سألت الدركي الذي كان يقف على حافة الطريق للحراسة عن بيت آية الله العظمى الخميني, فأشار إلى منزل صغير ومتواضع يقع على الجانب الآخر من الشارع, فآثار الأمر استغرابي, لأنني لم أكن أتوقع أن يسكن زعيم الشيعة في مثل هذا المنزل المتواضع للغاية! ولم يسألني الدركي عن هويتي وعلة سؤالي عن منزل آية الله العظمى الخميني, لكنني بادرت إلى تعريف نفسي كمراسل للمجلة الأسبوعية " باري ميج الفرنسية", وإنني قد جئت لزيارة آية الله العظمى الخميني وإجراء مقابلة معه, فقال لي: عليك الانتباه إلى لزوم أن تخلع حذاءك قبل الدخول إلى المنزل!....
بعد أن خلعت حذائي دخلت غرفة خالية من الأثاث لم أر إلى ذلك الحين نظيراً لها إلاّ في المباني التي اكتمل بناؤها حديثاً ولم تسكن بعد! لم أر فيها أي أثاث سوى قطعة بساط متواضعة مفروشة على الأرض, لم يكن يوجد شيء سواها يجذب الأنظار في تلك الغرفة التي كانت تضاء بمصباح عريان معلق بسلك في سقفها.. ثم عرفت نفسي وقدمت بطاقتي الصحفية وقلت إنني جئت لإجراء مقابلة مع الإمام, فعرفني رجل ملتحي ومؤدب للغاية بمؤلف كتب عن حياة الإمام, لكنني قلت ـ وقد أظهرت نفاذ صبري: إنما جئت للقاء الإمام فلماذا لا تخبروه بحضوري؟ أجابوني: إن آية الله يستعد لإقامة الصلاة فقد حان وقتها وسنراه عند خروجه..... كان يسير بخطوات هادئة, فاثر فيّ للغاية وقاره وسكينته وقد كانت المرة الأولى التي أراه عن قرب توقف عندي لحظة لا تتجاوز الثانية الواحدة ونظر لي نظرة واحدة لم تستغرق مدتها الثانية الواحدة أيضاً لكنها هزتني من الأعماق, ولم تكن هذه الهزة الوجدانية ناتجة من الرهبة أو الاستغراب بل كانت نتيجة لشعور خاص لا يمكنني وصفه... وحري بي أن أقول إنني لست من مؤيدي آية الله العظمى الخميني أو الملك الإيراني ولا من معارضي أي منهما, كما إنني لست حديث العهد بالعمل الصحفي, ولم تكن المرة الأولى التي التقي رجلاً سياسياً مشهوراً لكي أتأثر بشخصيته نتيجة لقلة تجربتي أو لسذاجتي, لكنني خضعت لهذا التأثير بتلك النظرة الخاطفة.
قبسات من حياة الإمام الأجتماعية .. المؤلف علي غلام الرجائي