
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
صلى الله عليك يا مولاي يا ابا عبد الله الحسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



فإن جمهور علماء الشيعة بالإستناد إلى روايات أهل البيت (( عليهم السلام )) الذين جعلهم النبي (( صلى الله عليه وآله وسلم )) عدل القرآن , قالوا بأن أبا طالب (( عليه السلام )) مات مؤمناً مسلماً .
ويعد أبا طالب من السابقين إلى الإيمان بما جاء به النبي محمد (( صلى الله عليه وآله )) وأمّا إيمانه بتوحيد الله عز وجل فكان فطرياً ولك يكفر بالله طرفة عين , وكما ورد في روايات أهل البيت (( عليهم السلام )) أنّه لم يعبد صنماً قط , وكان على دين أبيه إبراهيم (( عليه السلام )) , وقد وصلت وصايته على البيت عن طريق عبد المطلب (( عليه السلام )) .
ومن الواضح بأن إجماع أهل البيت (( عليهم السلام )) في أي أمر يلزم قبوله على المسلمين , وقولهم الفصل الحق , وعلى القاعدة المشهورة (( أهل البيت أعلم بما في البيت )) فهم أعلم بحال آبائهم وتاريخ أسلافهم , فهم أهل بيت اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً , لم تناجسهم الجاهلية بأنجاسها , والكلام بكفر أبي طالب (( عليه السلام )) ما هو إلا محاولات فاشلة للحط من كرامة الإمام علي (( عليه السلام )) وتصغيره في النفوس وإفتراء على رسول الله (( صلى الله عليه وآله وسلم )) ولكن هيهات هيهات , فالشمس لن يحجبها السحاب .
فأبا طالب تاريخه ناصع البياض فهو ابو سيد الوصين والصادقين أمير المؤمنين علي (( عليه السلام )) .
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء }[56 القصص] .
رد الافتراء :
و نريد الآن أن نعرض لحديثين خُصَّا بهذه الآية ، و نناقش سندهما الواهي المتهالك ...
1- عن طريق أبي سهل السرّي بن سهل ، عن عبد القدوس الدمشقي عن أبي صالح ، عن ابن عبَّاس ، قال : نزلت : إنك لا تهدي من أحببت –الآية- في ابي طالب .ألحَّ عليه النبي (صلى الله عليه –و آله- ) ، أن يسلم ، فأبى ، فأنزل الله : إنك لا تهدي .
و نلاحظ على هذا :
أ- السرّي : يقول عنه الذهبي : " وهَّاه ابن عدي .و قال : يسرق الحديث ؛ و كذَّبه ابن خراش " . ثمَّ كر له أحاديث ، فيقول قبلها : و من بلاياه . و من مصائبه .
و عدَّه الأميني ، في سلسلة الكذَّابين ، عن كثيرٍ ممن ترجمه .
ب- عبد القدوس الدمشقي : قال عبد الرزَّاق : ما رأيت ابن المبارك ، يُفصح بقوله : " كذَّاب " ، إلا لعبد القدوس . و قال الفلاس : أجمعوا على ترك حديثه . و قال النسائي : ليس بثقة . و قال ابن عدي : أحاديثه منكرة الإسناد و المتن .
و قال إسماعيل ابن عيَّاش : لا أشهد على أحدٍ بالكذب ، إلاَّ على عبد القدوس .
و قال عبد الله بن المبارك : لئن أقطع الطريق ، احبُّ من أن أروي عن عبد القدوس الشامي .
ج- لا نعرف من هو أبو صالح ؟ . و أظن الصَّاد –في كنيته- طاء!.
د- و إسناد الحديث لابن عبَّاس ، يفضح المؤامرة ، و يكشف السَّتر عن الكذبة ..!!
فابن عبَّاس كان ميلاده في شعب أبي طالب ، حين حصر الرسول-صلى الله عليه و آله - و بنو هاشم فيه ، في العالم الثالث ، قبل الهجرة – أي : في العام ، الذي توفي فيه أبو طالب ! .
فمن أين رأيى ابن عباس ذلك ليروي الحديث ....؟!
حاشا ابن عباس ! فإنه لم يقل شيئاً من هذا ...بل رأيناه كيف يجيب من سأله ، عن إيمان أبي طالب .
2- و عاد الكذوبان : السري ، و عبد القدوس ، فأسندا الحديث المفتعل لابن عمر . و قد كان ميلاد عبد الله بن عمر ، في العام الثلث ، من المبعث النبوي . فهو في وفاة أبي طالب –قد شارف السبعة أعوام ، من عمره . فليس من المعقول أن يشهد – و هو في هذه السن – احتضار أبي طالب .
و ليس غير هذين الكذَّابين ، اللذين اختلقا هذا الحديث ، فأسنداه –مرة –لابن عبَّاس ، و أخرى لابن عمر –و حاشاهما ! لتتمَّ للكذَّابين الغاية السوء ، التي أرادوها !
ذكرنا هذا اختصاراً و هناك المزيد ....

2) روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إن أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الكفر , فآتاهم الله أجرهم مرتين , وأن أبا طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك , فآتاه الله أجره مرتين .
3) وهذا الحديث يبين أن أبا طالب هو ناصر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) , عن أبن أبي الحديد في الحديث المشهور : (( أن جبرئيل ( عليه السلام ) قال للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليلة مات أبو طالب : أخرج منها فقد مات ناصرُك , فأمره بالهجرة من مكة )) .
وطبيعي أن رسول الله(صلى الله عليه وآ له وسلم)لا يرضى عن غير المؤمنين.
5) عن الشعبي، يرفعه عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: « كان والله أبو طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف مؤمناً مسلماً يكتم ايمانه, مخافة على بني هاشم أن تُـنابِذَها قريش … » الغدير: 7 / 388.
6) أشعاره الكثيرة والمشهورة التي لا تحصى تنْبِؤعن إسلامه، منها:
ألا أبلغا عني على ذات بينها***لؤياً وخصا من لؤي بني كعب
ألم تعلموا: أنا وجدنا محمداً***نبياً كموسى خطّ في أول الكتب
7) وقوله:
يا شاهد الله عليّ فاشهد***إني على دين النبي أحمد

والحقد على علي ابن أبي طالب عليه السلام
فقد صرّح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( يا علي أنت مبتلى ومبتلٍ بك )).
فقد أبتلى أمير المؤمنين عليه السلام وأبنائه ومحبيه وشيعته بكره المنافقين والمشركين فقد نسب الكفر إلى أبيه كما نسب صفة الخوارج لمحبيه وصفة الزنادقة لشيعته.
أصبر يا بني فالصبر أحجى كل حي مصيره لشعوب*** قد بذلنـا والبلاء شديد لفـداء الحبيب وابن الحبيب
كل حـيّ وإن تمـلّى زمان آخذ من حمام بنصـيب
ويرد عليه علي عليه السلام:
سأسعى بعون الله في نصر أحمد نبي الهدى المحمود
*** الموقف الثاني لأبي طالب من النبي ( ص ) ***
ولو كان أبو طالب مشركاً على حد زعمهم فالمتوقع منه أن يعارض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) من حين إعلان النبوة والرسالة , إذا جاء إليه فقال : إن الله قد أمرني بإظهار أمري وقد أنبأني وأرسلني إلى الناس بدينه , فما تقول يا عم ؟
فلو كان أبو طالب غير مؤمن بالله سبحانه وتعالى ولم يعتقد برسالته (صلى الله عليه وآله وسلم) كان المفروض أن ينتصر لدين قريش وإعتقادهم , فينهاه عن ذلك الكلام ويؤنبه ويحبسه حتى يرجع عن كلامه , أو يطرده ويتبرء منه , كآزر عم إبراهيم الخليل عليه السلام عن قوله تعالى : (( إنّي قد جَاءنَي مِن العِلمِ مَالمْ يأتِكَ فأتْبَِعنِي أهدِكَ صِراطَاً سَوياً .... قَالَ أرَاغِبٌ أنْتَ عن آلَهَتِي يَا إبْراهَيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَجٌمَنَّكَ وأهْجُرْنِي مَلِيّاً )) .
ولكن أبا طالب ( عليه السلام ) لما سمع من إبن أخيه ذلك , أيّده وأعلن نصرته له بقوله : أخرج يابن أخي ! فانّك الرفيع كعباً والمنيع حزباً والأعلى أباً والله لا يسلقك لسان إلاّ سلقته ألسن حداد وإجتذبته سيوف حداد والله لنذللن لك العرب ذل البهم لحاضنها ثم أنشأ قائلاً :
واللهِ لن يَصِلوا إليـك بِجمعِهِـم .... حتّى أُوَسَّدَ فـي التـرابِ دَفينـا
فآصدَعْ بأمرِكَ ما علَيك غضاضةٌ .... وآبْشِرْ بـذاك وقَرَّ منـك عُيونـا
ودَعوتَني وعلمتُ أنّـك ناصحـي .... ولقد دَعَـوتَ وكنـتَ ثَـمّ أمينـا
وعرضت ديناً قد علمت بأنه .... من خير أديان البرية ديــــــــنا
لولا الملالة أو حذارى سبه .... لوجدتني سمحاً بذاك مبينــــــاً
هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، بن قصي، بن سهراب، بن مرّة، بن كعب، بن لؤي بن غالب، بن قهر، بن مالك، بن النظر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مظر، بن نزار، بن معد، بن عدنان..
هذا هو أبو طالب نسباً شريفاً يباهى به

ولولا أبو طالب وإبنه .... لما مثّل الدين شخصاً فقاما
فذاك بمكة آوى وحامى .... وهذا بيثرب جسّ الجماما
تكفل عبدُ مناف بأمر ٍ .... وأودى فكان علــــــيّ تماما
فقل في ثبير مضى بعدما .... قضى ما قضاه وأبقة شماما
فــــلله ذا فاتحاً للهدى .... وللـــــــــه ذا للمعالي ختـــاما
وما ضر مجد أبي طالب .... جهول لغا أو بصير تعامى
كما لا يضرّ إياه الصباح .... من ظنّ ضوء النهار الظلاما
حيث قال موحداً الله عز وجل :
يا شاهد الله عليّ فأشهد ... إني على دين النبي أحمد
من ضل في الدين فإني مهتد
( وفي مدحه لرسول الله صلّى الله عليه وآله ):
وأبيضَ يُستسقى الغَمامُ بِوجهِهِ ... ثِمالُ اليتامى عِصمةٌ للأرامـلِ
بالله عليكم أنصفوا !!! هل يجوز أن يُنسب قائل هذه الأبيات إلى الكفر !!
والله إنه من أفحش الظلم والجفاء , أن تنسبوا أيها الحاقدون إلى الكفر هذا الرجل العظيم والمؤمن الكريم والد أمير المؤمنين هو يشهد الله سبحانه وتعالى بأنه على دين النبي أحمد (( صلى الله عليه وآله وسلم .

«يا معشر قريش، أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب، فيكم السيد المطاع، وفيكم المقدام الشجاع، والواسع الباع..
واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيباً إلا أحرزتموه، ولا شرفاً إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة،والناس لكم حرب، وعلى حربكم إلب..
وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية ـ يعني الكعبة ـ فإن فيها مرضاة للرب، قوةً للمعاش، وثباتاً للوطأة، صلوا أرحامكم، فإن في صلة الرحم منسأة في الأجل، وزيادة في العدد..
اتركوا البغي والعقوق، ففيهما هلكت القرون قبلكم.
أجيبوا الداعي، واعطوا السائل، فإن فيهما شرف الحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة، فإن فيهما محبة في الخاص، ومكرمة في العام..
وإني أوصيكم بمحمد خيراً، فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاءنا بأمر قبله الجنان، وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب، وأهل الأطراف، والمستضعفين من الناس، قد أجابوا دعوته وصدقوا
كلمته، وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذناباً، ودورها خراباً، وضعفاؤها أرباباً، إذ أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصفت له بلادها، وأعطته قيادها..
يا معشر قريش، كونوا له ولاة، ولحزبه حماة، والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد، ولا يأخذ أحد بهديه إلا سعد، ولو كان لنفسي مدة، وفي أجلي تأخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدفعت عنه الدواهي»..

فإنا لله وإنا إليه راجعون.

خدام السيدة فاطمـــــــــة الزهراء عليها السلام : إفْتِخَاِريِ إنْتِمَائِي لِعَلِي , أَنْوارْ الرسَالة , شَمْعَة دِنْيَتِي فاطِمَة , دُمُوعيّ حُسينية .