اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين اللهم عجل فرج مولانا صاحب الزمان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليك في آناء ليلك واطراف نهارك السلام عليك يا بقية الله في ارضه
ومعرفتنا للإمام المهديّ (عليه السلام) هي جزء من المعرفة الكاملة التي لا يعرفهم بها أحد إلاّ الله للأحاديث المتقدِّمة، من هنا أشار الإمام في هذه الزيارة بقوله (عليه السلام): "مَن عرفكَ بما عرَّفكَ به الله" فالباء المتصلة بما الموصولة تفيد التبعيض أي ببعض ما عرّفكَ به الله تعالى، والسّرّ في أنه عزّ شأنه عرّفنا بعض أحواله (عليه السلام) لا كلّ أحواله، هو أنّ قوابلنا ناقصة وماهياتنا محدودة، ونفوسنا إلى الأرض مشدودة، هذا مضافاً إلى أنّ هذا العظيم هو وأجداده الميامين بلغوا الذروة في الكمال، والقمّة في الجلال والبهاء، فلا أحد يستوعب كمالهم، ولا مخلوق يمكن أنْ يستغرق في جلالهم، بل تضيق الدنيا على مَن يتصوّر أنّه ربّما يحيط بذواتهم، والسّرّ في عدم الإحاطة أنّ ذواتهم الطاهرة هي السبب العظيم المتصل بين الأرض والسماء.
فالخلق غير قادرين على معرفة الإمام الكاملة، كما إنهم غير قادرين على معرفة نعوته التي هو أهل لها، فالنعت أي الصفة تتبع المنعوت أو الموصوف في كلّ حالاته، ونعوت الإمام ملازمة له لا تفارقه، ملازمة الظل لذي الظل، وملازمة نور الشمس للشمس، فكما إننا لا ندرك ذاته الشريفة كذا لا يمكننا أن ندرك صفاته الملازمة لذاته الكريمة، التي هي صفة لله تعالى تعكس عن الذات الأحديّة.
وللإمام المهديّ (عليه السلام) ألقاب ونعوت كثيرة ذكَر أحد الأكابر أعلى الله مقامه(1) حدود المائة وخمساً وثمانين وصفاً ولقباً.
وهذه الألقاب الشريفة تعكس عن ذات الإمام المهدي (عليه السلام) الممسوسة كجده أمير المؤمنين (عليه السلام) بذات الله تبارك وتعالى، فمَن كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، مَن كان ممسوساً بذات الله المقدَّسة كيف يمكن أنْ نستوعب نعوته وأوصافه؟!!
أمّا أنه (عليه السلام) أهلها، فقد عرفناه، وأما أنه (عليه السلام) فوقها فالسّرّ فيه، انّ الألفاظ ـ وهي النعوت الدالة على شخصه الكريم ـ لا يمكن أنْ تكون نفس الذات، بل هي تحكي عن الذات، مضافاً إلى أنّ العقول البشريّة بل عقول الملائكة لا تتحمل حقيقة نعوته وأوصافه، وذلك لعدم إمكانها إدراك ذاته، فإدراك الوصف فرع إدراك الذات، فإذا لم يمكن إدراك الذات، لا يمكن حينئذٍ إدراك الوصف بطريقٍ أوْلَى، فالإمام المهديّ (عليه السلام) فوق هذه الأوصاف والنعوت لكنّ العقول تخبو عن إدراك مقامه، والوصول إلى كنه جلاله، من هنا نسلّم عليه بالسلام الكامل الوارد في دعاء الإستغاثة بالحجّة بقوله (عليه السلام): "سلام الله الكاملُ التامُ الشاملُ العامُ، وصلواتُه الدائمةُ، وبركاتُه القائمةُ التامةُ على حجّة الله ووليه في أرضه وبلاده وخليفته على خلقه وعباده...".
(1) إلزام الناصب:1/481. لاحرمتم نصرة صاحب العصر والزمان عليه السلام تحية لكم موفقين