
الْلَّـهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
وَ عَــــــــــــــــجِّلْ فَرَجَهَمْ وَ أَهْلِكْ أَعْدَاْئَهُمْ يَاْ كَرِيْــمْ
الْسَّـــــــــــــــــــــــلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُـــــه

كان الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) النموذج الحضاري المتميز من بين سائر أصحاب النبي ( صلى الله عليه و آله ) و تلامذة مدرسته الفكرية . و يرجع هذا إلى ما توافر له ( عليه السلام ) من عوامل شاركت متكاملة في شخصيته الفكرية ، و هي :

1 . العامل الذاتي :
و أريد به أنه ( عليه السلام ) ولد مزودًا بمؤهلات ذهنية ارتفعت به إلى مستوى العبقرية التي هي فوق الذكاء المتفوّق . و يعود هذا إلى أن الله تعالى أراد بذلك إعداده لحمل الرسالة و تحمل مسؤولياتها بعد النبي ( صلى الله عليه و آله ) و نستطيع أن ندرك هذا مما أعطاه من فكر و مما قام به من أعمال و هو في معرض إرساء أسس الحضارة الإسلامية ، كما سنشير إلى شيء منه .
إن هذا لا يتأتى إلا ممن وعى مسؤولية القائد الرسالي وعيًا حيًّا و وضع أمامه و نصب عينيه تحقيق أهداف الرسالة الإسلامية ، و من أهمها أن يكون لها شخصيتها الخاصة و المميزة لها عمّا سواها . و من ثم ليرتفع مستوى الأمة الإسلامية عن طريق هذه الحضارة إلى ما أراده الله تعالى للمسلمين بقوله : ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ... ﴾ [2] .
ذلك أن الحضارة السامقة هي القادرة على تكوين هذه الأمة ، و قد رأينا ـ تاريخيًا ـ تسابق المؤهلين ذهنيًا إلى الإسهام في إنمائها و إثرائها ، و من ثم تكوين الأمة . و قد تكامل هذا بمدة وجيزة من الزمن اعتبرت رقمًا قياسيًا في عوالم بناء الحضارات و تكوين الأمم .

2 . العامل التربوي :
و أعني به ما تهيأ للإمام علي ( عليه السلام ) من جو تربوي في ظل توجيهات و تعليمات رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) . و الإمام علي يسجل هذا بقوله ( عليه السلام ) : " و لقد كنتُ أتبعه ( يعني رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) إتباع الفصيل إثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علمًا ، و يأمرني بالاقتداء به ، و لقد كان يجاوز في كل سنة بحراء فأراه و لا يراه غيري ، و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و خديجة و أنا ثالثهما ، أرى نور الوحي و الرسالة ، و أشم ريح النبوة ، و لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه ( صلى الله عليه و آله ) ، فقلتُ : يا رسول الله ، ما هذه الرنة ؟
فقال : هذا الشيطان قد آيس من عبادته ، إنك تسمع ما أسمع و ترى ما أرى إلا أنك لست بنبي ، و لكنك لوزير ، و إنك لعلى خير " [3] .
و يدخل في هذا الإطار ما عرف من أن النبي ( صلى الله عليه و آله ) كان قد أملى على الإمام ( عليه السلام ) ما أُطلق عليه عنوان ( كتاب علي ) ، و كتبه بخطه الشريف من فم رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ، و روي عن إبراهيم بن هشام بإسناده عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) أنه قال : " في كتاب علي كل شيء يحتاج إليه حتى أرش الخدش " [4] .
إن هذا اللون من التربية خلق عند الإمام الذهنية العلمية المبدعة التي أعطت ـ فيما بعد ـ العطاء الخير الذي أشرت إليه في أعلاه .
على أساس من تحمل الإمام ( عليه السلام ) هذه المسؤولية الضخمة ، و من وعيه لأهمية تطبيقها ، و من خلال إدراكه لأهمية ما تهدف إليه من تأسيس حضارة إسلامية تتكون في أجوائها و داخل أطرها الأمة الإسلامية القائدة انطلق الإمام ( عليه السلام ) يضع القواعد و الأسس للعلوم الإسلامية و العلوم الأخرى المساعدة لها .

منقول / مركز الشعاع الاسلامي
لكم منا خالص الدعاء

مُوَفَقِّيْنْ بِجَاهِ مَحَمَّدْ وَ آلِ مَحَمَّدْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمُ أَجْمَعِيْنْ ...
نَسْأَلُكُمْ الدُعَاءْ لِصَاْحِبِ الْأَمْرِ الحُجَةِ الْمَهْدِيْ أَرْوَاْحُنَاْ لَهُ الْفِدَاْءْ بِالْفَرَجْ وَ لِسَاْئِرِ الْمُؤْمِنِيْنْ وَ الْمُؤْمِنَاْت
فِيْ أَمَاْنِ اللهِ تَعَالَىْ ..
