الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وتقبل شفاعتهم والعن عدوهم من الجن والانس
صلى الله عليك يا مولاي يا ابا عبدالله الحسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((الغيبة وانسجامها مع الغرض الالهي والاثار المترتبة عليها ))
السيد منير الخباز
الحديث عن الغيبة في نقطتين:
النقطةالأولى: هل أن الغيبة منسجمة مع الغرض الإلهي, أم مخالفة للأهداف الإلهية؟
والنقطةالثانية: في الآثار المترتبة على الغيبة.
النقطة الأولى:
استدل علماء الإمامية على وجوب نصب الإمام بقاعدة تُسمّى (قاعدة اللطف), والتي تنصُّ على وجوب نصب الإمام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وهذا الكلام يتكوّن من مقدمتين:
المقدمة الأولى:
أن الإمام لطف, حيث إن وجوده أمر يغذّي حاجة المجتمع البشري الذي يحتاج إلى من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, ويقضي بين الناس بالعدل, ويقيم الحدود والتعزيرات, وينشر العدالة بين أبناء المجتمع.
إذن, المجتمع البشري محتاج إلى وجود الإمام, فوجود الإمام لطف؛ لأنه يغذّي هذه الحاجة.
والمقدمة الثانية: أن اللطف واجب الصدور من الله عز وجل؛ لأن وجود إمام ينشر العدل, ويأمر بالمعروف, وينهى عن المنكر, ويقضي بين الناس, ويهدي المجتمع إلى الخير هو لطف. لكن هل هذا اللطف واجب؟
نعم, اللطف واجب.
لِمَ؟ لأن المجتمع البشري محتاج إلى وجود إمام عادل, آمر بالمعروف, ناهٍ عن المنكر, فعدم نصب الإمام من قِبَله تعالى يعود إمّا لجهله, وإمّا لعجزه, وإمّا لبخله, وليس عندنا شقٌ رابع.
فعدم نصبه للإمام إما بخل أو جهل أو عجز, والله تعالى منزّه عنها, فيكون مقتضى نزاهة الله عن الجهل وعن العجز وعن البخل أنه يجب نصب الإمام بين الناس, فنصب الإمام بين الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجب الصدور من الله؛ لأنه لطف.
ونتيجة هاتين المقدمتين أن نصب الإمام واجب.
هكذا استدلَّ الإمامية على ضرورة نصب الإمام بعد النبي.
وهنا يَرد سؤال يقول: بناءً على الدليل الذي ذكرتموه للاستدلال فإن غيبة الإمام نقض للغرض, ونقض الغرض قبيح, والقبيح محال على الله تبارك وتعالى، على أن الغرض من نصب الإمام والهدف من نصبه هو أن الإمام يأمر بالمعروف, وينهى عن المنكر, ويقضي بين الناس, ويبلّغ الأحكام الشرعية, أليس هذا هو الغرض؟ هذا الغرض لا يمكن تحصيله مع غيبة الإمام, ولو كان الإمام حاضراً بين الناس لقام بالغرض, إذ لو كان الإمام موجوداً بين أظهر الناس يرونه ويعرفونه ويراهم ويعرفهم لكان وجوده محقّقاً للغرض, أما إذا كان غائباً فغيبته ناقضة للغرض, فغيبته تماماً عكس الهدف وعكس الغرض؛ لأنه ما لم يكن حاضراً بين الناس فإنه غير قادر على إقامة العدالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إذن, غيبة الإمام نقض للهدف, ونقض الهدف قبيح.لماذا؟
مثلاًإذا أراد إنسان تأسيس مسجد لغرض العبادة, ثمّ استخدمه كورشة للحدادة أو للنجارة, فهل يصحُّ ذلك؟ إنه نقض للغرض كذلك الله سبحانه وتعالى نصَّب الإمام لغرض إقامة العدالة, والغيبة تنقض هذا الغرض, ونقض الغرض قبيح, والقبيح محال على الله تبارك وتعالى.
إذن فكرة الغيبة فكرة قبيحة يرفضها العقل؛ لأنها نقض للغرض, ونقض الغرض محال على الله, فهذه الفكرة في حدَّ ذاتها أمر محال لا يمكن صدوره من الله عز وجل , بأن ينصب إماماً غائباً مستوراً عن الأعين, هذه الفكرة أمر محال في حدَّ ذاته.
والجواب عن هذا السؤال بوجهين:
الوجه الأوّل: الإمام عليه السلامشاهد على أعمال الخلائق:
أن الغرض من نصب الإمام _ أيّ إمام كان _ ليس هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجب على كل الناس وجوباً كفائياً: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(2), والغرض من نصب الإمام ليس هو تبليغ الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس وإقامة الحدود والتعزيرات, فهذه وظيفة الفقهاء في عصر الغيبة, كما ورد عن الإمام المنتظر عليه السلام: (فأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا, فإنهم حجّتي عليكم, وأنا حجّة الله عليهم).(3)
إذن, الغرض من نصب الإمام ليس هذا ولا ذاك, حتّى يقال: إن هذا الغرض لا يتحقق مع غيبة الإمام,