وأزهرت الأرض بنور فاطمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أسمها:
فاطمة بنت خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله
أمها:
أم المؤمنين خديجة بنت خويلد
جدها:
عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله
كنيتها:
أم أبيها أم الأئمة وقد روى اكثر العلماء والشيخ الطوسي في المصباح ان ولادة تلك المخَّدرة تصادف العشرين من شهر جمادى الاخرة، وقيل في يوم الجمعة لسنتين بعد المبعث وقيل في السنة الخامسة من البعثة.
وقال العلامة المجلسي في حياة القلوب: روى صاحب العدد ان فاطمة الزهراء عليها السلام ولدت في السنة الخامسة من البعثة من خديجة (رضي الله عنها).
كيفية حملها صلوات الله عليها:
فقد روي انه بينما النبي صلى الله عليه وآله جالس بأبطح ومعه عمار بن ياسر والمنذر بن الضحضاح وأبو بكر وعمر وعلي بن ابي طالب عليه السلام والعباس بن عبد المطلب وحمزة بن عبد المطلب، اذ هبط عليه جبرئيل عليه السلام في صورته العظمى وقد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق الى المغرب، فناداه يامحمد، العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحاً.
... فأقام النبي صلى الله عليه وآله أربعين يوماً يصوم النهار ويقوم الليل، حتى اذا كان في آخر ايامه تلك بعث الى خديجة بعمار بن ياسر وقال: قل لها ياخديجة لا تظني ان انقطاعي عنك هجرة ولا قلى (بغض)، ولكن ربي عزوجل أمرني بذلك لينفذ أمره،... فاذا جنك الليل فاجيفي الباب وخذي مضجعك من فراشك في منزل فاطمة بنت اسد (رضى الله عنها).
نهاية الأربعين:
فجعلت خديجة تحزن في كل يوم مراراً لفقد رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان في كمال الاربعين هبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته، ثم هبط ميكائيل عليه السلام ومعه طبق مغطى بمنديل سندس، فوضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وأقبل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا محمد يأمرك ربك أن تجعل الليلة افطارك على هذا الطعام.
فقال علي بن ابي طالب عليه السلام: كان النبي صلى الله عليه وآله اذ أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يريد الى الافطار، فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي صلى الله عليه وآله على باب المنزل وقال: يابن ابي طالب انه طعام محرم الا عليّ.
قال علي عليه السلام فجلست على الباب وخلا النبي صلى الله عليه وآله بالطعام وكشف الطبق فإذا غذق من رطب وعنقود من عنب، فأكل النبي صلى الله عليه وآله منه شبعاً وشرب من الماء رياً ومد يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل وغسل يده ميكائيل وتمندله اسرافيل عليه السلام.
فارتفع فاضل الطعام مع الاناء الى السماء، ثم قام النبي صلى الله عليه وآله ليصلي فأقبل عليه جبرائيل فقال: الصلاة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي الى منزل خديجة فتواقعها، فان الله عزوجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة، فوثب رسول الله صلى الله عليه وآله الى منزل خديجة.
قالت خديجة رضي الله عنها: وكنت قد الفت الوحدة، فكان اذا جنني الليل غطيت رأسي وأسجفت ستري (أي ارسلته) وغلقت بابي وصليت وردي واطفأت مصباحي وآويت الى فراشي فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة اذ جاء النبي صلى الله عليه وآله فقرع الباب، فناديت من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها الا محمد صلى الله عليه وآله؟
قالت خديجة:فنادى النبي صلى الله عليه وآله افتحي ياخديجة فاني محمد، قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله وفتحت الباب ودخل النبي المنزل.
وكان اذا دخل المنزل دعا بالاناء فتطهر للصلاة ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيها ثم يأوي الى فراشه، فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالاناء ولم يتأهب للصلاة غير انه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه .... فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء ماتباعد عني النبي صلى الله عليه وآله حتى حسست بثقل فاطمة في بطني.
كيفية ولادتها:
روى الشيخ الصدوق رضى الله عنه بسند معتبر عن مفضل بن عمر قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام كيف كان ولادة فاطمة عليها السلام؟ فقال: نعم، ان خديجة لما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله هجرتها نسوة مكة فكن لا يدخلنَّ عليها ولا يسلمنَّ عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمها حذراً عليه صلى الله عليه وآله، فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها وتصِّبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله.
فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً فسمع خديجة تحدث فاطمة، فقال لها: ياخديجة من تحدثين؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، قال: ياخديجة هذا جبرئيل يخبرني انها انثى وانها الطاهرة الميمونة وان الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها ائمة ويجعلهم خلفائه في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة على ذلك الى ان حضرت ولادتها فوجهت الى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ماتلي النساء، فأرسلن اليها أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمداً يتيم ابي طالب فقيراً لا مال له فلسنا نجيء ولانلي من امرك شيئاً.
فاغتمت خديجة رضي الله عنها لذلك فبينما هي كذلك اذ دخل عليها أربع نسوةٍ سمرٍ طوالٍ كانهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن لما رأتهن، فقالت احداهن لا تحزني ياخديجة، أرسلنا ربك إليك ونحن اخواتك، انا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ماتلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها واخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة فلما سقطت الى الارض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الارض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وابريق من الجنة وفي الا بريق ماء من الكوثر.
فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين اشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وعصبتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت: اشهد ان اله الا الله وان ابي رسول الله سيد الانبياء وان بعلي سيد الاوصياء وولدي سادة الاسباط.
ثم سلمت عليهن وسمّت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن اليها وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة عليها السلام وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها ياخديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها، فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها فكانت فاطمة عليها السلام تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر، وفي الشهر كما ينمي الصبي في السنة.
اسماءها الشريفة:
روى ابن بابويه بسند معتبر عن يونس بن ظبيان انه، قال أبو عبد الله عليه السلام:
لفاطمة عليها السلام تسعة اسماء عند الله عزوجل: فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والراضية والمرضية والمحدَثة والزهراء.
ثم قال عليه السلام: أتدري أي شيْ تفسير فاطمة؟ قلت: أخبرني ياسيدى، قال: فطمت من الشر، قال: ثم قال:لولا ان أمير المؤمنين عليه السلام تزوجها لما كان لها كفو الى يوم القيامة على وجه الارض آدم فمن دونه.
قال العلامة المجلسي في ذيل ترجمة هذا الحديث: ان الصديقة بمعنى المعصومة، والمباركة بمعنى كونها عليها السلام ذات بركة في العلم والفضل الكمالات والمعجزات والاولاد، والطاهرة بمعنى طهارتها من صفات النقص، والزكية بمعنى نموها في الكمالات والخيرات والراضية بمعنى رضاها بقضاء الله تعالى والمرضية بمعنى مقبوليتها عند الله تعالى، والمحدَثة بمعنى حديث الملائكة، والزهراء بمعنى نورانيتها ظاهراً وباطناً.
واعلم ان هذا الحديث الشريف يدل على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام على جميع الانبياء والاوصياء إلا خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله بل استدل بعضهم على أفضلية فاطمة عليها السلام به عليهم،(انتهى).
وقد روت الخاصة والعامة باحاديث معتبرة متواترة ان النبي صلى الله عليه وآله قال: إنما سميت فاطمة فاطمة لأن الله عزوجل فطم من أحبها من النار.
صلاتها:
قال في المتهجد: صلاة الطاهرة فاطمة عليها السلام هي ركعتان تقرأ في الأولى الحمد ومائة مرة إنا أنزلناه في ليلة القدر وفي الثانية الحمد ومائة مرة قل هو الله احد فإذا سلمت سبحت تسبيح الزهراء عليها السلام ثم تقول:
سبحان الله ذي العز الشامخ المنيف سبحان من لبس البهجة والجمال سبحان من يرى وقع الطير في الهواء سبحان من هو هكذا لا هكذا غيره.
من مناقبها:
(فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما أذاها)
(أن الله عز وجل ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)
(فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني)
فاطمة القدوة:
لم يسمع يوماً أن فاطمة تكبرت وأصابها العجب أو الغرور بالرغم من أن أباها رسول الله صلى الله عليه واله بل كانت على رغم نسبها الرفيع وموقعها الشامخ متواضعة جدا في ملابسها وحياتها اليومية فمثلا كانت لها شملة عباءة قد خيطت أثنى عشر مكانا بسعف النخل وكانت تطحن بالرحى بيدها حتى مجلت وكانت فاطمة وهي ابنة خاتم الأنبياء صلى الله عليه واله وسلم مطيعة لزوجها طاعة تامة لاتثقل عليه بالطلبات أبدا وترضى منه باليسير من المال والطعام لأنها تعيش الآخرة في قلبها وعقلها فلم تكن الدنيا لها نصيب في فاطمة ولذلك قال علي: (ما أغضبتها يوما ولا أغضبتني) إنها الحياة المثالية.
وكانت تعتني اعتناء عظيماً بتربية الحسنين وتعليمهما الأداب والحكمة والعبادة واحترام الناس والإيثار كما وكانت تهتم بملابسها وبنظافتها مراعاة لروحيهما وتجسيدا للإسلام.
ولم يمنعها كل ذلك من دخول ساحة الحرب بعد أن انتهت المعركة لتداوي جراحات النبي وزوجها علي بن أبي طالب فكانت امرأة في البيت وامرأة مجاهدة في ميدان الحرب.
وكانت لها جلسات تعليمية مع نساء المدينة ممن ترغب في التعلم أو تريد أن تستفسر عن حكم شرعي أو تفسير للقرآن....
وهكذا تحتل فاطمة عليها السلام مكان الصدارة في كل شيء فإنها القدوة بحق.
قصة القلادة:
قال جابر بن عبد الله الأنصاري صلى بنا رسول الله صلى الله عليه واله العصر فلما فرغ أقبل رجل من العرب وقال: إني جائع فأطعمني يارسول الله وعارٍ فألبسني وفقير فأغنني فقال رسول الله صلى الله عليه واله (إني لا أجد لك شيئاً ولكن الدال على الخير كفاعله انطلق إلى بيت فاطمة) وكان بيتها ملاصقاً لبيت النبي صلى الله عليه واله فأخذه بلال إلى منزل فاطمة فأعاد عليها كلماته تلك ولم يكن عند فاطمة شيء إلا جلد كبش ينام عليه الحسنان فأخذته وأعطته للفقير وقالت له: ( بع هذا واقض شأنك) فقال يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فما أصنع بجلد الكبش ولما سمعت منه تأثرت فعمدت إلى عقد في رقبتها كان هدية من فاطمة بنت حمزة بنت عمها فدفعته إلى الفقير وقالت له: (بع هذا لعل الله يعوضك به ما هو خير لك).
فأخذ الإعرابي العقد وذهب إلى مسجد النبي وعرف رسول الله صلى الله عليه واله القضية فسأل من حضر المسجد في شراء العقد فقام عمار بن ياسر ليستأذن رسول الله صلى الله عليه و اله عن شرائه للعقد فقال النبي: (يا عمار اشتريه فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله) فاشتراه من الإعرابي وأعطاه ما أغناه من المال ثم أخذه إلى بيته وأطعمه ثم عمد عمار إلى القلادة ولفها في بردة يمانية ووضع معه طيب وأرسله إلى النبي مع عبد له اسمه (سهم) وقال له: أنت والعقد لرسول الله صلى الله عليه واله فقبضه النبي ثم أرسله إلى فاطمة مع العبد وأخبرها بما جرى فأخذت العقد وأعتقت العبد لوجه الله فضحك العبد فقالت له: (ما يضحكك يا غلام؟) قال: أضحكني عظم بركة هذا العقد أشبع جائعا وكسا عريانا وأغنى فقيرا وأعتق عبد ورجع إلى صاحبه.