اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم عجل فرج مولانا صاحب الزمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾.. إن الآيات الأولى من هذه السورة، آيات محيرة، والأقوال فيها متضاربة.. ولعل أغلب المسلمين، إلا ما ندر، لا يعلم معنى هذه الآية!..
ما معنى غفران ذنب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟..
إن الذي عليه الإمامية: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يمكن أن يكون مذنباً؛ فإذن كيف نفسر ذنب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟..
إن هناك عدة تفسيرات، منها:
1. ترك الأَولى: أي هناك معصية، وهناك مخالفة لأمر؛ ولكنه ليس أمراً مولوياً.
2. بلحاظ الأمة: أي غفران ذنوب الأمة، باعتبار أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يمثل الأمة.
3. الذنب الذي في بال الناس: إن التفسيرين السابقين يحلان مسألة غفران الذنب، ولكن ما علاقة المغفرة بالفتح؟.. ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾؛ هنا وقع المُفسّرون في اضطراب كثير!.. وقد فُسّر الفتح بفتح مكة تارة، وبصلح الحديبية تارة أخرى.. فالمعاني والتفاسير مختلفة، والمعنى الذي يجعل هذه الآية مرتبطاً بالفتح، ويمكن بيانه بشكل بسيط، -وإن كانت الفكرة معقدة إجمالاً- هو: أن المشركين كانوا يرون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له ذنب!.. وذنب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو: قيامه عليهم، وتمرده على آلهتهم، وهجرته إلى المدينة، وتجيش الجيوش عليهم.. فالمشركون كانوا يرون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له ذنب، وله تبعات.. وإذا بهذا الأمّيّ اليتيم -الذي لم يكن له ناصر إلا أمير المؤمنين وهو صبي، وامرأة كخديجة-؛ يرتفع صيته في الآفاق.. فإذن، هذا كان يُعدّ ذنباً في نظر المشركين، لعتوهم واستكبارهم، وكأنهم هم أصحاب الحق الطبيعي.. أما بعد فتح مكة، أو بعد صلح الحديبية، كأن رب العالمين غفر هذا الذنب، فهذه التبعات محاها بإذهاب شوكتهم.. حيث أنه بعد فتح مكة، انتهى تاريخ الوثنية في جزيرة العرب.. فيكون المعنى: أن هذه المؤاخذات التي كانت عليك يا رسول الله، انتفت بذهاب الوثنية برأسها.
ما هو هذا الفتح المبين؟..
إذا كان المراد به فتح مكة، فالأمر واضح!.. حيث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل مكة فاتحاً في السنة الثامنة من الهجرة.. وأما إذا فسرنا الفتح: بصلح الحديبية، وهذا الذي عليه الكثيرون من المفسرين، فهو أيضاً فتح، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: ذهب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بألف ومائتي رجل، أو ألف وأربعمائة رجل، ليحج بيت الله الحرام.. انظروا إلى جرأة المسلمين، لا زال الدم يسيل فيما بينهم، وإذا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يأخذ قومه لحج بيت الله الحرام!.. وهنا وقع الصلح: على أن لا يقاتلوا عشر سنوات، وعلى أن يدخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة في السنوات القادمة لمدة ثلاثة أيام.. وهذا تحوّلٌ في تاريخ المسلمين، وبتعبير اليوم: صار هناك اعتراف رسمي بالمسلمين.. فالمسلمون كانوا -في نظر المشركين- متمردين، أما الآن أصبحوا طرفاً في المفاوضات؛ ولهذا سمي بالفتح المبين.
ثانياً: رأى المشركون في صلح الحديبية عظمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!.. فهؤلاء كان لهم أمل في فصل القيادة عن المسلمين؛ ولكن عندما كانوا يراقبون تصرفات المسلمين، رأوا أمراً عجيباً: رأوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتوضأ، والمسلمون يتسابقون لأخذ الماء المتناثر منه!.. فقالوا: إذا كان هذا حب أصحابه له، فأنى لنا بمقارعته؟.. وأنى لنا بفصل القيادة عن الأمة؟!.. فكان هذا سبباً لفتح مكة فيما بعد.
ثالثاً: إن صلح الحديبية، كان مقدمةً لفتح مكة!.. حيث أن صلح الحديبية كان في السنة السادسة، ولم يكن مع النبي سوى ألف ومائتي أو أربعمائة مقاتل، بينما في السنة الثامنة دخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة، باثني عشر ألف مقاتل.. هكذا امتد النصر الإلهي للمسلمين!..
لاحرمتم نصرة صاحب العصر والزمان عليه السلام
تحية لكم موفقين
الســـــــــــراج