَنِي عَلَيْه هَذَا الْوَجْه، وَإِمَّا أَن نُلْزِمَهُم بِمَا الْتَزَم بِه كُبَرَائِهِم مِن الْمُتَصَوِّفَة، أَعِنِّي بِصِحَّة الْفَهْم التَجُزَيئِي.
الْمُسْتَوَى الْرَّابِع: إِنَّنَا لَو تَنَزَّلْنَا عَن ذَلِك، أَمْكَنَنَا أَن نَفْهَم أُطْرُوْحَات أُخْرَى غَيْر أَنَّهُم: أَهْل بَيْت الْنَّبِي (ص) أَو أَهْل بَيْت الْلَّه. وَإِنَّمَا هُم أَهْل بَيْت إِبْرَاهِيْم (ع) لِأَنَّه أَبُو الْمُسْلِمِيْن، وَأَبُو الْنَّبِي (ص).


▼▬█░▇▆▅ غَايَة الْأَمْر أَنَّنَا نَحْتَاج هُنَا إِلَى مُقَدِّمَتَيْن ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْمُقَدِّمَة الْأُوْلَى: أَن يُرَاد بِبَيْت إِبْرَاهِيْم الْبَيْت الْمَعْنَوِي لَا الْمَادِّي.
الْمُقَدِّمَة الْثَّانِيَة: أَن يُرَاد بِأَهْلِه أَهُم مَن يُمْكِن فِيْه ذَلِك، وَهُم لَيْسُوْا سُكَّانُه الْسَّابِقِيْن كَزَوْجَتِه وَغَيْرِهَا. وَإِنَّمَا هُم أَيْضا أَهْل الْكِسَاء. إِلَا أَن هَذَا غَيْر مُمْكِن، لِأَن أَهْل الْبَيْت أَفْضَل مِن أَصْحَاب الْبَيْت، وَهَذَا غَيْر مُحْتَمَل. مِضَافَا إِلَى الْبُعْد الْزِّمَّانِي بَيْن إِبْرَاهِيْم وَبَيْن أَصْحَاب الْكِسَاء.
الْأُطْرُوْحَة الْأُخْرَى الْمُحْتَمَلَة : أَن يَكُوْن أَهْل بَيْت عَلَي (ع) بَعْد الْتَّنَزُّل عَن الْأُطْرُوْحَات الْسَّابِقَة،


▼▬█░▇▆▅ وَهَذَا أَيْضا يَحْتَاج إِلَى مُقَدِّمَتَيْن ▄▃▅▆▇░█▬▼
الْأُوْلَى: مَا عَرَفْنَاه مِن أَنَّه لَا يُوْجَد لِرَسُوْل الْلَّه (ص) بَيْت يُنْسَب الْآَخَرُوْن إِلَيْه.
الْثَّانِيَة: قُرَيْنِيَّة حَدِيْث الْكِسَاء، وَهُو نَص بِأَن أَهْل الْكِسَاء هُم خَمْسَة، كَمَا أَنَّه نَص عَلَى نُزُوْل الْآَيَة فِيْهِم.
وَمَعَه فَنَحْن تَأرِيخيّا نَعْرِف أَن حَادِثَة الْكِسَاء حُدِّثْت فِي بَيْت عَلِي (ع) وَأَن أَرْبَعَة مِنْهُم هُم أَهْل بَيْت عَلِي (ع) نَفْسِه، وَلَا يَبْقَى إِلَّا الْنَّبِي (ص)، وَهُو أَوْلَى بِانْطْبَاق الْصُّفَّة عَلَيْه مِنْهُم لِأَنَّه خَيْرُهُم.
مِضَافَا إِلَى أَن رَسُوْل الْلَّه (ص) كَان يَزُوْرُهُم صَبَاحْا وَمَسَاء، فَيُصَدَّق ظَاهِرَا وَبَاطِنَا، أَن بَيْت عَلِي (ع) هُو بَيْت الْنَّبِي. وَمَعَه تَخْرُج زَوْجَات الْنَّبِي يَقِيْنْا، لِأَنَّهُن غَيْر سَاكِنَات فِي بَيْت عَلِي (ع)، كَمَا أَنَّنَا يُمْكِن أَن نَدْخُل الْتِّسْعَة الْمَعْصُوْمِيْن مَجَازَا فِي الْدَّرَجَة الْثَّانِيَة بَعْد أَهْل الْكِسَاء. وَأَنَا أَعْتَقَد أَن بَيْت عَلِي(ع) بَيْت وَاحِد، أَي غُرْفَة وَاحِدَة يَسْكُنُوْن كُلُّهُم فِيْهَا [فِي الْمَدِيْنَة]. وَيُقَرِّب ذَلِك طَرِيْقَة زَوَاجِه [سَلَام الْلَّه عَلَيْه]، وَمِقْدَار الزُّهْد الْمُدْقِع الَّذِي تَزَوَّج بِه، وَإِنَّمَا اكْتَسَب أَهَمِّيَّتِه مَعْنَوِيَّا لَا مَادِيَّا.
فَإِن قُلْت: فَمَاذَا نَقُوُل فِي قَوْلِه (ص) : [سَلْمَان مِنَّا أَهْل الْبَيْت]؟
قُلْنَا: إِنَّه مِن أَهْل الْبَيْت إِلْحَاقَا وَتَنْزِيْلا، أَيُّا كَان الْبَيْت الْمَقْصُوْد.
اعتَذْرَعَن الاطَالَة وَذَكَر بَعْض الالْفَاظ المِنُّطَيقَة الَّتِي رُبَّمَا تُصَعِّب بِالْفَهْم عَلَى الْبَعْض .
لِانُحْلّل نَقَل الْمَوْضُوْع دُوْن ذَكَرَاسْم صَاحِبُه الْمَصْدَر: مُنْتَدَيَات الْسَّيِّد الْفَاطِمِي حَفِظَه الْلَّه وَرَعَاه!