
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم عجل فرج مولانا صاحب الزمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من هنا ورد في الزيارة الجامعة قوله (عليه السلام): "السَّلام على أئمّة الهدى ومصابيح الدّجى...وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى ورحمة الله وبركاته".
توضيح ذلك: إنّ أئمّة آل البيت (عليهم السلام) حجج الله على كلّ العوالم الزمانية والمكانية، ففي عالم الأرواح هم حجج على الأرواح، وفي عالم الأجساد هم حجج على الأجساد، من هنا جاء التعبير بأنهم حجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى.
أمّا إنهم حجج على أهل الدنيا، فواضح إذ إنّ الدنيا في مقابل الآخرة، وسميت الدّنيا بالدنيا لدنوّها وخساستها، أو لدنوّها من الآخرة،وأما إنهم حجج الله تعالى على الآخرة فلأنّ الآخرة مقرّ الجزاء،فهي آخرة بالقياس إلى الدنيا.
وأمّا كونهم حجج لله على الأولى، فلأنهم أول خلق الله تعالى، فهم سادة الكائنات على الإطلاق، وليس المراد من الأولى كما توهّم بعض شرّاح الزيارة الجامعة من أنّ معنى "الأولى" أي الدنيا أي التأكيد للدنيا أو جيئ به ـ أي لفظ الدنيا ـ للسجع. بل الصحيح أنهم الحجج على عوالم الأرواح والذر فإنهم حجج الله في تلك العوالم السابقة. وعلى أيّ حال فهم عليهم السَّلام الحجج على الخلق في عالم الوجود مطلقاً كما دلّت على ذلك النصوص الصحيحة التي سنشير إلى بعضٍ منها.
وكونهم حججاً في عالم الدنيا من حيث بيان المعارف والعلوم والأوامر والنواهي الإلهيّة، وتوجيه الأفراد إلى المصالح الواقعيّة.
وأما كونهم حججاً في الآخرة فلشهادتهم عليهم السَّلام على الناس فيما عملوا وتركوا، والمراد من الآخرة ليس يوم المعاد فحسب، بل يشمل عالم البرزخ، لأنّ القبر أوّل منـزل من منازل الآخرة، ولذا ورد أنه إذا مات ابن آدم قامت قيامته، فيكون المعنى أنهم الحجج على أهل البرزخ وأهل الآخرة في الحشر والنشر ومواقف القيامة وفي الجنة والنار.
وقد يُراد من الآخرة أيضاً زمان رجعة الأئمة الأطهار كما في المحكي عن تفسير العياشي عن الإمام الباقر (عليه السلام) تفسيراً لقوله تعالى: (الّذين يؤمنون بالآخرة) (الأنعام/113) قال (عليه السلام): لا يؤمنون بالرجعة أنها حقّ.
وفي المحكي عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السَّلام في قوله تعالى: (ومَن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى) يعني لا يؤمنون في الرجعة.
وفي المحكي عن تفسير القمي عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى(وللآخرة خيرٌ لكَ من الأولى) قال (عليه السلام): يعني الكرّة في الآخرة للنبي.
وفي الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال في قوله تعالى: (وما له في الآخرة من نصيب) ليس له في دولة الحقّ مع القائم (عجَّلَ اللهُ فَرَجه الشريف) نصيب.
فالآخرة قد استُعْمِلَتْ في هذه الأمور في عُرْف الشَّرع، فهم عليهم السَّلام الحجج على الخلق في زمان الرجعة وقيام الإمام المهديّ، وهذا لا ينافي إطلاق أهل الدنيا على مَن في زمان الرجعة، لأنّ الآخرة المستعملة في زمان الرجعة، يراد معناها اللغوي وهو الزمان المتأخر، فهي بهذا اللحاظ يصحّ إطلاقها على زمان الرّجعة خصوصاً بلحاظ الحكمة الداعية لهذا الإستعمال كما يستفاد من الآيات المذكورة كما لا يخفى، ثمّ إنّ هناك روايات دلّت على ما ذكرنا وهي دليل قاطع على ما قلنا، منها:
(1) ـ ما ورد في الكافي بأسانيد عديدة عن موالينا الكرام الكاظم والرضا عليهما صلوات الله الملك الحنان قالا: "إنّ الحجّةَ لا تقوم لله على خلقه إلاّ بإمام حتى يُعرف".(28)
(2) ـ وعن أبان بن تغلب عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق".(29)
كون الحجّة مع الخلق وبعد الخلق واضحة لا غبار عليها وهي إشارة إلى وجوب نصب السفراء على المكلَّفين في الحياة الدّنيا، ثمّ يوم القيامة يكونون عليهم شهداء.
وأمّا كون الحجّة قبل الخلق فلكون الأئمّة عليهم السَّلام العلّة الغائبة لخلق الخلق، فهم واسطة في إيجاد الخلق.ع
لاحرمتم نصرة صاحب العصر والزمان عليه السلام
تحية لكم موفقين

الهوامش
(24) تفسير نور الثقلين:4/503ح121.
(25) تفسير نور الثقلين:4/504ح122.
(26) بحار الأنوار:51/152ح2.
(27) بحار الأنوار:36/337ح200.
(28) أصول الكافي:1/177ح1و2.
(29) أصول الكافي:1/177ح4.
المصدر
هِدَايَةُ الألبَابُ إلَىْ شَرْحِ زيَارَةِ السِرْدَاب_مركز الدرسات المركزيه المهدويه