اللهم صل على محمد وآل محمد بعدد دقات قلب الزهراء
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نظرة القرآن الكريم للقلب ـ خصائص القلب ‘2‘
ويولي القرآن أهميّة بالغة لتعالي ونزاهة روح المجتمع، حيث يقول في إحدى آياته:
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى ٱلْبِرِّ وَٱلْتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنَوا عَلَى ٱلإثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ)
وحول القلب اُورد لكم أقوالاً عن النبيّ والأئمّة ليختم هذا الموضوع على أحسن وجه، جاء في كتب السيرة: أنّ رجلاً دخل في أحد الأيّام على الرسول الأكرم ـ صلّى الله عليه وآله ـ وطلب أنْ يطرح بعض الأسئلة، فسأله النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عما إذا كان يريد سماع الإجابة أم يرغب في السؤال أوّلاً؟ فقال له الرجل: تفضّل بالإجابة، فأخبره النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ بانه جاء يسأل عن معنى البر والتقوى والإثم والعدوان، فأجابه الرجل: نعم إنّ هذا هو سؤالي. وحينئذٍ جمع النبيّ ثلاثة أصابع وضرب بها صدر الرجل قائلاً له: ((اِسأل نفسك عن هذا الأمر))، ثم أخبره بأنّ قلب الإنسان صنع بشكل يرتبط بالحسنات فيهدأ معها، لكن السيّئات والقبائح تزعجه وتجعله مضطرباً، بالضبط مثل جسم الإنسان الذي إذا دخله شيء لايتجانس معه، فإنّه يؤثّر على انتظامه ويخلّ بعمل أعضائه المختلفة، وأنّ روح الإنسان تنزعج وتختل بدورها على اثر الأعمال السيئة، وما يسمّى عندنا بعذاب الوجدان ينشأ من عدم تجانس الروح مع القبائح والسيّئات.
استفتِ قلبك وإنْ أفتاك المفتون
يؤكّد النبيّ أنّ الإنسان إذا كان يطلب الحقيقة ومحايداً ومخلصاً لكشف الحقيقة، فإنّ قلبه سوف لن يخونه مطلقاً، بل سيهديه إلى الطريق الصحيح، وطبيعي أنّ الإنسان الذي يبقى يبحث بصدق عن الحقّ و الحقيقة ويخطو في طريق الحقّ فإنّه يصل إليهما، وعندما ينجرف الإنسان إلى الضلالة فإنّ السبب يكمن في أنّ الإنسان اتّخذ منذ البداية موقفاً خاطئاً ولم يكن يبحث عن حقيقة خالصة.
لقد أجاب الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ على سؤال شخص سأله عن معنى البر موضّحاً له أنّه لو كان يبحث عن البر حقّاً فمتى ما هدأ قلبه بشيء وارتاح له فليعلم بأنّ ذلك هو البر، لكن متى ما أحبّ شيئاً ولم يهدأ قلبه فليطمئن بأنّ ذلك هو الإثم.
وفي مكان آخر يسألون النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن معنى الإيمان، فيرد عليهم بأنّ الإنسان يشعر بعدم الارتياح والندم عند الإثم وبالسعادة عند العمل الحسن باعتبار أنّه يمتلك الإيمان.
وينقل عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ انّه عندما يتحرّر الإنسان من مشكلة حبّ الدنيا فأنّه يشعر في قلبه بحلاوة حبّ الله، وفي مثل هذه الحالة تبدو له الأرض وكأنّها غير الأرض ويرغب بكامل وجوده أنْ يتحرّر من عالم المادّة هذا وينفذ إلى الخارج.
وهذه حقيقة أثبت صحّتها أولياء الله ورجاله من خلال حياتهم، لقد جاء في (تاريخ حياة النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه توجّه في أحد الأيّام بعد صلاة الصبح إلى أصحاب الصفة الذين كانوا اُناساً فقراء لا يملكون من مال الدنيا شيئاً، ويعيشون في المدينة إلى جوار مسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله، في هذه الأثناء وقع نظر النبيّ ـ صلّى الله عليه والّه ـ على شخص من هؤلاء يدعى زيداً أو حارث بن زيد، وكان منهوك القوى وعيناه مغموستان في رأسه، فسأله النبيّ عن حاله فأجابه بأنّه أصبح من أهل اليقين، وعندما طلب منه علامة ذلك أكّد بأنّ علامة يقينه هي أنّه لاينام الليل و يصوم كلّ النهار ويقضي الليل في العبادة، فاستزاده النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فاستمر ذلك الشخص باحصاء سائر العلامات موضّحاً بأنّه الآن في حالة يشعر معها وكأنه يرى أهل الجنّة والنار، ويسمع أصواتهم، وأنه مستعد للإفصاح عمّا يوجد في باطن أصحاب النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إذا اُذن له، فلم يأذن له، وإنّما سأله عن رغبته فأكّد أنّها الجهاد في سبيل الله.
وإنّ تعاليم القرآن تؤكّد على أنّ صقل القلب يرفع من شأن الإنسان، وعليّ أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يقول: ((لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً)). إنّ ما يؤكّد القرآن عليه في تعليماته هو تربية الأشخاص الذين يملكون سلاح العلم والعقل ويستخدمون سلاح القلب في طريق الحقّ باسلوب أفضل.
الشيخ مرتضى المطهري ونسألكم الدعاء المبارك ..
دمتم بحب ورعاية الزهراء