وقد يقال: إن الآية ليست أكثر من استفهام إنكاري ، فهي جملة شرطية استفهامية ، لا تدل على وقوع شرطها وجزائها !
فيقال: نعم هي جملة فرضية ، لكن المتكلم هو الله تعالى والفرض منه له دلالة وهو يدل هنا على أن انقلابهم محتمل الوقوع ، أما وقوعه بالفعل فقد تكفلت به السنة والتاريخ ! على أن في الآية دلالةً أكثر من الشرطية في قوله تعالى: (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شيئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) ، حيث قسَّم الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى منقلبين على أعقابهم ، وشاكرين على ما أصابهم !
وقد يجاب: إن احتمال الوقوع احتمال عقلي مجرد كاحتمال أن يكفر الأنبياء والرسل عليهم السلام في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ). (الزمر:65) ، فتحذيرات الأنبياء عليهم السلام لاتدل على وقوع الشرط منهم ، فكذلك تحذيرات المؤمنين من الردة .
والجواب: أن الدليل الخارجي دل على أن هذا الإحتمال في الأنبياء عليهم السلام لن يتحقق لنبوتهم وعصمتهم ، أما في حق غيرهم فيبقى احتمالاً عادياً ! ولذا لم يكتف بفرضية الإنقلاب في الآية ، بل قسم الأمة الى منقلبين على أعقابهم ، وشاكرين ، ووعد الشاكرين بجزاء جميل !
قد يقال: لو سلمنا أن بعض الصحابة قد انقلب على عقبيه في أحُد ودعا الى الكفر ، فقد كانت فَلْتَة وقى الله المسلمين شرها ، والصحابة الذين انقلبوا أو كادوا ، تابوا ثم شاركوا في حروب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد يكونون فرَّوا من معارك أخرى وتابوا أيضاً ، ولم نسمع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنَّفَهم ، فالملاك حسن العاقبة ، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات وهو عنهم راض ، ولم يخبر أنهم سينقلبون بعد موته ويكفرون !
والجواب: أن وقوع الإنقلاب والردة في أحُد من بعض الصحابة معلومٌ برواية أتباعهم ، فضلاً عن رواياتنا ، أما توبتهم منه فلم يروها أحد .
ولا بد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبَّخهم بعد أحدُ ، وقال لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ، حيث لم يصل الينا كل ما قاله وما فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! والسنة التي سمحت الخلافة القرشية بتدوينها بعد قرن ونصف ، لاتغطي إلا القليل من سيرته وأقواله وأفعاله صلى الله عليه وآله وسلم !
على أنهم رووا طرفاً من توبيخه صلى الله عليه وآله وسلم لبعضهم عندما اعترض عليه عمر في صلح الحديبية ، قال السيوطي في الدر المنثور:6/68: (وأخرج البيهقي عن عروة قال: أقبل رسول الله(ص)من الحديبية راجعاً ، فقال رجل من أصحاب رسول الله: والله ما هذا بفتح ، لقد صُدِدنا عن البيت ، وصُدَّ هَدْيُنا ، وعكف رسول الله بالحديبية ، ورَدَّ رجلين من المسلمين خرجا ! فبلغ رسول الله(ص)قول رجال من أصحابه إن هذا ليس بفتح فقال: بئس الكلام هذا أعظم الفتح لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ، ويرغبون إليكم في الإياب ، وقد كرهوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله عليهم وردكم سالمين غانمين مأجورين ، فهذا أعظم الفتح ! أنسيتم يوم أحُد ، إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم ! أنسيتم يوم الأحزاب، إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) . انتهى .
ولا شك أن هذا بعض أحداث الحديبية ، ومثله ما روي عن أحد والخندق !
وأما القول بأن الملاك حسن العاقبة وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات وهو راض عنهم .
فجوابه: إن أصح كتاب عند أتباع الصحابة بعد كتاب الله تعالى ، هو البخاري وقد روى عدة أحاديث ترسم مشهداً كارثياً للصحابة في الآخرة وأنهم يدخلون جهنم ، ويُمنعون حتى من مواجهة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! وأنه ينكشف يومها للناس أنهم كانوا مجرمين كباراً انقلبوا على أعقابهم ، وأوقعوا الأمة في أعظم كارثة !
بل روى البخاري أنه لاينجو منهم من جهنم إلا قلة قليلة ، مثل الغنم المنفردة عن القطيع ! فقطيع الصحابة هالك ، ولا يسلم إلا المعارضون المنفردون عنه !
قال البخاري:7/208:(عن أبي هريرة عن النبي(ص)قال: بينا أنا قائمٌ فإذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ ، فقلت أين؟ قال إلى النار والله ! قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ! ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ ! قلت: أين؟قال: إلى النار والله ! قلت: ماشأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ! فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) ! انتهى.
وقد صرحت الرواية الآتية للبخاري بأن هؤلاء المطرودين عن الحوض من الصحابة ، وفسرها شراحه بالصحابة ! فقد روى البخاري:2/975:(يرد على الحوض رجالٌ من أصحابي فيحلؤون عنه فأقول يارب أصحابي ! فيقول: فإنه لاعلم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى)! وشبيهاً به في: 8/86 .و:7/195و207ـ210 وص84 و87 و:8/86 و87 ، ونحوه مسلم:1/150 و:7/66 وابن ماجة:2/1440وأحمد:2/25و408 و:3/28 و:5/21 و24 و50 و:6/16 ، والبيهقي في سننه:4/ 14، وغيرهم ، وفي بعضها تفاصيل مهمة، ذكرنا بعضهافي المسألة69 من كتاب: (ألف سؤال وإشكال على المخالفين ).
المصدرالكتاب : جواهر التاريخ 1
تحياتي
مسكِ النبي الهادي
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف وارحمنا بهم يا كريم
••.•´¯`•.•• أختي الكريمة مسك النبي الهادي ••.•´¯`•.••
بارك الله في جهودكم وشكر سعيكم وانار قلبكم بنور وجهه الكريم
جزاكم الله خير الجزاء وتقبل منكم هذا القليل بأحسن قبول
نسأل الله لكم الموفقية والسداد بجاه محمد وآل محمد
لعن الله ظالميك يامولاتي يافاطمة الزهراء
لا تنسى ترشيح المنتدى
راية هدى الزهراء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
طرح مفيد جداً , أختنا الكريمة / مسك النبي الهادي , جزيتم خيراً و ثبتنا الله وإياكم على هدي النبي وآ له الأطهار
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
حبيبتي مسك النبي وفقكم الله تعالى لكل مايحب ويرضى
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أشكرك أختي الغالية على الطرح الرائع
جزاك الله ألف خير
ووفقك لما يحب ويرضى
بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم صلِ على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ على الطرح المبارك
جزاكِ الله خير
في ميزان حسناتكِ ان شاءالله