اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
إن واقعة الغدير أشهر من نار على علم
وحديثها متواتر صحيح السند
رواه العامة والخاصة من كبار الصحابة والتابعين والعلماء
ولكن رغم شهرة هذه الواقعة
وماحدث فيها من مُبايعة للإمام علي عليه السلام
قام بعض الصحابة بإنكارها
رغم مناشدة المولى أمير المؤمنين لهم
فهل كانوا على حق؟!
كما يُزعم البعض بعدالة جميع الصحابة!!
فلنقرأ معاً هذه الروايات
لننظر بعين العقل
من كان على الحق؟!
ومن إنحرف عنه؟!
سنشير أولاً إلى الصحابة الذين أنكروا هذه الحادثة وكتموا الشهادة بها:
1 ـ أبو حمزة أنس بن مالك المتوفى 90 / 1 / 3.
2 ـ براء بن عازب الأنصاري المتوفى 71 / 2.
3 ـ جرير بن عبد الله البجلي المتوفى 51 / 54.
4 ـ زيد بن أرقم الخزرجي 66 / 8.
5 ـ عبد الرحمن بن مدلج.
6 ـ يزيد بن وديعة.
إن المصادر التي بين أيدينا تشير إلى مناشدة الإمام علي عليه السلام لهؤلاء وغيرهم بسماع حديث الغدير من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقر جماعة منهم وأنكر آخرين
فقد ذكر السيّد جمال الدين المحدّث الشيرازي في كتاب (الأربعين في فضائل أميرالمؤمنين) في بيان تواتر حديث الغدير:
«ورواه زر بن حبيش فقال: خرج علي عليه السلام من القصر، فاستقبله ركبان متقلّدي السيف، عليهم العمائم، حديثي عهد بسفر فقالوا: السلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا.
فقال علي عليه السلام بعد ما ردّ السلام: من هاهنا من أصحاب رسول الله؟
فقام إثنا عشر رجلاً منهم: خالد بن زيد أبو أيّوب الأنصاري، وخزيمة بن ثابت ذوالشهادتين، وثابت بن قيس بن شماس، وعمّار بن ياسر، وأبوالهيثم بن التّيهان، وهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص، وحبيب بن بديل بن ورقاء. فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث.
فقال علي لأنس بن مالك والبراء بن عازب: ما منعكما أنْ تقوما فتشهدا، فقد سمعتما كما سمع القوم؟
فقال: اللّهمّ إن كانا كتماها معاندةً فأبلهما; فأمّا البراء فعمي، فكان يسأل عن منزله فيقول: كيف يرشد من أدركته الدعوة. وأمّا أنس فقد برصت قدماه. وقيل: لمّا استشهده علي عليه السلام على قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كنت مولاه فعلي مولاه واعتذر بالنسيان فقال: اللّهمّ إن كانت كاذباً فأبله ببياض لا تواريه العمامة، فبرص وجهه، فسدل بعد ذلك برقعاً على وجهه.
قال أبو محمد ابن قتيبة في المعارف ص 251 : أنس بن مالك كان بوجهه برص وذكر قوم : إن عليا رضي الله عنه سأله عن قول رسول الله : أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
فقال : كبرت سني ونسيت ، فقال علي : إن كنت كاذبا فضربك الله بيضاء لا تواريها العمامة.
وقال أحمد بن جابر البلاذري في الجزء الأول من أنساب الأشراف : قال علي على المنبر : انشد الله رجلا سمع رسول الله يقول يوم غدير خم : أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، إلا قام وشهد ؟ وتحت المنبر أنس بن مالك ، والبراء بن عازب ، وجرير بن عبد الله البجلي ، فأعادها فلم يجبه أحد فقال : أللهم من كتم هذه الشهادة وهو يعرفها فلا تخرجه من الدنيا حتى تجعل به آية يعرف بها. قال : فبرص أنس ، وعمي البراء ، ورجع جرير أعرابيا بعد هجرته فأتى الشراة فمات في بيت أمه.
وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 ص 488 : المشهور أن عليا عليه السلام ناشد الناس في الرحبة بالكوفة فقال : أنشدكم الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي و هو منصرف من حجة الوداع : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ؟ فقام رجال فشهدوا بذلك. فقال عليه السلام لأنس بن مالك : ولقد حضرتها فمالك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ؟ كبرت سني وصار ما أنساه أكثر مما أذكره فقال له : إن كنت كاذبا فضربك الله بها بيضاء لا تواريها العمامة. فما مات حتى أصابه البرص.
وقال في ج 1 ص 361 : وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين إن عدة من الصحابة والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين من علي عليه السلام قائلين فيه السوء و منهم من كتم مناقبه وأعان أعدائه ميلا مع الدنيا وإيثارا للعاجلة ، فمنهم : أنس بن مالك ناشد علي عليه السلام في رحبة القصر أو قالوا برحبة الجامع بالكوفة : أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها وأنس بن مالك في القوم لم يقم. فقال له : يا أنس ؟ ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها فقال : يا أمير المؤمنين ؟ كبرت ونسيت. فقال : أللهم إن كان كاذبا فارمه بيضاء لا تواريها العمامة. قال طلحة بن عمير : فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه ، و روى عثمان بن مطرف : إن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب ؟ فقال : إني آليت أن لا أكتم حديثا سألت عنه في علي بعد يوم الرحبة ، ذاك رأس المتقين يوم القيامة ، سمعته والله من نبيكم.
وفي تاريخ ابن عساكر 3 ص 150 : قال أحمد بن صالح العجلي : لم يبتل أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا رجلين معيقيب كان به داء الجذام ، وأنس بن مالك كان به وضح يعني البرص ، وقال أبو جعفر : رأيت أنسا يأكل فرأيته يلقم لقما كبارا ورأيت به وضحا وكان يتخلق بالخلوق. وقول العجلي المذكور حكاه أبو الحجاج المزي في تهذيبه كما في خلاصة الخزرجي ص 35 وقد نظم السيد الحميري إصابة الدعوة عليه في لاميته الآتية بقوله : في رده سيــد كل الورى فصده ذو العــرش عن رشده مولا هــم في المحكم المنزل وشأنه بالبــرص الأنكل وقال الزاهي في قصيدته : ذاك الذي استوحش منه أنس إذ قال : من يشهد بالغدير لي ؟ فقال : أنسيت. فقال : كاذب أن يشهد الحق فشاهد البرص فبادر السامع وهو قد نكص سوف ترى ما لا تواريه القمص
وأخرج الخوارزمي من طريق الحافظ ابن مردويه في مناقبه عن زاذان أبي عمرو : إن عليا سأل رجلا في الرحبة من حديث فكذبه ، فقال علي : إنك قد كذبتني ، فقال : ما كذبتك. فقال : أدعو الله عليك إن كنت كذبتني أن يعمي بصرك ، قال : ادع الله. فدعا عليه فلم يخرج من الرحبة حتى قبض بصره.
ورواه خواجة پارسا في فصل الخطاب من طريق الإمام المستغفري وكذلك نور الدين عبد الرحمن الجامي عن المستغفري ، وعده ابن حجر في الصواعق ص 77 من كرامات أمير المؤمنين عليه السلام ، ورواه الوصابي في محكي الاكتفاء عن زاذان من طريق الحافظ عمر بن محمد الملائي في سيرته وجمع آخرون.
وقال أبو عمرو الكشي في فهرسته ( 3 ) ( ص 30 ) : فيما روي من جهة العامة ، روى عبد الله بن إبراهيم قال : أخبرنا أبو مريم الأنصاري ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبش ، قال :
خرج علي بن أبي طالب عليه السلام من القصر ، فاستقبله ركبان متقلدون بالسيوف عليهم العمائم ، فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا مولانا . فقال علي : « من ها هنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ » .
فقام خالد بن زيد أبو أيوب ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وقيس بن سعد ابن عبادة ، وعبد الله بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا جميعا : أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقوم يوم غدير خم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » .
فقال علي عليه السلام لأنس بن مالك والبراء بن عازب : « ما منعكما أن تقوما فتشهدا ، فقد سمعنا كما سمع القوم ؟ ثم قال : أللهم إن كانا كتماها معاندة فابتلهما » . فعمي البراء بن عازب ، وبرص قدما أنس بن مالك ، فحلف أنس بن مالك أن لا يكتم منقبة لعلي بن أبي طالب ولا فضلا أبدا .
أما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله فيقال : هو في موضع كذا وكذا . فيقول : كيف يرشد من أصابته الدعوة ؟ !
وممن أخرج هذا الحديث وممن أخرجه من المحدثين القدامى ابن أبي شيبة في المصنف : ح 2122 . وأحمد في المسند : 5 / 419 وفي كتاب مناقب علي : برقم 91 وفي فضائل الصحابة : 967 ، وقال محققه : إسناده صحيح ,
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ح 4053 ، والخركوشي في شرف المصطفى : ق 196 ، وابن عساكر بالأرقام : 522 ، 530 ، 531 ، 532 ، 533 ، وابن المغازلي في كتاب المناقب ، برقم 30 ، والديلمي في مسند الفردوس : ج 3 ق 96 وقال : رواه ابن منيع ، والضياء المقدسي في المختارة ، وعنه البوصيري في إتحاف السادة المهرة ، وأورده ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : 3 / 208 ، والباعوني في جواهر المطالب في الباب 12 ق 16 / أ عن أحمد والبغوي في معجمه .
والذهبي في كتابه في الغدير بالأرقام : 43 ، 44 ، 116 ، 117 ، 118 ، 123 ، وقال : أخرجه جماعة ثقات عن شريك .
وأورده ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق : 17 / 354 ، والقرافي في نفحات العبير الساري في أحاديث أبي أيوب الأنصاري : ق 75 / ب ، وبلفظ آخر في ق 76 .
وأبو المواهب الرشدي المتوفى سنة 948 في قوت القلوب في أحاديث أبي أيوب : ق 62 / ب ح 64 ، والسخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف : ق 22 ، والبوصيري في إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة : ج 3 ق 56 / أ ، قال : رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل بن منيع البغوي واللفظ له ... ورواته ثقات .
واسماعيل النقشبندي في مناقب العشرة : ق 334 وقال : أخرجه البغوي في معجمه ، وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة : 4 / 340 عن أحمد والطبراني ، وقال : وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات . (الطباطبائي) .
تحياتي