محيط ومعالم البيت الذي نشأت فيه العقيلة
محيط و معالم هذا البيت كما جاء وصفه في القرآن الكريم و في الروايات ، و كذلك سوف نأتي ببعض الشواهد من أحاديث زينب ، لكن الأصل أن نقول أن الفطرة ليست شيئاً آخراً غير الولاية ، فالفطرة أودعها الله تعالى في الإنسان و بناها و شكّلها و خلقها و أعطاها ظرفية الولاية و هو يُدرك آثار هذه الفطرة ، و قد جاء في الرواية عن الإمام الصادق في شرح الآية ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال :
" أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و أن علياً ولي الله إلى ها هنا الفطرة "
بمعنى أن الولاية ليست شيئاً دخيلاً على الإنسان .. الولاية ليست شيئاً أو علماً أو معرفةً تُفرض على الإنسان .. الولاية ليست إلا الطبيعة الأولية للإنسان ، فإذا ركبت في الإنسان طبائع غير أصيلة فهي لم تنتج عن الولاية ، فالفطرة ليست إلا حب علي و أبناء علي صلوات الله و سلامه عليهم ، و قد جاء في تفسير علي بن إبراهيم - الذي يعد من أفضل التفاسير(التفسير القمي)- في شرح قوله تعالى ( فأقم وجهك للدين حنيفاً ) قال : أقم وجهك لولاية علي ...
فإذا تربّت زينب في أحضان تتناسب مع الفطرة بمعنى أن الإنسان أول ما يبتدر في نفسه في طفولته أنه يأنس بوالديه .. بإخوته .. بالمقربين منه ، فهو يعتقد أن هؤلاء هم الوسائط في الوصول إلى المعرفة بل أكثر من ذلك ، الطفل يعتقد أن كل الخصائص الإلهية في أمه و أبيه ، الطفل الذي لم يعرف التوحيد بعد و لم يعرف العدالة و القيم يعتقد أن القيم موجودة في هؤلاء ، حتى أنه ورد في الرواية أنه كلما بلغ الطفل مرحلة من مراحل العمر لقّنوه شهادة أن لا إله إلا الله ثم بعد الشهر الثاني .. الثالث لقّنوه نبوة محمد ابن عبد الله ثم في الشهر الرابع مثلاً وجّهوه باتجاه القبلة و لقّنوه اسم علي فإذا أتقنه فلقّنوه اسم فاطمة فإذا أتقنهما فلقّنوه ... فلماذا هذه الرواية ؟! لأنها تريد أن تقول أنه يجب على الإنسان أن يفصل بين المشاعر و الأحاسيس و الحب و الأنْس الذي لوالديه و بين المشاعر و الأحاسيس و الأنْس الذي يجب أن يكون لأولياء نعمته و هذه كثيراً ما تختلط عند الإنسان .
للوالدين الدور الكبير في ذلك و خصوصاً أن الطفل أحاسيسه لا زالت ظريفة لم ينقش عليها شيء .. لا زالت لم يكتب عليها شيء .. لا زالت شفافة رقيقة قابلة للتلقي .. قابلة للأخذ .. قابلة أن يُطبع عليها ، فالطبع على القلوب الرقيقة أسهل من الطبع على القلوب الخشنة التي لا تتلقى بسهولة ، إذاً فالإنسان في الحقيقة مفطور على حب هؤلاء ، فإذا كانت قد اتحدت مشاعر الأمومة و الأبوة و الأخوة و الولاية .. فكيف سيكون هذا الحب ؟! هذا التمركز و الاتحاد في المشاعر ماذا سوف يُنتج ؟! سوف يُدرك الإنسان أن واسطته إلى المعرفة منحصرة في هؤلاء .. واسطته للاتصال بالعالم الخارجي هي في الحقيقة منحصرة في هؤلاء .
فالإنسان كلما يكبر فإنه يحب الكلام المبرهن و المستدل و يتفاعل مع الكلام العقلائي ، فطبيعة الإنسان أنه يبحث عن البرهان . بالأمس قلت إن أول عبارة في كتاب الحكمة و في كتب الفلسفة و الإلهيات هي " إننا موجودون جداً و حقيقةً " ، بمعنى أن الإنسان حقيقةً يبحث عن الواقع .. حقيقةً يبحث عن البرهان ، فإذا وُلِد الإنسان في بيت " خصّكم الله ببرهانه و انتجبكم لوحيه " فإن هذا الإنسان سوف تتحد مشاعره و سوف ينسجم باطنه مع ظاهره .
فزينب لم ترَ واسطة للفيض و لا للعلم و لا للمعرفة و لا للبرهان إلا هؤلاء الخمسة صلوات الله و سلامه عليهم ، و نحن في هذا البحث نحاول أن نصل إلى التشبه و إلى التقليد فمن تشبه بأخلاق قوم كاد أن يكون منهم ، نحن نريد أن نصل - و هذا مقام من مقامات زينب - إلى مقام في اليوم العاشر من المحرم نخاطب فيه الحسين : " يا نعيمي و جنتي .. يا دنياي و آخرتي " ، فإذا وصل الإنسان إلى مقام قريب من هذا المقام أو استطاع على الأقل للحظات أن يشعر به ... لاحظوا أخواتي أن هذا النوع من المشاعر كاليقين قد لا تستقر ، و قد ورد في الرواية : اليقين خطرات ، اليقين لحظات ، اليقين يعرض على الفؤاد و قد يزول و يعرض ، لكن الله تعالى يوم القيامة يجعل كل أعمال الإنسان أي يثيبه على كل أعماله بمقدار هذا اليقين ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ) أي أن أحسن حالة وصل إليها الإنسان المؤمن .. فإن الله تعالى يجعل كل أعمال ذلك الإنسان في ميزان و ثقل ذلك العمل ، و هذا في الحقيقة يجعلنا نكون أكثر جدية في طلب هذه الأمور.
من محاضرات الفاضلة أم عباس
محيط و معالم هذا البيت كما جاء وصفه في القرآن الكريم و في الروايات ، و كذلك سوف نأتي ببعض الشواهد من أحاديث زينب ، لكن الأصل أن نقول أن الفطرة ليست شيئاً آخراً غير الولاية ، فالفطرة أودعها الله تعالى في الإنسان و بناها و شكّلها و خلقها و أعطاها ظرفية الولاية و هو يُدرك آثار هذه الفطرة ، و قد جاء في الرواية عن الإمام الصادق في شرح الآية ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال :
" أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و أن علياً ولي الله إلى ها هنا الفطرة "
بمعنى أن الولاية ليست شيئاً دخيلاً على الإنسان .. الولاية ليست شيئاً أو علماً أو معرفةً تُفرض على الإنسان .. الولاية ليست إلا الطبيعة الأولية للإنسان ، فإذا ركبت في الإنسان طبائع غير أصيلة فهي لم تنتج عن الولاية ، فالفطرة ليست إلا حب علي و أبناء علي صلوات الله و سلامه عليهم ، و قد جاء في تفسير علي بن إبراهيم - الذي يعد من أفضل التفاسير(التفسير القمي)- في شرح قوله تعالى ( فأقم وجهك للدين حنيفاً ) قال : أقم وجهك لولاية علي ...
فإذا تربّت زينب في أحضان تتناسب مع الفطرة بمعنى أن الإنسان أول ما يبتدر في نفسه في طفولته أنه يأنس بوالديه .. بإخوته .. بالمقربين منه ، فهو يعتقد أن هؤلاء هم الوسائط في الوصول إلى المعرفة بل أكثر من ذلك ، الطفل يعتقد أن كل الخصائص الإلهية في أمه و أبيه ، الطفل الذي لم يعرف التوحيد بعد و لم يعرف العدالة و القيم يعتقد أن القيم موجودة في هؤلاء ، حتى أنه ورد في الرواية أنه كلما بلغ الطفل مرحلة من مراحل العمر لقّنوه شهادة أن لا إله إلا الله ثم بعد الشهر الثاني .. الثالث لقّنوه نبوة محمد ابن عبد الله ثم في الشهر الرابع مثلاً وجّهوه باتجاه القبلة و لقّنوه اسم علي فإذا أتقنه فلقّنوه اسم فاطمة فإذا أتقنهما فلقّنوه ... فلماذا هذه الرواية ؟! لأنها تريد أن تقول أنه يجب على الإنسان أن يفصل بين المشاعر و الأحاسيس و الحب و الأنْس الذي لوالديه و بين المشاعر و الأحاسيس و الأنْس الذي يجب أن يكون لأولياء نعمته و هذه كثيراً ما تختلط عند الإنسان .
للوالدين الدور الكبير في ذلك و خصوصاً أن الطفل أحاسيسه لا زالت ظريفة لم ينقش عليها شيء .. لا زالت لم يكتب عليها شيء .. لا زالت شفافة رقيقة قابلة للتلقي .. قابلة للأخذ .. قابلة أن يُطبع عليها ، فالطبع على القلوب الرقيقة أسهل من الطبع على القلوب الخشنة التي لا تتلقى بسهولة ، إذاً فالإنسان في الحقيقة مفطور على حب هؤلاء ، فإذا كانت قد اتحدت مشاعر الأمومة و الأبوة و الأخوة و الولاية .. فكيف سيكون هذا الحب ؟! هذا التمركز و الاتحاد في المشاعر ماذا سوف يُنتج ؟! سوف يُدرك الإنسان أن واسطته إلى المعرفة منحصرة في هؤلاء .. واسطته للاتصال بالعالم الخارجي هي في الحقيقة منحصرة في هؤلاء .
فالإنسان كلما يكبر فإنه يحب الكلام المبرهن و المستدل و يتفاعل مع الكلام العقلائي ، فطبيعة الإنسان أنه يبحث عن البرهان . بالأمس قلت إن أول عبارة في كتاب الحكمة و في كتب الفلسفة و الإلهيات هي " إننا موجودون جداً و حقيقةً " ، بمعنى أن الإنسان حقيقةً يبحث عن الواقع .. حقيقةً يبحث عن البرهان ، فإذا وُلِد الإنسان في بيت " خصّكم الله ببرهانه و انتجبكم لوحيه " فإن هذا الإنسان سوف تتحد مشاعره و سوف ينسجم باطنه مع ظاهره .
فزينب لم ترَ واسطة للفيض و لا للعلم و لا للمعرفة و لا للبرهان إلا هؤلاء الخمسة صلوات الله و سلامه عليهم ، و نحن في هذا البحث نحاول أن نصل إلى التشبه و إلى التقليد فمن تشبه بأخلاق قوم كاد أن يكون منهم ، نحن نريد أن نصل - و هذا مقام من مقامات زينب - إلى مقام في اليوم العاشر من المحرم نخاطب فيه الحسين : " يا نعيمي و جنتي .. يا دنياي و آخرتي " ، فإذا وصل الإنسان إلى مقام قريب من هذا المقام أو استطاع على الأقل للحظات أن يشعر به ... لاحظوا أخواتي أن هذا النوع من المشاعر كاليقين قد لا تستقر ، و قد ورد في الرواية : اليقين خطرات ، اليقين لحظات ، اليقين يعرض على الفؤاد و قد يزول و يعرض ، لكن الله تعالى يوم القيامة يجعل كل أعمال الإنسان أي يثيبه على كل أعماله بمقدار هذا اليقين ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ) أي أن أحسن حالة وصل إليها الإنسان المؤمن .. فإن الله تعالى يجعل كل أعمال ذلك الإنسان في ميزان و ثقل ذلك العمل ، و هذا في الحقيقة يجعلنا نكون أكثر جدية في طلب هذه الأمور.
من محاضرات الفاضلة أم عباس
