مكانة علي المتألّقة الشيء الذي كان يفكر به الثوريون هو تنحية عثمان عن الخلافة على الرغم من أنّ اسم علي ـ عليه السَّلام ـ كان جارياً على الألسن طيلة فترة الحصار المضروب على بيت عثمان، ولكن لم يكن لديهم خطة واضحة للمستقبل لذلك اصطدموا بعد مقتل الخليفة بمشكلة اختيار الخليفة.
ومن ناحية أُخرى كان قد توفّي اثنان من أعضاء الشورى الستة، وهما :عبد الرحمان بن عوف و عثمان، و لم يكن هناك من بين الأربعة الموجودين ـ علي و طلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص ـ من هو أحب للناس وأكثر شعبية وفضلاً وماضياً متألقاً في الإسلام من علي ـ عليه السَّلام ـ ، وهو ما جرّ الناس إلى شخصيته ـ عليه السَّلام ـ .
وبعد تقييم ودراسة الظروف والأوضاع وملاحظة التغييرات التي حصلت في زمن عثمان، وهكذا بعد ابتعاد المسلمين وانفصالهم الكبير عن خط الإسلام الحقيقي الأصيل أيقن علي ـ عليه السَّلام ـ بأنّه من الصعب جداً ممارسته الحكم بعد ذاك الفساد والانحراف المتخلّفين من حكومة عثمان، و قد لا يحتمل الناس وخاصة كبار القوم تعديلاته وإصلاحاته التي يرمي إليها ولا يطيقون عدالته، و لهذا السبب رفض الخلافة عندما عرض عليه الثوريون بيعتهم.
وفي الوقت ذاته انّ المتيقن به هو وجود أربعة أو خمسة أيّام فصلت بين مقتل عثمان وبيعة الناس لعلي ـ عليه السَّلام ـ . وكان الناس في هذه المدة يعيشون حالة من الفوضى والضياع وخلالها كان أصحاب الثورة يراجعون الإمام غير انّه كثيراً ما يبعد نفسه عن الأنظار، وحيث إنّهم كانوا يطالبونه بقبول بيعتهم وهو ما يزال يرى الظروف غير مناسبة لقبول الخلافة وانّ الحجّة لم تتم عليه بهذا الاقتراح قال: «دعوني والتمسوا غيري فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وانّ الآفاق قد أغامت والحجة قد تنكرت، واعلموا أنّي وإن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وان تركتموني فأنا كأحدكم ولعلّي اسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خيرٌ لكم منّي أميراً».
وحيث قد كثر توافد المسلمين على الإمام ـ عليه السَّلام ـ وازدحامهم عليه واكتظت داره بهم وازداد إصرارهم عليه، تنفيساً عن عناء الاضطهاد السابق وشوقاً إلى العدالة شعر بالمسؤولية ولم ير بداً غير قبول البيعة، وقد ذكر الإمام ـ عليه السَّلام ـ شغف الناس وإقبالهم وإصرارهم عندما طالبوه بالبيعة في عدّة مواضع من نهج البلاغة والتي منها:
«فتداكوا عليّ تداك الإبل الهيم يوم وردها، وقد أرسلها راعيها وخلعت مثانيها حتى ظننت أنّهم قاتلي أو بعضهم قاتل بعض ولدي، وقد قلبت هذا الأمر بطنه وظهره حتى منعني النوم»
ويجسد لنا في موضوع آخر ذلك المشهد المثير لازدحام الناس عليه من كلّ جانب ويرسم لوحة حيّة تعبر عن شدة فرح الناس وشوقهم وشغفهم بعد تلقيهم نبأ قبول الخلافة.
ويقول:«وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها، ثم تداككتم عليّ تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها حتى انقطعت النعل، وسقط الرداء، ووُطئ الضعيف، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إيّاي أن ابتهج بها الصغير وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل»
الحمد لله تعالى رب العالمين
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صلى الله عليك يا مولاي يا ابا عبد الله الحسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا علي
سلمــــت أناملكـــــــم الولائيــــــة الطـــــاهرة
دمتم وداااام إبداعكــــــم لا عدمنا طلتكم النورانية
في ميزان أعمالكم إنشاء الله
قضى الله حوائجكم وسهل أموركم بحق محمد وآل محمد عليهم السلام
نسأل الله لكم دوام الموفقيـــــة والســـــداد
دمتم بحفظ الله ورعايته .