الميرزا النوري
بقلم آية الله البحاثة المتتبع الشيخ آغا بزرك الطهراني 1292 - 1389 هج
الشيخ الميرزا حسين النوري 1254 - 1320 هو الشيخ الميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي بن الميرزا علي محمد بن تقي النوري الطبرسي امام أئمة الحديث والرجال في الاعصار المتأخرة ومن اعاظم علماء الشيعة وكبار رجال الاسلام في هذا القرن .
ولد في ( 18 - شوال - 1254 ) في قرية ( يالو ) من قرى نور احدى كور طبرستان ونشأ بها يتيما ، فقد توفي والده الحجة الكبير وله ثمان سنين وقبل ان يبلغ الحلم اتصل بالفقيه الكبير المولى محمد علي المحلاتي ، ثم هاجر إلى طهران واتصل فيها بالعالم الجليل ابي زوجته الشيخ عبد الرحيم البروجردي فعكف على الاستفادة منه ، ثم هاجر معه إلى العراق في ( 1273 ) فزار استاذه ورجع وبقي هو في النجف قرب اربع سنين ، ثم عاد إلى ايران ، ثم رجع إلى العراق في ( 1278 ) فلازم الآية الكبرى الشيخ عبد الحسين الطهراني الشهير بشيخ العراقين وبقي معه في كربلاء مدة وذهب معه إلى مشهد الكاظمين ( ع ) فبقي سنتين ايضا وفي آخرهما رزق حج البيت وذلك في ( 1280 ) ، ثم رجع إلى النجف الاشرف وحضر بحث الشيخ المرتضى الانصاري اشهرا قلائل إلى ان توفي الشيخ في ( 1281 ) فعاد إلى ايران في ( 1284 ) وزار الامام الرضا ( عليه السلام ) ، ورجع إلى العراق ايضا في ( 1286 ) وهي السنة التي توفي فيها شيخه الطهراني ، وكان اول من اجازه ورزق حج البيت ثانيا ، ورجع إلى النجف فبقي فيها سنين لازم خلالها درس السيد المجدد الشيرازي ، ولما هاجر استاذه إلى سامراء في ( 1291 ) لم يخبر تلاميذه بعزمه على البقاء بها في بادئ الامر ولما اعلن ذلك خف إليه الطلاب وهاجر إليه المترجم له في ( 1292 ) باهله وعياله مع شيخه المولى فتح علي السلطان آبادي وصهره على ابنته الشيخ فضل الله النوري وهم اول المهاجرين إليها ورزق حج البيت ثالثا ولما رجع سافر إلى ايران ثالثا في ( 1297 ) وزار مشهد الرضا ( عليه السلام ) ورجع فسافر إلى الحج رابعا ( 1299 ) ورجع فبقي في سامراء ملازما لاستاذه المجدد حتى توفي في ( 1312 ) فبقي المترجم له بعده بسامراء إلى ( 1314 ) فعاد إلى النجف عازما على البقاء بها حتى ادركه الاجل انتهى ملخصا عن ما ترجم به نفسه في آخر الجزء الثالث من كتابه " المستدرك " مع بعض الاضافات . كان الشيخ النوري احد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر ، فقد امتاز بعبقرية فذة ، وكان آية من آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة وملكات شريفة اهلته لان يعد في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال اعمارهم لخدمة الدين والمذهب ، وحياته صفحة مشرقة من الاعمال الصالحة ، وهو في مجموع آثاره ومآثره ، انسان فرض لشخصه الخلود على مر العصور والزم المؤلفين والمؤرخين بالعناية به والاشادة بغزارة فضله ، فقد نذر نفسه لخدمة العلم ولم يكن يهمه غير البحث والتنقيب والفحص والتتبع ، وجمع شتات الاخبار وشذرات الحديث ونظم متفرقات الآثار وتأليف شوارد السير ، وقد رافقه التوفيق واعانته المشيئة الالهية ، حتى ليظن الناظر في تصانيفه ان الله شمله بخاصة الطافه ومخصوص عنايته ، وادخر له كنوزا قيمة لم يظفر بها اعاظم السلف من هواة الآثار ورجال هذا الفن ، بل يخيل للواقف على امره ان الله خلقه لحفظ البقية الباقية من تراث آل محمد عليه وعليهم السلام ( وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) . تشرفت بخدمته للمرة الاولى في سامراء في ( 1313 ) بعد وفاة المجدد الشيرازي بسنة وهي سنة ورودي العراق ، كما انها سنة وفاة السلطان ناصر الدين شاه القاجاري ، وذلك عندما قصدت سامراء زائرا قبل ورودي إلى النجف فوفقت لرؤية المترجم له بداره حيث قصدتها لاستماع مصيبة الحسين ( عليه السلام ) وذلك يوم الجمعة الذي ينعقد فيه مجلس بداره ، وكان المجلس غاصا بالحضور والشيخ على الكرسي مشغول بالوعظ ، ثم ذكر المصيبة وتفرق الحاضرون ، فانصرفت وفي نفسي ما يعلمه الله من اجلال واعجاب واكبار لهذا الشيخ إذ رأيت فيه حين رأيته سمات الابرار من رجالنا الاول . ولما وصلت إلى النجف بقيت امني النفس لو ان تتفق لي صلة مع هذا الشيخ لاستفيد منه عن كثب ، ولما اتفقت هجرته إلى النجف في ( 1314 ) لازمته ملازمة الظل ست سنين حتى اختار الله له دار اقامته ، ورأيت منه خلال هذه المدة قضايا عجيبة لو اردت شرحها لطال المقام ، وبودي ان اذكر مجملا من ذلك ولو كان في ذلك خروج عن خطتنا الايجازية ، فهذا - وايم الحق - مقام الوفاء ، ووقت اعطاء النصف ، وقضاء الحقوق ، فاني لعلي يقين من انني لا التقي باستاذي المعظم ومعلمي الاول بعد موقفي هذا الا في عرصات القيامة ، فما بالي لا أفي حقه وأغنم رضاه . كان - اعلى الله مقامه - ملتزما بالوظائف الشرعية على الدوام ، وكان لكل ساعة من يومه شغل خاص لا يتخلف عنه ، فوقت كتابته من بعد صلاة العصر إلى قرب الغروب ، ووقت مطالعته من بعد العشاء إلى وقت النوم ، وكان لا ينام الا متطهرا ولا ينام من الليل الا قليلا ، ثم يستيقظ قبل الفجر بساعتين فيجدد وضوءه - ولا يستعمل الماء القليل بل كان لا يتطهر الا بالكر - ثم يتشرف قبل الفجر بساعة إلى الحرم المطهر ، ويقف - صيفا وشتاء - خلف باب القبلة فيشتغل بنوافل الليل إلى ان يأتي السيد داود نائب خازن الروضة وبيده مفاتيح الروضة فيفتح الباب ويدخل شيخنا ، وهو اول داخل لها وقتذاك ، وكان يشترك مع نائب الخازن بايقاد الشموع ثم يقف في جانب الرأس الشريف فيشرع بالزيارة والتهجد إلى ان يطلع الفجر فيصلي الصبح جماعه مع بعض خواصه من العباد والاوتاد ويشتغل بالتعقيب وقبل شروق الشمس بقليل يعود إلى داره فيتوجه رأسا إلى مكتبته العظيمة المشتملة على الوف من نفائس الكتب والآثار النادرة العزيزة الوجود أو المنحصرة عنده ، فلا يخرج منها الا للضرورة ، وفي الصباح يأتيه من كان يعينه على مقابلة ما يحتاج إلى تصحيحه ومقابلته مما صنفه أو استنسخه من كتب الحديث وغيرها ، كالعلامتين الشيخ علي بن ابراهيم القمي ، والشيخ عباس بن محمد رضا القمي ، وكان معينه على المقابلة في النجف وقبل الهجرة إلى سامراء وفيها ايضا المولى محمد تقي القمي الباوزئيري الذي ترجمناه في القسم الاول من هذا الكتاب ص 238 . وكان إذا دخل عليه احد في حال المقابلة اعتذر منه أو قضى حاجته باستعجال لئلا يزاحم وروده اشغاله العلمية ومقابلته ، اما في الايام الاخيرة وحينما كان مشغولا بتكميل ( المستدرك ) فقد قاطع الناس على الاطلاق ، حتى انه لو سئل عن شرح حديث أو ذكر خبر أو تفصيل قضية أو تأريخ شئ أو حال راو أو غير ذلك من مسائل الفقه والاصول ، لم يجب بالتفصيل بل يذكر للسائل مواضع الجواب ومصادره فيما إذا كان في الخارج ، واما إذا كان في مكتبته فيخرج الموضوع من احد الكتب ويعطيه للسائل ليتأمله كل ذلك خوف مزاحمة الاجابة الشغل الاهم من القراءة أو الكتابة وبعد الفراغ من اشغاله كان يتغذى بغداء معين كما وكيفا ثم يقيل ويصلي الظهر اول الزوال وبعد العصر يشتغل بالكتابة كما ذكرنا . اما في يوم الجمعة فكان يغير منهجه ، ويشتغل بعد الرجوع من الحرم الشريف بمطالعة بعض كتب الذكر والمصيبة لترتيب ما يقرؤه على المنبر بداره ، ويخرج من مكتبته بعد الشمس بساعة إلى مجلسه العام فيجلس ويحيي الحاضرين ويؤدي التعارفات ثم يرقى المنبر فيقرأ ما رآه في الكتب بذلك اليوم ، ومع ذلك يحتاط في النقل بما لم يكن صريحا في الاخبار الجزمية ، وكان إذا قرأ المصيبة تنحدر دموعه على شيبته وبعد انقضاء المجلس يشتغل بوظائف الجمعة من التقليم والحلق وقص الشارب والغسل والادعية والآداب والنوافل وغيرها ، وكان لا يكتب بعد عصر عصر الجمعة - على عادته - بل يتشرف إلى الحرم ويشتغل بالمأثور إلى االغروب كانت هذه عادته إلى ان انتقل إلى جوار . ومما سنه في تلك الاعوام : زيارة سيد الشهداء مشيئا على الاقدام ، فقد كان ذلك في عصر الشيخ الانصاري من سنن الاخيار واعظم الشعائر ، لكن ترك في الاخير وصار من علائم الفقر وخصائص الادنين من الناس ، فكان العازم على ذلك يتخفى عن الناس لما في ذلك من الذل والعار ، فلما رأى شيخنا ضعف هذا الامر اهتم له والتزمه فكان في خصوص زيارة عيد الاضحى يكتري بعض الدواب لحمل الاثقال والامتعة ويمشي هو وصحبه ، لكنه لضعف مزاجه لا يستطيع قطع المسافة من النجف إلى كربلاء بمبيت ليلة كما هو المرسوم عند اهله ، بل يقضي في الطريق ثلاث ليال يبيت الاولى في ( المصلى ) والثانية في ( خان النصف ) والثالثة في ( خان النخيلة ) فيصل كربلاء في الرابعة ويكون مشيه كل يوم ربع الطريق نصفه صبحا ونصفه عصرا ، ويستريح وسط الطريق لاداء الفريضة وتناول الغذاء في ظلال خيمة يحملها معه ، وفي السنة الثانية والثالثة زادت رغبة الناس والصلحاء في الامر وذهب ما كان في ذلك من الاهانة والذل إلى أن صار عدد الخيم في بعض السنين ازيد من ثلاثين لكل واحدة بين العشرين والثلاثين نفرا ، وفي السنة الاخيرة يعني زيارة عرفة ( 1319 ) - وهي سنة الحج الاكبر التي اتفق فيها عيد النيروز والجمعة والاضحى في يوم واحد ولكثرة ازدحام الحجيج حصل في مكة وباء عظيم هلك فيه خلق كثير - تشرفت بخدمة الشيخ إلى كربلاء ماشيا ، واتفق انه عاد بعد تلك الزيارة إلى النجف ماشيا ايضا - بعد ان اعتاد على الركوب في العودة - وذلك باستدعاء الميرزا محمد مهدي بن المولى محمد صالح المازندراني الاصفهاني صهر الشيخ محمد باقر بن محمد تقي محشي ( المعالم ) ، وذلك لانه كان نذر ان يزور النجف ماشيا ولما اتفقت له ملاقاة شيخنا في كربلاء طلب منه ان يصحبه في العودة ففعل ، وفي تلك السفرة بدأ به المرض الذي كانت فيه وفاته يوم خروجه من النجف وذلك على اثر اكل الطعام الذي حمله بعض اصحابه في اناء مغطى الرأس حبس فيه الزاد بحرارته فلم ير الهواء وكل من ذاق ذلك الطعام ابتلي بالقئ والاسهال ، وكان عدة اصحاب الشيخ قرب الثلاثين ولم يبتل بذلك بعضهم لعدم الاكل - وانا كنت من جملتهم - ، وقد ابتلي منهم بالمرض قرب العشرين وبعضهم اشد من بعض وذلك لاختلافهم في مقدار الاكل من ذلك ، ونجا اكثرهم بالقئ الا شيخنا لما عرضت له حالة الاستفراغ امسك شديدا حفظا لبقية الاصحاب عن الوحشة والاضطراب . فبقاء ذلك الطعام في جوفه اثر عليه كما اخبرني به بعد يومين من ورودنا كربلاء قال : اني احس بجوفي قطعة حجر لا تتحرك عن مكانها ، وفي عودتنا إلى النجف عرض له القئ في الطريق لكنه لم يجده ، وابتلي بالحمى وكان يشتد مرضه يوما فيوما إلى ان توفي في ليلة الاربعاء لثلاث بقين من جمادى الثانية " 1320 " ودفن بوصية منه بين العترة والكتاب يعني في الايوان الثالث عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف من باب القبلة وكان يوم وفاته مشهودا جزع فيه سائر الطبقات ولا سيما العلماء .
ورثاه جمع من الشعراء وأرخ وفاته آخرون منهم الشاعر الفحل الشيخ محمد الملا التستري المتوفى في ( 1322 ) قال :
مضى الحسين الذي تجسد من * نور علوم من عالم الذر
قدس مثوى منه حوى علما * مقدس النفس طيب الذكر
اوصافه عطرت فانشقنا * منهن تأريخه ( شذى العطر )
ولجثمانه كرامة ، فقد حدثني العالم العادل والثقة الورع السيد محمد بن ابي القاسم الكاشاني النجفي قال : لما حضرت زوجته الوفاة اوصت ان تدفن إلى جنبه ولما حضرت دفنها - وكان ذلك بعد وفاة الشيخ بسبع سنين - نزلت في السرداب لاضع خدها على التراب حيث كانت من محارمي لبعض الاسباب ، فلما كشفت عن وجهها حانت مني التفاتة إلى جسد الشيخ زوجها فرأيته طريا كيوم دفن ، حتى ان طول المدة لم يؤتر على كفنه ولم يمل لونه من البياض إلى الصفرة . ترك شيخنا آثارا هامة قلما رأت عين الزمن نظيرها في حسن النظم وجودة التأليف وكفى بها كرامة له ، ونعود إلى حديثنا الاول فنقول : لو تأمل انسان ما خلفه النوري من الاسفار الجليلة ، والمؤلفات الخطيرة التي تموج بمياه التحقيق والتدقيق وتوقف على سعة في الاطلاع عجيبة ، لم يشك في انه مؤيد بروح القدس لان اكثر هذه الآثار مما افرغه في قالب التأليف بسامراء وهو يومذاك من اعاظم اصحاب السيد المجدد الشيرازي وقدمائهم وكبرائهم ، وكان يرجع إليه مهام اموره وعنه يصدر الرأي ، وكان من عيون تلامذته المعروفين في الآفاق فكانت مراسلات سائر البلاد بتوسطه غالبا واجوبة الرسائل تصدر عنه وبقلمه ، وكان قضاء حوائج المهاجرين بسعيه ايضا كما كان سفير المجدد ونائبه في التصدي لسائر الامور كزيارة العلماء والاشراف الواردين إلى سامراء واستقبالهم ، وتوديع العائدين إلى اماكنهم ، وتنظيم امور معاش الطلاب وارضائهم ، وعيادة المرضى وتهيئة لوازمهم وتجهيز الموتى وتشييعهم ، وترتيب مجالس عزاء سيد الشهداء ( عليه السلام ) والاطعامات الكثيرة وسائر اشغال مرجع عظيم كالمجدد الشيرازي ، وغير ذلك كالزمن الذي ضاع عليه في الاسفار المذكورة في اول ترجمته ، - وكانت له عند السيد المجدد مكانة سامية للغاية فكان لا يسميه باسمه بل يناديه ب ( حاج آغا ) احتراما له وورث ذلك عنه اولاده فقد كان ذلك اسم النوري في ايام سكنانا بسامراء - افترى ان من يقوم بهذه الشواغل الاجتماعية المتراكمة من حوله يستطيع ان يعطي المكتبة نصيبها الذي تحتاجه حياته العلمية ، نعم ان البطل النوري لم يكن ذلك كله صارفا له عن اعماله فقد خرج له في تلك الظروف ما ناف على ثلاثين مجلدا من التصانيف الباهرة غير كثير مما استنسخه بخطه الشريف من الكتب النادرة النفيسة ، اما في النجف وبعد وفاة السيد المجدد فلم يكن وضعه المادي كما ينبغي ان يكون لمثله واتخطر إلى الآن انه قال لي يوما : اني اموت وفي قلبي حسرة وهي اني ما رأيت احدا آخر عمري يقول لي يا فلان خذ هذا المال فاصرفه في قلمك وقرطاسك أو اشتر به كتابا أو اعطه لكاتب يعنيك على عملك . ومع ذلك فلم يصبه ملل أو كسل فقد كان باذلا جهده ومواصلا عمله حتى الساعة الاخيرة من عمره وتصانيفه صنفان " الاول " ما طبع في حياته وانتشرت نسخة في الآفاق وهو " نفس الرحمان " في فضائل سيدنا سلمان طبع في ( 1285 ) و " دار السلام " فيما يتعلق بالرؤيا والمنام فرغ من تأليف بسامراء في ( 1292 ) وطبع في طهران كلا جزأيه في ( 1305 ) ضمن مجلد ضخم كبير وطبع الجزء الاول منه مستقلا مرة ثانية ذكرناه مفصلا في " الذريعة " ج 8 ص 20 و " فصل الخطاب " في مسألة تحريف الكتاب فرغ منه في النجف في " 28 - ج 2 - 1292 ) وطبع في ( 1298 ) وبعد نشره اختلف بعضهم فيه وكتب الشيخ محمود الطهراني الشهير بمعرب رسالة في الرد ( 1 ) عليه * ( هامش ) * ( 1 ) ذكرنا في حرف الفاء من ( الذريعة ) - عند ذكرنا لهذا الكتاب - مرام شيخنا النوري في تأليفه لفصل الخطاب وذلك حسبما شافهنا به وسمعناه من لسانه في اواخر ايامه فانه كان يقول : أخطأت في تسمية الكتاب وكان الاجدر أن يسمى ب ( فصل الخطاب ) في عدم تحريف الكتاب لاني أثبت فيه أن كتاب الاسلام ( القرآن الشريف ) الموجود بين الدفتين المنتشر في بقاع العالم - وحي آلهي بجميع سوره وآياته وجمله لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل ولا زيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتى اليوم وقد وصل الينا المجموع الاولي بالتواتر القطعي ولا شك لاحد من الامامية فيه فبعد ذا امن الانصاف أن يقاس الموصوف بهذه الاوصاف - بالعهدين أو الاناجيل المعلومة احوالها لدى كل خبير كما أني اهملت التصريح بمرامي في مواضع متعددة من الكتاب حتى لا تسدد نحوي سهام العتاب والملامة بل صرحت غفلة بخلافه وإنما اكتفيت بالتلميح إلى مرامي في ص 22 إذ المهم حصول اليقين بعدم وجود بقية للمجموع بين الدفتين كما نقلنا هذا العنوان عن الشيخ المفيد في ص 26 واليقين بعدم البقية موقوف على دفع الاحتمالات العقلائية الستة المستلزم بقاء احدها في الذهب لارتفاع اليقين بعدم البقية وقد أوكلت المحاكمة في بقاء احد سماها " كشف الارتياب " عن تحريف الكتاب . واورد فيها بعض الشبهات وبعثها إلى المجدد الشيرازي فاعطاها للشيخ النوري وقد اجاب عنها برسالة فارسية مخصوصة نذكرها في القسم الثاني المخطوط من تآليفه ، و " معالم العبر " في استدراك " البحار " السابع عشر و " جنة المأوى " فيمن فاز بلقاء الحجة ( عليه السلام ) في الغيبة الكبرى من الذين لم يذكرهم صاحب " البحار " اورد فيه تسعا وخمسين حكاية فرغ منه في ( 1302 ) وطبعه المرحوم الحاج محمد حسن الاصفهاني الملقب ب ( الكمپاني ) امين دار الضرب في آخر المجلد الثالث عشر من البحار الذي هو تتميم له وطبع ثانيا في طهران في ( 1333 ) راجع تفصيل ما ذكرناه في ( الذريعة ) ج 5 ص 159 - 160 و ( الفيض القدسي ) في احوال العلامة المجلسي ، فرغ منه في ( 1302 ) وطبع بها في اول ( البحار ) طبعة امين الضرب المذكور و ( الصحيفة الثانية العلوية ) و ( الصحيفة الرابعة السجادية ) و ( النجم الثاقب ) في احوال الامام الغائب ( ع ) فارسي و ( الكلمة الطيبة ) فارسي ايضا و ( ميزان السماء ) في تعيين مولد خاتم الانبياء فارسي ألفه بطهران في زيارته ( 1299 ) بالتماس العلامة الزعيم المولى علي الكني و ( البدر المشعشع ) في ذرية موسى المبرقع ، فرغ منه في ( 1308 ) وطبع فيها ببمبي على الحجر وعليه تقريظ المجدد ونسخة منه بخطه اهداها كتابة للحجة الميرزا محمد الطهراني وهي في مكتبته بسامراء كما فصلناه في ج 3 ص 68 و ( كشف الاستار ) عن وجه الغائب عن الابصار في الرد على القصيدة البغدادية التي تضمنت انكار المهدي ( عليه السلام ) و ( سلامة المرصاد ) فارسي في زيارة عاشوراء غير المعروفة واعمال مقامات مسجد الكوفة غير ما هو الشائع الدائر بين الناس الموجود في المزارات المعروفة و ( لؤلؤ ومرجان ) در شرط پله اول ودوم روضه خان ، يعني في الدرجة الاولى والثانية للخطيب يعني بذلك الاخلاص والصد الفه قبل وفاته بسنة وطبع مرتين و ( تحية الزائر ) استدرك به على ( تحفة الزائر ) للمجلسي وطبع ثلاث مرات وهو آخر تصانيفه حتى انه توفي قبل اتمامه فأتمه الشيخ عباس القمي حسب رغبة الشيخ وارادته كما فصلناه في ج 3 ص 484 ، وطبع ايضا ديوان شعره الفارسي بقطع صغير ويسمى ب ( المولودية ) لانه مجموع قصائد نظمها في الايام المتبركة بمواليد الائمة وفيه قصيدة في مدح سامراء وهي قافيته وفيه قصيدته التي نظمها في مدح صاحب الزمان في ( 1295 ) . وعد السيد محمد مرتضى الجنفوري في رسالته التي الفها فهرسا لتصانيف الشيخ النوري من تصانيفه الفارسية المطبوعة ، جوابه عن سؤال السيد محمد حسن الكمال پوري المطبوع في ( البركات الاحمدية ) . واهم آثاره المطبوعة - وغير المطبوعة - واعظمها شأنا واجلها قدرا هو ( مستدرك الوسائل ) فيه على كتاب ( وسائل الشيعة ) الذي الفه المحدث الشيخ محمد الحر العاملي المتوفى في ( 1104 ) والذي هو احد المجاميع الثلاثة المتأخرة وهذا الكتاب في ثلاث مجلدات كبار بقدر الوسائل اشتمل على زهاء ثلاثة وعشرين الف حديثا جمعها من مواضيع متفرقة ومن كتب معتمدة مشتتة مرتبا لها على ترتيب الوسائل ، وقد ذيلها بخاتمة ذات فوائد جليلة لا توجد في كتب الاصحاب وجعل لها فهرسا تاما للابواب نظير فهرس الوسائل الذي سماه الحر ب ( من لا يحضره الامام ) . ولكن مباشر الطبع عمل جدولا من نفسه للفهرست وكتب كل باب في جدول فادرج كل ما يسعه الجدول من الكلمات واسقط الباقي فصار الفهرس المطبوع ناقصا ، وبالجملة لقد حظي هذا الكتاب بالقبول لدى عامة الفحول المتأخرين ممن يقام لآرائهم الوزن الراجح فقد اعترفوا جميعا بتقدم المؤلف وتبحره ورسوخ قدمه واصبح في الاعتبار كسائر المجاميع الحديثية المتأخرة ، فيجب على عامة المجتهدين الفحول ان يطلعوا عليه ويرجعوا إليه في استنباط الاحكام عن الادلة كي يتم لهم الفحص عن المعارض ويحصل اليأس عن الظفر بالمخصص حيث اذعن بذلك جل علمائنا المعاصرين للمؤلف من ادركنا بحثه وتشرفنا بملازمته ، فقد سمعت شيخنا المولى محمد كاظم الخراساني صاحب ( الكفاية ) يلقي ما ذكرناه على تلامذته الحاضرين تحت منبره البالغين إلى خمس مائة أو اكثر بين مجتهدا أو قريب من الاجتهاد بان الحجة للمجتهد في عصرنا هذا لا تتم قبل الرجوع إلى ( المستدرك ) والاطلاع على ما فيه من الاحاديث انتهى . هذا ما قاله بنفسه عندما وصل بحث : العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص . وكان بنفسه يلتزم ذلك عملا ، فقد شاهدت عمله على ذلك عدة ليال وفقت فيها لحضور مجلسه الخصوصي في داره الذي كان ينعقد بعد الدرس العمومي لبعض خواص تلامذته كالسيد ابي الحسن الموسوي ، والشيخ عبد الله الگلپايگاني ، والشيخ علي الشاهرودي ، والشيخ مهدي المازندراني ، والسيد راضي الاصفهاني وغيرهم ، وذلك للبحث في اجوبة الاستفتاآت ، فكان يأمرهم بالرجوع إلى الكتب الحاضرة في ذلك المجلس وهي " الجواهر " و " الوسائل " و " مستدرك الوسائل " فكان يأمرهم بقراءة ما في المستدرك في الحديث الذي يكون مدركا للفرع المبحوث عنه كما اشرت إليه في " الذريعة " ج 2 ص 110 - 111 ، واما شيخنا الحجة شيخ الشريعة الاصفهاني فكان من الغالين في المستدرك ومؤلفه ، سألته ذات يوم - وكنا نحضر بحثه في الرجال - عن مصدره في المحاضرات التي كان يلقيها علينا فأجاب : كلنا عيال على النوري . يشير بذلك إلى المستدرك . وكذا كان شيخنا الاعظم الميرزا محمد تقي الشيرازي وغير هؤلاء من الفطاحل مقر له بالعظمة رحمه الله . و " الصنف الثاني " من آثار المترجم له مؤلفاته غير المطبوعة وهي
" مواقع النجوم " ومرسلة الدر المنظوم . والشجرة المونقة العجيبة . وهو سلسلة في اجازات العلماء من عصره إلى زمن الغيبة ، وهو اول مؤلفاته فرغ منه ليلة الاثنين " 24 - رجب - 1275 " ورسالة فارسية في جواب شبهات فصل الخطاب ، و " ظلمات الهاوية " في مثالب معاوية و " شاخه طوبى " في عشرة آلاف بيت في الختوم واعمال شهر ربيع الاول وبعض المطابيات . وتقريرات بحث استاذه الطهراني وتقريرات المجدد رآهما بخطه الشريف في مكتبة الميرزا محمد العسكري ، لكنه / صفحة 55 / احتمل ان الثاني لغيره وانما استنسخه بخطه ومجموعة في المتفرقات فيها فوائد نادره و " الاربعونيات " مقالة مختصرة كتبها على هامش نسخة " الكلمة الطيبة " المطبوع جمع فيها اربعين امرا من الامور التي اضيف إليها عدد الاربعين في اخبار الائمة الطاهرين ( عليهم السلام ) كما ذكرته في ج 1 ص 436 و " اخبار حفظ القرآن " ورسالة في ترجمة المولى ابي الحسن الشريف رأيتها بخطه على تفسير الشريف الموجود في " مكتبة الميرزا محمد العسكري " في سامراء . وفهرس كتب خزانته رتبه على حروف الهجاء ورسالة في مواليد الائمة " ع " على ما هو الاصح عنده اخذها الآغا نور محمد خان الكابلي نزيل كرمنشاه و " مستدرك مزار البحار " لم يتم و " حواشي رجال ابي علي " لم تتم و " حواشي توضيح المقال " الذي طبع في آخر رجال " ابي علي " نقلت جملة منها على نسختي وضاعت مني وله ترجمة المجلد الثاني من " دار السلام " لم تتم إلى غير ذلك من الحواشي والرسائل غير التامة و " اجوبة المسائل " والاوراق المتفرقة ، وقد كتب ما كان يمليه في مجالس وعظه من الاخلاق والآداب جماعة منهم : المولى محمد حسين القمشهي الصغير الذي مر ذكره في القسم الاول من هذا الكتاب ص 520 كما انه لم يدع كتابا في مكتبته الا وعلق عليه وشرح موضوعه واحواله مؤلفه ، وما هنالك من الفوائد ، واسفي شديد على ضياع تلك المكتبة وتفرقها حيث كان فيها بعض الاصول الاربعمائة التي لم يقف عليها احد قبله ، وله في جمع الكتب قضايا . مر ذات يوم في السوق فرأى اصلا من الاصول الاربعمائة في يد امرأة عرضته للبيع ولم يكن معه شئ من المال فباع بعض ما عليه من الالبسة واشترى الكتاب ، وامثال ذلك كثير وهو سند من اجل الاسناد الثابتة ليوم المعاد ، وكيف لا وهو خريت هذه الصناعة وامام هذا الفن فقد سبر غور علم الحديث حتى وصل إلى الاعماق فعرف / صفحة 56 / الحابل من النابل وماز الغث من السمين ، وهو خاتمة المجتهدين فيه اخذه عنه كل من تأخر من اعلام الدين وحجج الاسلام وقلما كتبت اجازة منذ نصف قرن إلى اليوم ولمتصدر باسمه الشريف ، وسيبقى خالد الذكر ما بقي لهذه العادة المتبعة من رسم ، وهو اول من اجازني والحقني بطبقة الشيوخ في سن الشباب وقد صدرتعنه اجازات كثيرة بين كبيرة ومتوسطة ومختصرة وشفاهية ذكرنا منها في ( الذريعة ) ج 1 ص 181 ست اجازات وقد ترجمنا والده في القسم الاول من ( الكرام البررة ) ص 222 ولشيخنا اربعة اخوة كلهم اكبر منه : الفقيه الكبير الشيخ الميرزا هادي اشتغل في النجف مدة طويلة وعاد إلى بلاده بعد وفاة والده بسنين فصار مرجعا للامور ثلاث عشرة سنة إلى ان توفي في حدود ( 1290 ) وخلف ولده الميرزا مهدي العالم الحكيم الاغا ميرزا علي ، كان فقيها فيلسوفا انتهت إليه المرجعية بعد اخيه المذكور إلى ان توفي في نيف وتسعين ومائتين والف ، ووالدته ابنة الميرزا ولي المستوفي والميرزا حسن والميرزا قاسم كانا من الفضلاء الاعلام كما كانا يدرسان سطوح الفقه والاصول وتوفيا قبل ( 1300 ) والمترجم له اصغرهم رحمهم الله جميعا . هذا ملخص احوال شيخنا النوري ولعل الغير يرى فيه اطنابا أو اغراقا اما انا فلم اكتب عنه سوى مختصر مما رأيته ايام معاشرتي له ، والله شهيد على ما اقول فقد رأيته عالما ربانيا الاهيا . وما خفي عني اكثر واكثر والله المحيط . وقد ذكرته في ( هداية الرازي ) وفي ( الاسناد المصطفى ) إلى آل بيت المصطفى المطبوع في النجف في ( 1356 ) ص 5 - 6 وحصل هناك في اسم جده تقديم وتأخير فقد جاء هناك : محمد علي . وصحيحه كما هو مثبت هنا علي محمد . - مستدرك الوسائل - الميرزا النوري ج 1 ص 41 .
نسألكم الدعاء