
الْلَّـهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
وَ عَــــــــــــــــجِّلْ فَرَجَهَمْ وَ أَهْلِكْ أَعْدَاْئَهُمْ يَاْ كَرِيْــمْ
الْسَّـــــــــــــــــــــــلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُـــــه
كان حَدَثاً غريباً ، ومَوْقِفاً يُثيرُ الدّهشةَ والتأمُّلَ الطّويلَ ، كيفَ يُقدِمُ المأمونُ على نَقلِ الخلافة والسّلطة ويُسلِّم دولةً بناها بنو العباس بالدِّماء والصِّراع وبذلوا مِن أجلِها ما بذلوا خلالَ سبعينَ عاماً خَلَتْ ؟
كيف ينقُـلُها بهذه السّهولة ، وبتلكَ الطّريقةِ السِّلميّة الهادِئَةِ وقد كان الصِّراع الدموي المرير خلال قرنين من الزمان بين الامويين وآل عليّ بن أبي طالب (ع) من أبناء فاطمة الزهراء والعباسيين ، وهم يعيشون في حرب وكفاح دموي وعقائدي وفكري عنيف .
لقد أثارَ هذا الحَدَث المُدْهِش الكـبيرُ تَساؤُلَ النّاس ، حتّى أنّ بعضهم ما كاد يُصدِّق اُذنيه وهو يسمع بمشروع نقل الخلافة إلى أهل البيت (ع) بعد خروجها منهم منذ عصر معاوية عام (40 هـ ) وحتّى عام (201 هـ ) .
لذلك نجدُ الاستفساراتِ وردودَ الفعل مِن أنصارِ الامام الرضـا (ع) وأتبـاعه ، ومحاورته حول الموقف المُثير هذا ، كما نشاهد الرّفض والاحتجاج من البارزين من قادة المأمون ورموز بني العباس. لقد قرأنا في ما مضى أن أوّل الّذين أثارهم المشروع هو الحسن بن سهل أحد وزراء المأمون ومستشاريه ، إلى درجة أخذ معها يُناقش المأمون في خطورة الامر وجسامة الموقف، كما أنّ بعض الشخصيات العباسية والّذين ارتبط مصيرهم ومصالحهم ببني العباس ، ناقشوا الامر وقالوا : نُولِّي بعضَنا ونَخلَع المأمون إن لم يتراجع عن موقفه هذا .
يتبيّن هذا الموقف من الوثيقة التاريخية الّتي أوردها ابن الاثير حين ذكر الرِّسالة الّتي وجّهها الحسن بن سهل إلى عيسى بن محمّد يُعْلِمه فيها ببيعة الرضا (ع) ، ثمّ قال ضمن استرساله :
« وأمر محمّداً أن يأمر مَن عنده مِن أصحابه والجند والقوّاد وبني هاشم بالبيعة له (138)، ولبس الخضرة ، ويأخذ أهل بغداد جميعاً بذلك ، فدعاهم محمّد إلى ذلك ، فأجاب بعضهم وامتنع بعضهم وقال : لا تخرج الخلافة من ولد العباس ، وإنّما هذا من الفضل بن سهل فمكثوا كذلك أيّاماً ، وتكلّم بعضهم وقالوا : نُولِّي بعضَنا ونخلعُ المأمونَ ، فكان أشدُّهم فيه منصور وإبراهيم ابنا المهدي » (139) .
وقد بايعَ بنو العباس الّذين كانوا ببغداد ـ ردّاً على تولية المأمون للامام الرضا ولاية العهد ـ إبراهيمَ ابن الخليفة المهدي ، وكانت له اليدُ الطُّولى في الغناء والضّرب بالملاهي وحُسنِ المُنادمة (140) .
وكان مِنَ الّذين ناصبوا الامام الرضا العداوةَ وألّبوا المأمونَ على الرضا (ع) ولاموه على فعله ، عليّ بن أبي عمران وأبو يونس الجلودي وأمـثالهما من أركان الدولة العباسية وقوّادها . نقل الشيخ الصدوق أنّ هـؤلاء كانوا ممّن نقمـوا بيعة أبي الحسن الرضا (ع) ولم يرضوا به فحبسهم المأمون بهذا السبب (141) .
ويُذكَر أنّ هؤلاء النفر وردَ ذكرهم على لسانِ ذي الرّئاستين الّذي لامَ المأمون وأبدى المعارضةَ ، وهو أحد مُستشاري المأمون وأركان سلطته مِنَ الّذين خدموا الدولة العباسية وثبّتوا سلطة الرّشيد .
منقول / كتاب : الامام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) .
لكم منا خالص الدعاء .

مُوَفَقِّيْنْ بِجَاهِ مَحَمَّدْ وَ آلِ مَحَمَّدْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمُ أَجْمَعِيْنْ ...
نَسْأَلُكُمْ الدُعَاءْ لِصَاْحِبِ الْأَمْرِ الحُجَةِ الْمَهْدِيْ أَرْوَاْحُنَاْ لَهُ الْفِدَاْءْ بِالْفَرَجْ وَ لِسَاْئِرِ الْمُؤْمِنِيْنْ وَ الْمُؤْمِنَاْت
فِيْ أَمَاْنِ اللهِ تَعَالَىْ ..
