
الْلَّـهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
وَ عَــــــــــــــــجِّلْ فَرَجَهَمْ وَ أَهْلِكْ أَعْدَاْئَهُمْ يَاْ كَرِيْــمْ
الْسَّـــــــــــــــــــــــلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُـــــه
لم يحظَ رجل في الاسلام بعد الرسول (ص) ما حظي به عليّ بن أبي طالب (ع) من ثناء وإجلال من لدن الرسالة الاسلامية ، وحثّها المتزايد لاتباعها لا على تقديره فحسب ، وإنّما على التزامه وانتهاج سبيله .
فمن أوسمة التقدير الّتي نالها عليّ (ع) من الله تعالى ومن رسوله (ص) ما يلي :
1 ـ آية التطهير ، قال تعالى :
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهبَ عَنْكُمُ الرِّجسَ أَهْلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهيراً ).(الأحزاب / 33)
فقد ذكر المفسِّرون أنّ هذه الآية نزلت في رسـول الله (ص) وعليّ وفاطمة الزّهراء والحسن والحسين (ع) ، حين دعاهم الرسول (ص) إليه فضمّهم بعباءته وجلّلهم بها، ولمّا نزلت الآية، قالت اُمّ سلمة زوجة الرسول (ص) : هل
أنا من أهل بيتك ؟
قال (ص) : «لا ، ولكنّكِ على خير» (41) .
وذكر المفسِّرون أن رسول الله (ص) بعد نزول الآية الكريمة :
(وَأمُرْ أَهْلك بِالصَّلاَةِ وَاصطَبِرْ عَليهَا ). (طه / 132)
كان يذهب إلى دار عليّ وفاطمة (ع) كل صباح ويقول : (الصّلاة أهل البيت ، إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهبَ عنكمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُمْ تطهيراً) .
ولم يشهد القرآن لأحد من المسلمين بهذه الصفة : صفة الطّهارة المطلقة والبُعْد المطلق عن الذنوب والآثام سوى أهل البيت (ع) .
2 ـ آية المباهلة ، قال تعالى :
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العَلمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدعُ أبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُم ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبينَ ). (آل عمران / 61) .
ذهب أهل التفسير من جميع المسلمين إلى أنّها نزلت حين خرج رسول الله (ص) بعليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع) ، لمباهلة نصارى نجران ، فعبرّت الآية عن الحسن والحسين بأبناء الرسول (ص) وعن فاطمة بنسائه ، وعن عليّ بالنفس ، وفي ذلك مكانة رفيعة لم ينلها غيرهم (42) .
والمباهلة : الدُّعاء إلى الله بإنزال العذاب على الكاذبين .
ولمّا رأى أسقف نصارى نجران الرسول (ص) وأهل بيته أمر قومه بالانسحاب قائلاً لهم : (يا معشر النصارى! إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ... ) .
3 ـ قال تعالى في سورة الدهر :
(وَيُطعمونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُم لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُريدُ مِنْكُم جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَبِّناَ يوماً عَبوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ اليومِ وَلَقَّاهُم نَضْرَةً وَسُرُوراً ).(الدّهر / 8 ـ 11) .
لقد مرض الحسن والحسين (ع) فعادهما ـ زارهما ـ رسول الله (ص) في ناس معه ، ونذر عليّ وفاطمة وخادمتهما فضّة أن يصوموا ثلاثة أيّام إن برئ الحسن والحسين من مرضهما؛ فشفيا .
ولم يكن مع عليّ وأهل بيته شيء من الطعام ، فاستقرض عليّ (ع) من شمعون اليهودي ثلاثة أصوع من شعير ، وطحنت فاطمة (ع) في اليوم الأول صاعاً وأعدت خمسة أقراص على عددهم .
صامَ عليّ وأهل بيته اليوم الأوّل ، وعند الإفطار وقف على بيتهم سائل مسكين ، فأعطوه الخبز ولم يذوقوا إلاّ الماء .
وأصبحوا صياماً في اليوم الثاني ، فلمّا أمسوا وضعوا الطّعام ليفطروا ، وقف عليهم يتيم يسألهم ، فأعطوه خبزهم أيضاً .
وهكذا الحال في اليوم الثالث وقف عليهم أسير ففعلوا مثل ذلك .
ورأى رسول الله (ص) في صباح اليوم التالي الحسن والحسين وهما يرتعشان كالفراخ من شدّة الجوع ، وفاطمة في محرابها وقد التصق ظهرها ببطنها ، وغارت عيناها من الضعف ، فتأثّر لذلك كثيراً ، ونزل جبرئيل وقال : «خذها يا محمّد ! هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة» (43) .
وقد نزلت الايات في عليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع) كأرقى نموذج لعباد الله ، وتعظيماً لعملهم وتخليداً لذكرهم أبد الدهر .
4 ـ آية الولاية ، وهي قوله تعالى :
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمون الصَّلاَةَ وَيُؤتونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون ). (المائدة/ 55) .
وقد كان سبب نزولها حين تصدّق عليّ (ع) على مسكين بخاتمه أثناء ركوعه في الصلاة (44) ، وهي تؤكِّد إمامة عليّ (ع) وولايته للمؤمنين .
وهذه نماذج قليلة من كثير من الآيات النازلة في أهل البيت (ع) عموماً واُخرى في الامام عليّ (ع) بصورة خاصّة ، ومَن شاء المزيد فليرجع إلى الكتب المفصّلة بذلك .
وإذا كان القرآن الكريم يثني هذا الثناء الجميل على عليّ (ع)، فإنّ السنّة الشريفة حوت الكثير من ذلك ، ولنقرأ شيئاً منها في هذا الصدد :
1 ـ قال رسول الله (ص): « أنا مدينةُ العلمِ وعليٌّ بابُها ، فَمَنْ أراد المدينة فيأتِ الباب» (45) .
2 ـ وقال (ص): له «أنتَ مِنِّي بمنزلةِ هارونَ مِنْ موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» (46) .
3 ـ وقال (ص) مخاطباً عليّاً (ع) : «لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق» (47) .
4 ـ وقال (ص) لعلي (ع): «أنتَ أخي وأنا أخوك ، فإن ذكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيهما بعدك إلاّ كذّاب» (48) .
5 ـ وقال (ص) في خطبة الغدير : «مَنْ كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه ، أللّهمّ والِ مَنْ والاه ، وعادِ مَنْ عاداه» (49) .
6 ـ وقال (ص) : «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (50) .
7 ـ وقال (ص): «لكلّ نبيّ وصيّ ووارث وإنّ عليّاً وصيِّي ووارثي»(51).
هذا غيض من فيض من النصوص الاسلامية الموثوقة ، المجمع على صحّتها ووثاقتها من جميع المسلمين .
منقول / كتاب: نفحات من السيرة موجزة لسيرة الرسول (ص) واهل البيت (ع) .
لكم منا خالص الدعاء

مُوَفَقِّيْنْ بِجَاهِ مَحَمَّدْ وَ آلِ مَحَمَّدْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمُ أَجْمَعِيْنْ ...
نَسْأَلُكُمْ الدُعَاءْ لِصَاْحِبِ الْأَمْرِ الحُجَةِ الْمَهْدِيْ أَرْوَاْحُنَاْ لَهُ الْفِدَاْءْ بِالْفَرَجْ وَ لِسَاْئِرِ الْمُؤْمِنِيْنْ وَ الْمُؤْمِنَاْت
فِيْ أَمَاْنِ اللهِ تَعَالَىْ ..
