الأمر المهم الذي يستفاد من هذا الحديث هو أنّ ترك الذنب قد يكون تارة لعدم القدرة عليه، واُخرى لعدم وجود الرغبة فيه، مثلاً، تارة لا يرغب الشخص في شرب الخمر أبداً، واُخرى يرغب في تناوله ولكن قد لا يتمكن عليه، أو لعدم توفّر المقدمات أو يتركه لأضراره، والترك الناشئ من عدم القدرة لا أهمية له، بل المهم هو يترك المعصية مع عين القدرة عليها، كما هو الحال في صاحب المقام والمنزلة الاجتماعية الذي يتعامل مع الناس من موقع التواضع كما ورد في الحديث النبوي (1).
الاشخاص يختلفون في مسألة الورع وترك الذنب، فمنهم من يتنفّر من الذنب ذاتاً، ولا يقدم عليه، ومنهم من يجد في نفسه الميل إليه، فيجب على كل شخص أن يميز ما يميل إليه من الحرام فيتركه، ولكن معرفة النفس وصفاتها ورغباتها ليس أمراً ميسوراً، فأحياناً يتصف الإنسان ببعض الصفات ولكنه لا يقف عليها إلاّ بعد مرور ستين عام من عمره، لماذا؟ لأن الإنسان لا ينظر إلى نفسه بعين النقد، فإذا أراد شخص أن يتحرك في سلوكه باتجاه المعنويات، ويصل إلى مقامات عالية، فلابدّ أن يكون متهماً لنفسه كيما يقف على نقاط ضعفه، ولذا يقال أنّ من ضروري الاستفادة من الاعداء أو الاصدقاء المخلصين المنتقدين لمعرفة نقاط الضعف ـ دون من يتستر على العيوب ـ والاولى أن يكون الإنسان ناقداً لنفسه، فإذا علم في نفسه رغبة معينة في حرم أو أجد في سلوكه زلّ وعرف الأداوت والوسائل التي يستخدمها الشيطان لاغوائه فانّه سوف لا يقع أسير النفس والشيطان كما يقول المولوي:
من قال أن عفريت النفس قد مات إنّه مصاب بالنحول لعدم الوسيلة
وذلك يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): «إنَّ أَفْضَلَ عَبْداً مَنْ تَواضَعَ عَنْ رَفْعَة، وَزَهِدَ عَنْ رَغْبَة، وَأَنْصَفَ عَنْ قُوَّة، وَحَلُمَ عَنْ قُدْرَة...».
هذه الوصية موجّهة إلى الجميع وإلى أهل العلم خاصة، لماذا؟ لأنّهم قدوة واُسوة الناس، ويجب على الاُسوة أن يعلم نفسه قبل الآخرين، وكلما صعد الإنسان في مقامه فإنّ اشتباهاته تكون أخطر، وكلما كان العمل حساساً ومهماً أكثر يكون خطره أكبر: «المخلصون في خطر عظيم».
إنّ الإنسان في عنفوان شبابه يقدم على كل معصية ويقول: سوف اتوب في أيّام الشيخوخة، وهذا تسويف في وتأخير إن الأشخاص الذين يسلكون طريق التكبر والأنانية والذين لا يتعاملون مع الله تعالى من موقع السجود والحمد والتسبيح، ولا يراعون حقوق العباد، فإنّهم يعبدون الوثن المتمثل بالنفس (الأمثل: ج، ص).
في التوبة، وهو من حيل وشراك الشيطان والنفس، أو أنّه يعد نفسه إذا جاء شهر رمضان فسوف أتوب، والحال أن الإنسان الذي يريد الذهاب إلى ضيافة إلله يجب عليه أن يطهر نفسه ويلبس أفضل لباسه، ثم يذهب إلى الضيافة، ولا يحضرها بثياب وسخة وقذرة (2).
1 ـ يعتبر القرآن الكريم التواضع وترك التكبر من الصفات الراسخة للمؤمنين الحقيقيين، لأن الغرور والتكبر من اول خطوات السلوك نحو الكفر، ويمثل التواضع في مقابل اول خطوة نحو الإيمان.
2 ـ ورد عن العالم الجليل «الشيخ البهائي(رحمه الله)» كان هناك رجل يدعى «توبة» يحاسب نفسه غالباً، جلس يوماً بعد مرور ستين عام من عمره وحاسب نفسه ورأى أن مجموع أيام عمره 21500 يوماً، قال: الويل لي، إذا لم اذنب كل اليوم إلاّ ذنباً واحداً فقد اذنبت طيلة هذه السنين 21500 ذنباً، فهل اُريد أن ألقى الله عزوجل بهذه الذنوب؟ فصاح صيحة ووقع على الأرض وفاضت روحه (التفسيرالأمثل، ج).
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكِ الله كل خير أختي العزيزة عشقي الأبدي هو الله على الطرح الطيب .. بارك الله في جهودكم دمتم موفقين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
وبارك الله بكم وجعله الله في ميزان حسناتكم
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
وبارك الله بكم وجعله الله في ميزان حسناتكم
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد