بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
لكل ذنب يُرتكب- سواءً أكان هذا الذنب صغيراً أو كبيرا-ً تبعاتٌ ضارةٌ على الفردِ والمجتمع ،وهذه بديهة علميّة اجتماعية.
تبعاتٌ عائدةٌ على الفرد:
عندما يرتكب الفرد المعصية، في الوهلة الأولى يغيبُ عنه عقلهُ وهذا بحدِ ذاتهِ منقصةٌ، فالإنسانُ عندما يغيبُ عقلهُ كالسكران يغيبُ معهُ التشخيصُ السليم فيرى ما هو قبيحٌ جميلا ً وما هو ُمقززٌ لذيذاً, وبعد الذنبِ تراهُ(المذنب) يتأثرُ من جراءِ فعلتِه ويلومُ نفسَهُ بألم ٍوحرقةٍ شديدين، وهذا ما يعبرُ عنهُ (علماءُ الأخلاقِ) بالنفس اللوامةِ , وحتى لو تظاهرَ بالفرح ِوالسرورِ بعد ارتكابهِ الذنبِ فإنه مع نفسِهِ يعيشُ حالة ًمن القلق ِو الحزن ِبسببِ الهبوطِ والنقص ِالذي جلبَهُ لنفسهِ.
وما من أحدٍ في الدنيا يحبُ لنفسِهِ النقصَ مهما كان، فمثلاً عندما يرتكبُ شخصٌ الزنا أو اللواطَ أو ما شابهَ ذلك يغيبُ عقلُهُ من سكرِ الشهوةِ فيرى أن هذا الفعلَ المشينُ سعادةٌ لهُ ولذةٌ ما بعدها لذةً وبعد انقضاءِ هذهِ اللذةِ المزعومةِ تراهُ يُعاني من الألم ِالنفسي الذي خلفَهُ هذا الفعل ، فأين هذه السعادة ؟ وأين هذه اللذة المزعومة؟ إن الإنسان بما هو إنسان يحاولُ بكل ما لديهِ من طاقةٍ جسميةٍ وروحيةٍ وماديةٍ أن يحققَ إنسانيتهُ ويبتعدَ جاهداً عن كلِ ما يخرجُهُ من الحالةِ الإنسانيةِ ويدخلُهُ في الحالةِ الحيوانية .
فكلُ ذي عقلٍ سليم ٍلا يبيعُ لذةً مزعومة ًمؤقتة ًتعقبُها تبعاتٌ مؤلمة ٌفي الدنيا وعذابٌ في الآخرةِ بلذةٍ حقيقيةٍ سرمدية ٍفي الجنة.
فلو كلُ واحدٍ منا لو فكرَ في ذلك قبل ارتكابِهِ أيَ ذنبٍ كان صغر أو كبر، لما ارتُكبتْ الذنوبُ إلا اللمم منها, ويشيرُ الإمامُ عليُ(ع) إلى هذا المعنى بقولهِ:(اذكروا عند المعاصي انقطاع اللذات وبقاء التبعات)1 .
وقد أشار الإمام (ع) أيضاً إلى الآثار الخطيرة التي تخلفها الذنوب في الدعاء المعروف بدعاء كميل حيث قال:( اللّهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم ، الّلهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء, اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء)2 فهذه كلها آثارٌ وتبعاتٌ يجب على المرء أن يتفكر في عاقبتها،يقول أحد أساتذتنا في علم الأخلاق: لو لم يكن من آثار الذنوب إلاَّ حبس الدعاء لكفى المرء إقلاعاً عنها.
تبعاتٌ عائدةٌ على المجتمع:
بعضُ الذنوبِ وخاصة ٌالكبيرة ُمنها لها(تبعات) أثرٌ كبيرٌ جداً على هدم ِالمجتمع وعدم استقراره, فهناك تناسبٌ طرديٌ بين هبوطِ المستوى الأخلاقي و الروحي وانحدار المجتمع إلى الهاوية, أي كلُ ما انخفضَ الجانب الأخلاقي والروحي لدى أفراد المجتمع ،ارتفع الجانب المادي والشهواني عندهم,وهذا واضح وجلي عند من يعيش ضعفاً روحياً وبعداً عن الله, ولهذا ترى اكثر المفسدين والمنحرفين يعيشون انخفاضاً رهيباً في الجوانب الروحية والأخلاقية مما أدَّى بهم إلى الانغماس في الرغبات المحظورة والشهوات المحرمة الهابطة, خارجين بفسقهم من حدِ الإنسانية إلى أسفلِ دركِ الحيوانية،.
المفسدون يتصرفون وكأنهم معولُ هدم ٍفي المجتمع لا يعبؤون بأحدٍ كان من كان ضاربين بأحكام الله عرض الحائطِ , وكأن هذا المجتمع ليس مجتمعهم وأهله ليس بأهلهم, ألا يكفي تمزيق المجتمع إلى أشلاء متناثرة، كلٌ في اتجاهٍ معادٍ للاتجاه الآخر،﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ﴾ و﴾َتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾،ويأتي هؤلاء العابثون المفسدون ليزيدوا الطين بلة ويرقصوا على أشلاء المجتمع المتناثرة , سرقاتٌ واختطاف واغتصاب و زنا ولواطٌ وسَكرٌ وغِناءٌ ومجونٌ وهزُ وسطٍ وتشبّهُ النساءِ بالرجال و الرجالِ بالنساءِ و.....و.....و, ماذا نعدد و ماذا نحصي؟! هذا وللجرائم الظاهرة التي يندى لها الجبينُ مآسٍ أخرى وما خفي كان أعظم.
الأسباب والحلول:
هناك أسبابٌ كثيرةٌ ساهمت في انتشار الفساد والانحراف وتقدمه خطوات خطوات إلى الأمام ومن جملة تلك الأسباب ما يلي:
1- الخوف وعدم التحرك بحجة غياب الحرية المطلقة للمواجهة أو التعرض للمسائلة من قبل الجهات المختصة, على الرغم من أن المفسدين لا يعبؤون بهذا الجانب ويتقدمون في غيهم وفسادهم والمؤمنون مكانك سر!!.
2- أللا مبالاة من قبل البعض وعدم الشعور بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات.
3- تقاعس (بعض) المشايخ وعدم القيام بالدور المطلوب للتبليغ.
4- غياب دور التربية الصالحة في الأسرة.
5-الإعلام المفتوح و خاصة القنوات الغربية, وفتحها على مصراعيها للأبناء.
6- عدم الرقابة الدينية والاجتماعية للأماكن الترفيهية المنتشرة في المنطقة.
7- عدم وجود مؤسسة اجتماعيه تضم كافة شرائح المجتمع ذوي الخبرات والمستويات العالية لحل المشاكل الأخلاقية والاجتماعية والأسرية.
الحلول المقترحة:
أعتقد أن الحلَ بأيدينا نحن جميعاً ومعتمدٌ على جدية تحركنا ومدى تفاعلنا مع قضايا ومآسي مجتمعنا للوصول إلى حلولٍ ناجعةٍ تُساهم في الحدِ من انتشار الفساد والانحراف , ومن ضمن تلك الحلول المقترحة ما يلي:
1- تعميق روح الشعور بمسؤولية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرات.
2- تكثيف العمل التبليغي من قبل المشايخ ذوي الكفاءات العالية من خلال إقامة الدورات القصيرة والندوات الهادفة والمحاضرات المفيدة خاصة في فترة الصيف.
3- إقامة مشروع اجتماعي مؤسساتي _إن صح التعبير_ يضم كوادر من حملة الشهادات الأكاديمية من علم ِنفس ٍواجتماع ٍوإدارةٍ وبعض المشايخ المحترمين المثقفين ذوي المستويات العالية وغيرهم، كلٌ حسب مستواه وطاقته, ويكون على عاتق هذه المؤسسة الاجتماعية_ بعد تكوين مجلس إدارة متكامل الجوانب_ المهام التالية:
أ- دراسة وحل مشاكل الأسرة.
ب- دراسة وحل مشاكل الفقر في المجتمع المؤدي إلى فساد أبناء الأسر الفقيرة.
ج- تفعيل دور العلماء و المختصين في العمل التبليغي لمواضيع الإصلاح والتربية و الأسرة وحل مشاكلها.
د-أرشفة القضايا والمشاكل الآنية والمستقبلية والاستفادة من تجارب المؤسسات الأخرى و المشاريع السابقة.
و- الوقوف بوجه الأماكن العامة أو الترفيهية الغير ملتزمة بالضوابط الأخلاقية والاجتماعية و الدينية.
هـ - دراسة ظواهر الفساد الأخلاقي في المجتمع وفرزها وتحليلها والوقوف على أسبابها للوصول إلى حلولٍ ناجعةٍ لها.
ز- إنشاء مركز للمعلومات و الإحصائيات التي على ضوءها يمكن الوصول إلى الحلول المناسبة لكل مشكلة.
ح- تفعيل دور الأبحاث العلمية في أسباب الظواهر الانحرافة والقضاية الاجتماعية و الأسرية للوصول إلى حلول لها.
هذا وقد يكون هناك حلولاً أخرى عند الأخوة و الأخوات أرجو أن لا يبخلوا علينا بها،لتقديمها إلى المختصين و المنشغلين بقضايا الإصلاح.
(معاً ويدٌ بيد نبني مجتمعاً أفضل).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصل اللهم على محمد وآله الأطيبين الأطهرين
بسم الله الرحمن الرحيم ..
اللهم صلِ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ..
ــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كلام طيب جداً ومفيد وخاصةً في هذا الزمن الذي اصبح فيه الانسان لايُبالي بماهيته ..
جزاكم الله خير اخي الفاضل ..
بميـزان اعمالكم ان شاء الله تعالى ..
دمتم بخير
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بكم وفيكم شيخناعلى الطرح النوراني المبارك الرائع حقيقة
ربي يحفظكم ويوفقكم للخير والصلاح
ودمتم برعاية المولى مسددين
اللهم اسقِ قلوبنا بذكرك حتى تروى، واشبع أرواحنا بطاعتك حتى تقوى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جَعَلَ الْحَمْدَ مفْتَاح اًلذِكْرِهِ وَخَلَقَ الأشْيَاءَ نَاطِقَةً بحَمْدِه وَشُكرِهِ
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّدالْمُشتَقِّ اسْمُهُ مِنْ اسْمِهِ الْمحْمُودِوَعَلى آلهِ الطَّاهِرينَ أُولِي الْمَكارِمِ وَالْجُوِد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(إلهي!.. رضا بقضائك، وتسليما لأمرك؛ لا معبود لي سواه)
الفاطمي :،: الشيخ علي البستاني :،:
نسأل الله تعالى لنا ولكم غفران الذنوب وستر العيوب وعتق رقابنا من النار
مازلنا متابعين لقلمكم المبارك سماحة الشيخ المبارك
وسائلين المولى عزوجل أن ينعم عليكم بوافر رحمته وسعة رزقه أنه رحمن رحيم
ووفقكم لما يحبه ويرضاه
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
دمتم برعاية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عج
خادمة العترة الطاهرة
تسبيحة الزهراء
(اللهم أفرغ علينا صبرًا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
موضوع يستحق القراءة شيخنا الجليل
فما أحوج المجتمع لوقفات لما يحدث فيه من انحراف
سلمت يمناك اخي الكريم الشيخ علي البستاني على كل ما تقدمه
جزاك الله عنا خير الجزاء .. ولا تنسى اننا ننتظر منك المزيد دوما
اتصور اخي الشيخ علي البدء من الاسرة في حل مشاكل الانحراف والحد منها مثلا عندما يكون لدى الابوين ثقافه كافيه بمختلف المجالات الاخلاقية بالدرجة الاولى والتربوية وغيرها تاتي على حسب الترتيب والاحتياج
مثلا قبل الزواج تكون لدى كلاهما خلفية عن التعامل الصحيح والسليم فيما بينهما لا الخيالي الي يجي من هنا وهناك . فهذا له الاثر في حياتهما والي راح تؤثر فيما بعد على الابناء بشكل جبري الا ما رحم ربي
وايضا تكون ثقافة عامه وكافيه حول الاشياء المؤثرة على الجنين قبل تكوينه من قبلهما معا ليكون بالامكان التحكم بالجنين قبل تكوينه وخروجه الى العالم المادي . فلو ارادا منه عالما توجد طريقة . نوعا ما فيها تحكم .وهذا وارد في اقوال الائمة عليهم السلام . وهي كثيرة جدا . ولم توجد عبثا كي ينظر اليها وانما لاجل تطبيقها . وللاسف القلة من يعمل بها .
بعد ظهور الطفل الى عالم الوجود ايضا توجد امور لابد من معرفتها من قبل الابوين من كلام اهل البيت عليهم السلام من فتره كافية ومسبقه ومعدة حتى لو في فترة الخطوبة المهم تكون قبل الزواج وبعد الزواج يتم التاكد منها كي تطبق بوقتها . حتى يتلقى الطفل كل شيء سليم فبالتالي يكون عطاءه مستقبلا سليما خالي من الانحراف.
تربية الطفل وفق الرواية الي تقول اتركه سبعا يلعب و علمه سبعا واصحبه سبعا واتركه . تمثل فعلا الجانب النظري ثم العملي ثم التطبيق ثم يترك لوحده ليرى نتيجة ما تعلمه فيما مضى .
بصراحه الاسلام اعطانا المنهج الاساسي الذي لو طبق واقعا لسلمنا من كل شر . لكن الانسان يحب يتبع هواه من هنا وهناك .ولا نحتاج الى اختراع او ابتكار لذلك فهو موجود . لكنه يحتاج الى من يطبقه واقعا .
ادري طولت عليكم شيخنا . صحيح ما ذكرته داخل محيط الاسرة وهذا يثمر ويعطي ثماره ايضا خارج دائرة الاسرة . والدعاء قبل حتى انجاب الابناء ان يكونوا صالحين تكفي هذه الاية " ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما " يكررها حتى لو بالصلاة فسيرى التوفيق من الله سبحانه وتعالى يمده بها دون ان يشعر .فهو الرحيم بحال عبادة لطيف بحاله .
ونقطه مهمه تعليم الابناء كيف يفكر بشكل سليم ويستدل على الطرق السليمه التي تساعده للوصول الى نتائج طيبه يساعده عندما يكبر ويجعله يعتمد على نفسه بطريق التعقل . وما العقل الا رسول باطني جعله الله تعالى بالانسان رحمة له . اكتفي بذلك كي لا اطيل .
ما نزال نذكرك بانتظار تلك الكلمات المشرقة من خباياكم الزاهره
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بكم شيخناعلى الطرح النوراني المبارك الرائع حقيقة
ربي يحفظكم ويوفقكم للخير والصلاح
ودمتم برعاية المولى مسددين
ان ماأردت الفوز بالعلياء والمكارم فاسجد وقل بفاطم بفاطم بفاطم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أشكرك أخي الكريم على الطرح الرائع
جزاك الله ألف خير
ووفقك لما يحب ويرضى
بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين