اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صلى الله عليك يا مولاي يا ابا عبد الله الحسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث موضوع ويتعارض مع كثير من الأمور ولا سيما مع الحديث الصحيح المتواتر( حديث الثقلين) لآن الله تعالى أمرنا أن نتمسك بالكتاب وأهل بيت النبي(عليهم السلام) ونأخذ الدين والعقيدة منهم لذلك قال(ص): ( لن تضلوا بعدي أبدا) أي إن الذي يتركهم يصبح ضال.
لقد ورد هذا الحديث في كل من صحيح الترمذي ، وأبي داود ، وابن ماجة ، ومسند أحمد ، ومستدرك الحاكم . وهو من أخبار الآحاد ، إذ أن العرباض بن سارية هو الصحابي الوحيد الذي روى هذا الحديث عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، إن صح ذلك . على أنه لم يكلف البخاري ولا مسلم نفسيهما تعب تخريج هذا الحديث في صحيحيهما ، رغم الأهمية التي حصل عليها الحديث بين أتباع الخلفاء الأربعة . وبعد ان ذكر الحديث من سنن الترمذي قال:هذا حديث آخر من الأحاديث التي اعتمد عليها أتباع الخلفاء الأربعة في إثبات اتباعهم والعمل بسنتهم ، ولهذا اعتبروا الحديث إشارة ودليلا على الفرقة الناجية من الفرق المتخالفة ، واعتبروه السبيل التي تؤدي إلى نجاة سالكها من الوقوع في الفتن والاختلاف ومحدثات الأمور التي لا تؤدي إلا إلى الضلال ، وأن كل من خالف هذه السنة - أي سنة الخلفاء - أو ردها فهو منحرف عن الجادة عندهم . وسنبين إن شاء الله إشكالات الحديث ومطابقته بواقع الخلفاء الأربعة من حيث إنه سبيل للنجاة من الاختلاف ومحدثات الأمور . على أن هذا يغنينا عن نقل ما ذكر في بطلان سنده.
إشكالات على الحديث
إن في الحديث أمرا باتباع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسنة الخلفاء . ونحن نوضح هذا الأمر في نقطتين :الأولى : أن يكون اتباع سنتهم منفصلا ومغايرا لاتباع سنة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) كما هو ظاهر من الحديث ، إذ أن العطف يفيد التغاير والاختلاف بلا شك ، ففي هذه الحال إما أن تنسب إليهم العصمة ، لأن من تساوى أمر اتباعه بأمر اتباع النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع اختلاف سنتهما ، يجب أن يكون كالنبي ( صلى الله عليه وآله ) معصوما ، فالسنة وحي بلا ريب والوحي معصوم ، والأمر باتباع سنة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو نفس الأمر باتباع سنة الخلفاء ، إذا تجب عصمتهم . وعند عدمها يكون الأمر باتباع سنتهم التي يمكن أن يعتريها الخطأ أمرا باتباع الخطأ ، وهذا لا يصح . ولكن لا تثبت عصمتهم ولا يؤيدها الحال . إذا سيبطل القول المفروض بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد أمر باتباعهم مع مغايرةسنتهم لسنته ، وذلك لعدم عصمتهم . وإما أن لا تنسب إليهم العصمة ، فيكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد أمر باتباعهم في سنتهم المغايرة لسنته ( صلى الله عليه وآله ) ، رغم عدم عصمتهم ورغم حتمية وقوعهم في الخطأ والشك والريب . ولكن لا يجوز صدور أمر من النبي ( صلى الله عليه وآله ) باتباعهم على النحو الذي جاء في الحديث على سبيل الجزم والقطع ، وهم على هذا الحال من انتفاء العصمة ، لأنه أمر بوجوب اتباع غير المعصوم . إذاً يبطل القول المفروض بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد أمر باتباعهم في سنتهم المخالفة لسنته ، رغم عدم عصمتهم ورغم حتمية وقوعهم في الخطأ والاختلاف .
الثانية : أن يكون اتباع سنتهم هو اتباع لسنة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، بل دون أن تكون لهم سنة غير سنته ( صلى الله عليه وآله ) ، بل هم تابعون له . وفي هذا الحال تكون عبارة " وسنة الخلفاء " زائدة لا معنى لها ، ويكون بالتالي قد أمر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) باتباع سنته وحدها ، دون ذكر اتباع القرآن . وليس هذا معهودا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) إذ أنه كان دائما يقدم القرآن سواء على السنة أو العترة ، فضلا عن خلو الحديث من الإشارة إليه خلوا تاما . ثم إنه لو قيل إن ذكر اتباع الخلفاء لحرصهم على اتباع سنة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لا لأنهم ينفردون بسنة خاصة . قلنا : فما هو السبب في تخصيص الاتباع بهم ؟ هل كان سائر الصحابة مخالفين للنبي ( صلى الله عليه وآله ) في سنته أو بعضها ؟وفي الحقيقة أن هذا الحديث بهذه الدلالة التي فهمها منه أتباع الخلفاء الأربعة - باعتباره دليلا على اتباع سنتهم وحجية أقوالهم - لا يمكن أن يكون وسيلة للنجاة من الاختلاف كما أريد له ، أو وسيلة لمعرفة الفرقة الناجية ، وسلامة عند ظهور البدع والمحدثات . كما أورد السيد علي الحسيني الميلاني في كتابه(الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة) في رسالة هذا الحديث بعد أن ذكر الروايات والأسانيد والألفاظ قال معلقا:
كانت تلك أسانيد هذا الحديث وطرقه في أهم كتب الحديث وجوامعه، ولا بدّ قبل الورود في النظر في أحوال رجال الأسانيد والرواة أن نشير بإيجاز إلى نكاتٍ جديرة بالانتباه إليها...
1 ـ إن هذا الحديث يكذبه واقع الحال بين الصحابة أنفسهم، فلقد وجدناهم كثيراً مّا يخالفون سنة أبي بكر وعمر، والمفروض أنهما من الخلفاء الراشدين، بل لقد خالف الثاني منهما الاول في أكثر من مورد !! فلو كان هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حقاً لما وقعت تلك الخلافات والمخالفات...
هذا ما ذكره جماعة... وعل أساسه أوّلوا الحديث، وقد نص بعضهم كشارح مسلم الثبوت على ضرورة تأويله...
قلت: لكن هذا إنما يضطر إليه فيما لو كان الأصحاب ملتزمين بإطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنقادين لأوامره ونواهيه.. ولكن...
2 ـ إن هذا الحديث بجميع طرقه وأسانيده ينتهي إلى «العرباض بن سارية السلمي» فهو الراوي الوحيد له... وهذا مّما يورث الشك في صدوره... لأن الحديث كان في المسجد... وكان بعد الصلاة.. وكان موعظة بليغة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب... ثم طلب منه أن يعهد إلى الأمة.. فقال..الحديث.
فكيف لم يروه إلآ العرباض ؟! ولم لم يرووه إلا عن العرباض ؟!
3 ـ إن هذا الحديث إنما حدّث به في الشام، وإنما تناقله وروجه أهل الشام ! وأكثر رواته من أهل حمص بالخصوص، وهم من أنصار معاوية وأشد أعداء علي أمير المؤمنين عليه السلام
فبالنظر إلى هذه الناحية، لا سيما مع ضمّ النظر في متن الحديث إليه، لا يبقى وثوق بصدور هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كيف يوثق بحديث يرويه حمصي عن حمصي عن حمصي !!.. ولا يوجد عند غيرهم من حملة الحديث والاثر علم به ؟! وأهل الشام قاطبة غير متحرجين من الافتعال لما ينتهي إلى تشييد سلطان معاوية أو الحطّ مّمن خالفه !
4 ـ إن هذا الحديث مما أعرض عنه البخاري ومسلم، وكذا النسائي من أصحاب السنن... وقد بنى غير واحد من العلماء الكبار من أهل السنة على عدم الاعتناء بحديث اتفق الشيخان على الإعراض عنه، وإن اتفق أرباب السنن على إخراجه والعناية به...
قال ابن تيمية بجواب حديث افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة: «هذا الحديث ليس في الصحيحين، بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث كابن حزم وغيره، ولكن قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة، ورواه أهل المسانيد كالإمام أحمد»(منهاج السنة 2/102).
قلت:
ومن عجيب الاتفاق أن حديث «عليكم بسنتي...» كذلك تماماً، فإنه «ليس في الصحيحين، بل قدطعن فيه بعض أهل الحديث ـ كأبن القطّان ـ ولكن قد أورده أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجة، ورواه أهل المسانيد كالإمام أحمد»
بل إنهم بنوا على طرح الخبر إن أعرض عنه البخاري وإن أخرجه مسلم..
وهذا ما نصّ عليه ابن القيّم.. وسننقل عبارته... في الفصل اللاحق. وقد جاء في آخرها: «ولو صحّ عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به».
قلت:
فكذا حديثنا.. فلو صح عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به... كيف وقد تبعه مسلم.. وهو بمرأى ومشهد منهما؟!
ثم جاء الحاكم النيسابوري... فأراد توجيه إعراضهما عنه بأنهما «توهّما...»، أي: إن إعراضهما موهن، ولكنهما توهما... ولولا ذلك لأخرجاه...
وسنرى أن الحاكم هو المتوهم...
5 ـ «ثم إن المخرجين له... منهم من صححه كالترمذي والحاكم، ومنهم من سكت عنه كأبي داود، ومنهم من عده في الحسان كالبغوي , ومنهم من حكم عليه بالبطلان كابن القطّان...
وكما بين ان راوي الحديث العرباض بن سارية هو من الكذابين وخير دليل على ذلك انه لم يروي عنه الشيخان (البخاري ومسلم).وضعفه ابن قطان في المغنى عن حمل الأسفارـ هامش إحياء العلوم ـ 1/37. وكذلك ضعف الذهبي أحد رجال السند وهو حجر بن حجر الحمصي أشار الذهبي بقوله: «ما حدّث عنه سوى خالد بن معدان بحديث العرباض مقروناً بآخر»(ميزان الأعتدال 1/466).
وكما يعلم الجميع بأن الخلفاء الثلاثة دون المستوى العلمي الهابط ولا يفهمون بأبسط الأحكام الفقهية وهم حرقوا وتلفوا سنة النبي(ص) وخالفوها في كل شئ , فكيف نتمسك بسنتهم التي تخالف الكتاب والسنة؟