
وهذا ما تجلى في الأخبار الستشرفة لأيام دولة الإمام الثاني عشر عليه السلام ولعل مجموعة منها توضح أنه يعتمد خطة في بث الولاة العدول في كل الأقاليم ومجهزون بأدق الأنظمة . .
ففي واحدة من تلك الأخبار تفيدنا بأن الوالي إذا أحتار في حكم ما ينظر في كفه ويرى الحكم . . لعلنا في هذا العصر لا نعجب لهذا التقرير المستقبلي كما يعجب له من سبقنا فاليوم هو يوم الشاشات الصغيرة التي تحمل في الكف ويمكن التواصل عن طريقها مع مختلف نقاط العلم والثقافة في الدنيا !
وقد جاءت الأخبار وفق طريقة مختصرة تغني عن البحث وراء تفاصيل الحياة المدنية في تلك الدولة فقد ذكرت أمثلة جزئية وإن ذكر دقائق الأمور يجعلنا نطمئن من اهتمام هذه الدولة بالقضايا الرئيسة وفي مقدمة النص الذي سيأتي أضع هذه الملاحظة:
كنا ولا زلنا نستمع إلى الشباب المؤمن الذين حملتهم ظروف التعليم أو العمل على المغادرة إلى أوطان غربية وأجنبية فجميعهم يعيش المقارنة بين بلاده وتلك البلدان ومن المقارنات اللطيفة أننا نستمع للكثير من الشباب يدعي قائلا:
أن في البلاد الفلانية يهطل المطر ثلاثة أيام متوالية وبمجرد أن ينقطع انهمار المطر لا تكاد تجد قطرة واحدة على وجه الأرض ؟!
إن هذه وأمثالها من المقارنات بين عالمنا (المسمى بعالم الدول النامية) وبين العالم الآخر (المسمى بعالم الدول المتقدمة)في الحياة المدينية يجري كثير على شفاه الشبيبة من أبنائنا كلامات ممزوجة بالحسرة والأمل. . نضع نقطة لنختم الملاحظة وننتقل إلى النص المختار:
"" يبطل (أي يمنع) الكنف والمآزيب إلى الطرقات "".
الكنف هي المجاري .
والمآزيب كناية عن فاضل المياه الذي ينساب من البيوت السكنية إلى الشوارع .
وكلا المثالين يشهدان على دقة المراعاة للحقوق العامة في فترة حكم الإمام الحجة سلام الله عليه وإن الملاحظة التي وضعناها في المقدمة تجعل الرواية غنية عن التوضيح . .
خذ على وجه المثال: هدمه سلام الله عليه لكثير من المساجد التي لم تقم على التقوى !!
لقد صرنا نفهم اليوم ومن خلال التطور الطبي أن كثير من حالات العلاج تنحصر في الاستئصال ؟!
فقد يمثل ذلك الحل الوحيد لقطع الطريق على انتشار المرض الجسدي !
والشأن لا يختلف كثيرا في المرض الروحي فإن بعض المساجد والمواقع على الأرض أسست و شيدت من أجل تصفية الحسابات الطائفية . . و جرد الحسابات الشخصية . . حتى أن بعض الواقفين والمتولين وحتى بعض أئمة المساجد يجعل بوصلة المسجد تتوجه إلى جهته هو ؟!
كما قد تحولت بعض المساجد إلى منصة صواريخ كلامية يجب أن لا تطلق من أي مكان وإن كان ولا بد من العرونة فلتطلق من أي مكان آخر !!
وأيضا أصبحت بعض المساجد فيما نرى مصنعا لمتفجرات تفخخ فيها العقول بقنابل طائفية، و عنصرية، وحزبية، من شأنها أن تشوه الأرواح وتلوثها، وهذا ما صار يمنع الكثير من الكثير من المساجد قال تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ...}.
فالاجتماع والتآلف يحتاج إلى المعلم الرائد زائدا والمعلم الأربيب والمؤثر العجيب الذي تتوافر نفسه وروحه على مغناطيسية وكاريزما مطلقة بحيث تهوى إليه الأرواح وتتسابق على الأخذ من فعله قبل الأخذ من قوله لهذا عبر الإمام بأنه يضع يده على رؤوس العباد. . في إشارة إلى أن ملكه لا يشبه ملوك الدنيا الذين يضعون أيديهم على رقاب العباد !!
بل ينفذ إلى عقولهم (رؤوسهم) بعد أن يشبع غرور الشباب الفكري ويلبي أحلامهم بطرحه وعلمه وعمله
فهذه أربعة من الآمال الشاملة والعريضة لدى الشباب . .
................