اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

سيرٌ الى الله في طريق التوبة

"وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"

المشرف: أنوار فاطمة الزهراء

صورة العضو الرمزية
الشيخ علي البستاني
فــاطــمــي
مشاركات: 329
اشترك في: الجمعة سبتمبر 16, 2011 7:44 pm

سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة الشيخ علي البستاني »

بعد أن يجتاز السالك طريق اليقظة ويتنور بنور الفطرة ويغمره نور الإيمان ﴿الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور...﴾ . [1] عليه أن يغسل قلبه من أدران الغفلة بماء التوبة ويمحي كل النقاط السود التي جعلته أسودَ قاسياً, ويصيره أبيضَ ناصع البياض يشع منه النور الذي سوف يكون دليله إلى باب التوبة المفتوح, ولطالما كان مفتوحاً للتائبين ولكن منعتهم الغفلة من دخوله (لقد فتحت باباً لعبادك سميته التوبة فما عذر من أغفل دخول الباب بعد فتحه) . [2] ولابد أن يعلم السالك إلى الله أن للتوبة شروطاً أساسية وهامة جداً لابد يجب عليه أن يحققها ويعمل بها ولا يتركها أبداً وإلاَّ لن يحقق معنى التوبة الصحيحة النصوحة ومن تلك الشروط ما يلي:

ما جاء عن أمير المؤمنين علي عليه السلام عندما سمع أحدهم يستغفر الله حينها أرشده الإمام إلى ستة معانٍ (شروط) لتحقيق التوبة أولها الندم على ما مضى و ثانيها (العزم) ترك العودة إليه أبداً....
الندامة والعزم : من أهم شروط تحقيق التوبة النصوح هو الندامة على ارتكاب الذنوب التي نهى الله عنها, و الندم على التقصير في أداء التكاليف الشرعية التي أمر الله بها سبحانه وتعالى عزه, هذا من جانب ومن جانب آخر العزم على عدم العودة إلى الذنوب مرة أخرى, وفي الحقيقة إن هذين الشرطين يمثلان الركن الأساس في تحقيق التوبة ومن مقوماتها الأساسية, وبدونهما لا يمكن للإنسان السالك أن يسير في طريق التوبة, وعلى الإنسان في هذه المرحلة أن يتذكر الذنوب التي ارتكبها وما سوف تخلّفه من تبعات وخيمة في عالم البرزخ ويوم القيامة من الصور والتجسمات المخيفة المهولة لكل الذنوب وما سوف يعانيه من مشاهدتها وعذابها ﴿يوم يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يرى ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرى﴾ [3] . هذا إذا كانت ذرة فكيف بالذنوب الكبار (فالإنسان العاقل لو انتبه لهذه المعاني واعتنى بكلام الأنبياء والأولياء -عليهم السلام- و العرفاء والحكماء والعلماء - رضوان الله عليهم- بقدر اعتنائه بقول طبيب معالج, لابتعد لا محالة عن المعاصي ولم يقترب منها أبداً, وإذا ابتلي بالمعصية لا سمح الله أبدى بسرعة تبرمه وتضجره منها وندمه عليها وظهر صورة ندمه في قلبه وتكون نتيجة هذه الندامة عظيمة جداً, وآثارها حسنة وكثيرة, ثم يحصل من جراء ندمه العزم على ترك المعصية وترك مخالفة رب العالمين, وعندما يتوفر هذان الركنان- الندم على اقتراف المعصية والعزم على عدم العودة إليها- يتيسر عمل سالك طريق الآخرة, وتغشاه التوفيقات الإلهية ليصبح حسب النص القرآني ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ [4] , محبوباً لله تعالى إذا كان مخلصاً في توبته). [5]


لهذا كان على الإنسان أن يكدح كدحاً للوصول إلى مقام الحب الإلهي بالرياضة العلمية والعملية والتفكير الجاد والتدبير اللائق (إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه) [6] فملاقاة الحبيب غاية منى العاشقين, وحبه إليهم غاية الغايات, فمن ذا الذي يستطيع أن يصف حب الله في تلك العوالم من أي نور من الأنوار المعنوية الكمالية و التجليات الربانية؟ وكيف يتعامل الله مع أحبائه الذين أحبوه بل عشقوه؟ كل هذا وذاك مدعاة للإنسان أن يترك عنه حب الدنيا التي هي رأس كل خطيئة التي لا تجتمع مع حب الله في قلبٍ واحد فلابد من ترك حب الدنيا من أجل المحبوب وغاية منى العاشقين وترك كل ما يبعده عنه وفعل كل ما يقربه منه (إن المحب لمن أحب مطيعُ).
تأدية الحقوق: ويسترسل أمير المؤمنين عليه السلام في إرشاده بذكر ثالث شروط التوبة قائلاً: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانه أملس ليس عليك تبعة, هذا حق الناس أما حق الله وهو الشرط الرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.
كل إنسان منا لا يحب أن يظلمه الآخرون وأن لا يسلبوه حقوقه وأن لا يتعدوا عليه ولو بكلمه واحده, وعلى الإنسان كما يحب لنفسه ذلك أن يحب للآخرين ما يحبه لنفسه, فلا يصل الإنسان إلى حقيقة معنى الإيمان ويتذوق حلاوته حتى يحب للآخرين ما يحبه لنفسه, فإذا وفق للتوبة عليه كما ذكر أمير المؤمنين عليه السلام أن يعمل بالشرط الثالث إذا كان هناك من لهم حق عليه مادياً كان أو معنوياً أن يعمل على استرداده إليهم ما استطاع إليه سبيلاً وأن يتسامح منهم عما صدر منه ولو بكلمة غيبة كانت أو نميمة خرجت من فمه أساءت إليهم, فلا يتهاون بها ويستقلها فإنها عظيمة في عالم البرزخ ويوم القيامة وعقابها مهول وكبير,(اللهم أسألك في مظالم عبادك عندي,فأيما عبدٌ عبيدك,أو أمة من إمائك, كانت له قبلي مظلمة,ظلمتها إياه في نفسه,أو في عرضه,أوفي ماله,أو في أهله وولده,أو غيبة اغتبته بها,أو تحامل عليه بميل أو هوى,أو أنفة أو حمية,أو رياء,أو عصبية,غائباً كان أو شاهداً,ًوحياً كان أو ميتاً,فقصرت يدي,وضاق وسعي عن ردها إليه و التحلل من,فأسألك يا من يملك الحاجات وهي مستجيبة لمشيئته و مسرعة إلى إرادته,أن تصلي على محمد وآل محمد,و أن ترضيه عني بما شئت...) فما دمت في الدنيا فهي فرصة لك لاسترداد حقوق الناس والعمل الصالح قبل الممات والحساب فحينئذ لا ينفع قولك (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا) فيوم القيامة لا توجد به وسيلة لاسترداد حقوق الآخرين إلا أن يؤخذ من حسناتك وتعطى لهم و حينها تكون من الخاسرين النادمين وإذا لم يوجد عندك حسنات تكفي لاسترداد حقوق الناس سوف يؤخذ أجزاء من لحمك على قدر كل حق فتصور حالتك هناك وتدبر.
أما حق الله ؛ أن تقضي كل الفرائض التي ضيعتها من صلاة وصوم وكفارات وإن كانت كثيرة, فبقدر المستطاع ولا تستكثرها وتجلب لنفسك اليأس والقنوط وتجعل الشيطان والنفس يتمكنا منك في تثبيطك وتقاعسك عن أداء الحقوق الإلهية, ويصوران لك أن العملية شاقة ومجهدة ولا يمكن أداؤها أبداً, والعكس هو الصحيح فباليسير وشيئاً فشيئاً ترى نفسك قادرة على ذلك والأمر سهل ويسير وأصغر مما كنت تتوقعه من عظيم الشأن وصعب المنال, فإنجاز الشيء القليل أفضل من لاشيء وبلوغ ألف ميل يبدأ من خطوة واحدة.
ولا يأس في طريق السير إلى الله ما دمت متوجهاً إليه, وإن كانت عليك صلوات كثيرة وصيام أيام عديدة وكفارات وحقوق إلهية كثيرة وذنوب ومعاصٍ متراكمة وحقوق للناس لا تعد فإن الله سوف يعينك ويسهل عليك ويهديك السبيل إليه (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). [7]


التوبة الكاملة وكمال التوبة:
إن الشرطين الأخيرين اللذين ذكرهما الإمام علي عليه السلام من شروط التوبة ,وهما الخامس والسادس.
أما الخامس هو: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد
وأما السادس فـ: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية.
عرفانياً يعد هذان الشرطان من شروط التوبة الكاملة وكمال التوبة, لأن التوبة من دونهما تعتبر توبة ناقصة, بل لا تتحقق عند العرفاء إلا بهما, لأن لكل منزل من منازل السالكين درجات ومراتب تختلف بحسب قلوب السالكين. وإن السالك التائب إذا كان يتطلع إلى الكمال فلا بد أن يتدارك ما تركه وما فاته من النفحات الإلهية الروحانية (إن لله في دهركم نفحات فلا تضيعوها) فالانشغال بالذنوب والآثام يعتبر تفويتاً للفرص, والفرص تمر كمر السحاب كان عليه اغتنامها وبلوغ المراتب العلية في السير والسلوك إلى الله ولكن من يريد العُلى سهر الليالي وأتعب نفسه وجسمه وذلك بالسعي لمحو كل الآثار التي خلفتها الذنوب والآثام في مملكة النفس حتى تعود نظيفة ونقية ومصقولة كالمرآة الصافية تعكس شمس الصفات الإلهية فيها فتشع نوراً تنير له دروب حياته الدنيوية والأخروية, وتعود النفس لعملية التطهير تلك إلى فطرتها وطهارتها الأصيلة كما بدأت (التائب من ذنوبه كيوم ولدته أمه...) هذا طبعاً للتوبة الكاملة.


فكما علمت عزيزي القارئ سابقاً فإنَّ لكل ذنب يُرتكب أثراً على النفس وانعكاساً على الروح يبقى موجوداً من جراء اللذائذ والشهوات المحرمة فيراها ما بين فترة وأخرى تتراءى له كالطيف تحاول استمالته وتسويفه عن التوبة و لا تمحى بمجرد كلمة أستغفر الله وأتوب إليه (التوبة الكلامية) فلابد لإقلاعها من (التوبة العملية),الرياضات والروحية وأفضل وصفة لذلك ما ذكره طبيب القلوب والنفوس إمام العرفاء والمؤمنين علي عليه السلام بأن يذيب اللحم المبني على الحرام بالهم والأحزان على ما ارتكبه في حق نفسه (اللهم إني ظلمت نفسي فإن لم تغفر لي فمن يغفر لي) , (ظلمت نفسي وتجرأت بجهلي) ولهذا فإن المؤمن يعيش همين, همُ طاعةٍ قُبلت أم لا ؟ وهمُ ذنبٍ غُفرَ أم لا؟
كذلك يعمل على تذويب اللحم الحرام بالصيام إذا كان في ذمته صيام واجب, أو يصوم أيام المستحبات ويتخير في أكله بإبعاد المقويات والمنشطات, وممارسة الرياضة الجسمية والروحية فعن طريق الرياضة الروحية من العبادات والمناسك يتدارك الحظوظ الطبيعية, لأن صورة اللذات المحرمة لا تزال ماثلة في ذائقة النفس, وما دامت عالقة بها ترغب إليها النفس, ويعشقها القلب ويخشى من لحظة طغيان النفس وتمردها على صاحبها - والعياذ بالله- فلا بد على السالك لسبيل الآخرة والتائب عن المعاصي أن يذيق الروح ألم الرياضة الروحية ومشقة العبادة, فإذا سهر ليلة في المعصية تداركها بليلة من العبادة, وإذا عاش يوماً واحداً مع اللذائذ المحرمة تداركه بالصوم والمستحبات المناسبة حتى تطهر النفس من كل آثار المعاصي وتبعاته التي هي عبارة عن تعلق حب الدنيا بالنفس ورسوخه فيها.


وعليه تكون التوبة في هذه الصورة أكمل, ويعود النور إلى فطرة النفس, ويستمر في وقت اشتغاله بهذه الأمور و التفكر والتدبر في نتائج المعاصي وشدة بأس الحق المتعالي, ودقة ميزان الأعمال وشدة عذاب عالم البرزخ والقيامة, وليعلم وليلقّن النفس والقلب, بأنَّ كل ذلك نتاج وصور هذه الأعمال القبيحة والمخالفة لشرع الله, ونأمل بعد هذا العلم والتمعن أن تنفر النفس عن المعاصي, وترتدع بشكل كامل ونهائي, وينتهي بالتوبة إلى النتيجة المطلوبة, وتتم توبته وتصل إلى التوبة الكاملة وكمال التوبة.
فهذان الشرطان(الخامس والسادس) من المتممات والمكملات لمنزل التوبة, والإنسان في بدء الأمر عندما يريد أن يدخل مقام التوبة ويتوب إلى الله عليه لا يظن بأنَّ المطلوب منه المرتبة الأخيرة من التوبة حتى يجد الطريق صعباً وعملية التوبة شاقة فينصرف عنها ويتركها.
إنَّ كل مقدار يساعد التائب السالك, في سلوكه لطريق الآخرة, يكون مطلوباً ومرغوباً فيه, وعندما تطأ قدماه الطريق ييسّر الله سبحانه و تعالى عزه له الطريق, فلا بد أن لا تحجز صعوبة الطريق الإنسان التائب عن الهدف الأصيل لأهميته وعظمته, وإذا انتبهنا إلى جلالة الهدف وعظمته, تذللت جميع الصعاب من أجله, وأيُ شيءٍ أعظم من النجاة الأبدية والروح والريحان الدائمين؟ وأي بلاء أعظم من الهلاك الدائمي والشقاء السرمدي؟ ومع ترك التوبة والتسويف والتأجيل قد يبلغ الإنسان إلى الشقاء الأبدي والعذاب الخالد والهلاك الدائم, وعند الورود على مقام التوبة يتحول الإنسان الشقي إلى سعيد مطلق, ومحبوب للحق سبحانه, فإذا كان الهدف جليلاً على هذا المستوى, فلا بأس من المعاناة والآلام لأيام يسيرة.
واعلم عزيزي القارئ أنَّ الدخول في مقام التوبة بالمقدار الممكن والميسور مهما كان قليلاً فهو مجدٍ وناجعٍ, قارن أمور الآخرة بالأمور الدنيوية فإن العقلاء إذا لم يستطيعوا أن يحققوا مبتغاهم الأعلى والأرفع, لم يتركوا الهدف الأقل, وإذا لم يستطيعوا من تحصيل الهدف الكامل المنشود فإنهم لم يغضوا الطرف عن المطلوب الناقص.
وأنت أيضاً إذا لم تستطع أن تحقق التوبة الكاملة, فلا تعدل عن التوبة ولا تعرض عنها وحاول أن تحققها بالمستوى المستطاع والممكن) . [8]
كيف يمكن للإنسان أن يعرف بأن توبته قبلت أم لا؟
إذا لم تتحقق التوبة ولم تقبل فلن يبرح السالك مكانه ولن يسير خطوة واحدة في طريق الكمالات المعنوية والقرب الإلهي, وعليه أن يداوم على الشروط التي ذكرناها آنفاً بل التي ذكرها أمير العرفاء وسيدهم الإمام علي عليه السلام حتى لو طال به المقام, بعض الشباب اليانعين يداوم على تحقيق توبته أربعين يوماً فإذا لم تتحقق توبته يبدأ من جديد حتى يظفر بالقبول ويسير في الطريق.
ومن علامات قبول التوبة أن يرى التائب بعد ممارسة التوبة العملية خفة في داخله وشفافية ونورانية, وأنَّ حمل ثقل الذنوب قد انزاح عن ظهره, تصطحبها لذة معنوية ونشوة روحانية وتوجه وإقبال على الله سبحانه وتعالى عزه وما إلى ذلك من أمور يحس بها التائب وتنكشف له انكشافاً يشعر عن طريقها بأن الله قبل توبته وغفر له ذنوبه.
وإليك بعض قصص التائبين لعل فيها موعظة حسنة التي تحفز وتشحذ همم من يريد التوبة والإنابة إلى الله ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).[9]
قال أحد التلاميذ:
في بداية ترددي على الأستاذ.. أدرك ما بي من ظمأ إلى طي مراحل السلوك, فقال لي:عليك أن تتوب عائداً إلى الله, ولا يكن همك إلا العودة إلى الله وتنقية باطنك.. وهذا يستغرق منك وقتاً, فاعمل بالوصايا.. عسى الله أن يتوب عليك, قلت له: أعمل -إن شاء الله- بما توصى.
في البداية شخَّص دائي - كما يفعل الطبيب- ثم حدد لي الدواء, ووفقت بعدئذ للتوبة ولله الحمد.. ورأيت آثار القبول.
ولعلك تسألني الآن عن هذه الوصايا, ومدة أدائها, وكيف علمت بقبول توبتي, وعن آثار هذا القبول.
وأقول لك: إن الوصفة الطبية التي حددها لي الأستاذ كانت خاصة بحالتي ولا يصح أن يعمل بمقتضاها الآخرون.. أرأيت مريضاً يمكن أن يتناول دواء قد كتبه الطبيب لمريض غيره؟! ثم إني لا أخبرك بتفصيل هذه الوصايا لئلا تتكاسل فلا تقصد أستاذاً وتعمل وفقا ما يوصيك به,لكن الموضوع الأهم الذي أوصى به وكان له الأثر البالغ في هذا الشأن أنه قال لي : ينبغي أن تكون حالتك الآن كمن يريد (تعزيل) داره وتنظيفها.. لا هم لك إلا التوجه إلى التوبة وكنس بيت قلبك وغسّله، فلا يشغلك في هذه المدة كلها شاغل عن طلب التوبة والعفو من الله تعالى.. على ألا تقل مدة التوبة عن أربعين يوماًً؛ فإن من فوائد طول أمد التوبة أن تتعود فيها على ترك الذنوب.. ثم إنك لن يهون عليك أن تنقض توبتك بسرعة بعد عنائك وترويضك نفسك كل هذه المدة, فإذا ما جاءك الشيطان يُزين لك نقض التوبة كان بإمكانك أن تواجه نفسك بالقول: أبعد هذا العناء الصعب، وبعد هذا النقاء من قذر المعاصي.. أُفرط بتوبتي إلى الله وأعود مرة أخرى إلى أرجاس الشيطان؟!
وفي هذه المدة لابد من التركيز الذهني على التوبة والإنابة.. في الصلوات وفيما بعد الصلوات، وفي مواضع استجابة الدعاء.. ثم في جوف الليل وفي أوقات السحر.. ليكن همك دائماً أن يقبل الله متابك.
لو كنت تقوم بعمل من الأعمال، تريد أداءه على أكمل وجه, فإن عليك أن تركز فكرك في أدائه ولا تسمح لذهنك بالشرود إلى غيره.. وكذلك عليك في مرحلة التوبة أن تنصرف عن أي شيء, وعن أي حاجة سواها, فإذا غدت التوبة همك الأساس أفلحت في هذا السبيل.
على أي حال.. عملت بوصية الأستاذ, وما كان همي - في الأربعين يوماً- إلا الاستغفار والتوبة إلى الله, حتى إذا بقى من الأربعين أيام قليلة شعرت بخفة في داخلي وشفافية, عندها أوصاني الأستاذ أن أسأل الله تعالى تبديل سيئاتي حسنات, وفي آخر هذه الأيام –وقد هيمن علي حسن الظن بالله- تخففت تماماً من ثقل الذنوب وقبل الله عز وجل توبتي) [10]
يقول أحد الشباب السالكين إلى الله:
أحسن الله بنا أحساناً, إذ ألقى في قلوبنا محبة أهل البيت عليهم السلام ومودتهم.
بعد أن من الله تعالى عليَّ -أيها الأصدقاء- باليقظة والانتباه, قصدت أستاذي طالباً إرشادي إلى الكمالات الروحية والإنسانية, فقال لي: في وسعك - لغفران ذنوبك والتخفف من الأدناس والآلام الروحية – أن تلتزم مدة بقراءة زيارة الإمام سيد الشهداء عليه السلام والبكاء عليه.. ملتمساً أن يقبل الله توبتك, ومبدياً محبتك للإمام عليه السلام ومودتك.. وعندها تطهر من ثقل المعاصي والآثام.
قال لي هذا في أول يوم من المحرم, وفي تلك الأيام التزمت أن اشترك صباحاً وليلاً في مجالس العزاء, وأبكي على الإمام الحسين عليه السلام كثيراً.. داعياً خلال هذه المجالس بغفران الذنوب, وقد وجدت في هذا العمل أثراً عجيباً
شعرت بخفة مدهشة وانطلاقة في داخلي.. كمن يلقي عن كاهله حملاً ثقيلاً كان يرهقه, وبعد كل مجلس حضرته.. كنت أرى كل ما حولي – وكله من آثار قدرة الله تعالى كأنما يبتسم لي ويكن لي محبة؛ لأني قد بكيت على مصاب محبوب الله وعزيزه: الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السلام.
وكنت أقرأ زيارة الإمام (ع) كل يوم.. متوسلاً به؛ فالحسين بن علي عليه السلام رحمة الله الواسعة, وباب نجاة المذنبين.
في أحد الأيام تناولت كتاب (مفاتيح الجنان) لأقرأ إحدى زيارات الإمام سيد الشهداء عليه السلام, وفتحت الكتاب, فألفيت أمامي رواية في فضل زيارة الإمام (ع) مروية بسند معتبر, فزادتني هذه الرواية إيماناً بالنهج الذي سلكته للمغفرة, وهذه هي الرواية:


يقول الثقة الجليل معاوية بن وهب البجلي الكوفي: دخلت على الإمام الصادق عليه السلام وهو في مصلاه, فجلست حتى قضى صلاته, فسمعته وهو يناجي ربه ويقول :( يا من خصنا بالكرامة, ووعدنا بالشفاعة وحملنا الرسالة, وجعلنا ورثة الأنبياء, وختم بنا الأمم السالفة, وخصنا بالوصية, وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي, وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا.. اغفر لي ولإخواني وزوار قبر أبي الحسين بن علي صلواتك عليهما إلى أن يقول عليه السلام: وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا, وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا, وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا).
إن هذه الرواية – وعشرات غيرها- تؤكد لنا أن محبة الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السلام والبكاء عليه مما يدخل المرء في محبة الله ورحمته. ومتى ما شملت رحمة الله ومحبته عاصياً فلا بد أنَّ توبته من المؤكد المحتوم مقبولة.. خاصة ونحن نقرأ في الزيارة الأولى لسيد الشهداء عليه السلام: (من أراد الله بدأ بكم, بكم يبين الله الكذب, وبكم يباعد الله الزمان الكلِب. وبكم فتح الله, وبكم يختم الله, وبكم يمحو ما يشاء, وبكم يثبت, وبكم يفك الذل من رقابنا, وبكم يدرك الله ترةَ كل مؤمن يطلب بها, وبكم تنبت الأرض أشجارها, وبكم تخرج الأرض ثمارها, وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها, وبكم يكشف الله الكرب, وبكم ينزل الله الغيث, وبكم تسبح الأرض – التي تحمل أبدانكم- وتستقر جبالها عن مراسيها, إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم, وتصدر من بيوتكم.. والصادر عما فصل من أحكام العباد, لعنت أمة قتلتكم, وأمة خالفتكم, وأمة جحدت ولايتكم, وأمة ظاهرت عليكم, وأمة شهدت ولم تستشهد, الحمد لله الذي جعل النار مثواهم, وبئس الورد المورود).


أجل.. بكيت كثيراً على فجائع سيد الشهداء وفاطمة الزهراء وسائر أئمة الهدى عليهم السلام, وداومت على حضور المجالس وقراءة الزيارة وذرف دموع الحزن والرثاء.. حتى حدث أن شاهدت في إحدى الليالي ملكاً من الملائكة كان مكلفاً بجمع دموعي خلال المدة كلها, فعمد إليّ وغسلني بها.. فأحسست بطهارة باطنية وخفة في داخلي.. كمن خرج آنفاً من الاستحمام ولم يبق على بدنه ذرة من الأوساخ.
وذهبت في اليوم التالي إلى الأستاذ أبشره بما ظفرت به من هذه الحالة الروحية المطهرة.. فأخذ الأستاذ يقرأ لي هذه الأحاديث تشجيعاً لي وتثبيتاً.
قال الإمام السجاد عليه السلام : ( أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة, حتى تسيل على خذه.. بوأه الله بها في الجنــة غرفاً يسكنها أحقاباً)9وقال الإمام الرضا عليه السلام: (.... فعلى مثل الحسين فليبك الباكون؛ فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام). [11]
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (من ذكرنا عنده, ففاضت عيناه.. حرم الله وجهه على النار). [12]
وقال الإمام الرضا عليه السلام في كلامه للريان بن شبيب: (يابن شبيب, إن بكيت على الحسين, حتى تصير دموعك على خديك.. غفر الله لك كل ذنب أذنبته - صغيراً كان أو كبيراً, قليلاً كان أو كثيراً). [13]
وفي خبر عبدالله بن بكير.. أنه قال: حججت مع أبي عبدالله الصادق عليه السلام.. فقلت: يابن رسول الله, لو نبش قبر الحسين عليه السلام؟
فقال: يابن بكير.. ما أعظم مسائلك! إن الحسين بن علي عليه السلام مع أبيه وأمه وأخيه, في منزل رسول صلى الله عليه وآله ومعه.. يرزقون ويحبرون. وإنه لعن يمين العرش متعلق به, يقول: (يا رب.. أنجز لي ما وعدتني). وإنه لينظر إلى زواره, فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده, وأنه لينظر إلى من يبكيه, فيستغفر له, ويسأل أباه الاستغفار له, ويقول: أيها الباكي.. لو عملت ما أعد الله لك لفرحت أكثر مما حزنت. وإنه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة).[14]


بعدها حكى لي الأستاذ حادثة وردت في كتاب (بحار الأنوار), تركت في أثراً بليغاً, جاء في (البحار), عن السيد علي الحسيني أنه قال: كنت مجاوراً في مشهد مولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام مع جماعة من المؤمنين, فلما كان اليوم العاشر من شهر المحرم.. ابتدأ رجل من أصحابنا يقرأ مقتل الحسين عليه السلام, فوردت رواية عن الباقر عليه السلام أنه قال: ( من ذرفت عيناه على مصاب الحسين - ولو مثل جناح البعوضة- غفر الله له ذنوبه.. ولو كانت مثل زبد البحر).وكان في المجلس معنا جاهل بالجهل مركب أي يدعي العلم وهو جاهل ولا يعلم أنّه جاهل فقـال: ليــس هذا بصحيح, والعقل لا يعتقد به وكثر البحث بيننا, وافترقنا عن ذلك المجلس وهو مصر على العناد في تكذيب الحديث.
فنام ذلك الرجل تلك الليلة.. فرأى في منامه كأن القيامة قد قامت, وحشر الناس في صعيدٍ صفصفٍ لا ترى فيه عوجاً ولا أمتاً.. وقد نصبت الموازين, وامتد الصراط, ووضع الحساب, ونشرت الكتب, وأسعرت النيران, وزخرفت الجنان, واشتد الحر عليه, وإذا هو قد عطش عطشاً شديداً, وبقي يطلب الماء, فلا يجده فالتفت يميناً وشمالاً.. وإذا هو بحوض عظيم الطول والعرض, قال: قلت في نفسي: هذا هو الكوثر! فإذا فيه ماء أبرد من الثلج وأحلى من العذب. وإذا عند الحوض رجلان وامرأة.. أنوارهم تشرق على الخلائق, ومع ذلك لبسهم السواد, وهم باكون محزونون.
فقلت: من هؤلاء؟
فقيل لي: هذا محمد المصطفى صلى الله عليه وآله, وهذا علي المرتضى, وهذه الطاهرة فاطمة الزهراء.
فقلت: مالي أراهم لابسين السواد, وباكين محزونين؟
فقيل لي: أليس هذا يوم عاشوراء.. يوم مقتل الحسين؟! فهم محزونون لأجل ذلك.
قال: فدنوت إلى السيدة النساء فاطمة, وقلت لها: يا بنت رسول الله.. إني عطشان, فنظرت إليّ شزراً, وقالت لي: أنت الذي تنكر فضل البكاء على مصاب ولدي الحسين, ومهجة قلبي, وقرة عيني.. الشهيد المقتول ظلماً وعدواناً؟! لعن الله قاتليه وظالميه ومانعيه من شرب الماء!
قال الرجل: فانتبهت من نومي فزعاً مرعوباً, واستغفرت الله كثيراً, وندمت على ما كان مني, وأتيت إلى أصحابي الذين كنت معهم, وخبرت برؤياي, وتبت إلى الله عز وجل. [15]


ثم أن الأستاذ قال لي: إذا أردت أن يرضى الله عنك - يا بني- كل الرضا.. فابك على سيد الشهداء عليه السلام وبكِّ غيرك عليه, يغفر الله لك ويتب عليك.
ومن حينها ازداد بكائي على أبي عبدالله الحسين عليه السلام؛ فكنت أذكر فاجعته بمفردي وأبكي مردداً ما أحفظ من أبيات شعر في الرثاء, أو أجمع أهل بيتي, وأقرأ لهم شعر المراثي أبكي وأبكيهم.. وقد روى لي أستاذي يوماً أن أبا هارون المكفوف قال:
قال لي أبو عبدالله الصادق عليه السلام : يا أبا هارون.. أنشدني في الحسين عليه السلام, قال: فأنشدته. فقال لي: أنشدني كما تنشدون – يعني: بالرقة, قال: فأنشدته (القصيدة):
أمرر عـلى جدث الحـــــسيـن, وقــل لأعظمـــه الزكــــيه
قال: فبكى الإمام عليه السلام. ثم قال: زدني. فأنشدته القصيدة الأخرى, قال: فبكى.. وسمعت البكاء من خلف الستر.[17]
قال: فلما فرغت.. قال: يا أبا هارون, من أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى عشرة.. كتبت لهم الجنة, ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً.. كتبت لهما الجنة, ومن ذكر الحسين عنده, فخرج من عينيه من الدمع مقدار جناح ذبابة.. كان ثوابه على الله عز وجل, ولم يرض له بدون الجنة.[18]
وقد ورد ما يناظر هذه الرواية ويماثلها في فضل البكاء على عزيز الله الحسين عليه السلام عن صالح بن عقبة, وعليّ بن مهزيار, ومحمد بن إسماعــيل, وهكذا حالفتني العناية - من خلال برنامج البكاء الحسيني المقدس- أن أعبر مرحلة التوبة, فأكون بهذا قد طويت خطوة فائقة الأهمية في هذا السبيل) .


روى لي هذه الواقعة مراراً..شخص غدا بعدئذ من الأولياء الصالحين قال:
ذهبت مرة إلى مجلس عزاء أقيم بمناسبة يوم استشهاد الإمام موسى جعفر الكاظم عليه السلام في الخامس والعشرين من شهر رجب, وفي المجلس ارتقى المنبر أحد الواعظين - وكان من الأتقياء- فذكر فيما ذكر قصة توبة آدم عليه السلام, النقطة التي لفتتني في الموضوع أنه قال: إن آدم ظل يبكي نادماً تائباً مدة مئتي سنة حتى قبل الله توبته, هالني ما سمعت وأحدث فيّ فزعاً شديداً, إن المسألة مسألة جد لا هزل فيها! مئتا سنة كاملة.. وآدم يبكي مستغفراً متضرعاً إلى الله ليغفر له عملاً مكروهاً (كما قال الواعظ) كان قد عمله, حتى قبل الله بعدها توبته! فكيف بي أنا إذن وقد اقترفت مع الله كل هذه الذنوب الكثيرة, كبيرة وصغيرة؟!
كانت حالة من الوحشة والرهبة الجليلة هي التي تسلطت عليّ, فعافت نفسي الطعام والنوم أياماً, قابعاً في زاوية أبكي على نفسي وأنوح.. وقد تملكني اليأس.
وأنهي خبري إلى عالم من أهل المعنى.. فقصدني في مكاني وقال لي يعظني: إن الله سبحانه وتعالى ليتوقع من الإنسان أن يخطئ, ولو لم يشدد على آدم أبي البشر - وهو النبي- إلى هذا الحد.. لا جترأ الناس على مخالفة أمر الله جرأة أكثر مما هم عليه, وقد أنزل الله - لأمة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله- هذه الآية في القرآن؛ إكراماً له.. إذ قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً).[19]
عليك إذن - قال- ألا تيأس من رحمة الله, وليكن همك في الانفلات من قبضة المآثم والذنوب.


عندها عزمت عزمي على التوبة والتنصل إلى الله مما كنت اقترفت..وقد ملأني الأمل برحمة الله ورجاء عفوه ومغفرته, فأخذت اغتسل غسل التوبة كل يوم, وأصلي صلاة التوبة, وأتضرع بين يدي الله بـ(مناجاة التائبين), وواظبت بعد صلاة التوبة على الاستغفار المروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام,وهو: (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم, بديع السماوات والأرض, ذو الجلال والإكرام, وأسأله أن يتوب عليّ).
كما التزمت - في ليالي الجمع- أن أدعو بدعاء (كميل) ودعاء (أبي حمزة الثمالي).. بمزيد من التوجه والإقبال, وكنت أقول كل يوم: (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم, الرحمن الرحيم, بديع السماوات والأرض.. من جميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي, وأتوب إليه).
وإذ ورد في حديث الإمام الصادق عليه السلام أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول كل يوم: ( أستغفر الله) - سبعين مرة, ويقول سبعين مرة أيضاً: (أتوب إلى الله).. فإني التزمت بهذا الاستغفار أيضاً؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وآله.. مما منحني حالة روحية طيبة, وكنت أناجي بهذه المناجاة أيضاً كل يوم:


(اللهم.. إني قصدت إليك باخلاص توبة نصوح, و تثبيت عقد صحيح, ودعاء قلب قريح, وإعلان قول صريح.
اللهم ..فتقبل مني خالص التوبة, وإقبال سريع الأوبة ومصارع تخشع الحوبة.
وقابل - رب- توبتي بجزيل الثواب, وكريم المثاب, وحط العقاب, وصرف العذاب, وغنم الإياب, وستر الحجاب.
وامح -اللهم- ما ثبت من ذنوبي, واغسل بقبولها جميع عيوبي, واجعلها جالية لقلبي, شاخصة لبصيرة لبي, غاسلة لدرني, مطهرة لنجاسة بدني, مصححة فيها ضميري, عاجلة إلى الوفاء بها بصيرتي (أو: مصيري).
وأقبل - يا رب- توبتي؛ فإنها تصدر من إخلاص نيتي, ومحض من تصحيح بصيرتي, واحتفالاً في طويتي, واجتهاداً في نقاء سريرتي, وتثبيتاً لإنابتي, ومسارعة إلى أمرك بطاعتي.
وأجلِ - اللهم- بالتوبة عني ظلمة الإصرار, وامحِ بها ما قدمته من الأوزار, واكسني لباس التقوى, وجلابيب الهدى؛ فقد خلعت ربق المعاصي عن جلدي, ونزعت سربال الذنوب عن جسدي.. مستمسكاً - رب- بقدرتك, مستعيناً على نفسي بعزتك, مستودعاً توبتي من النكث بخفرتك, معتصماً من الخذلان بعصمتك, مقارناً به لا حول ولا قوة إلا بك).


ومن الدعوات التي كنت أعني بها (دعاء طلب التوبة) من أدعية الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين عليه السلام.. وسواه مما كنت أجده في كتب العبادة والدعاء.

وبعد هذه الملازمة الجادة لحالة الإنابة والتوبة والاستغفار, وخلال حسن ظني بالله وأملي العظيم فيه.. بدأت أحس أن الله تبارك وتعالى قد عفا عني وقبل توبتي: أحسست بخفة في باطني لا توصف, تصحبها لذة معنوية ونشوة روحية هي من أثر هذا العفو الإلهي الحبيب وهذا الغفران الذي غمر وجودي كله بالأنس والأريحية, وقد ظفرت بعدها بحالة من التوجه والإقبال بحيث أيقنت أن الله تعالى قد فرح بعودتي إليه, وكأنه يتكلم معي.. وكأني أراه.
ولقد كانت هذه لي علامات لقبول توبتي, وبقي عليّ أن أسعى جاداً للسفر في سائر مراحل السير والسلوك, وقد أكد لي الأستاذ - حين بينت له ما لقيت- قبول التوبة, وعلمني ما يلزمني لما بعد مرحلة التوبة والإنابة.. وبعون الله تعالى أمكنني أن أطوي مراحل من الطريق) [20]
كان أبي قد أوصاني, في أيام شبابي, أن أواظب كل يوم على قراءة ما لا يقل عن نصف جزء من القرآن.. بتدبر وتوجه إلى معانيه,وهكذا كنت ابتدأت بقراءة القرآن يومياً, أغسل به ما على مرآة قلبي من الأدران, ورغم هذا.. فإني ما كنت أظن أن للمداومة على قراءة القرآن كل هذه الفوائد, ذلك أني كان لي صديق يماثلني في المشاعر والأفكار, وكان همنا أن نقطع معاً طريق الكمالات الروحية, فاستعنا بأستاذ ليرشدنا فيما نريد أن نمضي إليه.


قال الأستاذ لصديقي: أنت بحاجة أن تجهد زماناً في مرحلة التوبة لتتأهل للسير في مراحل الكمالات الروحية.
لكن صديقي ود لو أن الأستاذ ينظم لنا - أنا وهو- خطة واحدة.. نتآزر فيها على المسير, فقال له الأستاذ: أرى في روحك ظلمات تحتاج إلى مدة لإزالتها, وليس في صديقك مثل هذه الظلمات.
قال صديقي للأستاذ: إننا - أنا وهو- متماثلان تماماً في العمل وفي التوجه والأخلاق.. ولهذا فإني أؤدي من الأعمال ما يؤديه هو.
قال الأستاذ: لا أظن المسألة كما تقول, ثم إن الأستاذ سألني: أكنت تقوم بعبادة خاصة جعلتك متخففاً من الظلمات, وأورثت قلبك الصفاء؟
ومع أني كنت لا أتكتم على مواظبتي اليومية على قراءة القرآن إلا أني قلت - استجابة للأستاذ- : أجل, أقرأ كل يوم نصف جزء من القرآن, فقال له الأستاذ: هذا هو الذي يجعلك في حاجة إلى تجشم ما لا يحتاج صديقك أن يتجشمه من عناء.


وعندئذٍ أوصى الأستاذ صديقي هذا بوصايا شاقة لتوبته, فقال له الصديق: أيكون بإمكاني حين أبدأ منذ الآن بتلاوة نصف جزء من القرآن أن أتطهر من الأدناس؟ فقال الأستاذ: عليك أن تعمل بما أوصيتك لتقدر على السير في طريق الكمالات.. بأن تلتزم مثل صديقك بقراءة ما لا يقل عن نصف جزء من القرآن, ثم تعمل بما ورد في الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله:
الأول: أن ترضي خصماءك عنك.
الثاني: أن تضيف عبادات أخرى إلى ما تؤديه من المستحبات.
الثالث: أن تتخلى عن الثياب التي كنت قد ارتديتها لمعصية, ولا ترتديها بعد الآن.
الرابع: أن تترك من كانوا أصدقاءك في زمان عصيانك فمن الممكن أن تنجر لو بقيت على معاشرتهم إلى المعصية من جديد.
الخامس: أن تبدل مجالسك السابقة إلى مجالس لذكر الله.
السادس: أن تستبدل بأثاث الدار ووسائل الرفاه والزينة التي تميل بك إلى الذنب أثاثاً ووسائل أخرى.
السابع: أن تبدل خلقك وأفكارك.. حتى لا يبقى فيك غير النية الخيرة والخصال الحسنة.
الثامن: أن تكون واسع الأفق, مبسوط الصدر واليد.
التاسع: أن تقلل من آمالك في الدنيا وتحفظ لسانك.
العاشر: أن تنفق ما فضل عن حاجتك من الطعام في سبيل الله, ولا تعنَ كما مضى بتنويع المائدة وتجويد الطعام.
فإذا تمكنت فيك هذه الخصال وتعودت عليها.. فإن توبتك مقبولة.


ثم إن الأستاذ أوصى لإيجاد كل واحدة من هذه الخصال تعليمات خاصة, مما لفتني أكثر من غيري إن على الإنسان أن يوجه كل وجوده وكينونته إلى الله وإلى سبيل الله, فلو تاب قلبه وظل في عمله مذنباً, أو كان سليم العمل لكن قلبه ما يزال يحن إلى المعصية.. فإنه والحالة هذه ما تاب توبة صادقة, وما عاد إلى الله العودة المطلوبة.
وأوصى الأستاذ بالإكثار من ذكر: ( يا تواب), قائلاً: ينبغي أن تلهج بهذا الاسم المقدس ألف مرة في اليوم على أقل تقدير, وأعلم إن الله يتوب على العصاة والمذنبين.. وإذا مشيت إليه خطوة واحدة مشى إليك عشر خطوات, ثم أكدا الأستاذ على الاستغفار واستدل بحديث الإمام الصادق عليه السلام: ( من أُعْطِيَ الاستغفار لم يحرم التوبة), وحديث الإمام الباقر عليه السلام: (كفى بالندم توبة).[19]
وقال الأستاذ: من تاب إلى الله أحبه الله.. يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ( توبوا إلى الله عز وجل وأدخلوا في محبته؛ فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين, والمؤمن توّاب).[20]
وتابع يقول: ولمعرفة مدى حب الله لمن تاب من عباده.. نقرأ قول الإمام الرضا عليه السلام : (مثل المؤمن عند الله عز وجل كمثل ملك مقرب, وإن المؤمن عند الله عز وجل أعظم من ذلك, وليس شيء أحب إلى الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة).[21]
واعلم أيضـاً إن التائــب الحقيقــي لا يبقــى عليه ذنب... كمـا روى الإمــام
الرضا عليه السلام عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له). [22]
بعدئذٍ أوصى الأستاذ بصيام أيام الأربعاء والخميس والجمعة. [23] أغتسل ليلة السبت غسل التوبة, وأصلي بعده ركعتين وأسأل الله العفو, فإذا فعلت ذلك - قال- واستغفرت عطرك الاستغفار, فلم تفضحك روائح الذنوب. [24] بشرط أن تكون توبتك نصوحاً لا تعود بعدها إلى ذنب. [25] ان يكون باطنك كظاهرك.[26]
هنا قال صديقي للأستاذ: أخشى ألا يغفر الله لي, فذنوبي كثيرة, ولا أظن أن يعفى عني بهذه السهولة, أو أن أعود إلى الله بكل هذه المعاصي!
قال الأستاذ: إذن.. تعال أقص عليك ما رواه الشيخ الصدوق رحمه الله في كتابه (الأمالي), لتنبذ عنك سوء الظن بالله, ذلك أن الله يتوب على من تاب إلى الله مهما كان قدر ذنوبه وآثامه:


دخل معاذ بن جبل على رسول الله صلى الله عليه وآله باكياً, فسلم فرد عليه السلام.
ثم قال: ما يبكيك يا معاذ؟ فقال: يا رسول الله, إن بالباب شاباً نقي اللون, حسن الصورة, يبكي بكاء الثكلى على ولدها.. يريد الدخول عليك.
قال النبي صلى الله عليه وآله: أدخل عليَّ الشاب يا معاذ, فأدخله عليه.. فسلم, فرد عليه السلام, ثم قال: ما يبكيك يا شاب؟ قال: كيف لا أبكي وقد ركبت ذنوباً إن أخذني الله عز وجل ببعضها.. أدخلني نار جهنم, ولا أراني إلا سيأخذني بها ولا يغفر لي أبداً.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هل اشتركت بالله شيئاً؟ قال: أعوذ بالله أن أشرك بربي شيئاً, قال: أقتلت النفس التي حرم الله؟ قال: لا, فقال النبي صلى الله عليه وآله: يغفر الله لك ذنوبك وإن كانت مثل الجبال الرواسي, فقال الشاب: فإنها أعظم من الجبال الرواسي! فقال النبي صلى الله عليه وآله: يغفر الله ذنوبك وإن كانت مثل الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق, قال: فإنها أعظم من الأرضين السبع وبحارها ورمالها وأشجارها وما فيها من الخلق! فقال النبي صلى الله عليه وآله: يغفر الله ذنوبك وإن كانت مثل السماوات ونجومها ومثل العرش والكرسي, فقال: فإنها أعظم من ذلك!


فنظر النبي صلى الله عليه وآله إليه كهيئة الغضبان, ثم قال: ويحك يا شاب.. ذنوبك أعظم أم ربك؟! فخر الشاب لوجهه وهو يقول: سبحان ربي, ما شيء أعظم من ربي.. ربي أعظم يا نبي الله من كل عظيم, فقال النبي صلى الله عليه وآله: فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم؟ قال الشاب: لا والله يا رسول الله, ثم سكت الشاب, فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ويحك يا شاب ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك؟
قال: بلى, أخبرك, أني كنت أنبش القبور سبع سنين, أخرج الأموات, وأنزع الأكفان, فماتت جارية من بعض بنات الأنصار, فلما حملت إلى قبرها ودفنت, وانصرف عنها أهلها, وجن عليهم الليل.. أتيت قبرها فنبشته, ثم استخرجتها ونزعت ما كان عليها من أكفانها, وتركتها متجردة على شفير قبرها.. ومضيت منصرفاً, فأتاني الشيطان.. فأقبل يزينها لي, ويقول: أما ترى بطنها وبياضها؟ أما ترى وركيها؟ فلم يزل يقول لي هذا.. حتى رجعت إليها, ولم أملك نفسي حتى جامعتها وتركتها مكانها, فإذا أنا بصوت من ورائي يقول: يا شاب, ويل لك من ديان يوم الدين, يوم يقفني وإياك.. كما تركتني عريانة في عساكر الموتى, ونزعتني من حفرتي, وسلبتني أكفاني, وتركتني أقوم جنبة إلى حسابي.. فويل لشبابك من النار! فما أظن أني أشم ريح الجنة أبداً, فما ترى لي يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: تنح عني يا فاسق! إني أخاف أن أحترق بنارك.. فما أقربك من النار! ثم لم يزل يقول ويشير إليه حتى مضى من بين يديه.


فذهب فأتى المدينة, فتزود منها, ثم أتى بعض جبالها, فتعبد فيها, ولبس مسحاً, وغل يديه جميعاً إلى عنقه, ونادى: يا رب.. هذا عبدك بين يديك مغلول! يا رب أنت الذي تعرفني, وزل مني ما تعلم يا سيدي, يا رب إني أصبحت من النادمين, وأتيت نبيك تائباً فطردني وزادني خوفاً, فأسألك باسمك وجلالك وعظمة سلطانك.. أن لا تخيب رجائي سيدي, ولا تبطل دعائي, ولا تقطني من رحمتك, فلم يزل يقول ذلك أربعين يوماً وليلة, تبكي له السباع والوحوش.
فلما تم له أربعون يوماً وليلة.. رفع يديه إلى السماء, وقال: اللهم ما فعلت في حاجتي؟ إن كنت استجبت دعائي, وغفرت خطيئتي.. فأوح إلى نبيك, وإن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي وأردت عقوبتي.. فعجل بنار تحرقني, أو عقوبة في الدنيا تهلكني, وخلصني من فضيحة يوم القيامة.
فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وآله: (والذين إذا فعلوا فاحشة)27عني: الزنى, (أو ظلموا أنفسهم) يعني: بارتكاب ذنب أعظم من الزنى, ونبش القبور, وأخذ الأكفان (ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) يقول: خافوا الله فعجلوا التوبة, (ومن يغفر الذنوب إلا الله) يقول عز وجل: أتاك عبدي يا محمد تائباً.. فطردته, فأين يذهب؟! وإلى من يقصد؟! ومن يسأل أن يغفر له ذنباً غيري؟ ثم قال عز وجل :( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعملون). يقول: لم يقيموا على الزنى ونبش القبور وأخذ الأكفان.. (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين).[28]


فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله خرج, وهو يتلوها ويتبسم, فقال لأصحابه: من يدلني على ذلك الشاب التائب؟ فقال معاذ: يا رسول الله.. بلغنا أنه في موضع كذا وكذا, فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه.. حتى انتهوا إلى ذلك الجبل, فصعدوا إليه يطلبون الشاب, فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين, مغلولة يداه إلى عنقه, قد اسود وجهه, وتساقطت أشفار عينيه من البكاء, وهو يقول: سيدي.. قد أحسنت خلقي, وأحسنت صورتي.. فليت شعري ماذا تريد بي؟! أفي النار تحرقني.. أو في جوارك تسكنني؟! اللهم إنك قد أكثرت الإحسان إليّ وأنعمت عليّ.. فليت شعري ماذا يكون آخر أمري؟ إلى الجنة تزفني أم إلى النار تسوقني؟! اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والأرض, ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم.. فليت شعري.. تغفر خطيئتي أم تفضحني بها يوم القيامة؟! فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي... فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله, فأطلق يديه من عنقه, ونفض التراب عن رأسه, وقال: أبشر, فإنك عتيق الله من النار. ثم قال لأصحابه: هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها هذا الشاب, ثم تلا عليه ما أنزل الله عز وجل فيه, وبشره بالجــنة).[29]
وبعد أن أورد الأستاذ هذه الرواية قال: لا ينبغي لأحد أن يسيء ظنه بالله تبارك وتعالى؛ فإنه سريع الرضا, غفار الذنوب, إنه الغفار, يقول الإمام الكاظم عليه السلام: (ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله عز وجل). [30]



[1] القرآن الكريم, سورة البقرة/ الآية: 257.
[2] الإمام السجاد, الصحيفة السجادية .
[3] القرآن الكريم, سورة الزلزلة/ الآية: 6-7-8.
[4] القرآن الكريم, سورة البقرة/ الآية:222.
[5] الإمام الخميني, الأربعون حديث/ص260.
[6] القرآن الكريم,سورة الانشقاق/ الآية:6.
[7] القرآن الكريم, سورة العنكبوت/ الآية:69.
[8] الإمام الخميني, الأربعون حديثاً/ص ص: 264-265.
[9] القرآن الكريم, سورة: يوسف/ الآية: 111.
[10] سن الأبطحي سيراٌ إلى الله , ص112
[11] بحار الأنوار 44: 281.
[12] المصدر السابق 44: 284.
[13] بحار الأنوار 44: 285
[14] المصدر السابق 44 : 286.
[15] المصدر السابق 44: 292.
[16] بحار الأنوار 44: 293- 296.
[17] أي بكاء النساء من داخل الدار, وراء الستر المضروب.
[18] بحار الأنوار 44: 288.
[19] ينظر مثلاً: ثواب الأعمال 48: كامل الزيارات 105- 106؛ بحار الأنوار 44: 289.
[20] حسن الأبطحي سيراٌ إلى الله , ص114
[21] القرآن الكريم, سورة الزمر/ الآية:53.
[22] حسن إلأبطحي سيراٌ إلى الله , ص127
[23] بحار الأنوار 6: 20.
[24] المصدر السابق 6: 21.
[25] المصدر السابق6: 21.
[26] المصدر السابق 6: 21.
[27] القرآن الكريم, سورة آل عمران/ الآية: 135.
[28] القرآن الكريم, سورة آل عمران/ الآية:136.
[29] أمالي الصدوق 26, بحار الأنوار 6: 23-26.
[30] حسن الأبطحي سيراٌ إلى الله , ص138
صورة العضو الرمزية
قلب أبيض
فـاطـمـيـة
مشاركات: 5841
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 29, 2010 10:45 pm

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة قلب أبيض »

صورة
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أبدعت الطرح،، شيخنا الجليل
كلمات يذوب القلب في قرائتها
بارك الله فيك وجزاك خيرا

................
اَللّـهُمَّ اِنّي كُلَّما قُلْتُ قَدْ تَهَيَّأتُ وَ تَعَبَّأتُ وَ قُمْتُ لِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ ناجَيْتُكَ اَلْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاساً اِذا اَنَا صَلَّيْتُ ، وَسَلَبْتَني مُناجاتِكَ اِذا اَنَا ناجَيْتُ ، مالي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلَحَتْ سَريرَتي ، وَ قَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابينَ مَجْلِسي ، عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ اَزالَتْ قَدَمي ، وَ حالَتْ بَيْني وَ بَيْنَ خِدْمَتِكَ سَيِّدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَني ، وَ عَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَني اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَاَقْصَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُعْرِضاً عَنْكَ فَقَلَيْتَني
الهي اَرْجِعْنى اِلَيْكَ

صورة العضو الرمزية
تسبيحة الزهراء
مـشـرفـة
مشاركات: 24743
اشترك في: الأحد يونيو 01, 2008 1:33 pm

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة تسبيحة الزهراء »

صورة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جَعَلَ الْحَمْدَ مفْتَاح اًلذِكْرِهِ وَخَلَقَ الأشْيَاءَ نَاطِقَةً بحَمْدِه وَشُكرِهِ
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّدالْمُشتَقِّ اسْمُهُ مِنْ اسْمِهِ الْمحْمُودِوَعَلى آلهِ الطَّاهِرينَ أُولِي الْمَكارِمِ وَالْجُوِد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(إلهي!.. رضا بقضائك، وتسليما لأمرك؛ لا معبود لي سواه)

الفاطمي :،: الشيخ علي البستاني :،:
دمتم ودام هو عطائكم النير ووفقكم وسددكم بسداد العترة الطاهرة
وسائلين المولى عزوجل أن ينعم عليكم بوافر رحمته وسعة رزقه أنه رحمن رحيم
ووفقكم لما يحبه ويرضاه
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
دمتم برعاية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عج

خادمة العترة الطاهرة
تسبيحة الزهراء
(اللهم أفرغ علينا صبرًا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين)
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49874
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
يقينا كله خير
صورة العضو الرمزية
فاطمة شجرة مباركة
فـاطـمـيـة
مشاركات: 3580
اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 17, 2009 1:41 pm
مكان: عند باب الله ،،

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة فاطمة شجرة مباركة »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلمت يمناكم الطاهرة بما خطت..
تقبلوا شكرنا لما تقومون به من جهد مبارك

حفظكم الله من كل سوء ووفقكم لما يحب ويرضى

نسألكم الدعـاء بالمغفرة والرحمة..
صورة
صورة العضو الرمزية
أيمان الزهراء
عضو موقوف
مشاركات: 5924
اشترك في: الخميس نوفمبر 12, 2009 3:55 pm

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة أيمان الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
الشيخ علي
بارك الله فيك
المرأة تكلف بأكمالها تسع سنوات
صورة العضو الرمزية
دماء الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 43141
اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة دماء الزهراء »

صورة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جَزَاكُم الْلَّه كُل خَيْر
رَحِم الْلَّه وَالِدِيْكُم
و جَعَلَه فِي مِيْزَان حَسَنَاتِكُم
دَعَوَاتِي لَكُم بِالتَّوْفِيْق وَقَضَاء الْحَوَائِج عَاجِلَا كَلَمْح البَصرِبِحق شَهِيْد كَرْبُلْاءَ(ع)

نسْالُكُم خَالِص الْدُّعَاء

الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن

صورة
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
صورة العضو الرمزية
عشقِي الأبدي هو الله
عضو موقوف
مشاركات: 49213
اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
مكان: في قلب منتداي الحبيب

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة عشقِي الأبدي هو الله »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

جازاكم الله عنا خير الجزاء في الدنيا والاخرة, وسلمت اناملكم الكريمة
( حسبي الله ونعم الوكيل )
صورة العضو الرمزية
صرخة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 23718
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 10, 2008 4:13 am
مكان: في مملكة الزهراء

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة صرخة الزهراء »

بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد بعدد دقات قلب الزهراء
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
أخي الجليل اسأل الله أن يوفقكم لكل خير ويسدد خطاكم
دمتم بحب ورعاية الزهراء
صورة
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
صورة العضو الرمزية
الشيخ علي البستاني
فــاطــمــي
مشاركات: 329
اشترك في: الجمعة سبتمبر 16, 2011 7:44 pm

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة الشيخ علي البستاني »

شكراً لكم جميعاً ولروحكم الطاهرة
نحن محتاجون لدعائكم
صورة العضو الرمزية
يالثارات الزهراء
مـشـرفـة
مشاركات: 13029
اشترك في: السبت يناير 31, 2009 12:36 am

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة يالثارات الزهراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الجليل
الشيخ علي البستاني
سلمت يمناكم لهذا الطرح المبارك القيم والرائع
وجهودكم الطيبة
وفقكم الله تعالى وسدد خطاكم واعلى شأنكم
قال النبي صلى الله عليه وآله:
من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار
صورة العضو الرمزية
نسيم الحوراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 10284
اشترك في: الجمعة يونيو 05, 2009 12:09 am

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة نسيم الحوراء »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
وبارك الله بكم وجعله الله في ميزان حسناتكم
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد
[/align]
اتَّقُوا ظُنُونَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ.
صورة العضو الرمزية
صوت الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 289
اشترك في: الجمعة مايو 28, 2010 3:42 am

Re: سيرٌ الى الله في طريق التوبة

مشاركة بواسطة صوت الزهراء »

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم

الله يعطيك العافية اخي الكريم الشيخ علي البستاني

جميل جدا ما خطته اناملك .. اسال الله لكم التوفيق والسداد من نور محمد وال محمد عليهم السلام

البعض يريد التوبة لكن محيطه الاسري لا يساعده وقد يحبطون عمله . وهذا راجع الى عدم وجود العزيمة والاصرار بداخله وكأنه متردد , يريد التوبه لكنه لا يعلم كيف .

طيب اخي الكريم لو طلبنا منك ان تكون استاذنا وتعطينا طريقة تناسب حالتنا للتوبه فماذا تقدم او على الاقل بما تنصحنا ؟

نترقب فيض جديدك الزاهر بكل شوق واشتياق

حفظكم ربي ورعاكم

العودة إلى ”روضـة الإبتهال والتضرع الى الله تعالى“