
الْلَّـهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
وَ عَــــــــــــــــجِّلْ فَرَجَهَمْ وَ أَهْلِكْ أَعْدَاْئَهُمْ يَاْ كَرِيْــمْ
الْسَّـــــــــــــــــــــــلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُـــــه
لقد حفظت لنا كتبُ التاريخ والرواية العديد من وصايا الامام وكتبه الموجّهة إلى بعض أصحابه، يشرح فيها بعض الافكار والمفاهيم الاسلامية، ويوضِّح فيها الاحكام الشرعية ، ويبيِّن مسائل الحلال والحرام ، ويورد بها المواعظ والارشادات والدعوة إلى تقوى الله وعبادته .
قال ابن شهرآشوب مشيراً إلى الجوانب المهمّة الّتي حوتها بعض رسائل الامام :
« وخرج من عند أبي محمّد (ع) في سنة خمس وخمسين ومائتين كتاب (ترجمة رسائل المقنعة) (70) يشتمل على أكثر علم الحلال والحرام ، وأوّله أخـبرني عليّ بن محمّد بن موسى ، وذكر الحميري في كتاب سمّـاه مكاتبات الرجال عن العسكريين (عليّ الهادي وولده الحسن) من قطعه ومن أحكام الدين » (71) .
وممّا كان يدعو الامام إليه أصحابه ، ويربّيهم عليه ، هو عمل المعروف ، وفعل الخير ، فكان يذكِّرهم بثواب الاخرة ، ويحثّهم على ذلك ، قال أبو هاشم : سمعته يقول :
« ( إنّ في الجنّة باباً يُقال له المعروف ، لا يدخله إلاّ أهل المعروف ) ، فحمدت الله في نفسي ، وفرحتُ بما أتكلّف من حوائج الناس ، فنظر إليَّ ، وقال : ( نعم ، فَدُمْ على ما أنت عليه ، فإنّ أهل المعروف في الدُّنيا ، أهل المعروف في الاخرة . جعلك اللهُ منهم يا أبا هاشم ورحمك ) » (72) .
أوصى الامام الحسن العسكري (ع) شيعتَهُ والتابعين له بوصيّة جمع فيها مكارمَ الاخلاق واُسُسَ التقوى والصلاح ، قال (ع) :
« أوصيكم بتقوى الله ، والورعِ في دينكم ، والاجتهادِ لله ، وصِدقِ الحديث ، وأداءِ الامانة إلى مَنِ ائتمنَكُمْ مِن بَرٍّ أو فاجر ، وطولِ السجود ، وحُسنِ الجوار ، فبهذا جاء محمّد (ص) ، صَلّوا في عشائرهم ، واشهدوا جنائِزَهُم ، وعودوا مرضاهم ، وأدَّوا حقوقَهُم ، فإنّ الرجل منكم إذا وَرعَ في دينه ، وصَدَقَ في حديثه ، وأدَّى الامانة ، وحَسَّنَ خُلقَهُ مع الناس قيل : هذا شيعيٌّ ، فيسرّني ذلك . اتّقوا الله ، وكونوا زَيْناً ، ولا تكونوا شَيْناً ، جُرّوا إلينا كلَّ مودّة ، وادفعوا عنا كلَّ قبيح ، فإنّه ما قيل فينا مِن حَسَن فنحنُ أهلُهُ ، وما قيل فينا مِن سوء فما نحنُ كذلك ، لنا حقٌّ في كتاب الله، وقرابةٌ من رسول الله (ص) ، وتطهيرٌ مِن الله ، لا يدَّعيه أحدٌ غيرنا إلاّ كذّاب ، أكثِروا ذِكرَ الله ، وذِكرَ الموتِ ، وتِلاوةَ القرآن ، والصلاةَ على النبي (ص) ، فإنّ الصلاة على رسول الله (ص) عشر حسنات .
إحفظوا ما وصّيتُكُم به ، وأستودِعُكُم الله ، وأقرأُ عليكم السلام »(73) .
ومن وصية الامام العسكري (ع) الّتي كتبها إلى أحد أصحابه ، وهو عليّ بن الحسين بن بابويه القمِّي :
« أوصيك بتقوى الله ، وإقامِ الصّلاة ، وإيتاءِ الزّكاة ، فإنّه لا تُقبَلُ الصّلاةُ مِن مانع الزّكاة ، وأوصيكَ بمغفرةِ الذنب ، وكظمِ الغيظ ، وصِلةِ الرحم ، ومواساةِ الاخوان ، والسعي في حوائِجِهِم في العُسر واليُسر، والحلم عند الجهل ، والتفقُّهِ في الدِّين، والتثبُّتِ في الاُمور ، والتعاهدِ للقرآن ، وحُسنِ الخُلُقِ ، والامرِ بالمعروف ، والنهي عن المنكر ،
قال الله تعالى : (لاَ خَيْرَ فِيْ كَثِير مِن نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَة أَو مَعْرُوف أَو إِصْلاَح بَيْنَ النَّاسِ ) ، واجتناب الفواحش كلّها .
وعليك بصلاةِ اللّيل ، فإنّ النبيّ (ص) أوصى عليّاً (ع) فقال : ( يا عليّ ! عليك بصلاةِ اللّيل ، عليك بصلاةِ اللّيل ، ومن استخَفَّ بصلاة اللّيل فليس منّا ) ، فاعمل بوصيتي ، وأمرْ جميع شيعتي بما أمرتُكَ به ، حتّى يعملوا عليه ، وعليكَ بالصبرِ وانتظار الفرج ، فإنّ النبيّ (ص) قال : ( أفضلُ أعمالِ اُمّتي انتظارُ الفَرَجِ ) » (74) .
وهكذا يربِّي الامام أتباعه وتلامذته على مكارم الاخلاق وقيم الاسلام ، والتمسُّك بها ، ليكونوا قُدوةً في العلم والزُّهد والعبادة والخلق والجهاد ، كما كان يربِّي فيهم الوعيَ السياسي، والحسَّ الاجتماعي، واليقظةَ الفكرية، لِيصنعَ منهم شخصيات اسلاميةً تمثِّل مدرسة أهل البيت (ع) ، وتمثِّل نظرتهم إلى الدين والحياة .
منقول / كتاب الامام الحسن بن علي العسكري (ع) .
لكم منا خالص الدعاء

مُوَفَقِّيْنْ بِجَاهِ مَحَمَّدْ وَ آلِ مَحَمَّدْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمُ أَجْمَعِيْنْ ...
نَسْأَلُكُمْ الدُعَاءْ لِصَاْحِبِ الْأَمْرِ الحُجَةِ الْمَهْدِيْ أَرْوَاْحُنَاْ لَهُ الْفِدَاْءْ بِالْفَرَجْ وَ لِسَاْئِرِ الْمُؤْمِنِيْنْ وَ الْمُؤْمِنَاْت
فِيْ أَمَاْنِ اللهِ تَعَالَىْ ..
