اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نستكمل شرح فقرات زيارة السرداب
فقره
" السَّلام عليكَ يا حافظَ أسرار ربّ العالَمين ".

كونه (عليه السلام) حافظاً لأسرار ربّ العالَمين يعني أنه المستودع على الأمانات الإلهيّة فلا يُخرج منها لأحد شيئاً إلاّ مَن كان ذا قابليّةٍ تجعله في مصافّ حملة الأسرار كأبي بصير ورشيد الهجري وميثم التمّار وغيرهم.
فالإمام (عليه السلام) حافظ للأسرار عن الأغيار، والسّرّ في ذلك أنّ مَن لا يحتمل على قسمَين:
الأوّل: إنهم لا يتحمّلون لضيق قابلياتهم نتيجة انحرافهم وعدم استقامتهم.
الثاني: إنهم لا يتحمّلون لشدّة حبّهم لحديثهم عليهم السَّلام.
ويشهد للقسمين الأخبار التالية:
أمّا القسم الأوّل:
فقد روى الصفّار في بصائر الدّرجات بإسناده إلى أبي الجارود عن مولانا الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنّ حدّيث آل محمّد صعبٌ مستصعب، ثقيلٌ مقنَّع أجرد ذكوان لا يحتمله إلاّ مَلَك مقرَّب أو نبيّ مرسَل أو عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان أو مدينة حصينة، فإذا قام قائمنا نطَق وصدّقه القرآن".

وفيه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: سمعتُه يقول: إنّ حديثنا صعبٌ مستصعَب (أي مبالَغة في الصعب، أو أنّ المستصعب هو الّذي يُهرب منه إذا رئي، فهو الّذي لا يمكن تحمّله لأحدٍ غيرهم) خشن مخشوش (أي قويّ شديد يعسر تحمّله) فانبذوا (أي اطرحوا عليهم المعارف) إلى الناس نبذاً (أي شيئاً يسيراً) فمَن عرَفَ فزيدوه، ومَن أنكر فأمسِكوا، لا يحتمله إلاّ ثلاثة: مَلَك مقرَّب أو نبيّ مرسَل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان.
وفيه بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن مولانا الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنّ حديثنا صعب مستصعب، لا يؤمن به إلاّ نبيّ مرسل أو مَلَك مقرَّب أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فما عَرَفَتْ قلوبكم فخذوه، وما أنْكَرَتْ فردّوه إلينا.

وفيه بإسناده عن إسماعيل بن عبد العزيز قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: حديثنا صعبٌ مستصعَب، قال: قلت: فسِّرْ جُعِلْتُ فداك، قال:
ذكوان: ذكي أبداً، قال: أجرد ـ أي طريّ أبداً ـ، قلت: مقنّع، قال: مستور.
فمعنى كونه أجرداً طريّاً أبداً أي لا يعتريه البلى أبداً بل هو دائماً جديد، فلا تملّ منه القلوب العارفة به.
وقوله (عليه السلام): "ذكوان" أي زكيّ في نفسه لا يقبل الخدشة والإشكال والإضمحلال بحيث يُرد ويبطل بل هو دائماً زكي مزَكَّى فلا يُلَوَّث بتلك الأمور، كيف وهو من شؤون الوحي الإلهي الموحى إليهم من عند الله علاّم الغيوب.
وفي حديث المفضل عنهم قال: وأمّا الذكوان أي ذكاء المؤمنين بمعنى أنه تعالى جَعَلَ فيهم ذكاءً أي فهماً به يحتملون ما يسمعونه منهم عليهم السَّلام.




