اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

أبو طالب رضوان الله تعالى عليه - الجزء الثالث

"ما أوذي نبي مثلما أوذيت "

المشرفون: الفردوس المحمدي،تسبيحة الزهراء

صورة العضو الرمزية
ام حنان
فـاطـمـيـة
مشاركات: 3584
اشترك في: الأربعاء فبراير 04, 2009 3:36 pm

أبو طالب رضوان الله تعالى عليه - الجزء الثالث

مشاركة بواسطة ام حنان »

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

لما بلغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الخامسة والعشرين، كان همّ أبي طالب الوحيد جعله مستقلاً في الإدارة، وطفق يرتأي ويفكر في إيجاد ثروة له (صلى الله عليه وآله وسلم) تصلح لإدارة شؤونه، ليكون مكفول المؤونة في المعاش، فيتفرغ (صلى الله عليه وآله وسلم) للسعي وراء ما كان يتوسمه به أبو طالب من سيادة العالم بتقلده للوسام الإلهي، وضروي أنّ الثروة أعظم معين في النوائب، وعند ملاقاة الشدائد والأهوال.
بعد النظر العميق رأى أنّ أحسن شيء لما يحاوله وأقربه إنتاجاً، أن يوجد صلة تجارية، ومشاركة في الأرباح بين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين خديجة بنت خويلد سيدة القرشيات في عصرها حسباً ونسباً وهدياً وكمالاً ومالاً وجمالاً ذات الثراء والخول والإماء، والتجارة الواسعة في ذلك المحيط، وكان نظر أبي طالب في ذلك وجلّ قصده انتقال ابن أخيه (صلى الله عليه وآله وسلم) مع خديجة من الصلة التجارية إلى الصلات الروحية، فتكون خديجة وما ملكت يدها في قبضته (صلى الله عليه وآله وسلم)، لما يعلمه يقيناً من أنّ السيدة الجليلة، سوف يشغل فراغ قلبها حب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بما تراه منه مضافاً إلى ما تسمعه عنه في المعاشرة والمعاملة من كمال ذاته، ترى يمن طلعة، وغرة جبين، وصدق حديث، وسجاحة أخلاق، وسماحة نفس، وعز عشيرة، وطيب سريرة، وحسن سمعة، وجميل أحدوثة، ووفور حجى، وقدسي ذات، وتفرد صفات.
تلك نظرية أبي طالب، فلم يرد أن يكون مثل ابن أخيه (صلى الله عليه وآله وسلم) خاطباً، بل أراد أن يكون مخطوباً، ولذا أعد الأسباب لتزويجه وثرائه في آن واحد، وأتى الأُمور من أبوابها في مهماته له (صلى الله عليه وآله وسلم) شأن الوالد الشفيق الساهر على مصلحة ولده.
ولم يذكر أبو طالب لابن أخيه الصادق الأمين ما مر بخاطره وما فكر فيه وما دبر، وإنّما جاءه بطريق آخر هو عين الواقع على ما تقتضيه الحكمة والرزانة.
فإنّ أبا طالب قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا ابن أخي (السيرة الحلبية 1: 132) : أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان في القحط، وألحت علينا سنون منكرة ـ شديدة الجدب ـ وليس لنا مادة ولا تجارة، وهذه إبل قومك قد حضر وقت خروجها إلى الشام للتجارة، وهذه خديجة بنت خويلد تبعث رجالاً من قومك في إبلها فيتجرون لها، ويصيبون منافع، فلو جئتها لذلك لأسرعت إليك وفضلتك على غيرك لما يبلغها عنك من طهارتك، وإن كنت لأكره أن تأتي الشام، وأخاف عليك من يهود ، ولكن لا تجد لك من ذلك بدّاً، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فلعلها ترسل إليَّ في ذلك، فقال أبو طالب إنّي أخاف أن تولّي هذا العمل غيرك فتطلب أمراً مدبراً، فافترقا فبلغ خديجة خبر ما دار بينهما فقالت: ما علمت أنه يريد هذا، ثم أرسلت إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت إني دعاني إلى البعثة إليك ما بلغني من صدق حديثك، وعظم أمانتك، وكرم أخلاقك، وأنا أعطيك ضعف ما أعطي رجالاً من قومك، فقبل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولقي عمّه أبا طالب ـ فذكر له ذلك، فقال: إنّ هذا لرزق ساقه الله إليك، فخرج (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتجارة إلى الشام ومعه عبد لخديجة اسمه ميسرة ولما بلغ (صلى الله عليه وآله وسلم) بصرى باع السلعة التي خرج بها، فربح ومن معه ربحاً ما ربح التجرة قط مثله بيمن طلعته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وشاهد ميسرة أموراً حصلت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هي من خوارق العادات، لا يكون مثلها إلّا لمن خصه الله بالعناية التامة، وفوق ذلك سمع من الرهبان في طريقه التبشير بنبوته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فحدث ميسرة خديجة بذلك كله، وكانت خديجة رأت بأم عينها بعض ما حدّث به ميسرة، الأمر الذي سجل صدق حديث ميسرة، وبهذا تم لأبي طالب ما دبر، حيث وقعت هذه السيدة الجليلة بهوى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

خطبة النبي :
وكذا أضحت السيد خديجة حائرة بين عاملين قويين، دافع ومانع، يدفعها الشوق المبرح لعرض نفسها على صاحب الفضيلة، ويمنعها الحياء من أن تخطب لنفسها حتى إذا سئمت المقام والحالة هذه ، ورأت أنّ مثل ابن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب ولا يتحاشى من خطبته، بالرغم عن معاكسة العادات والمراسم، ومر بخاطرها أن في الهيبة الخيبة، وفي الحياء الحرمان، ولذا أفضت بسرّها لإحدى صديقاتها، وكانت تثق بها، وصديقتها هذه نفيسة بنت منية، قالت لها يا نفيسة: هل لك أن تستعملي لي خفية حال محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فلعله يرغب في مثلي؟ فقالت نفيسة حباً وكرامة، وتحملت نفيسة هذه الرسالة بنصح فجاءته (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالت ( السيرة الحلبية 1: 137) ما يمنعك أن تتزوج؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) ما بيدي ما أتزوج به، فقالت فإن كفيتك ذلك ودعوتك إلى المال والجمال والشرف والكفاية ألا تحب؟ قال: فمن هي؟ قالت: خديجة . قال: وكيف لي بذلك؟ قالت: بلى! وأنا أفعل، فرجعت نفيسة ميمونة النقيبة في هذه الرسالة، تحمل شرف الأبد لخديجة، فأرسلت خديجة تعيّن له (صلى الله عليه وآله وسلم) الساعة التي يأتي فيها للخطبة وأرسلت لذوي رحمها فأحضرتهم، وجاء رسول الله مع جمع من أعمامه وفيهم سيدهم أبو طالب وهو الذي زوجه.
فقال: الحمد لرب هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وأنزلنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه. ثم إن ابن أخي هذا ـ يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ممن لا يوزن برجل من قريش إلاّ رجح به، ولا يقاس به رجل إلاّ عظم عنه، ولا عدل له في الخلق، وإن كان مقلاً في المال، فإن المال رفد جار، وظل زائل، وله في خديجة رغبة.
وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر عليَّ في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله. وله ـ وربِّ هذا البيت ـ حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل. (1)

فقال ورقة بن نوفل: وأنتم والله أهل ذلك كله لا ينكر العرب فضلكم، ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم، رغبتنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم، فاشهدوا عليَّ معاشر قريش أنّي قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبدالله وذكر المهر، فقال أبو طالب أحببت أن يشركك عمها، فقال عمّها عمر بن أسد، اشهدوا عليَّ معاشر قريش أنّي أنكحت محمد بن عبدالله خديجة بنت خويلد، فأولم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ونحر الإبل وأطعم الناس، ففرح أبو طالب الفرح الشديدة، وقال: الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب، ودفع عنّا الغموم، وكذا بقي أبو بطالب بقية العقد الثالث وحتى أواخر العقد الرابع من سنّي عمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مغتبطاً به (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبما سافه الله إليه من الخير الكثير، بزواج سيدة القرشيات (2)

كان أبو طالب يزداد سروراً كلما ازدادت منزلة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفوس قريش، غير أنّه بفارغ الصبر كان ينتظر يوماً يعطى به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الوسام الإلهي، يوماً يهبط عليه الناموس الأكبر من لدن جبار السموات والأرض ويعقد على ذلك اليوم وما بعده الآمال الجسام ليقوم بواجب خدمته، ويفوز بالسهم الأوفر من نصرته، ولمّا كانت السنة الأخيرة من ـ العقد الرابع ـ تلك سنة أربعين من سني عمره (صلى الله عليه وآله وسلم) أكرمه الله بالرسالة في حراء بواسطة السفير جبريل، حيث ناداه يا محمد : أنا جبريل وأنت رسول الله لهذه الأُمة، ثم تتابع عليه الوحي.

________________نسألكم الدعاء________________________


(1) تغييرفي النص إلى الخطبة الموجودة في البحار ج 16 - ص 14
(2) تكملة النص : ومن باب:
وإذا استطال الشيء قام بنفسه *** وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً
لم نتعرض لشيء من أحوال هذه السيدة الجليلة التي لها الأيادي البيض على الإسلام، على أنّ في ذلك خروجاً عن الموضوع أيضاً.

المصدر :
شيخ الأباطح أبو طالب - السيد محمد علي آل شرف الدين العاملي - مهماته وآماله (العقد الثالث)
صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

Re: أبو طالب رضوان الله تعالى عليه - الجزء الثالث

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

صورة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جَزَاكُم الْلَّه كُل خَيْر
رَحِم الْلَّه وَالِدِيْكُم
و جَعَلَه فِي مِيْزَان حَسَنَاتِكُم
دَعَوَاتِي لَكُم بِالتَّوْفِيْق وَقَضَاء الْحَوَائِج عَاجِلَا كَلَمْح البَصرِبِحق شَهِيْد كَرْبُلْاءَ(ع)

نسْالُكُم خَالِص الْدُّعَاء

الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن

صورة
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
أم فاطمة البتول
مشاركات: 12220
اشترك في: الأحد أكتوبر 12, 2008 12:45 am

Re: أبو طالب رضوان الله تعالى عليه - الجزء الثالث

مشاركة بواسطة أم فاطمة البتول »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعطيكم الف عافية
سلمت اناملك الطيبة
اخذ روحي ونظرعيني لبو السجاد وديني يسجلني
عبير اترابه اشتمه واريد بدفتر الخدمة يسجلني
صورة العضو الرمزية
دموعي حسينية
فـاطـمـيـة
مشاركات: 4362
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 14, 2010 3:30 pm

Re: أبو طالب رضوان الله تعالى عليه - الجزء الثالث

مشاركة بواسطة دموعي حسينية »

صورة
الحمد لله تعالى رب العالمين
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صلى الله عليك يا مولاي يا ابا عبد الله الحسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صورة

هظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى وفاته
سلمــــت أناملكـــــــم الولائيــــــة الطـــــاهرة
دمتم وداااام إبداعكــــــم لا عدمنا طلتكم النورانية
في ميزان أعمالكم إنشاء الله
قضى الله حوائجكم وسهل أموركم بحق محمد وآل محمد عليهم السلام
نسأل الله لكم دوام الموفقيـــــة والســـــداد
دمتم بحفظ الله ورعايته .
لقد أشتقــــــــــت لكم أحبتــــــــــــي
صورة العضو الرمزية
خادمة ام البنين
فـاطـمـيـة
مشاركات: 13645
اشترك في: الأربعاء أكتوبر 29, 2008 2:15 am

Re: أبو طالب رضوان الله تعالى عليه - الجزء الثالث

مشاركة بواسطة خادمة ام البنين »

اللهم عجل لوليك الفرج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله فيكم ورحم الله والديكم على الطرح النوراني الرائع
جعله الله فى ميزان اعمالكم
نسألكم براءة الذمة والدعاء فى هذه الايام الفضيلة
قل للمغيّب تحت أطباق الثرى * إن كنت تسمع صرختي وندائيا

العودة إلى ”روضة النبي المختار "ص" وال بيته الاطهار "ع"“