
تناولنا مسبقاً في عرفان السيدة زينب سلام الله عليها (مقدمة) أن السيدة العارفه زينب سلام الله عليها كاملة في معرفتها بالله،، تامة في استيعابها لأئمتها،، عالمة عاملة بتكاليفها الشرعية..
فلنتوقف قليلا ونتناول الدائرة الأولى من سيرة الصديقة الطاهره...
الرائعة الأولى: قولها "يا أبتاه ما أطيق ان اقول اثنين بلسان أجريته بالواحد فضمها إلى صدره وقبلها بين عينيها" [1].
الرائعة الثانية: قولها "يا أبتاه إن الحب لله تعالى والشفقة لنا" عندما أجابها عليه السلام "وكيف لا أحبكم وأنتم ثمرة فؤادي" [2].
والحق أنها قد تكلمت باليقين والمعرفة في أخريات أيامها كما هتفت بها في أوان طفولتها وحداثة سنها فلما أثمر يقينها بقدرة الله عز وجل وقربه من عبده لم تكن ظنينة شحيحة بما تساقط عليها من ثمار ذلك اليقين وتلك المعرفة بل أنفقت على الأجيال وناولتهم الثمر بقول وكلام يخرق قفائص الصدور وأكنة القلوب تقول: " خف الله لقدرته واستح منه لقربه " [3]!!
فأجابته: أصلي النوافل من جلوس لشدة الجوع والضعف وذلك لأنني منذ ثلاث ليال أوزع ما يعطونني من الطعام على الأطفال فالقوم لا يدفعون لكل منا إلا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم والليلة!!
بيد أن هذا يدلل على الاستقامة من ناحيتين:
أ ) أن عبادة الله عز وجل عن عرفان ومعرفة لها شارة وعلامة لا تزيف وهي العمل في الشدة والرخاء في القوة والضعف، وهذا معنى يرتبط بقول سيد العرفاء والموحدين علي سلام الله عليه : وعليكم بالعمل في النشاط والكسل[4]، وقوله صلوات الله عليه إياكم والكسل فإنه من كسل لم يؤدي لله حقا[5]..
ب) أن أمراض الجسد جميعها معدية تشكل سلبا على الروح فتحيقها بالمخاطر والصلاة هي التي تعزل الروح وتجافيها عن الجسد المصاب..ولا توجد هذه القابلية لا تكاد توجد في منظومة العبادات إلا في الصلاة والصلاة وحدها.. ولذا جاء: إن الصلاة لا تترك بحال[6].
فإن المريض في أتم الحاجة وأمسها إلى طمئنينة القلب وتوافق الروح والصلاة هي الذكر وقد قال عز من قائل: { أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد، و: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } (45) سورة البقرة، فسلام الله وصلاته الدائمة على نفسكِ المطمئنة وعلى قلبكِ الخاشع..
[1] النقدي: 34.
[2] مصابيح القلوب للشيخ حسن السبزواري قد سره نقلا عن النقدي، ومفاد كلامها أن الحب يطلق على معاني منها المعزة ومنها الشفقة ومن هذا قول النبي ص فاطمة أحب وعلي أعز..
[3]بلاغات النساء لابن طيفور. .
[4] خبطة الوسيلة.
[5] شرح النهج. 20/ 262.
[6] الوسائل:2/372.
................