اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم عجل فرج مولانا صاحب الزمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن شعار الصالحين في هذهِ الدنيا (ما قلّ وكفى، خير مما كثر وألهى)!.. بعض المؤمنين العمل الوظيفي خيرٌ لهم من التجارة: عمل وظيفي رتيب، له راتب محدد، بعد سنوات يتقاعد، ولهُ معاش تقاعدي؛ فيبرمج حياتهُ بشكل منتظم.. بخلاف التاجر الحريص، الذي لهُ شركات كبرى في عدة دول، لا يعرف ليلا من نهار.. والبعضُ منهم عندما يسأل: لماذا توسع من تجارتكَ بمقدار لا يليقُ بالمؤمن، حيث أنه لا يحضر لا جمعة ولا جماعة.. فإنه يجيب مبررا: كلما عملتُ أكثر، أدفع خمساً أكثر.. ومن قال بأن التكليف أن تتعب نفسك وتلهي نفسك، لتدفع للفقراء والمساكين؟.. إن (ما قلّ وكفى؛ خير مما كثر وألهى).. في قوله تعالى: {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ}، قال الطبرسي رحمه الله: قيل نزلت في ثعلبة بن حاطب وكان من الأنصار، قال للنبي (ص): ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال: (يا ثعلبة!.. قليلٌ تؤدّي شكره، خيرٌ من كثير لا تطيقه.. أما لك في رسول الله (ص) أسوة؟.. والذي نفسي بيده!.. لو أردتُ أن تسير الجبال معي ذهباً وفضةً لسارت)، ثم أتاه بعد ذلك فقال: يا رسول الله!.. ادع الله أن يرزقني مالاً، والذي بعثك بالحقّ لئن رزقني الله مالاً، لأعطينّ كلّ ذي حقّ حقّه، فقال (ص): (اللهم!.. ارزق ثعلبة مالاً).. قال: فاتخذ غنماً فنمت كما ينمي الدود، فضاقت عليه المدينة، فتنحّى عنها فنزل وادياً من أوديتها، ثم كثُرت نموّاً حتى تباعد من المدينة، فاشتغل بذلك عن الجمعة والجماعة، وبعث رسول الله (ص) المصدّق ليأخذ الصدقة فأبى وبخل، وقال: ما هذه إلا أخت الجزية، فقال رسول الله (ص): (يا ويح ثعلبة!.. يا ويح ثعلبة)!.. فأنزل الله -عز وجل- الآيات.
إن هذهِ هي عاقبة الأموال عندما تتكاثر، من دونِ وجود ردع باطني.. نبي الله سليمان (ع) نبي معصوم ومطهر، ينزل عليه الوحي، جاءَ ذكرهُ في القرآن الكريم، ومع ذلك أعطي الدنيا قال الصادق (ع): (آخر نبي يدخل الجنة سليمان بن داود (ع)، وذلك لما أُعطي في الدنيا).. ملك سليمان (ع) إلى يوم القيامة لا نظير له، فكل ما في الوجود يتكلم معهُ، {وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي}؛ ولكن بقي سليمان سليمان، غفل لحظات عن ذكر ربهِ {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ}.. شغلتهُ الخيل عن ذكر الله، فقال: أذبحوا هذهِ الخيل!.. هذه الخيل عندما تذبح لا ترمى، لأن لحمها يؤكل، ولا توجد مشكلة في ذلك.. إذا كنا كسليمان، أو في طريق سليمان، فإن الملك لا يشغلنا.. حتى الميتة كانت ميتة خاصة؛ فرقٌ بين ميتةِ سُليمان النبي، وبينَ ميتةِ يحيى النبي؛ يحيى الذي قطع رأسهُ، وأهدي إلى بغية من بغايا بني إسرائيل.. ولهذا يقال: أن أكثر الأنبياء شبهاً بسيد الشهداء -صلوات الله عليه- نبي الله يحيى (ع).. فإذن، إن المؤمن في حياتهِ الدنيا، يحاول أن يبرمج نفسهُ على هذا الأساس.
لاحرمتم نصرة صاحب العصر والزمان عليه السلام
تحية لكم موفقين
السراج