
نعود لنقول بأن في حياة ونهج هذا الإمام المستور إرمازات كثيرة إلى قيمة الشباب وخطورة موقعه في رحلة الإنسان العمرية، فكل ما يظهر منه أو يظهر به يترك علامة تزيد من حدة نظرة الشباب إليه وإعجابهم بخطته الجديدة للعالم . .
فمن أسمائه " المؤمل " ولأن أسمائه كلها صادقة ولا يوجد ما يعكر تجليها فإن جميع آمال الدنيا ورغبات الحياة المخزونة والتي منع منها سوء تقدير الساسة و أصحاب المصالح يحققها الله على يديه . .
وإذا كان من طبيعة الشباب أن ينجذب سريعا غلى من يقرب إليه آماله ويساعده على إنجازها فلا شك أن آخر وأعظم ثورة شبابية من بين سلسلة الثورات للشباب سترتبط بهذا الإمام العظيم .
لأن المشروع والمؤسسة تعني وجود الحاجة، و وجود المشكلة فتأتي المؤسسات لرفعها وفتها.
بينما في زمن الحضور الشريف للإمام عليه السلام لن تكون حاجة ولن تكون مشكلة فإذا كانت الحاجة إلى المؤسسات من الحاجة إلى المال فإنه ستنقطع الحاجة إلى المال ونظرا إلى هذا ترتفع الحاجة إلى المؤسسة المالية و المراكز النقدية هذا ما سنتأكد منه عندما نبسط السمع إلى الحديث: " . . . يحث المال حثيا ". .
أي أن المال سيكون مثل التراب على الأرض ويحثى كما يحثى التراب لا يقفه طالبه أمام أبواب مسدودة !
إن المعرفة والعلم يمثل الإستقرار للروح الشابة الذكر والأنثى سواء بسواء، والجهل أشبه ما نشبهه بالعطش، وكل كلمة وكل مسألة من العلم والمعرفة كأس يروي العطشان رجلا أو امرأة، لهذا لم تتجنب الروايات الخاصة بالقرن الأخير من الدنيا قرن الحجة سلام الله عليه ذكر المرأة نعود لنستمع مرة أخرى:
" وتؤتون الحكمة (وهي العلم الكثير ) في زمانه حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وله ".
التركيز في هذا النص يساعدنا على الوصول إلى عمق القضية التي دار حولها. . إذ في الحقيقة يوجد استبدال في العبارة والاستبدال عموما يقوم على طرفين مبدل ومبدل منه فماهما ؟
الطرف الأول: حتى أن المرأة لتقضي في بيتها .
الطرف الثاني: حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه واله.
لو أنه عبر كما هي القضية الأولى لكان الكلام عاما ويمكن أن تتنازعه تصورات عديدة فهل تفتح كتابا معدا تقرأ منه وتقضي؟
أم أنها تصل إلى درجة عالية من العلم تؤهلها للقضاء ؟
لا ندري
ولكن استبداله بالقضية الثانية يشكل لدينا ظهورا في أن المرأة ستمارس عملية إجتهاد في القضاء باعتماد مصدرين للتشريع وهما القرآن والسنة وهذه هي ما يعرف بعملية الاستنباط !
هذا والله هو العالم بحقائق الأمور . .
إذن فإن من سياسة تلك الدولة العمل الجاد على محو الجهل ومحو الأمية وسيكون أهل الريادة وأهل المباشرة في ذلك هم شيعة علي عليه السلام كما نطق به النص السابق، والذي أرى بعد التدقيق في فقرته الأخيرة: " يعلمون الناس القرآن ".
وحركة بهذا المستوى لا بد ان يكون في مقدمتها ومؤخرتها وعلى جانبيها الشباب لأنه الأشد أملا في العلم والمعرفة .
وإن التركيز على القرآن تركيز على العنوان الخارجي للمعرفة والذي تدخل فيه كل العناوين الأخرى تماما كما لو أنك أمسكت بكتاب وقرأت ما على غلافه فهذا يعد عنوانا خارجيا وفي الداخل تغص الصفحات بعناوين كثيرة . .
فنحن نعرف بأن الأقدر على القرآن أقدر على كل معرفة ولا استبعد أن هذا هو المطلوب وراء تحديد العلم والتعليم بالقرآن الكريم !
................