اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
من هم أهل السنة والجماعه في عصرنا الحالي؟!
ولماذا يُطلق الكثير منا على المخالفين لنا بأهل السنة؟!
تُرى هل طبق هؤلاء المخالفون سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
وخالفناها نحن؟!
أم أننا نُطلق ألقاباً دون معرفة ماتشير إليه معانيها
هذا ما يحدث فعلاً
فإن كان المخالفون لنا هم أهل سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
فنحن بلا ريب
لسنا على جادة الحق
وإن كنا نحن أهل سنة المولى صلى الله عليه وآله وسلم
فلماذا نُطلق على المخالفين لنا هذا الإسم
أهل السنة والجماعة
إقرأ معي هذا الجزء من كتاب " ألف سؤال واشكال على المخالفين لأهل البيت الجزء الثاني"لتعرف الحقيقة:
المعنى المشهور في عصرنا لإسم (أهل السنة والجماعة) أنهم أتباع المذاهب الأربعة المعروفة بالمذاهب السنية: المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي .
وفي المقابل يزعم السلفيون أو الوهابيون أنهم هم (أهل السنة والجماعة) مع أن أسلافهم متعصبةُ الحنابلة كانوا يعرفون باسم: المجسمة ، أو حشوية أهل الحديث . لكنهم يحاولون إثبات أن أئمة المذاهب وكبار علمائها كانوا يقولون مثلهم بالتجسيم ، ويفسرون الصفات الإلهية على ظاهرها الحسي بلا تأويل !
لكن عند البحث عن أصل هذه التسمية نكتشف أن معنى(أهل السنة)عند الأمويين ليس الحديث النبوي ، بل أهل سنة أبي بكر وعمر وعثمان ! وأن السنة التي أمر عمر بن عبد العزيز بتدوينها هي سنة الخلفاء الى جانب أحاديث النبي صلى الله عليه وآله !
فقد كتب في مرسومه الى ابن حزم: (أنظر ما كان من حديث رسول الله(ص) ، أو سنة ماضية ، أو حديث عمرة ، فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله ). (طبقات ابن سعد:8/480) ( أنظر ما كان من حديث رسول الله، أو سنة، أو حديث عمر ، أو نحو هذا ، فاكتبه لي ). (تنوير الحوالك ص6) .
وفي طبقات ابن سعد:2/388: (وأخبرت عن عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا نكتب السنن ، قال وكتبنا ما جاء عن النبي(ص)قال: ثم قال: نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة ! قال قلت إنه ليس بسنة فلا نكتبه ، قال فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت...!!). انتهى . فهذه النصوص تدل على أن مقصود الخليفة الأموي بالسنة الماضية ليس الحديث والسنة النبوية، فقدجعلها قسيماً لحديث النبي صلى الله عليه وآله !
قد يقال: إن السنة عند الزهري وبني أمية تعني سنة النبي صلى الله عليه وآله ، لكنها تشمل أيضاً سنة الخلفاء وسيرتهم ؟
والجواب: أن هذا صحيح في فهمنا اليوم ، لكن في مرسوم عمر بن عبد العزيز: ( أنظر ما كان من حديث رسول الله ، أو سنة ، أو حديث عمر ، أو نحو هذا، فاكتبه لي) فقد جعل (السنَّة الماضية) مقابل الحديث النبوي ، مضافاً الى القرائن الأخرى على أنهم كانوا يستعملون السنة في عصر عمر وعثمان ومعاوية بمعنى سنة الخلفاء دون سنة النبي ! وأحياناً بمعنى يشمل سنة النبي صلى الله عليه وآله وسنة أبي بكر وعمر، وأحياناً يعبرون بسيرة أبي بكر وعمر ! فقد جعلوا أقوال أبي بكر وعمر وعملهما سنة كسنة النبي صلى الله عليه وآله ! كما رأيت في مناقشة صالح بن كيسان للزهري !
ولذلك رفض علي عليه السلام في الشورى عرض عبد الرحمن بن عوف عليه أن يبايعه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسنة الشيخين ، لأنه يعني أن يعترف بأن سيرتهما جزءٌ من الإسلام !
ففي مسند أحمد:1/75: (عن أبي وائل قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً ؟ قال: ما ذنبي، قد بدأت بعلي فقلت أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر؟ قال فقال: فيما استطعت . قال: ثم عرضتها على عثمان فقبلها ) .
وفي فتح الباري:13/171: (فقال أي عبد الرحمن مخاطباً لعثمان: أبايعك على سنة الله وسنة رسوله وخليفتيه من بعده... فقال نعم فبايعه ).
وفي الفصول للجصاص:4/55: (فقال علي: أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ، واجتهاد رأيي ، وعرضه على عثمان فقبله على ما شرطه عليه ).
وفي محصول الرازي:6/87: (قال لعثمان أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ، فقال نعم ، وكان ذلك بمشهد من عظماء الصحابة ولم ينكر عليه أحد فكان ذلك إجماعاً ! فإن قلت: إن علياً خالف فيه؟ قلت: إنه لم ينكر جوازه لكنه لم يقبله ونحن لانقول بوجوبه). ونحوه في أحكام الآمدي:4/207 وغيره.
وفي كفاية الخطيب ص150: (عن ابن سيرين قال: كان في زمن الأول الناس لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة ، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ليحدث حديث أهل السنة ، ويترك حديث أهل البدعة) . انتهى.
يقصد بذلك أنه بعد فتنة عثمان صار المطلوب عند المحدثين أن يكون الراوي من أهل السنة أي سنة عمر ، وإن كان شيعياً فيجب أن يكون حديثه حديث أهل السنة ، أي يرتضيه أهل سنة عمر !
وفي أمالي الطوسي ص709: ( فقال علي عليه السلام : عليَّ عهد الله وميثاقه ، لئن وليت أمركم لأعملن بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله ).
سنة عمر مطلب لدهماء الناس !
فقد عمل عمر على تركيز سنته في دهماء الناس تشبُّهاً برسول الله صلى الله عليه وآله !
روى مالك في الموطأ:2/824 ،عن عمر:(ثم قدم المدينة فحطب الناس ، فقال: أيها الناس: قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكن الفرائض ، وتركتم على الواضحة . إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً ). انتهى.
وكان بعضهم مشغوفاً بسنة عمر حتى لو كانت مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله !
وعندما يقول السنيون سنة الخلفاء أو سنة الصحابة ، فالعمدة فيها سنة عمر بن الخطاب ، لأن خلافة أبي بكر كانت قصيرة ، وعثمان مختلف فيه عندهم.
وقد أفرط أتباع عمر في إطاعته في حياته وبعد وفاته ، حتى اشتكت عائشة من اتِّباع الناس لعمر في تحريمه الطيب في مني ، فقالت: (كنت أطيِّب رسول الله (ص) إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض ، فسنة رسول الله أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر) . (إرواء الغليل للألباني:4/239، قال:أخرجه الطحاوي:1/421 بسند صحيح).
واشتكى من ذلك عبد الله بن عمر ! قال ابن كثير في سيرته:4/278: (وقد كان الصحابة يهابونه كثيراً ، فلا يتجاسرون على مخالفته غالباً ، وكان ابنه عبدالله يخالفه فيقال له: إن أباك كان ينهى عنها ، (أي متعة الحج وهي الإحلال من الإحرام بعد العمرة) فيقول: لقد خشيت أن تقع عليكم حجارة من السماء، قد فعلها رسول الله! أفسنة رسول الله نتبع ، أو سنة عمر بن الخطاب؟! ) !
وقد اشتكى من ذلك أمير المؤمنين علي عليه السلام في خطبة بليغة رواها في الكافي بسند صحيح:8/58 ، قال: (خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي صلى الله عليه وآله ، ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خَلتان: اتباع الهوى ، وطول الأمل ، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة .
إلا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عملٌ ولا حساب ، وإن غداً حسابٌ ولا عمل .
وإنما بدءُ وقوع الفتن من أهواءٌ تتبع وأحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجالٌ رجالاً !
إلا إن الحق لو خَلُصَ لم يكن اختلاف ، ولو أن الباطل خلص لم يَخْفَ على ذي حجى ، لكنه يؤخذ من هذا ضِغْثٌ ومن هذا ضغثٌ فيمزجان فيجللان معاً ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى !
إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا غير منها شئ قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكراً ! ثم تشتد البلية وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها ، ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .
ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال:
قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ، ولو حَمَلتُ الناس على تركها وحوَّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لتفرق عني جندي ، حتى أبقى وحدي ، أو في قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله !! أرأيتم لو أمرتُ بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ، ورددتُ فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام ، ورددتُ صاع رسول صلى الله عليه وآله كما كان وأمضيتُ قطائع أقطعها رسول الله صلى الله عليه وآله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ، ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد ، ورددت قضايا من الجور قضي بها ، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن واستقبلت بهن الحكم في الفروج والأرحام ، وسبيت ذراري بني تغلب ، ورددت ما قسم من أرض خيبر ، ومحوت دواوين العطايا ، وأعطيت كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء ، وألقيت المساحة ، وسويت بين المناكح وأنفذت خُمس الرسول كما أنزل الله عز وجل وفرضه، ورددت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ما كان عليه ، وسددت ما فتح فيه من الأبواب ، وفتحت ما سدَّ منه ، وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ ، وأمرت بإحلال المتعتين ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأخرجت من أدخل مع رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده ممن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ممن كان رسول الله أدخله ، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ، إذن لتفرقوا عني !! والله لقد أمرت الناس أن لايجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غُيِّرتْ سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ! ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري !!
ما لقيتُ من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار)!!
وقد كان ملوك بني أمية يستكتبون الناس سنة عمر ليختاروا منها ما يلائمهم ، وفي نفس الوقت نقم بعض الناس على عثمان وغيره من الحكام الأمويين لأنهم تركوا سنة عمر !
إن هذه النصوص وغيرها تثبت أن سنة عمر جُعلت الى جانب سنة النبي صلى الله عليه وآله بل كانت مقدمة عليها ، وأن إسم أهل السنة كان يطلق على أتباع سنة عمر ، كما كان يطلق على أتباع سنة النبي صلى الله عليه وآله !
وأن معنى السنة الممضاة ، أي المتبعة عند الناس ، التي أصدر عمر بن عبد العزيز مرسومه بتدوينها هي سنة عمر ! فقد جعلها في صف حديث النبي صلى الله عليه وآله وحديث عمر ، وحديث عمرة بنت عبد الرحمن ، الراوية عن عائشة !
وأن حكم علي عليه السلام قد استطاع أن يحدث موجة نبوية ، ويهزَّ وجدان المسلمين في أمور كثيرة ، منها التمييز بين سنة النبي صلى الله عليه وآله وسنة عمر !
نسألكم الدعاء