اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن التناول لفضائل الزهراء(عليها السلام)ومناقبها في جانبي الحياة العبادي والاجتماعي،لا شك يعد من الأمور المهمة،لتتضح مكامن عظمتها،فيتعزّز الولاء لها ويتعمّق لدى المؤمنين،لكن الأهم أن نتعلّم من سيرتها ومكارم أخلاقها،المنهج القويم لكيفية أداء المرأة المسلمة لدورها في صنع الحياة السعيدة للفرد والمجتمع معاً،وبالتالي كيفية توظيف طاقاتها في بنائهما بصورة صحيحة..فسيرة الصديقة الطاهرة تعلمنا أيضاً،ما ينبغي أن تكون عليه المرأة في علاقة العبودية لله تعالى،وإدارة شؤون أفراد أسرتها،ودورها في الحفاظ على سعادتها،فيجعلها تصنع الرجال والنساء الصالحين،كما ونتعلم كيف ينبغي أن تكون المرأة في عفتها وحجابها وعلمها،وما هو دورها التثقيفي للمجتمع وفي تكافله الاجتماعي، وما هو دورها الجهادي في الدفاع عن الإسلام ونصرة الحق،حينما يتطلب الموقف أن تؤدي هذا الدور،إضافة إلى دورها الأسري، وكيف تقف مع الرجل ( زوجها وأولادها وأبيها ) مؤازرة له،ومخففة من معاناته وآلامه وجراحه في الحياة، لكي يؤدي دوره الرسالي في الحفاظ على الإسلام والدفاع عنه،ونحن إذا ما تأملنا الأدوار المثالية التي اضطلعت بها الزهراء نجد إنها متعددة فهناك :
1- الدور الأسري/ 2- الدور الاجتماعي / 3- الدور التثقيفي/ 4- الدور الجهادي / 5- الدور في إعطاء نموذج القدوة والأسوة للمجتمع.
قبل أن نقوم بالتعرف على هذه الأدوار،لابد للمرأة أن تعمل على بناء شخصيتها العبادية والنفسية والأخلاقية والعلمية،لتستطيع أن تقتدي بالزهراء في أداء هذه الأدوار..فقد ضربت لنا المثل الأعلى بعبادتها وإيمانها وطاعتها وانقطاعها إلى الله تعالى، ومن مظاهر عبادتها، كثرة صلاتها وخضوعها ودعائها وأذكارها لله تعالى،وكانت تواظب على أدائها في محرابها رغم إنها كانت تباشر بنفسها شؤون المنزل وتربية الأولاد، ولقد ضربت الزهراء (عليها السلام) أروع الأمثلة في ما يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة، من حصانة وعفة مع أدائها لدورها في داخل المنزل وخارجه .. وذلك من خلال بيان مواصفات الحجاب الشرعي الكامل الذي يحفظ للمرأة كرامتها، ويصونها من عبث أصحاب الشهوات والغرائز، ويحفظ للمجتمع عفته واستقراره النفسي والاجتماعي.. لذا ينبغي للمرأة المؤمنة أن تواظب على أداء صلواتها في أول وقتها، وتكثر من ذكر الله تعالى والدعاء، وتلاوة القرآن، والالتزام بالمستحبات بحسب ما يسمح به وقتها.. بحيث لا يؤثر ذلك على حقوق الزوج والأسرة،وكذلك التزامها ببقية العبادات من صوم وحج وخمس وزكاة، وأداء حقوق الوالدين والأرحام،فتقوية الجانب ألعبادي مهم للمرأة، كونه المفتاح لبناء شخصيتها السوية، ومن جملة ذلك بناء الشخصية المعرفية والثقافية للمرأة فقد روي إن الزهراء (عليها السلام) قد تلقت الكثير من العلم منذ طفولتها من أبيها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وما كانت تأتيه لبعض شؤونها إلا ويتحفها بشيء من العلم أو الدعاء أو الصلوات أو الأذكار .. ولابد هنا أن نتحدث ولو بشيء من الاختصار عن الأدوار التي مارستها الزهراء (عليها السلام) والتي تمثل قدوة للمرأة المؤمنة الصالحة الكاملة:
الدور الاسري : لقد كان بيت فاطمة (عليها السلام) يمثل النموذج الكامل والقدوة الصالحة في الإسلام حيث كان أمير المؤمنين بعلها سيد الوصيين،النموذج الكامل للرجل،ولقد رسمت الزهراء في بيتها معالم البيت الإسلامي الأمثل،وضربت أروع الأمثلة في طاعة الزوج، ومراعاة حقوقه والإخلاص له،وعدم الخروج بغير إذنه،وكانت تعينه على طاعة الله تعالى، وتؤثره على نفسها،وتدخل عليه البهجة والسرور،وتخفف عنه هموم الدنيا ومصاعبها ومشاكلها،حتى انه إذا نظر إليها؛ انكشفت عنه الهموم والأحزان،وكانت تصبرعلى شظف العيش،وقلة ذات اليد،وتقوم بمسؤوليات البيت وأداء واجبات الأسرة،في جو من المودة والصفاء والتعاون والوفاء لله دون منة أو تكدير خاطر أو إشاعة جو من التأزم والاختلاف، فضربت الزهراء (عليها السلام) أروع الأمثلة في الصبر على الم المعاناة من واجبات المنزل، حتى إنها كانت تطحن بالرحى، وتعجن وتغزل جزة الصوف مقابل مبلغ من المال؛ لتعين زوجها في تحمّل نفقات الأسرة..ولقد اضطلعت الزهراء بدور آخر مهم، لا يقل أهمية عن مباشرتها شؤون المنزل، إلا وهو تربية الأولاد، فقد وهبها الله تعالى كرامة أمومة الأوصياء ،وأعطاها شرف الربط بين النبوة والإمامة .. ولقد غرست الزهراء (عليها السلام) في نفوس أولادها خصال الخير ومكارم الأخلاق، ومعالي الفضيلة ، وأرضعتهم مبادئ التوحيد، والدفاع والانتصار للحق.
دورها التعليمي : كانت الزهراء تعلِّم النساء ما يشكل عليهن من الأحكام الشرعية، والمعارف الإلهية الضرورية، حينما يأتيها نساء المدينة وجيرانها ليتعلمن منها تلك الأحكام والمعارف،فأصبح بيتها المدرسة النسائية الأولى في الإسلام،تستقبل فيه النساء بصدر رحب لا يعرف الملالة والسأم .. وأحيانا ًهي التي تقصد النساء لتعليمهم الأحكام والمعارف .
دورها في رعاية المحتاجين ورعاية الأمر: كانت الزهراء معيناً للمحتاجين من أبناء المجتمع الإسلامي، تنفق في سبيل الله،وتعتق الرقاب..ففي بعض الروايات إنها (عليها السلام) نزعت قلادتها وقرطيها وسواريها، ونزعت ستر بيتها وبعثت بجميع ذلك إلى أبيها (صلى الله عليه واله وسلم) وقالت :" اجعل هذا في سبيل الله " فقال (صلى الله عليه واله وسلم):قد فعلت فداها أبوها – ثلاث مرات – ما لآل محمد وللدنيا فإنهم خلقوا للآخرة، وخلقت الدنيا لغيرهم.
دورها الجهادي: مارست الزهراء (عليها السلام) دورها الجهادي حتى مع تعرضها للمأساة بسبب فقد والدها،وغصب حق الخلافة من بعلها، فخرجت وبيّنت للقوم ونساء المهاجرين والأنصار حقائق الإسلام، ودافعت عن الحق وطالبت بإعادته إلى أصحابه، ودفعت ثمناً لذلك حياتها الطاهرة .

خطبة: الشيخ عبد المهدي الكربلائي


نســألكم الدعاء
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين