" من مات و لم يعرف أمام زمانه مات ميتة جاهلية " ..!! اللهم لا تمتنا ميتة جاهلية ..!!
يا علي مدد ..!!
من أخطر الابتلاءات التي يمكن ان تفضي بالانسان الى مصير ٍ أسودٍ يتمّثلُ بالعذاب والفناء عند غفلته عنها وعن تأدية حقّها ، هي تلك المرتبطة بالعلاقة بينه وبين خالقه ، والتي تُحتّمُ عليه أختيار أحد طريقين أما اذعانه وإيمانه بأوامر الله تعالى التي بينها من خلال أنبيائه وأوليائه وكتبه المنزلة المقدسة ، وأما تمرّده وعصيانه وإعلان عداءه لله تعالى ، فلا منتصف بين ذلك حتى يسلكه ويقتفيه ، قال تعالى :
وليس هناك ابتلاءٌ أعظمُ من طاعة " حُجة الله " واتبّاعه مع حجم التحديات والأعداء المانعة من ذلك وبشتى الوسائل ، ابتداءاً بالنّفس الأمارة والهوى مروراً بالدنيا وزخرفها وزبرجها وصولاً الى ابليس العدو المبين وفيه قال الشاعر :
ابليس والدنيا ونفسي والهوى *** كيف الخلاص وكلهم اعدائي
لهذا كان ولابد من تذكّر الانسان المستمّر وتفكّره الدائم في معرفة " أولياء الله" وتشخيص " أعدائه " والاشتغال بتحصيل العلم الذي يعطي من خلال العمل به حق الله ورسوله وحججه الطاهرين.
فبالمعرفة بأوامر الله وتعالميه والعمل بها يتم التفاضل ويُشخَّصُ الولاء الحقيقي بين الناس ويتم جزاء الاعمال ثواباً وعقاباً ، وتتفاوت الدرجات باختلاف مستويات تلك المعرفة ، لأن " التقوى " مثلاً والتي جعلها الله تعالى ميزاناً للمكرمين عنده في قوله تعالى(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات . هذه التقوى لا تتحقق بدون معرفة .! واعني بالمعرفة – عمومها – اذ أنها تسري في كل الاعتقادات والفرائض العبادية ويترتب الثواب على قدر المعرفة ومستواها في كل فرضٍ أو عقيدة .
لأن مستوى " المعرفة " هو الذي يحدد اختيار نتائج " العلم " بحكم معين أو فريضة ما ، ويترتب ثواب العمل عليها قلةً أو كثرة ، ولتوضيح ذلك سنضرب مثالاً مبسطّاً :
لو أخذنا " وجوب الصلاة " كأمرٍ آلهي مفروض ، فإن تحقق " الفرض الوجوبي " بذمة المكلف يتنجز بمجرد حصول العلم به ، بيد أن مستويات المعرفة لدى المكلفّين تختلف في " التطبيق" فمنهم من يؤدي " الفرض " خوفاً من العقاب وآخر طمعاً في الثواب بينما هناك مجموعة خاصة تؤدي الفرض وغير الفرض لا خوفاً ولا طمعاً بل لأنهم وجدوا " الله " أهلاً للعبادة والطاعة فعبدوه واطاعوه ، فلا شك أن الثواب والجزاء يختلف لاختلاف مستويات المعرفة الثلاث وهو ما أشار أليه أمير المؤمنين " عليه السلام " عندما وصف تلك المستويات الثلاث بأوصاف تناسبها حيث يصف الخوف من العقاب ( بعبادة العبيد ) والطمع في الثواب ( بعبادة التجار) والثالثة ( عبادة الاحرار ) .
من هنا اود الاشارة الى الفقر المعرفي بكل مستوياته الذي ينتشر في مجتماعتنا – الشيعية – تجاه أخطر وأهم القضايا المصيرية والمحتومة وهي معرفة " إمامنا المهدي عليه السلام " وغيبته وشؤونه وما يرتبط به ، ولست بصدد نقاش أسباب ذلك لأن لا نبتعد عن جادة هذا البحث مع انها اثرت تأثيراً مباشراً في هذا الفقر والاهمال . لكن أود الاشارة – وجدانياً- الى غفلتنا واهتمامنا بكل شيء من امور الدنيا الا تلك الامور التي ترتبط بالعلاقة بيننا وبين الله تبارك وتعالى والتي لا تتحقق الا عن طريق " حجته " في الارض .
فترانا نمر عليها مرور كرام ولا نكلف أنفسنا عناء البحث في ذلك ورفع مستوى المعرفة بإمامنا واسباب غيبته وشروط ظهوره ومدخليتنا كمؤمنين به في تعجيل ظهوره والعمل على استحقاقه والاستعداد لنصرته ، فلا يكفي تمسكنا بقشور " المعرفة " غافلين عن " لبها " نردد كالملقنين أدعيةً مأثورةً بلا تدبرٍ يكشف لنا وظيفتنا تجاه إمامنا مع أن فيها كل " الحقائق " التي تمثل الحجة علينا ولله الحجة البالغة .
نعم نقرأ في دعاء زمن الغيبة(( اللهم واجعل صلاتنا به مقبولة وذنوبنا به مغفورة ))ثم ننهي الدعاء ونلهى بالسياسة والضحك وغيره .. غير ملتفتين الى دقة العبارة التي تستوجب قلقاً وخوفاً ورجاءاً مستمراً وتفكراً في عبادتنا كلها التي تجمعها الصلاة هنا لأنها "عمود الدين اذا قبلت قبل ما سواها وان ردت رد ما سواها " وهل هي محل قبولٍ الله جل وعلا بعدما اشترط لقبولها رضا الامام عنها وتقريره وكذلك ذنوبنا التي لا تغفر الا به سلام الله عليه ..!!
بل كيف يطيب لنا الكرى ويستقر بنا النوى وإمامنا " مغيبٌ " عنا لعدم استحقاقنا وجوده ، فهل نكذْب عندما نفدّيه بأنفسنا في دعاء الندبة ونردد ادعية الفرج بلا عمل ، وكأننا نلقي باللوم على " الله " تعالى عندما ندعوه بتعجيل الفرج ولا فرج ، فهل يؤخر الله تعالى رحمته ونصره عن المؤمنين حاشا لله وتعالى عن ذلك علواً كبيرا ، لكن الحقيقة الغائبة عنا هي انه ليس هناك مؤمنون يحققون عناصر نزول الرحمة الالهية ولا " أنصار" وصلوا الى درجة " نصرة الله " حتى ينصرهم ، والا فإن القرآن واضح في قانونه الدائم حيث قال ( ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ) ..!
ألم يقل رسول الله محمد "صلى الله عليه و آله "( أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج ) ألسنا ننطق العربية .؟! أين العمل لتعجيل الفرج ..؟ فمعلوم ان انتظارالفرج يتطلب عمل لا ما نفعله الآن من انتظار بلا عمل ، ولماذا لا نبحث عن خصائص ذلك " العمل الأفضل " ..؟
فهل يشير النبي بالافضلية الى ( عمل خصائصه تحقق الانتظار لفرج آلهي محتوم ) أم ( فعل الانتظار ) فقط والخالي من علاقته بالفرج المحتوم ، فلربما كنا ننتظر " دنيا وقصور" ياتي الامام ليبنيها لنا ويخلصنا من " قوى الاستكبار " وهو بعيد المنال لأن الامام "ع" لا يخرج لنا الا بعد أن نقف امام اشكالات في ديننا واستشعارنا حاجته الملحة التي تضمن لنا رضا الله تعالى وإقرارنا ان لا " مبرئ للذمة " ولا حجة الا هو " عليه السلام .؟ ، فما نقوم به الان هو فعل الانتظار وترديد الادعية فقط بدون عملٍ مرتبط بمسار صحيح يحقق الفرج المنتظر والمحتوم ،لذلك قال الله تعالى يقول ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) .
من هنا تتضح أهمية المعرفة التي تهيئ للعمل وارتباط ذلك بالتزام الولاية والطاعة لحجة الله ، ولو رجعنا الى التأريخ بتأمل لوجدنا أن عدم " المعرفة " هو السبب الرئيس في كل ما جرى من مظلوميةٍ على " الاولياء" وانحراف وبؤس على الناس بما كسبت ايديهم ، فهذا أمير المؤمنين " عليه السلام " بعد ان خذله أهل الكوفة وملئوا قلبه الشريف قيحاً حتى ود لو يصرفهم صرف الدرهم بالدنيار يعطي معاوية عشرة رجال ويأخذ واحد لأنهم تفرقوا عن حقهم واجتمع أولئك على باطلهم ..، بعد كل تلك الاحداث يبين الامير "ع" سبب ذلك كله بكلمة عظيمة جامعة حيث قال ( والله لو عرفتمونا ما خذلتمونا ) ، فاطرد من ذهنك ما يشغلك قارئي الكريم وتأمل هذه الكلمة فحسب ، حيث جف القلم عن التعليق بعد هذا الكلام اذ لا يضاهيه كلام لأن" كلام الأمام أمام الكلام ".
منقووووول للأمانة ....
نرجو من الله لنا و لكم التوفيق في التبصرة و المعرفة في أمر إمامنا و لا أمر أهم ..!!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أحسنتِ الطرح , بارك الله فيكِ .
اللهم صل على محمد وآل محمد
سلمت أناملكم الولائية
طرح رائع وقيم ومفيد
دمتم وداااام إبداعكــــــم لا عدمنا طلتكم النورانية
قضى الله حوائجكم وسهل أموركم بحق مولانا الإمام المهدي المنتظر (( عليه السلام )) .
نسأل الله لكم دوام الموفقيـــــة والســـــداد
دمتم بحفظ الله ورعايته .
خادمة الإمام الحسين عليه السلام : دُمُــــــــــوعيّ حُسينيــــــــة .