اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

السماح والعفو

"ما أوذي نبي مثلما أوذيت "

المشرفون: الفردوس المحمدي،تسبيحة الزهراء

صورة العضو الرمزية
فاطمة مشكاة قبري
فـاطـمـيـة
مشاركات: 6385
اشترك في: الخميس ديسمبر 17, 2009 7:59 pm

السماح والعفو

مشاركة بواسطة فاطمة مشكاة قبري »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" اللهم صل على محمد وآله، وسدّدني لأن.. أغضي عن السيئة... اللهم إني أعتذر إليك.. من مسيى‏ء اعتذر إليّ فلم أعذره.. اللهم وأيما عبد نال مني ما حظرت عليه وانتهك مني ما حجرت عليه، فمضى بظلامتي ميتاً، أو حصلت لي قبله حياً.. فاغفر له ما ألمّ به مني، واعف له عما أدبر به عني، ولا تقفه على ما ارتكب فيّ، ولا تكشفه عما اكتسب بي، واجعل ما سمحت به من العفو عنهم، وتبرّعت به من الصدقة عليهم أزكى صدقات المتصدقين وأعلى صلات المتقربين وعوّضني من عفوكِ عنهم عفوك " . الصحيفة السجادية

أ- في رحاب الدعاء:

العفو فضيلة أكثر أهل البيت عليهم السلام دعوة الناس إليها واعتبروها سبباً رئيساً في استقرار المجتمعات وثباتها، وركناً في الإصلاح البشري والتعايش ومن ذلك ما ورد في هذا الدعاء المبارك لمولانا السجاد عليه السلام بأسلوب ساحر في البيان ورائع في إيصال المعاني إلى حيث تستقر في القلوب وتتمكن منها لتترجم فيما بعد سلوكاً عملياً، وبناءً نفسياً عاطفياً نابعاً من العقل والشرع معاً، فإذا كان المخلوق الضعيف قدّر له أن يعفو فكيف بالخالق العظيم الذي لا شك أنه سيعوّضنا من عفونا عمن ظلمنا عفوه عنّا لأنه أكرم بالعفو، ومما ورد عن العترة الطاهرة عليهم السلام في أهمية العفو ما عن أمير المؤمنين ‏عليه السلام العفو تاج المكارم العفو أعظم الفضيلتين شيئان لا يوزن ثوابهما: العفو والعدل، قلة العفو أقبح العيوب والتسرّع إلى الانتقام أعظم الذنوب.


وفي الحديث: " إذا أوقف العباد نادى منادٍ: ليقم من أجره على اللَّه وليدخل الجنة، قيل: من ذا الذي أجره على اللَّه؟قال: العافون عن الناس ".

ب- العفو الجميل والعفو القبيح:

ليس بالإمكان أن نقول أن العفو جميل في كل الموارد وعامة المواضيع وسائر شؤون العباد والبلاد، وعلى ضوء ذلك يقال ليس هناك عفو غير جميل، بل الصحيح أنه يوجد عفو قبيح حذّرنا منه الإسلام ولا يعتبر من الفضائل بل هو من الرذائل والذي لا بد من معرفته أنه ما هو الضابط الذي على ضوئه يصبح العفو جميلاً أو قبيحاً والجواب أن العفو بأصله جميل إلا ما ورد النهي عنه والتنبيه منه، والأمر الذي يعتبر قاعدة في المقام هو ما كان فيه العفو عنصر مساعدة على الإصلاح والبناء سواء من ناحية فردية أو جماعية من حيث كونه مقرباً إلى اللَّه سبحانه ومعاوناً على التزام خط الاستقامة فهو مطلوب ومرغوب وأما ما يشكل عنصر مساعدة على الانحراف وتشجيع على تكرار الاعتداء وانتهاك الحقوق لأنه كلما عفا صاحب الحق كرّر المعفو عنه الجرم مرة أخرى وهكذا فهو غير مرغوب ولا مطلوب بل ويقبح في مثل هذه المواطن. إلى حد يوجب استنكار الآخرين.

ومثال العفو الجميل ما روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لرجل شكى إليه خدمه: "اعف عنهم تستصلح به قلوبهم" فقال: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم إنهم يتفاوتون في سوء الأدب. فقال: "اعف عنهم" ففعل.
وفي هذا الحديث تصريح واضح أن الاستصلاح ركيزة في العفو عنهم.

ومثال العفو القبيح ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: "جاز بالحسنة وتجاوز عن السيئة ما لم يكن ثلماً في الدين أو وهناً في سلطان الإسلام"

هنا أشار عليه السلام إلى عنوانين لا يحسن التجاوز عن السيئة فيهما:

الأول: الثلم في الدين وهو أمر لا يمكن الدعوة إلى تسبيبه على الإطلاق.

والثاني: الضعف في حكومة الإسلام وسلطته وكذلك هو أمر خطير نهانا اللَّه تعالى عنه.


وهناك عنوان ثالث عام أشار إليه مولانا السجاد عليه السلام وهو لزوم الضرر حيث قال: "حق من أساءك أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو عنه يضرّ انتصرت قال اللَّه تبارك وتعالى: [color=]﴿[/color] وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ﴾".

ويجمع المعنيين للعفو حديث أمير المؤمنين عليه السلام حيث يكشف عن ضابطة الإصلاح والإفساد مع الكريم في الأول ومع اللئيم في الثاني قائلاً: "العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم".
ج- العفو الأكبر والعفو الأصغر:

هناك نحوان من العفو كلاهما فضيلة أعد اللَّه تعالى على التحلي بها ثواباً عظيماً ومكانة عالية غير أن أحدهما أهم وأكبر وأحسن من الآخر وهو العفو مع القدرة أي حينما يقدر الإنسان أن يأخذ حقه من المعتدي وكانت الظروف ملائمة والشروط الشرعية متوفرة لكنه آثر أن يعفو عنه مع مقدرته عليه رجاء أن يعفو اللَّه عنه ورغبة في الثواب والنجاة من العقاب يوم الجزاء، والحث عليه في الروايات كثير فقد ورد: "أحسن العفو ما كان عن قدرة"، "العفو مع القدرة جنة من عذاب اللَّه سبحانه"، "أحسن أفعال المقتدر العفو"، "أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة"، "العفو زكاة القدرة", "العفو زين القدرة".


والنحو الثاني مهم لكنه أصغر من صاحبه وهو العفو حالة العجز الفعلي عن تحصيل الحق وإمكان تجدد القدرة في المستقبل على معاقبة المسيء‏ إليه، فينوي أنه إذا قدر عليه أن يعفو عنه ويسقط حقه لقاء وجه اللَّه وإن كان في الحاضر غير قادر على مجازاته أو استيفاء ماله عنده من حقوق إلا أنه قد سامحه يقول تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

ويقول الصادق عليه السلام: " إنا أهل بيت مروّتنا العفو عمن ظلمنا ".

ومما جاء في الحديث: " ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمن ظلمك وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك وإعطاء من حرمك ".

د- آثار العفو:

1- ذهاب الحقد والضغينة:
يقول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: " تعافوا تسقط الضغائن بينكم ".

2- إقالة العثرة يوم القيامة:
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: " من أقال مسلماً عثرته أقال اللَّه عثرته يوم القيامة".

3- العزة في الدنيا والآخرة:
في الحديث: " من عفا عن مظلمة أبدله اللَّه بها عزاً في الدنيا والآخرة " .

4- إطالة العمر:
روي: " من كثر عفوه مدّ في عمره ".

5- النصر:
يقول الرضا عليه السلام: " ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمهما عفواً ".

6- بقاء الملك:
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " عفو الملوك بقاء الملك".

7- النجاة من عذاب النار:
في الحديث: " تجاوزوا عن ذنوب الناس يدفع اللَّه عنكم بذلك عذاب النار ".

8- الوقاية من سوء الأقدار:
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: " تجاوزوا عن عثرات الخاطئين يقيكم اللَّه بذلك سوء الأقدار ".

9- مغفرة اللَّه ورضوانه:
من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام قبل أن تفيض روحه المقدسة: " إن ابقَ فأنا ولي دمي، وإن أفنَ فالفناء ميعادي، وإن أعف فالعفو لي قربة وهو لكم حسنة، فاعفوا ألا تحبون أن يغفر اللَّه لكم".


10- قصور مشرفة على الجنة:
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " رأيت ليلة أسري بي قصوراً مستوية مشرفة على الجنة فقلت: يا جبرئيل لمن هذا؟ فقال: للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس واللَّه يحب المحسنين".

خلاصة الدرس
أ- العفو الجميل سبب مهم في إصلاح الإنسان واعمار المجتمعات واستقرارها وقد حثّ عليه الكتاب الكريم والسنّة الشريفة.

ب- العفو نحوان جميل وقبيح والأول ما كان عنصر مساعدة على الإصلاح وبه يتقرب إلى اللَّه سبحانه والثاني ما كان عنصر مساعدة على الافساد والتشجيع على تكرار المخالفات والجرائم من خلال التهاون وغض النظر.

ج- هناك عفو في الإسلام أكبر من الآخر وهو ما كان مع القدرة على المعاقبة، والأصغر ما كان مع عدم التمكن من ذلك وكلاهما فضيلة.

د- للعفو الممدوح آثار أخروية ودنيوية منها: ذهاب الضغائن، إطالة العمر، بقاء الملك، مغفرة اللَّه، والنجاة من عذاب النار. والعزة في الدنيا والآخرة.


أنوآر السجاد (عليه السلام)
صورة
شكراً كثيراً صورة
صورة العضو الرمزية
عشقِي الأبدي هو الله
عضو موقوف
مشاركات: 49213
اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
مكان: في قلب منتداي الحبيب

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة عشقِي الأبدي هو الله »

بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
الْلَّهُم كُن لِوَلِيِّك الْحُجَّة بْن الْحَسَن..صَلَوَاتُك عَلَيْه وَعَلَى آَبَائِه..
فِي هَذِه الْسَّاعَة وَفِي كُل سَاعَة..وْلِيَآ وَحَافَظْآ..وَقَائدآ وَنَاصِرآ..وَدَلِيَلَآ وعينَآ..حَتَّى تُسْكِنَه أَرْضَك طُوَعَآ..وَتُمَتِّعَه فِيْهَا طَوَيْلُآ..بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَم الْرَّاحِمِيْن


تشْكَرِي اخْتِي الْكَرِيْمَة عَلَى الْطَرْح
جــزَاك الْلَّه الَّف خــيــر
وَقـضـى حَوَائِجــكــم بِحَق مُحَمــد وَآَل مُحــمُد
مُوَفَقِيّن وَمُسَدّدِين لِكُل خَيْر
( حسبي الله ونعم الوكيل )
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة
فـاطـمـيـة
مشاركات: 15700
اشترك في: الخميس مارس 25, 2010 3:57 am

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أشكرك أختي الغالية على الطرح الرائع
جزاك الله ألف خير
ووفقك لما يحب ويرضى
بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صورة العضو الرمزية
فاطمة مشكاة قبري
فـاطـمـيـة
مشاركات: 6385
اشترك في: الخميس ديسمبر 17, 2009 7:59 pm

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة فاطمة مشكاة قبري »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

شكراً للمرور أحبتي وفقكم الله لكل خير ..
صورة
شكراً كثيراً صورة
صورة العضو الرمزية
صرخة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 23718
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 10, 2008 4:13 am
مكان: في مملكة الزهراء

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة صرخة الزهراء »

بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
الغالية الحبيبة فطومة ..صورة وفقكم الله تعالى لكل مايحب ويرضى
دمتم بحب ورعاية الزهراء
صورة
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
صورة العضو الرمزية
مسكِ النبي الهَادي
فـاطـمـيـة
مشاركات: 21539
اشترك في: الاثنين يوليو 13, 2009 10:32 pm
مكان: حيثُ يكون المهدي أنا معهـ

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة مسكِ النبي الهَادي »

درس يستحق الشكر
أحسنتِ عساك ع القووة ربي يرعاكِ
صورة
صورة العضو الرمزية
ملاذ الطالبين
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5845
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 7:18 pm

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة ملاذ الطالبين »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كل الشكر لكم على ماقدمتم
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
نسألكم الدعاء كلما رفعتم لله كفا
صورة العضو الرمزية
المستجيره بالحسين
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5015
اشترك في: الاثنين سبتمبر 20, 2010 12:31 am

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة المستجيره بالحسين »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
تحية لكم
أميري حُسين ونِعْمَ الأَميرْ
صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه


صورة


جَزَاكُم الْلَّه كُل خَيْر
رَحِم الْلَّه وَالِدِيْكُم
و جَعَلَه فِي مِيْزَان حَسَنَاتِكُم
دَعَوَاتِي لَكُم بِالتَّوْفِيْق وَقَضَاء الْحَوَائِج عَاجِلَا كَلَمْح البَصرِبِحق شَهِيْد كَرْبُلْاءَ(ع)


نَسْالُكُم خَالِص الْدُّعَاء

صورة

الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
فاطمة مشكاة قبري
فـاطـمـيـة
مشاركات: 6385
اشترك في: الخميس ديسمبر 17, 2009 7:59 pm

Re: السماح والعفو

مشاركة بواسطة فاطمة مشكاة قبري »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

شكراً للمرور أحبتي وفقكم الله لكل خير
وقضى جميع حوآئجكم ..
صورة
شكراً كثيراً صورة

العودة إلى ”روضة النبي المختار "ص" وال بيته الاطهار "ع"“