اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الزّفَافُ وَمُقدّمَاتُه
وقعت فترة بين العقد والزفاف بدون قصد ، بل إنّ عليّاً (عليه السلام) كان يستحي أن يطالب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بزوجته ، وكان الرسول أيضاً يحافظ على كرامة السيدة فاطمة فما ينبغي له أن يزف ابنته قبل مطالبة زوجها ذلك .
وطالت تلك الفترة شهراً أو شهوراً ، وبقي الأمر مسكوتاً عنه ، وأخيراً جاء عقيل إلى علي يسأله عن سبب السكوت والقعود ، ويستنهضه للقيام بمقدمات الزفاف وكان علي (عليه السلام) يستحي من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يطالبه أن يزفّ السيدة فاطمة ولكن عقيلاً ألحّ عليه ، فخرجا يريدان الدخول على الرسول للمذاكرة حول الموضوع .
التقت أُمّ أيمن بهما ، وسألت منهما عدم التدخّل مباشرةً ، وتكفّلت هي إنهاء الأمر ، ولهذا ذهبت إلى أُمّ سلمة فأعلمتها بذلك ، وأعلمت نساء النبي ، فاجتمعن عند الرسول وكان في بيت عائشة فأحدقن به ، وقلن : فديناك بآبائنا وأُمّهاتنا يا رسول الله ! قد اجتمعنا لأمر لو أنّ خديجة في الأحياء لقرَّت بذلك عينها !!
فلمّا سمع النبي اسم خديجة بكى ، ثم قال : خديجة وأين مثل خديجة ؟ صدَّقتني حين كذّبني الناس ، وآزرتني على دين الله ، وأعانتني عليه بمالها !!إنّ الله عزّ وجل أمرني أن أبشّر خديجة ببيت في الجنّة من قصب الزمرد ، لا صخب فيه ولا نصب .
قالت أم سلمة : فقلنا : فديناك بآبائنا وأُمّهاتنا يا رسول الله إنّك لم تذكر من خديجة أمراً إلاَّ وقد كانت كذلك ، غير أنّها مضت إلى ربّها ، فهنَّأها الله بذلك ، وجمع بيننا وبينها في درجات جنّته ورضوانه ورحمته .
يا رسول الله ! هذا أخوك في الدنيا ، وابن عمّك في النسب ، علي بن أبي طالب يحب أن تُدخل عليه زوجته فاطمة تجمع بها شمله .
وفي رواية : إنّ المتكلّمة هي أُمّ أيمن قالت : يا رسول الله ! لو أنّ خديجة باقية لقرَّت عينها بزفاف فاطمة ، وإنّ عليّاً يريد أهله ، فقرّ عين فاطمة ببعلها ، واجمع شملهما ، وقرّ عيوننا بذلك .
فقال (صلّى الله عليه وآله) : فما بال علي لا يسألني ذلك ؟
قالت : الحياء منك يا رسول الله !!
فقال ـ لأُم أيمن ـ : انطلقي إلى علي فائتيني به .
خرجت أم أيمن ، فإذا علي ينتظر ليسألها عن جواب رسول الله ، وحضر علي (عليه السلام) عند الرسول (صلّى الله عليه وآله) وجلس مطرقاً رأسه نحو الأرض حياءً منه ، فقال له : أتحب أن تدخل عليك زوجتك ؟ قال : نعم ، فداك أبي وأمي ! قال : نعم ، وكرامة ، أدخلها عليك في ليلتنا هذه أو ليلة غد إن شاء الله .
هيئ منزلاً حتى تحوِّل فاطمة إليه .
قال علي : ما هاهنا منزل إلاَّ منزل حارثة بن النعمان .
فقال النبي : لقد استحينا من حارثة بن النعمان ، قد أخذنا عامة منازله !!
فوصل الخبر إلى حارثة ، فجاء النبي وقال : يا رسول الله ! أنا ومالي لله ولرسوله ، والله ما شيء أحبّ إليّ ممّا تأخذه ، والذي تأخذه أحبّ إليَّ ممّا تتركه !!
يا لروعة الإيمان بالله والرسول .
يا لجمال الاعتقاد بالآخرة والأجر والثواب !!
جعل حارثة أحد منازله تحت تصرّف علي ، وقام علي بتأثيث حجرة العروس وتجهيزها ، فقد بسط كثيباً (رملاً) في أرض الحجرة ، ونصب عوداً يوضع عليه القربة واشترى جرّة وكوزاً ، ونصبوا خشبة من حائط إلى حائط للثياب !! ، وبسط جلد كبش ، ومخدّة ليف !
هذا جميع ما كان يتمتّع به علي (عليه السلام) من متاع الحياة الدنيا وزخرفها !! لقد مرّ عليك أنّ الصداق الذي استلمه النبي من علي قسّمه أثلاثاً : ثلثاً اشترى به المتاع ، وثلثاً للطيب بمناسبة الزفاف ، وثلثاً تركه أمانة عند السيدة أُمّ سلمة ، استرجع النبي الثلث الأخير من الصداق ، وسلَّمه إلى علي كمساعدة ، حيث إنّه في مقتبل حياة جديدة ، والحاجة ماسَّة إلى المال كما لا يخفى ، وقال : يا علي إنّه لابدّ للعروس من وليمة :
يا لشرف الإنسانية !!
يا لعظمة الأخلاق !!
يا لصدق المحبّة والعاطفة !!
وتقدّم بعض الأصحاب إلى علي ببعض الهدايا ، وأمر النبي (صلّى الله عليه وآله) عليّاً أن يصنع طعاماً فاضلاً ، أمره بالوليمة لأنّ الله تعالى يحب إطعام الطعام ؛ لأنّ الوليمة فيها خيركثير ، وفائدة عامّة ومنافع جمّة ، فهي إشباع البطون الجائعة ، وغرس المحبّة في القلوب ، وقبل كل شيء فيها رضا الله سبحانه .
ولكنّنا ـ يا للأسف ـ استبدلنا الوليمة بحفلة القِران واستبدلنا الإطعام بتناول بعض المرطبات والحلويات التي لا تُسمن ولا تغني من جوع !!
ومن الضروري أن لا ننسى أنّ السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد ضربت الرقم القياسي في الإنفاق في سبيل الله ، والإيثار ابتغاء وجه الله ، ولعلّك لا تجد مثيلة لهذه المكرمة في تاريخ النساء ! فقد روى الصفوري في (نزهة المجالس ج2 ص226) عن ابن الجوزي أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) صنع لها قميصاً جديداً ليلة عرسها وزفافها وكان لها قميص مرقوع وإذا بسائل على الباب يقول : أطلب من بيت النبوّة قميصاً خَلِقاً ، فأرادت أن تدفع إليه القميص المرقوع ، فتذكّرت قوله تعالى : ( لن تنالوا البرَّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون ) . فدفعت له الجديد ، فلمّا قرب الزفاف نزل جبرئيل قال : يا محمد ! إنّ الله يقرؤك السلام ، وأمرني أن أُسلِّم على فاطمة ، وقد أرسل لها معي هدية من ثياب الجنّة من السندس الأخضر . . الخ .
لقد تهيّأ طعام الوليمة ، فلقد طبخ اللحم ، وحضر الخبز ، والتمر والسمن ، وأقبل رسول العظمة (صلّى الله عليه وآله) وحسر عن ذراعيه ، وجعل يشدخ التمر في السمن ليكونا بمنزلة الحلويات والفطائر ، وأمر النبي عليّاً أن يدعو الناس إلى وليمته .
أقبل علي (عليه السلام) إلى المسجد ، والمسجد غاص بالمسلمين وهناك أهل الصفّة وهم المهاجرون الذين ما كانوا يملكون يومذاك شيئاً . وهناك أهل المدينة من الأنصار وغيرهم وليسوا من الأغنياء ، فما يصنع علي بهذا العدد الكثير مع الطعام القليل ؟
ونفسيّته الطاهرة الشريفة لا تسمح له أن يدعو قوماً ولا يدعو قوماً آخرين فالكل يحبّون أن يأكلوا من وليمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والجميع يرغبون إلى الحضور في تلك المأدبة المباركة .
لكن إيمان علي بقدرة الله تعالى ، واعتقاده ببركات يمين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هوَّن عليه كل شيء ، فصعد على مكانٍ عالٍ ، يسمعه كل أحد ، ونادى : ( أيّها الناس أجيبوا إلى وليمة فاطمة بنت محمد ) .
فوَصل صوت علي حتى إلى بساتين المدينة ومزارعها ، وأقبل الناس رجالاً ونساءً وحتى أهل البساتين ، يأكلون ويشربون ، ويحملون معهم من ذلك الطعام .
وهنا ظهرت بركة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذ إنّ الطعام لم ينفد ، بل وكأنّه لم ينقص ، ودعا رسول الله بالأواني فمُلئت بالطعام ، ووجَّه بها إلى بيوت زوجاته وأخذ صفيحة (آنية) وقال : هذه لفاطمة وبعلها !!
وغابت الشمس من ذلك اليوم ، واقترب زفاف السيدة فاطمة إلى دار زوجها .
فهنا اتخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جميع التدابير اللازمة لزفاف ابنته فاطمة ، وبالرغم من أنّ زواج السيدة فاطمة كان يمتاز بالبساطة والسهولة والابتعاد عن التكلّف والترف ، وما أشبه ذلك إلاَّ أنّه كان محاطاً بآيات العظمة والجلالة والجمال حتى روى الهيثمي في مجمع الزوائد ، عن جابر أنّه قال : حضرنا عرس علي وفاطمة (رضي الله عنهما) فما رأينا عرساً كان أحسن منه . . الخ .
أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) زوجاته بتزيين السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) استعداداً للزفاف ، فقامت النسوة فضمَّخنها بالطيب ، وألبسنها الحلي ، فكانت إحداهن تمشّط شعرها ، والأُخرى بتزيينها ولبست الحلَّة التي جاء بها جبرئيل من الجنّة ، وكانت الحلَّة لا تُقوَّم بقيمة ، ولا تثمَّن بثمن .
وإنّما بذل الرسول (صلّى الله عليه وآله) هذه العناية الخاصة ، وخصَّ ابنته السيدة فاطمة الزهراء بعواطفه الغزيرة دون سائر بناته لأسباب ، منها :
فضائلها الشخصية ، ومزاياها النفسية .
وأنّ زوجها علي بن أبي طالب صاحب المواهب والسوابق وهو ابن عمّ الرسول ، ولم يكن في أصهاره مَن له تلك القرابة القريبة والمنزلة الخصيصة .
وأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يعلم أنّ ابنته الطاهرة ستشملها آية التطهير وآية المباهلة والقربى .
وأنّها أُمّ الأئمّة الطاهرين إلى يوم القيامة .
لقد جاءت تلك الليلة التي ستشعر السيدة فاطمة بأنّها يتيمة ، وتشعر بفقدان أُمّها خديجة ، والأُم لها دور مهم في ليلة عرس ابنتها ، ولكن أين خديجة هذه الليلة ؟
ولمّا انصرفت الشمس نحو الغروب دعا الرسول بابنته الطاهرة ودعا بصهره العظيم فأقبلت السيدة فاطمة ، وقد لبست ثوباً طويلاً ، تجرّ ذيلها على الأرض ، وقد تصبّبت عرقاً حياءً من أبيها سيّد الأنبياء .
وقد شاء الله تعالى أن يكون زواج السيدة فاطمة ممتازاً من جميع الجوانب والنواحي وهكذا أراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن لا تشعر ابنته العزيزة باليتم ، ولهذا ، ولغير ذلك أتى النبي ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطيفة ، وقال لفاطمة : اركبي .
وأمر النبي (صلّى الله عليه وآله) سلمان أن يقود البغلة ، وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يسوقها (1) .
بالله عليك ـ أيها القارئ ـ هل سمعت أو قرأت في تاريخ عظماء الدنيا ـ من أنبياء وملوك ووزراء وسلاطين ـ أن بنتاً تزف إلى دار زوجها ، وسيِّد الأنبياء يسوق بغلتها ؟
نعم ، لقد اشترك أهل السماء مع أهل الأرض في زفاف الإنسية الحوراء .
فقد روى الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد ج5 ص7) والجويني في (فرائد السمطين) والذهبي في (ميزان الاعتدال) والعسقلاني في (لسان الميزان) والقرماني في (أخبار الدول) والقندوزي في (ينابيع المودة) عن ابن عباس أنّه قال :
لمّا زُفت فاطمة إلى علي كان النبي (صلّى الله عليه وآله) قُدّامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك خلفها ، يسبّحون الله ويقدّسونه حتى طلع الفجر .
ورُوي عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : ( . . . فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ببغلته الشهباء (2) وثنى عليها قطيفة ، وقال : اركبي .
وأمر سلمان أن يقودها ، والنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يسوقها .
فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبي وجبة (1) فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفاً ، وميكائيل في سبعين ألفاً .
فقال النبي : ما أهبطكم إلى الأرض ؟
قالوا : جئنا نزفّ فاطمة إلى علي بن أبي طالب .
فكبّر جبرئيل ، وكبَّر ميكائيل ، وكبّرت الملائكة ، وكبّر محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة (2) .
وهكذا اجتمع رجالات بني هاشم يمشون في موكب السيّدة . وأمر النبي (صلّى الله عليه وآله) بنات عبد المطلب (عمّاته) ونساء المهاجرين والأنصار أن يرافقن فاطمة في تلك المسيرة وكانت زوجات الرسول (صلّى الله عليه وآله) يمشين قُدَّامها ، ويرجزن فكانت أُمّ سلمة تقول :
سِرنَ بعون الله جاراتي = واشكرنه في كل حالاتِ
واذكرن من أنعم ربّ العلى = من كشف مكروه وآفاتِ
فقد هدانا بعد كفرٍ ، وقد = أنعشنا ربُّ السماواتِ
وسرن مع خير نساء الورى = تُفدى بعمَّاتٍ وخالاتِ
يا بنت مَن فضّله ذو العلى = بالوحي منه والرسالاتِ
ثم قالت عائشة :
يا نسوة استترن بالمعاجر = واذكرن ما يحسن في المحاضرِ
واذكرن ربَّ الناس إذ يخصّنا = بدينه مع كل عبدٍ شاكرِ
والحمد لله على أفضاله = والشكر لله العزيز القادرِ
سرن بها فالله أعطى ذكره = وخصّها منه بطهر طاهرِ
ثم قالت حفصة :
فاطمة خير نساء البشر = ومَن لها وجه كوجه القمر
فضَّلك الله على كل الورى = بفضل مَن خصَّ بآي الزمَّر
زوَّجك الله فتىً فاضلاً = أعني عليّاً خير مَن في الحضر
فَسرن جاراتي بها إنّه = كريمة بنت عظيم الخطر
ثم قالت معاذة أم سعد بن معاذ :
أقول قولاً فيه ما فيه = وأذكر الخير وأبديه
محمد خير بني آدمٍ = ما فيه من كبرٍ ولا تيه
بفضله عرَّفنا رشدنا = فالله بالخير يجازيه
ونحن مع بنت نبيّ الهدى = ذي شرفٍ قد مكنت فيه
في ذروةٍ شامخة أصلها = فما أرى شيئاً يدانيه
وكانت النسوة يرجّعن أوّل بيت من كل رجز ، ودخلن الدار ، ثم أنفذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى علي ودعاه ثم دعا فاطمة فأخذ يدها ووضعها في يد علي وقال : بارك الله في ابنة رسول الله .
يا علي ! هذه فاطمة وديعتي عندك !
يا علي ! نعم الزوجة فاطمة !
ويا فاطمة ! نعم البعل علي !!
اللّهمّ بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في سبيلهما ، اللّهمّ إنّهما أحبّ خلقك إليّ فأحبّهما ، واجعل عليهما منك حافظاً ، وإنّي أعيذهما بك وذرّيّتهما من الشيطان الرجيم .
ثم دعا بماءٍ فأخذ منه جرعة فتمضمض بها ، ثم مجّها في القعب ، ثم صبّها على رأس فاطمة وعلى صدرها وبين كتفيها ثم دعا عليّاً فصنع به كما صنع بها .
وأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) النساء بالخروج فخرجن ، وبقيت أسماء بنت عميس ، فلمّا أراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يخرج رأى سواداً فقال : مَن أنت ؟ قالت : أسماء بنت عميس ! قال : ألم آمركِ أن تخرجي ؟ قالت : بلى يا رسول الله ! فداك أبي وأُمّي ، وما قصدت خلافك ، ولكنّي أعطيت خديجة عهداً ـ وحدّثَتْه ـ فبكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذ هاجت عواطفه من حديث خديجة ، وإنّها كانت تتفكّر حول تلك الليلة ، وأنّ فاطمة ـ الليلة ـ منكسرة القلب .
فقال لها : بالله لهذا وقفت ؟
قالت أسماء : نعم ، والله !
فقال (صلّى الله عليه وآله) : يا أسماء ، قضى الله لك حوائج الدنيا والآخرة .
فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد:السيد محمّد كاظم القزويني
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين